يتسلّح وليد جنبلاط بالواقعية في مواجهة كل التحديات، بدءاً من تلك التي تواجه الطائفة، وانتهاء بتلك التي تهدد الجمهورية
«استقالتي في أيار.. وإفادتي أمام المحكمة في حزيران.. و14 آذار بلا مشروع»
عماد مرمل
يتسلّح وليد جنبلاط بالواقعية في مواجهة كل التحديات، بدءاً من تلك التي تواجه الطائفة، وانتهاء بتلك التي تهدد الجمهورية.
بين مصير الدروز المحاصرين في ريف إدلب، ومصير الرئاسة العالقة في «ريف» العلاقة الايرانية ـ الاميركية والايرانية - السعودية، لا يجد جنبلاط مساحة للبطولات وترف الأدوار غير المحسوبة. بالنسبة اليه، الاولوية هي لتمرير هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة، والمحافظة على «جزيرة» الاستقرار اللبناني النسبي، وسط محيط ملتهب.
وانطلاقا من المقاربة الواقعية، يعتبر جنبلاط ان ايران تسجل نقاطا في سوريا والعراق والبحرين، «ويبدو انها غير مستعجلة على اتفاق نووي مع واشنطن، لا يضمن رفع كل العقوبات عنها.»
ويضع جنبلاط صراخ نتنياهو امام الكونغرس الاميركي في إطار ابتزاز الرئيس باراك أوباما والضغط عليه، للحصول على ضمانات لامن اسرائيل وعلى المزيد من المساعدات والسلاح في مقابل الاتفاق مع طهران.
ويعرب جنبلاط عن اعتقاده بان إيران تملك منذ سنوات القدرة على انتاج قنبلة نووية، «لكن أعتقد انها لا تريد ان تفعل، وحتى لو فعلت، فليس هناك ما يبرر ذعر اسرائيل، لان مثل هذه القنبلة ليست قابلة للاستخدام عمليا، ذلك ان استخدامها لا يعني سوى الدمار الشامل للدولتين.»
ويضيف جنبلاط مازحا: ما يقلقني ليس ان تصنع إيران قنبلة نووية، وإنما ان تملك بعض الدول العربية هذه القدرة، لانني أخشى عندها من ان يصبح استعمال القنبلة متوقفا على المزاج الشخصي لصاحب القرار، الذي قد يرتئي استخدامها في لحظة غضب!
ويوافق جنبلاط على النظرية القائلة بأن حصول تفاهم نووي بين طهران وواشنطن قد يسهل حصول توافق حول انتخاب رئيس الجمهورية، مضيفا: ما دامت التسوية الاقليمية - الدولية غائبة، فلماذا يتخلى السيد حسن نصرالله عن دعم العماد ميشال عون؟ ليس هناك ما يدفعه الى ذلك.
والى حين نضوج اللحظة الخارجية لانجاز الاستحقاق الرئاسي، يدعو جنبلاط الى «التعايش مع واقع الشغور بالتي هي أحسن، وتحسين شروط إدارة الازمة، عبر تفعيل العمل الحكومي والاهتمام بالقضايا المعيشية، وتخفيض السقوف المرتفعة، والتعامل ببراغماتية مع القضايا الخلافية الكبرى». ويتابع: «على سبيل المثال، من يصر في هذا التوقيت على الاستمرار في طرح مسألة سلاح حزب الله يكون غبيا، لان هذا السلاح بات مرتبطا أكثر من أي وقت مضى بالبعد الاقليمي».
ويحمّل جنبلاط الموارنة جزءا اساسيا من المسؤولية عن أزمة رئاسة الجمهورية، قائلا: أعرف ان البعض قد يزعل مني، لكن لا بد من البوح بالحقيقة، وهي ان الموارنة أصحاب اختصاص في الانتحار، كما تدل تجارب الماضي وصولا الى الحاضر.
ويتابع: مع تراجع الوجود المسيحي في العراق وفلسطين وسوريا، أصبح لبنان نقطة الارتكاز الوحيدة لهذا الوجود في الشرق، وبالتالي على المسيحيين ان يتعاملوا بتواضع وواقعية مع استحقاق الرئاسة، حتى يحافظوا على دورهم الذي نتمسك به، نحن بالدرجة الاولى لانه يشكل نكهة لبنان.
ولا يحبذ جنبلاط فكرة تولي عسكري رئاسة الجمهورية، داعيا الى الخروج من هذا النمط من الخيارات، والذي يكاد يصبح عُرفا.
لكن جنبلاط يحرص على تأكيد دعمه للمؤسسة العسكرية في المواجهة التي تخوضها ضد الارهاب، مشيرا الى ضرورة تفادي اتخاذ اي موقف، قد يوضع في خانة الاساءة الى الجيش، خصوصا في هذه الظروف.
ويؤكد ان الجيش أثبت قدرته على التصدي للمجموعات الارهابية، «إنما يجب الإقرار ايضا بان وجود مقاتلي حزب الله على الحدود الشرقية يساعد الجيش، كما ان وجودهم على الحدود الجنوبية يساهم في تحقيق نوع من توازن الردع مع اسرائيل».
ومع ذلك، لا يفوت جنبلاط تنبيه «حزب الله» وإيران الى ان المعارك التي تخاض في سوريا والعراق تؤدي الى تهجير أعداد كبيرة من العرب السنة، «وهذا معطى يجب أخذه بالحسبان والسعي الى احتوائه، لان الثمن الذي يدفعه هؤلاء يهدد بتصاعد الاحقاد المذهبية».
وعند التطرق الى وضع الدروز، لاسيما في سوريا، يشرح جنبلاط معطياته في هذا الشأن، وأبعاد موقفه من «جبهة النصرة» التي سبق له ان اعتبرها غير ارهابية، قائلا: بعد دخول «النصرة» الى جبل السماق في ريف إدلب، كان همي الوحيد حماية الدروز في تلك المنطقة والحؤول دون تفريغ ريف إدلب من وجودهم التاريخي. وقد تمنيت على الأتراك الذين لهم نفوذ على بعض المجموعات المسلحة المساعدة في التخفيف من الضرر الذي قد يلحق بالدروز. أنا أحاول حمايتهم ليس إلا، وأسعى قدر الإمكان الى تأخير عملية تهجيرهم. هذا هو التفسير الوحيد لموقفي من «النصرة».. إذ ما يجري يقتضي الحكمة لا المزايدة.
ويلفت جنبلاط الانتباه الى انه تجاوز التهديد الذي طاله في مقالة الزميل ناهض حتر في جريدة «الاخبار»، ولا يريد التوسع فيه، موضحا ان مسؤول التنسيق والارتباط وفيق صفا اتصل به ولم يزره.
ويكشف جنبلاط عن ان أيار المقبل سيكون شهر تسليم مقعده النيابي في الشوف الى ابنه تيمور، مشيرا الى ان الرئيس نبيه بري وعده بإجراء الانتخابات الفرعية في ايار بعد تلاوة كتاب استقالته في مجلس النواب، على ان تتم الانتخابات في الشوف وجزين (مقعد شاغر بوفاة النائب حلو) وزغرتا (في حال استقال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من النيابة لافساح المجال امام ابنه طوني).
كما يكشف جنبلاط عن انه سيدلي بإفادته امام المحكمة الدولية في حزيران المقبل، وسيتجنب الإسهاب في الكلام.
ومع اقتراب موعد الذكرى العاشرة لانطلاقة قوى «14 آذار»، يبدو جنبلاط حاسما في الاستمرار في سياسة النأي بالنفس عن «14 آذار»: «لقد اضاعوا فرصة تاريخية لمحاولة تعديل مسار الاحداث بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، عندما جمع عصب المارونية السياسية، الكنيسة والقيادات المارونية، على رفض إسقاط الرئيس إميل لحود آنذاك. ولاحقا تحولت 14 آذار الى موقع رد الفعل على الفعل، ليتبين انها من دون مشروع سياسي».
ويوضح انه امتنع عن المشاركة في احتفال «البيال» في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، «لانني رفضت ان أكون موجودا في جو معين». ويضيف: لم أشاهد الاحتفال عبر الشاشة، بل اكتفيت بالاستماع الى بعض فقرات خطاب سعد الحريري بالصوت.
هل تسوية ملف الكهرباء مستحيلة؟
نوّه النائب وليد جنبلاط بما حققه إصدار «اليوروبوند» الجديد من نجاح ملحوظ «على الرغم من الظروف السياسية والاقتصادية والمالية الصعبة»، مثنياً على هذه الخطوة.
وسأل جنبلاط، في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء»: «هل من المستحيل الوصول الى تسوية في قطاع الكهرباء والانتهاء من هذا الملف؟ وهل من المستحيل تركيب أو بناء محطات توليد جديدة لزيادة القدرة الإنتاجية؟ وهل من المستحيل إعادة تنشيط مؤسسة كهرباء لبنان لتقوم بوظيفتها في الجباية بدل تلزيمها الى الشركات الخاصة؟».
وفي ملف النفط سأل جنبلاط: «هل من المستحيل الاتفاق على قضية البلوكات النفطية وإطلاق المناقصات بعد تعثرها لمرات عديدة كي يستفيد لبنان من هذه الثروة ويحافظ على حقوقه قبل أن تُسرق أو تهدر أو تضيع؟».
http://assafir.com/Article/1/406706
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه