20-04-2024 02:01 AM بتوقيت القدس المحتلة

"الوليّ المجدّد" : النظام الإسلامي الأكثر منعة

المؤلف يتوقف عند "سعة اطّلاع القائد"؛ ليبرهن كيف أنه مطّلع على التاريخ، قارئ روايات، ناقد، محيط باللغة العربية وآدابها. وهو مطّلع على الأحداث العالمية، ويتابع الفن والأدب فضلاً عن أنه مرجع تقليد حائز على الأعلمية

في صورة برّاقة يرفع يده محيّياً جماهير مليونية... يقف الإمام "علي الخامنئي" (دام ظلّه) سيداً تاريخياً لم تشهد الجمهورية الإسلامية نظيراً له بعد الراحل الإمام "روح الله الموسوي الخميني (قده)".

زينب الطحان/ مجلة بقية الله

 "الوليّ المجدّد" : النظام الإسلامي الأكثر منعة هذه الصورة حملها كتاب "الولي المجدّد" لفضيلة الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، والصادر عن دار المحجة البيضاء.

قد يبدو الكتاب للوهلة الأولى ترويجياً لنظرية الولي الفقيه التي أعيد إحياؤها مع انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، إلا أن المتصفّح للكتاب يدرك مدى جديّة العمل البحثي والعلمي، والعمق الثقافي والفكري لمضمونه  الذي اعتمد على خطب ومواقف الإمام القائد في وضع فصول الكتاب الرئيسية وتفريعاتها.

الفصل الأول: إيران مهد الصحوة الإسلامية
يقسّم المؤلف الفصل الأول وعنوانه "إحياء الدين" إلى أربعة عناوين فرعية:
الأول: خط الإمام الخميني (قده).
الثاني: الصحوة الإسلامية.
الثالث: الإيمان والخبرات.
الرابع: البصيرة.

يختصر عنوان الفصل الأول المعالم الأساسية لرحلة طويلة خاضتها إيران، التي اختارت النظام الإسلامي دستوراً لها، بعد انتصار الثورة. ويعرض المؤلّف الخطوط العامة لنهج الإمام الراحل، التي سار على هداها الإمام الخامنئي، والتي لخّصتها وصيّة الإمام التاريخيّة.

ويقف المؤلّف عند وصف القائد "للإمام الخميني"، الذي انطلق من الإسلام المحمدي الأصيل، وبأنه غيّر وجه التاريخ، وقلب المعادلات في المنطقة والعالم، ووقف سداً منيعاً في مواجهة الأعداء بفضل بصيرته وحزمه. وهو شكّل النموذج والقدوة، وكان مرشداً بحقّ للثورات الشعبية في كل العالم.

أما "الصحوة الإسلامية"، فيتحدث القائد عن رؤية الإمام الخميني لها، وعن الثورة الإسلامية التي تعدّ أم الصحوات والانتفاضات الإسلامية في المنطقة. ولأنها كذلك، يواجهها الأعداء لتشويه مكانتها ودورها. لكن هذه الصحوة متواصلة ومنتصرة، حسب القائد الخامنئي. أما "الربيع العربي" الذي تأثّر بإرهاصات الصحوة الإسلامية فهو ناقص إذا لم يستثمر مقوّمات هذه الصحوة بشكلٍ كافٍ. وحسب القائد، فإن القضية الفلسطينية كانت أبرز تطبيق عملي وميداني من بركات الصحوة، التي حرّكت المسلمين والعرب والأحرار باتجاهها لرفض الاحتلال والظلم.

الفصل الثاني: النموذج الإسلامي - الإيراني للتقدم

يخصّص الشيخ قاسم هذا الفصل للوثائق الاستراتيجية التي تستشرف آفاق المستقبل والتقدم في المجالات المختلفة في الجمهورية الإسلامية. وأبرز تلك الوثائق، وثيقة العشرين سنة (بدءاً من العام 2005)؛ عقد التقدّم والعدالة (بدءاً من العام 2009)؛ ملتقيات الأفكار الاستراتيجية (بدءاً من العام 2011)؛ الخارطة العلمية الشاملة (2025)؛ وثيقة التحوّل البنيوي للتربية والتعليم؛ الميثاق الاستراتيجي للنخب، الاهتمام بالعلوم الإنسانية؛ التحوّل في الحوزات؛ التخطيط الثقافي.

ويفصّل المؤلف في هذا الفصل خطوات منهجية اتبعها القائد في تسمية كل عام وفاق الإنجاز المَنْوي تحقيقه فيه، مثال "عام الإبداع والازدهار"، "عام ترشيد الاستهلاك"، وغيرها من المواضيع التي حفلت طوال الأعوام الماضية باهتمام وأثمرت إنجازات باهرة لإيران، وكلها كانت تنطلق من الرؤية الاستراتجية للإمام القائد. كما أن المؤلف يتوقف في هذا الفصل عند "سعة اطّلاع القائد"؛ ليبرهن كيف أنه مطّلع على التاريخ، قارئ روايات، ناقد، محيط باللغة العربية وآدابها. وهو مطّلع على الأحداث العالمية، ويتابع الفن والأدب فضلاً عن أنه مرجع تقليد حائز على الأعلمية والدقّة في أبحاثه العلمية واستنباطه وشموليّة معرفته.

الفصل الثالث : السيادة الشعبية والنصر

يتحدث المؤلف في هذا الفصل عن ولاية الفقيه بشقيها الخاص والعام، والتي تبلورت مع الإمام الخميني. وهي الولاية المطلقة تنفيذياً وإدارياً، مضافاً إليها إدارة شؤون المسلمين على مستوى الأمّة. ليستعرض بعدها المؤلف رأي الإمام الخامنئي بهذه الولاية. فهي ولاية مطلقة وصلاحياتها واسعة، وعلى المسلمين جميعاً إطاعة الأوامر الولائية الشرعية الصادرة عن وليّ أمر المسلمين. وهنا يطرح الإمام الخامنئي مصطلح "السيادة الشعبية الدينية" التي تُبنى على حكم الإسلام وسيادة الشعب، والتي ينبغي عدم تشبيهها بالديمقراطية الغربية.

الفصل الرابع: مواجهة الحرب الناعمة

أدرك الإمام الخامئني، ببصيرته النافذة، أن الحرب الناعمة تستهدف دكّ بنيان الجمهورية الإسلامية من الداخل. وكان السيد الخامنئي قد فصّل ذلك في عدة خطب له، منبّهاً إلى أن أحد أهداف هذه الحرب هو تلفيق الحقائق وبثّ الفرقة والخلافات بين أبناء الشعب ومع المسؤولين، وفي كلّ الاتجاهات والقضايا. ويتحدث القائد حول كيفية مواجهة الحرب الناعمة، من خلال البناء العقائدي الروحي المتين، وتفعيل دور أساتذة الجامعات والعلماء وغير ذلك.

الفصل الخامس : مقوّمات التنشئة الاجتماعية

 "الوليّ المجدّد" : النظام الإسلامي الأكثر منعة يعرض الشيخ نعيم قاسم لأفكار الإمام حول التربية والتعليم، وقد أقرّ "وثيقة التحوّل البنيوي التربوي" مشدداً على أهميتها في صياغة نموذج تربوي إسلامي خاص بالجمهورية الإسلامية في إيران، ولا يكون مستورداً من الغرب. وهنا يدعو القائد الحوزات العلمية الدينية لتحمل مسؤولياتها في هذا المجال، مركزّاً على دور المعلّم.

ويوصي الإمام الخامنئي الشباب والشابات بأن يأنسوا بالقرآن الكريم ويجالسوه، لأن آياته كالماء تهب الحياة. ويفصّل القائد دور المرأة الرئيسي في بناء الأسرة الصالحة، مبيّناً حقوقها، مع تشديده على عفاف المرأة وحجابها، ورفض نظرة الغرب الاستغلالية لها.

ولا ينسى القائد في كل توجيهاته شبان الحرس الثوري فيدعوهم إلى عدم التدخل في الجانب السياسي، إلّا أنه يطالبهم في الوقت نفسه بتحصيل وعي سياسي يجعلهم على دراية بكل شؤون الدولة، في إطار حماية الثورة فقط.

الفصل السادس : قضايا مهمة

تبقى فلسطين وقضيتها المظلومة، المحور الأساس في فكر الإمام الخامئني. فهو لا يفوّت فرصة دون أن يبيّن أهميتها بالنسبة للمسلمين، ودور الجمهورية الإسلامية في دعمها ودعم المقاومين الفلسطينيين؛ فتحرير فلسطين تكليف ديني بالأصل، وهي من جملة القضايا التي يولّيها أهمية كبرى في سياسة إيران، إلى جانب دور حركة "حزب الله" في لبنان.

وتظل "الوحدة الإسلامية"، المشروع الذي بناه الإمام الراحل الخميني، شُغل القائد الشامل، مشدّداً على وجوب الألفة والمحبة بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم، وأن يكونوا يقظين لكلّ أنواع الفتنة التي ينشرها أعداء الإسلام؛ إذ إن هدفهم تأجيج الصراع بين المسلمين لإضعاف قوتهم ومنعهم من إطلاق مشروع النهضة الإسلامية الذي يخيف الغرب.