طالبت جمعية الوفاق البحرينية المعارضة بإلغاء الانتخابات النيابية التكميلية المقرر إجراؤها في المملكة في 24 ايلول/سبتمبر وحل البرلمان والبدء في إيجاد حل سياسي للأزمة القائمة في البلاد "بدلا من الحلول
طالبت جمعية الوفاق البحرينية المعارضة بإلغاء الانتخابات النيابية التكميلية المقرر إجراؤها في المملكة في الرابع والعشرين من الشهر الجاري وحل البرلمان والبدء في إيجاد حل سياسي للأزمة القائمة في البلاد "بدلا من الحلول الترقيعية". واعتبرت الوفاق خلال مسيرة حاشدة خرجت أمس فيما أطلقت عليها "جمعة لا تنازل" بشمال البلاد، أن إجراء الانتخابات التكميلية -التي وصفتها بـ"الفاقدة لأبسط مقومات التعايش والرؤية الديمقراطية"- بأنه سيكرس الأزمة ويجعل منها أكثر عمقاً، ودعت أنصارها إلى مقاطعة الانتخابات.
وطالبت المسيرة نظمتها بـ "حل البرلمان والبدء فوراً بحل سياسي يستجيب للمطالب الشعبية، وإلغاء الانتخابات التكميلية والبدء الفوري بخطوات جدية نحو تلبية المطالب الشعبية". وأشار البيان الختامي للمسيرة التي انطلقت من مدخل قرية المقشع وانتهت عند دوار جنوسان، مغلقة المسار المخصص لها من بدايته إلى نهايته إلى أن "واقع مملكة البحرين اليوم بعد جملة التراجعات الكبيرة التي بدأت منذ 14 فبراير/ شباط 2011، وهي مستمرة حتى اليوم، أعادت تثبيت وترسيخ غياب وتهميش الإرادة الشعبية، وعزلها عن كل ما يخصها من شئون بلدها وتكريس مبدأ الاستهداف والتمييز والانتقام للمطالبين بالشراكة في إدارة شئون بلدهم". وتابع "وبعد أن وصل الوضع إلى غياب لغة التفاهم والتعايش، وتورط العديد من مؤسسات الدولة في منعطفات أفقدتها سمة المؤسسية في إدارة الدولة".
واعتبر بيان المسيرة أن "الحاجة ملحة لإعادة بناء الوطن الذي لا يقوم على الظلم والاضطهاد والتمييز والتهميش، وإنما السعي الجاد لبناء دولة القانون الذي يكون فيها الشعب مصدراً للسلطات". وشدد على أن "ذلك هو مفتاح التعايش والتوافق والانسجام وبناء الدولة الحديثة الذي لا يمكن أن يحترمها العالم إلا عبر ذلك". وأضاف أنه "تم استهداف دور العبادة والشعائر وتم ازدراء معتقدات ومذاهب، وصار لزاماً هنا أن يستشعر أي محب لهذا الوطن بأن هذا الواقع مؤلم ومخز".
وواصل البيان "وتؤكد جمعية الوفاق وعبر هذه المسيرة العملاقة أن الحلول الترقيعية والمحاولات الالتفافية على المطالب الشعبية هي بمثابة تكريس الأزمة واستفزاز مشاعر المواطنين بما يجعل من شعب البحرين أكثر إيماناً بمطالبه العادلة وأشد إصراراً على نيلها والاستمرار في رفعها من دون كلل أو ملل". وشدد على أن "إجراء الانتخابات التكميلية الفاقدة لأبسط مقومات التعايش والرؤية الديمقراطية بأنه سيكرس الأزمة ويجعل منها أكثر عمقاً وعليه تطالب الوفاق بأن تلغى هذه الانتخابات ويُحل هذا المجلس المعوق للبدء في حل سياسي يعبر عن إرادة شعبية حقيقية".
ولفت إلى أن "الوطن لا يمكن أن يبنى إلا على التسامح والاحتضان لكل أبنائه، لكن السياسات الخاطئة أخذت تتوغل في تقطيع أوصال الوطن إلى تقسيمات جاهلية على أساس العرق والمذهب والولاءات الشخصية". ونبه إلى أن "الحل السياسي هو الذي ينقذ البحرين ويخرجها من النفق المظلم الذي دخلت فيه وكلما مضى الوقت أصبح الخروج منه أصعب". وأشار إلى أن "حل الأزمة السياسية يكون عبر تنفيذ المطالب الوطنية المشروعة العادلة التي هي مفتاح كل الأزمات السياسية في كل العالم وتشهد بذلك كل التجارب سواء التي انتقلت إلى التحول الديمقراطي وهي مستقرة اليوم أو التي سقطت فيها الأنظمة لأنها رفضت الاستجابة للمطالب المشروعة ذاتها".
ورفع المشاركون في المسيرة أعلام البحرين ولافتات تدعوا للمضي في المطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية. ورددوا هتافات مناهضة للحكومة وأخرى تدعوا للإفراج عن المعتقلين السياسيين. كما رددوا شعارات من بينها "لن نتخلى عن أرضنا فهي بمثابة عرضنا" و"لن نركع إلا لله". وشارك في المسيرة قيادات ونواب مستقيلون من جمعية الوفاق وسياسيون في المعارضة، إضافة إلى حشد كبير من النساء وعدد من رجال الدين في وقت غابت فيه قوات الأمن البحرينية من المنطقة التي عادة ما تشهد اضطرابات أمنية.
من ناحية أخرى شهدت منطقة الديه والبلاد القديم غرب العاصمة اضطرابات أمنية بعد دعوات للخروج في مسيرات ليلية في هاتين المنطقتين، لكن قوات الأمن البحرينية تمركزت عند مداخل المنطقتين لمنع أي مسيرة متوقع خروجها.
إصابات بصفوف المتظاهرين
وأصيب عدد من المتظاهرين خلال مواجهات بين قوات الأمن البحرينية ومتظاهرين كانوا يحاولون إقامة مهرجان خطابي دعا له ائتلاف 14 فبراير، تحت عنوان تقرير المصير بمنطقة عالي وسط البحرين. وذكر شهود عيان أن قوات الأمن -التي فرضت طوقا أمنيا على منطقتيْ عالي وبوري المتجاورتين لمنع دخول مزيد من المشاركين- أطلقت على المتظاهرين الغازات المدمعة والرصاص المطاطي والانشطاري (الشوزن) لتفريقهم.
وأفادت مصادر بأن بعض المصابين برصاص الانشطاري يتلقون العلاج في منازل المنطقة لصعوبة نقلهم للمستشفيات وخشية من اعتقالهم بسبب وجود الأمن فيها. وامتدت المظاهرات إلى مناطق أخرى أبرزها منطقة الدراز والنويدرت، وهو ما أدى إلى تدخل قوات الأمن لتفريقها، بعد ما أطلقت عليهم الغازات المدمعة والرصاص المطاطي.
قمع الاحتفاء بالأطباء
يأتي ذلك بعد ساعات من إطلاق قوات الأمن البحرينية الغاز المدمع والأعيرة المطاطية على مسيرة لمحتفين بالإفراج عن أطباء بحرينيين اعتقلوا في منتصف آذار/مارس الماضي على خلفية احتجاجات شهدتها البلاد. وذكر شهود عيان أن عددا من المحتجين أصيبوا خلال قمع المسيرة في منطقة الديار غربي المملكة. وكانت محكمة عسكرية بحرينية قد أمرت أمس الأول الأربعاء بإطلاق سراح 11 طبيبا بكفالة حتى موعد إصدار الحكم النهائي في التاسع والعشرين من أيلول/سبتمبر الجاري. وجاء هذا القرار بعد مرور أسبوع على قيام الأطباء بإضراب عن الطعام احتجاجا على اعتقالهم. ويواجه الأطباء اتهامات بامتلاك أسلحة وتقديم الدعم للمتظاهرين المطالبين بإجراء إصلاحات.
ورحبت المعارضة البحرينية بإطلاق سراح الأطباء، واعتبرته خطوة مهمة نحو تخفيف التوترات السياسية التي تشهدها البلاد. ودعت المعارضة -في بيان أصدرته- إلى إطلاق كل المعتقلين السياسيين في أقرب فرصة. وكانت السلطات قد أوقفت 24 طبيبا و23 ممرضة من مستشفى السليمانية المركزي -وهو المستشفى الأكبر في المنامة- بتهمة مساعدة حركة الاحتجاج التي شهدتها المملكة مطلع العام والسعي إلى "قلب النظام بالقوة". وانتقدت بعض منظمات حقوق الإنسان البحرينية والدولية اعتقال الأطباء البحرينيين ومحاكمتهم عسكريا.
إضراب
الإفراج عن الأطباء يأتي في وقت كشفت فيه لجنة التحقيق المستقلة في الاحتجاجات أن أكثر من مائة ناشط معتقل دخلوا في إضراب عن الطعام داخل السجن. وقالت لجنة التحقيق المستقلة إن 84 من أنصار المعارضة أعلنوا إضرابا عن الطعام داخل السجن، مشيرة إلى أن 17 معتقلا نقلتهم وزارة الداخلية إلى المستشفى بعد رفضهم تناول الطعام. وأضافت اللجنة -المكونة من خمسة أعضاء بينهم حقوقيون، وشكلت في حزيران/يونيو الماضي- أن خبيرا دوليا سيزور المعتقلين المضربين لتقييم حالتهم. وأضاف البيان أن الخبير سيقدم المشورة الطبية، مشيرا إلى أن الإضراب عن الطعام بدأ قبل تسعة أيام.
"عودة الأمور إلى ما كانت عليه لم تعد في الإمكان"
رئيس المجلس العلمائي في البحرين الشيخ عيسى قاسم أكد أن المجتمع الذي ينقسم إلى ظالمٍ ومظلوم، وقاهرٍ ومقهور، وآمنٍ وخائف، ومترفٍ ومحروم، لابد أن يؤدي إلى احتدام الصراع فيه. واشار الشيخ قاسم إلى أن "المجتمعات العربية تعاني بصورة فظيعة من هذا الواقع السيء من الإنقسام". وشدد على ان هذه المجتمعات "تتقدم على مجتمعات كثيرة في هذا المضمار". ولفت الشيخ عيسى قاسم إلى أن الحكومات المستبدة حكومات مستبدة، التي لا تقيم لشعوبها وزناً بمقدار مثقال، تكرس هذا الواقع". واعتبر أن هذه "الظاهرة ليست بنت اليوم، وإنما قد ترسخت طويلا، ومكثها في الأرض عامة وفي الأرض العربية بالخصوص طويلٌ مقيم". وأضاف الشيخ عيسى قاسم أن سر "ارتفاع صوت الشعوب، وكثرة التحركات والثورات، واحتدام الصراع" يعود إلى "الظلم والنهب والقهر والإساءة، وازدراء الشعوب، والإستخفاف بكرامتها، واستعبادها، وتجهيلها، واستحمارها من قبل الحكومات".
وفي خطبة الجمعة التي ألقاها بمسجد الإمام الصادق (ع) في الدراز، جزم الشيخ عيسى قاسم أن "واقع الظلم والإستبداد والقهر الذي تمارسه الحكومات، يدفع شعوب الأمة للتحرك، وقبول ما يتطلبه من ثمنٍ باهظ". وأكد أن "الشعوبٌ لم يعد يثنيها عن استرداد هذا الحق صعوبة من الصعوبات، ولا تحدٍ من التحديات، ولا أي آلامٍ تلقاها على الطريق أو سبب منيةٍ يعترضها". ورفض رئيس المجلس العلمائي عودة الأمور إلى ما كانت عليه "فالتنازل السهل من الحكومات غير واردٍ في الكثير، والواقع المشهود وما يسجله من استمامة الشعوب رغم كل التضحيات، وتصاعد الروح الثورية ينفي تماماً إمكان أن يحصل تراجعٌ في حركة المقاومة، لظلم الحكومات واستبدادها، وما تصر عليه من استعباد الشعوب". وكشف الشيخ عيسى قاسم إلى أن "المظلوم إذا استرد إرادته فهو أقوى من الظالم، والموجع أشد اندفاعةً للتخلص من آلامه من مترفٍ يهمه أن يحافظ على ترفه". وأضاف أن "نتيجة الصراع حسب المقدمات الموضوعية هو الإصلاح والتغيير، والتراجع لصالح إرادة المظلومين وحقهم، وهو التراجع الذي يدعو إليه العقل والدين والضمير، وهو التراجع الذي يحفظ انسانية الطرفين ومصلحتهما".
ووجه الشيخ عيسى قاسم التحية إلى "الأطباء الذين غادروا السجن على ما احسنوا، وعلى ما ابتلوا به وصبروا". وذكَّر "بامتحان الطويل، وتجربتهم القاسية، التي لم يكن يخففها إلا أنها بعين الله وفي سبيله". وأشار إلى أن هؤلاء الأطباء "يخرجون وهم على وفائهم لدينهم ووطنهم، حيث الإصرار على العدل والإنصاف، وتفعيل الإصلاح، والرجوع إلى الشعب في أمر نفسه واحترام إرادته والإعتراف بكرامته، وهذا حقٌ ثابتٌ له لا جدال فيه". ولم ينسى الشيخ عيسى قاسم التحية "لكل الصابرين الصامدين في السجون من الشرفاء من أبناء وبنات هذا الشعب، ولكل الأوفياء والمخلصين".
تضامنا مع الشعب البحريني
وفي العاصمة الايرانية طهران، تظاهر الآلاف تضامنا مع الشعب البحريني وتنديدا بجرائم قوى الأمن المدعومة بالقوات السعودية بحق المتظاهرين السلميين. وردد المتظاهرون شعارات تندد بالتدخل السعودي والاميركي في الشؤون البحرينية، معلنين استنكارهم لرسائل التهديد التي وجهت الى إمام جمعة البحرين آية الله الشيخ عيسى قاسم، ومؤكدين تضامنهم معه وتأييد مواقفه النضالية خلال الأشهر الماضية. كما دعا المتظاهرون الايرانيون النظام البجريني الى أخذ العبر من مصير الحكام الديكتاتوريين في تونس وليبيا ومصر، وطالبوه بتسليم زمام الأمور الى الشعب البحريني.
وندد خطيب جمعة طهران آية الله احمد جنتي بالممارسات القمعية التي يقوم بها نظام آل خليفة ضد الشعب البحريني وخاصة تهديده لعلماء الدين. وفي خطبة الجمعة، علق الشيخ جنتي على استشهاد الفتى علي جواد احمد الشيخ البالغ من عمره 14 عاما في يوم عيد الفطر، وقال ان" استشهاد هذا الفتى قد اثار موجة جديدة من الاحتجاجات في هذا البلد، وبدلا من اخافة الشعب وتراجعه الا ان اصبح اكثر جرأة". واوضح ان آية الله الشيخ عيسى قاسم من علماء البحرين يواجه تهديدا من النظام الحاكم وهو ما استنكره علماء الدين في العالم، مضيفا " اذا اصاب هذا الشيخ الجليل سوء فان هذه التظاهرات ستتوسع ، واذا ما حدث ذلك فستكون اطلاق رصاصة الرحمة ضد حكومة آل خليفة في البحرين".