28-04-2024 09:01 PM بتوقيت القدس المحتلة

الصحافة اليوم 29-12-2015: تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الزبداني - كفريا الفوعة

الصحافة اليوم 29-12-2015: تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الزبداني - كفريا الفوعة

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 29-12-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق "الزبداني - كفريا الفوعة" التي نفّذت أمس في وقت متزامن مروراً بلبنان وتركيا.


تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 29-12-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق "الزبداني - كفريا الفوعة" التي نفّذت أمس في وقت متزامن مروراً بلبنان وتركيا.

السفير
إجلاء مئات المسلحين والمدنيين وقادة المجموعات يتنكرون كجرحى
الزبداني خارج الحرب.. والفوعة وكفريا الامتحان الأصعب

وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول "الزبداني تتقاعد من الحرب في سوريا، على يد المقاومة والجيش السوري والأمم المتحدة. واتفاق اسطنبول الإيراني ـ التركي، ينهي بؤرة الزبداني في خاصرة دمشق ولبنان.

ومقابل تقاعد الزبداني، تبقى الفوعة وكفريا، بيد المقاومة وأربعة آلاف مقاتل من اللجان الشعبية فيها في قلب إدلب، كرأس جسر للعمليات الروسية ـ السورية الجارية لاستعادة المنطقة، وضم الآلاف من المقاتلين المجربين إلى الوحدات السورية التي تتقدم في المنطقة، وسد ثغرة نقص العديد.

الحافلات الأربع وسيارات الهلال الأحمر السوري الثماني أخرجت أمس من المدينة، شبه المدمرة بعد خمسة أشهر من القتال، 70 مقاتلاً جريحاً، و18 من الزوجات، و35 هم آخر المدنيين في المدينة من المسنين، لكنها أخرجت الزبداني نهائياً من الخريطة العسكرية السورية، وبيانات المجموعات المسلحة، وأغلقت البوابة المشرعة على البقاع اللبناني الأوسط، ودروب الإمداد سلاحاً واستشفاءً وتمويناً، لتهديد دمشق من ريفها الغربي.

ويقول مسؤول من المعارضة في الزبداني إن من بقي من المسلحين لن ينتظر المرحلة المقبلة من العملية، ويبحث عن تسليم نفسه الى حواجز الجيش السوري. ويوضح أن المسلحين باتوا من دون قيادة، خصوصاً أن تسعة من قادتهم غادروا الزبداني في حافلات الإخلاء أمس إلى لبنان، بعد أن دسوا أسماءهم في لائحة الجرحى، بقرار من «أحرار الشام». وكان بارزاً أن يفر من المدينة الشيخ محمد علي الدرساني (أبو مأمون) رئيس «المجلس المحلي في الزبداني»، الذي ينتمي الى جماعة «الإخوان المسلمين»، وأحد الوجوه الأكثر تطرفاً ومعارضة للاتفاق. كما أخرج ابو عدنان زيتون شقيقين له في العملية، و«الصيدلاني» أحد المسؤولين العسكريين والقيادي حسن التيناوي. وكان محمد حسن خريطة، مساعد زيتون، قد فر إلى مضايا، ومنها إلى لبنان فتركيا قبل شهر من الآن. وخرج نائبه أبو مصعب حمدان إلى الجبل الشرقي. وفقد «لواء الفرسان»، القوة الثانية في الزبداني، رأسه أبو علي عبد الرحمن العامر، الذي انسحب جريحاً، قبل شهر الى لبنان، عبر دير العشاير. وباستثناء أبو عدنان زيتون، لم يبقَ أحد من قادة المجموعات المسلحة في الزبداني.

والأرجح أن ستة إيرانيين من ضباط الاستخبارات وزملاءهم الأتراك كانوا يراقبون شاشات التلفزة، وهي تعرض أمس، قوافل الصفقة التي عقدوها في الأسبوع الأول من آب الماضي، وهي تعبر معبر باب الهوى السوري ـ التركي نحو مطار أنطاليا فبيروت، ناقلة 107 جرحى من مقاتلي اللجان الشعبية في كفريا والفوعة، برفقة 130 من أفراد عائلاتهم.

ويقول مصدر سوري معارض إن أكثر ما أثار استغراب ممثلي «أحرار الشام» في اسطنبول في الجلسة الأولى للتفاوض مع الجانب الإيراني، تحت أنظار الاستخبارات التركية ليس اعتدادهم بأنفسهم، ولا تصرفهم كمنتصرين طيلة الوقت، ولكن الأغرب بنظرهم هو أن عقيد الاستخبارات الإيرانية والمفاوض الرئيسي قد تكنى بأبي عثمان، وهو ما لا يشبه تصورات «الأحرار» المضللة عن الشيعي الإيراني، ونبذه المفترض لثالث خليفة الإسلام وقطب السلف الصالح.

لكن دهشتهم لم تمنع أن تنعقد 20 جلسة من المفاوضات خلال أكثر من شهرين، بدءاً من حزيران الماضي، حتى منتصف آب الذي شهد المحاولة الأولى لوقف إطلاق النار المجهض. كما لم تحل أيضاً دون أن يجلس لبيب النحاس (أبو عز الدين)، وجه «السياسة» الأبرز في «أحرار الشام»، أكبر الفصائل المسلحة في الزبداني، والمتحدث باسم مجلسها السياسي، ليحاور العقيد الإيراني أبي عثمان، ومعه ثلة من المسؤولين العسكريين، على رأسهم «أبو مصطفى».

وكان الأتراك قد دعوا إلى اختبار التفاوض أيضاً، مع الاستخبارات الإيرانية في اسطنبول، مسؤولين في قيادات «فيلق الشام» الإخواني، بعد أن كان قد مضى على فراقهم لطهران أكثر من أربعة أعوام، مبتعدين عن آخر لقاء جمع «الإخوان» السوريين في ميونيخ، بممثلين عنها في صيف العام الأول من الحرب السورية، إلى خيار السلاح. ولاقت الدعوة تشجيعاً من «أحرار الشام»، برغم أن «فيلق الشام» لا يملك مقاتلين يهادنون في الزبداني، ولكن حرصاً على عدم الانفراد بالتفاوض مع الإيرانيين في اسطنبول، أو عقد صفقة معهم لا تلقى تأييداً من جانب «إخوة الجهاد» بل تعريضاً وهجاءً. كما أن الأتراك جعلوا من «فيلق الشام» ضامن سلامة قافلة الخارجين من حصار كفريا والفوعة نحو باب الهوى، بسبب انتشار مقاتليهم على جنبات الطريق إلى باب الهوى، وفي القرى والبلدات التي عبرتها أمس.

وكانت المفاوضات أوسع مما خلص إليه الاتفاق في اسطنبول، إذ كان «أحرار الشام»، مع الأتراك، يحاولون ضم الغوطة الشرقية بأكملها إلى الهدنة المنشودة، لكن الإيرانيين لم يجدوا الصفقة المعروضة عليهم مغرية، ولا مجزية سياسياً لحليفهم السوري، الذي كان يخوض معارك كبيرة في الغوطة الشرقية، ويفاوض على هدنة بشروط أفضل. كما أن «أحرار الشام» لا تحوز تفويضاً من القوى الفعلية المؤثرة في الغوطة، لا سيما «جيش الإسلام»، لكنها حاولت وفشلت في تحقيق إنجاز سياسي، يمنح الأتراك أفضلية سياسية وعسكرية، في قلب منطقة «النفوذ» السعودي.

لم يملك الإيرانيون تفويضاً آنذاك، يتجاوز إجراء صفقة تتضمن ثلاث مراحل. المرحلة الأولى وقف العمليات العسكرية للمقاومة والجيش السوري في الزبداني، وإدلب، وبنش، ومعرتمصرين، ورام حمدان، وتفتناز، وطعوم، وزردانة وشلخ، بوقف مماثل للمجموعات المسلحة في كفريا والفوعة، وإمداد المحاصرين فيهما، على أن يليها في المرحلة الثانية إخلاء الجرحى من بين المقاتلين الستمئة من حصارهم في الكيلومتر المربع الأخير في الزبداني، وتسوية أوضاع من يبقى منهم مع السلطات السورية، ومن 120 مقاتلاً في مضايا، ومثلهم في سرغايا، وإمداد 40 ألف مدني في الأولى وثلاثة آلاف مدني في الثانية، مقابل إخراج عشرة آلاف مدني من كفريا والفوعة، من أصل 20 ألفاً على الأقل، وإخلاء الجرحى عبر تركيا إلى بيروت، وهي المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تم إنجازها أمس.

وشهدت بيروت المفاوضات الأخيرة مع الجانب الأممي، للتفاهم على التفاصيل النهائية، لعمليات إخلاء الجرحى، بعد استنفاد الجانب العسكري والسياسي في اسطنبول إيرانياً وتركياً. لكن الاتفاق واجه أكثر من رهان إقليمي، لمنع تنفيذه، فما إن انفض الاجتماع في اسطنبول حتى سقطت هدنة الخامس عشر من آب، من دون أي عملية إخلاء من الجانبين. ولم يسعف الحظ الهدنة الثانية في 27 آب، برغم تمديدها ثلاثة أيام أشاعت أملاً كاذباً، بقرب وقف حرب الزبداني، التي كانت أوراقها تنزلق تدريجياً من يد المفاوض التركي. وكانت العملية التي أطلقتها المقاومة ومجموعات «الغالبون» والفرقة الرابعة المدرعة السورية قد ألحقت هزيمة بـ «لواء حمزة بن عبد المطلب»، الذي يقوده أبو عدنان زيتون، بعد انتقال المعركة تدريجياً من التلال إلى قلب المدينة.

وفي 18 آب اختبر الأتراك، للمرة الأخيرة، الخيار العسكري لإسقاط كفريا والفوعة، والاستغناء عن التفاهم مع الإيرانيين. وخلال أسوأ أيام الهجوم على الفوعة وكفريا استدعى الأتراك المقاتلين «الاويغور» الصينيين بعد أن فشل «جيش الفتح» باقتحام خطوط الدفاع عن المدينتين خلال سبعة أشهر. وتقدم سبعة انتحاريين في عربات تحمل أطناناً من المتفجرات لفتح ثغرة نحو مذبحة منتظرة تُعدّ للمحاصرين، الذين قاتلوا بشجاعة وبأس شديدين عن أهلهم. وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» فقد بلغ عدد الانتحاريين 26، من بينهم 11 صينياً تركستانياً، ولبناني، وسعوديان، و11 سورياً، لكن المعركة انجلت عن ضرورة العودة إلى الاتفاق.

وجليّ أن الورقة الفعلية في يد المقاومة والجيش السوري لم تكن الزبداني، إذ لم يشكل المربع الأخير في المدينة ورقة التفاوض والضغط الحقيقية، للتوصل إلى تفاهم يحمي كفريا والفوعة، وينهي الاختراق التركي و «الجهادي» على تخوم دمشق والبقاع اللبناني الأوسط، ويحمي نهائياً طريق بيروت - دمشق من أي تهديد من بؤرة الزبداني، التي لا تبعد عنه أكثر من كيلومترين. وكان قرار الاحتفاظ بها وعدم اقتحامها بالكامل، ورقة احتياطية، إذ لم يكن بوسع من بقوا فيها مواصلة القتال، بعد أن دمرت المقاومة كل أنفاقهم نحو بقين بشكل خاص.

أما الورقة الأولى للضغط بيد المقاومة والجيش السوري فهي مضايا، التي يحاصران فيها 120 مسلحاً وآلاف المدنيين، حيث تمهلا في اقتحامها، وفضلا أن يفرضا عليها معاملة مشابهة لما يلقاه المدنيون في كفريا والفوعة من حصار. ويمثل تقدم المقاومة والجيش الواسع في ريف حلب الجنوبي الورقة الأساسية التي قلبت المعادلة والرهانات على خيارات تركية غير خيار الرضوخ للعرض الإيراني. وشاركت في الهجوم الذي بدأ قبل شهرين، إلى جانب الجيش السوري، قوات من المقاومة ووحدات من «النجباء» العراقيين والحرس الثوري الإيراني. ومع اقتراب القوات المهاجمة من 17 كيلومتراً من كفريا والفوعة ، بدا أن المقاومة تملك خيارات جديدة، عبر اختراق السهل نحو تفتناز، ومنها إلى كفريا والفوعة، ووضع كل البلدات المحيطة بهما مجدداً في مرمى المدفعية السورية، فضلاً عن دخول الغطاء الجوي الروسي بقوة إلى المشهد.

ولن يكون سهلاً مقاربة المرحلة الأخيرة من الاتفاق، لأن كل بند فيه يحتاج إلى المزيد من المفاوضات. وكان إنجاز الأمس، قد احتاج إلى مفاوضات مطولة في المرحلة الأخيرة، شارك فيها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لوضع الآليات التنفيذية للاتفاق، وحل العقد اللوجستية، وتثبيت تزامن محطات انتقال قوافل من بضع مئات من الجرحى من الطرفين، فيما تشمل المرحلة المقبلة، التي لم تعلن لها أي رزنامة أو مواعيد، عشرة آلاف مدني على الأقل في كفريا والفوعة.


النهار
اتفاق الزبداني مرّ في لبنان وتركيا
تبادُل ديموغرافي يؤسّس لـ"شيء أكبر"

وتناولت النهار تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاقية "الزبداني - كفريا الفوعة" وكتبت تقول "نفّذت أمس المرحلة الثانية من اتفاق الزبداني الذي ينص على اجلاء 450 من المقاتلين الجرحى وعائلاتهم من المدينة الواقعة في ريف دمشق الغربي قرب الحدود مع لبنان وبلدتي الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما المعارضة وتقطنهما غالبية شيعية في ريف ادلب، في وقت متزامن مروراً بلبنان وتركيا. وقالت الامم المتحدة التي ترعى تنفيذ الاتفاق انه يمهد لـ"شيء أكبر" على رغم المخاوف من ان يكون نموذجاً لتبادل ديموغرافي في سوريا. ويعتبر هذا الاتفاق جزءاً من محاولات الأمم المتحدة وحكومات أجنبية للتوسط في اتفاقات محلية لوقف النار وتوفير ممرات آمنة في إطار تحركات نحو الهدف الأشمل وهو إنهاء الحرب الأهلية السورية.

وأفاد مندوب "النهار" الى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت عباس صباغ، أن قافلة كبيرة للصليب الاحمر تضم سيارات واوتوبيسات نقلت ١٢٣ خارجاً من الزبداني، وصلت الى المطار بمواكبة امنية من الجيش والامن العام. ولحظة وصول القافلة الى "الكوكودي"، انهال عليها بعض المواطنين بالاحذية ورشقوها بالحجار مرددين هتافات ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة"، وكذلك هتفوا ضد السعودية وتركيا، وتدخلت عناصر امنية لمنعهم وامنت وصول القافلة الى المطار.

ومساءً، حضر وفد من "حزب الله" ضم النائبين علي عمار وعلي المقداد ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا وممثلين عن حركة "امل" واستقبلوا الجرحى الذين وصلوا من بلدتي الفوعة وكفريا السوريتين عبر تركيا. وبعد ذلك غادر الجرحى الذين فاق عددهم الـ٣٣٠ المطار في اوتوبيسات الى دمشق. وخلال عبور الموكب طريق المطار، اصطف عدد من اهالي الرمل العالي مرحبين، فيما جابت دراجات نارية طريق المطار ورفعت اعلام "حزب الله".

وكانت طائرة تركية نقلت الخارجين من الزبداني من مطار رفيق الحريري الدولي، وبالتزامن أقلعت طائرات تركية على متنها جرحى الفوعة وكفريا الى بيروت عملاً بالاتفاق الذي قضى بالتزامن في كل مرحلة حرصاً على تنفيذ بنوده كاملة.

وفي الزبداني التي تقع شمال غرب العاصمة دمشق والتي كانت مقصداً سياحياً مفضلاً، ساعد عمال الإغاثة ومقاتلو المعارضة المتحصنون هناك منذ أشهر في نقل شبان جرحى عدة على كراس متحركة إلى سيارات الإسعاف.

وكانت الزبداني واحداً من آخر معاقل مقاتلي المعارضة على طول الحدود. ودمِّر معظم المدينة في هجوم كبير شنه الجيش السوري و"حزب الله" في تموز على مقاتلي المعارضة. ولم يبق سوى بضع مئات من المعارضين في المدينة التي فرّ منها معظم المدنيينا إلى مضايا القريبة.

وكان اتفاق الإجلاء أبرز اتفاقات محلية عدة لوقف النار تم التوصل إليها بعد أشهر من الوساطة بين الفصائل المتحاربة.

وصرّح منسق الشؤون الإنسانية المقيم للأمم المتحدة في سوريا يعقوب الحلو للصحافيين بأنه في المرحلة التالية سيسمح للشاحنات المحملة بمواد إنسانية ومواد غذائية أساسية بالدخول في الأيام المقبلة للوصول إلى آلاف المدنيين المحاصرين. وقال: "بالنسبة الى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي هذه الاتفاقات والهدنات هي الأسس لبناء شيء أكبر قد يغطي سوريا كلها". وأضاف: "نحن نساند هذه الاتفاقات لأن لها أثراً إيجابياً على المدنيين وتساعد في جلب المساعدات وإعادة الأمور إلى حالها الطبيعية".

ويهدف المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا إلى إجراء محادثات سلام في جنيف في 25 كانون الثاني 2016.

وساعدت إيران حليفة دمشق، وتركيا التي تساند مقاتلي المعارضة، في ترتيب اتفاقات الهدنة المحلية في الزبداني والفوعة وكفريا في أيلول في المرحلة الأولى من الاتفاق الذي أشرفت عليه اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وقالت مصادر قريبة من المفاوضات إنه سيتاح لمقاتلي المعارضة ومعظمهم من السنة الذين سيتوجهون لتركيا بعد ذلك إما العودة الى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا عبر الحدود الشمالية الى تركيا وإما البقاء للعلاج.

أما السوريون الشيعة الذين غادروا البلدتين المحاصرتين في الشمال، فسيتاح لهم التوجه الى لبنان حيث سيكونون في إشراف "حزب الله". وأبلغ وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر تلفزيون "المنار" التابع لـ"حزب الله" إنه من المتوقع أن يعود هؤلاء إلى مناطق أخرى في سوريا.


الأخبار
إتمام المرحلة الثانية من تسوية «الزبداني ــ كفريا والفوعة»: «حرية» 460 فرداً بين 4 دول ومطارَيْن

كما تناولت الأخبار الموضوع نفسه وكتبت تقول "9 أشهر كاملة مرّت على حصار كفريا والفوعة. البلدتان الواقعتان بين آلاف من مسلّحي «القاعدة» وأخواتها، ضربتا موعداً أمس مع إجلاء العشرات من جرحاهما وعائلاتهم في مقابل جرحى مسلحي الزبداني. المنطقتان المتباعدتان جغرافياً، ربطتهما الحرب السورية بتشابكاتها الإقليمية والنفوذ الدولي عند أطراف الصراع. تسوية «الزبداني ـ كفريا والفوعة» وإتمام أحد بنودها أمس، أظهرا أنّ الحلول الموضعية ممكنة، لكنها تستوجب إدخال عواصم عدة على خطّ التنفيذ، لتبدو أنقرة مجدّداً القادرة على إمساك تفاصيل رقعة ميدانية مشتعلة، فيها عدد كبير من التنظيمات المتطرفة السورية والأجنبية.

لم تشهد الحرب السورية اتفاقاً بين طرفين متحاربين بهذا الحجم من المشاركة الدولية والعسكرية. دول إقليمية عدة، بالإضافة إلى الدولة السورية، أسهمت في اتفاق «الزبداني ــ كفريا والفوعة». كانت المصالحات السابقة - أو المعمول بها حالياً - تجري بين لجان محلية تتوسط بين طرف رسمي سوري والمسلحين، وفي بعض المناطق كانت الأمم المتحدة شريكة في التنفيذ من حيث الرعاية والضمانة. لكن ما شهدناه أمس، يُظهر التداخل الكبير في النفوذ الإقليمي في الحرب السورية.

«صفقة» دخلت فيها إيران وتركيا ولبنان، لنشهد عملية دقيقة بين الأراضي السورية ومعابر جوية وبرية تركية ولبنانية. في الشكل، يأخذ إخلاء جرحى الزبداني والجرحى المدنيين وعوائلهم من كفريا والفوعة طابعاً إنسانياً، في بقعتين محاصرتين. أما عملياً، فكانت المعارك في البلدة القريبة من الحدود اللبنانية ذات منحى يتخطّى موقعها الاستراتيجي المؤثر في الميدان في ريف دمشق إلى القلمون والحدود اللبنانية. كذلك، كانت عمليات «جيش الفتح» في إدلب تُظهر الإيقاع التركي في الهجوم أو «الانسحاب» نحو طاولة التفاوض. أنقرة أظهرت أمس، أيضاً، إمساكها بتفاصيل الميدان المعارض شمالاً، إذ سهّلت عملية إخراج جرحى كفريا والفوعة، فارضة مواكبة كبيرة من المسلحين للقوافل لحمايتها من أيّ عوائق على طول الطريق.

مسار المعارك والمفاوضات
مع اشتداد الحصار على البلدتين الإدلبيتين (بدأ الحصار مع سقوط مدينة إدلب في 28 آذار الماضي) وتقدم الجيش السوري والمقاومة في مدينة الزبداني، كان «الربط» بين المنطقتين يلوح في الأفق عند معنيين بالمعارك.

بالنتيجة، عاملان حسما إبرام الاتفاق وتنفيذ بعض بنوده بدءاً بالهدنة، أولها الصمود الكبير الذي أبدته لجان حماية كفريا والفوعة بعد الهجوم المتكرر عليها، والذي حشدت له المعارضة الآلاف من مقاتليها، بالتوازي مع حصار المسلحين في الزبداني في بقعة صغيرة لا تتجاوز 1 كلم2، ليكونوا أمام خيار الاستسلام لا غير.

عشرات الهجمات العنيفة على البلدتين الإدلبيتين، صُنف نحو 6 منها «معارك تحرير المستعمرتيْن»، أحدها هجوم في 11 آب بدأ بمئات القذائف وعربتين مفخختين. فشل الهجوم ليظهر يوم السبت 15 آب «مسودة اتفاق» يبدأ بهدنة في المنطقتين مقابل مطالب عديدة للمسلحين، منها إطلاق سراح آلاف المعتقلين من السجون السورية. لكن سريعاً عادت السخونة إلى مناطق الاشتباك بسبب سقف المطالب العالي، ورغم ذلك وضع التفاوض على السكة، وبقيت مسألة البنود بين أخذ وردّ.

في مكان آخر، كانت تركيا تشهد اجتماعات ولقاءات ثنائية مع موفد إيرانيّ وآخر من «حركة أحرار الشام»، ليظهر بعد عراقيل عدة أنّ الطرف السوري جادّ في الاتفاق بالطريقة التي يجدها مناسبة، بعد إفشال مشاريع اتفاقات بسبب بعض الأطراف المسلحة وخلفها الراعي التركي.

في 18 أيلول بدأت المحاولة الكبرى لاقتحام كفريا والفوعة: سبع مفخخات و400 انغماسي وقصف متواصل. أظهر إعلام المهاجمين في «جيش الفتح» (وخلفه «الحزب الإسلامي التركستاني» و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام») أنّ «التحرير قاب قوسين» و«الاتفاق بات خلفنا». حلّ الصباح وكانت «التنسيقيات» وحسابات «القاعدة» وأخواتها تحصي خسائرها، ليبان على نحو قاطع قدرة المدافعين على الصمود، وشلّ قوة النخبة من المجموعات المهاجمة.

أمام «ستاتيكو» كفريا والفوعة وحصار المسلحين، كانت «طبخة» الاتفاق تستوي، حيث كان الطرفان بحاجة إليها: السوريون والمقاومة اللبنانية لمنع مجزرة في بلدتين منهكتين تحت وطأة النار والحصار، ومجموعات كبيرة من المسلحين رُبط مصيرهم أيضاً ببلدتي مضايا وبقّين المجاورتين للزبداني حيث عائلات المسلحين والنفوذ المشترك.

وبعد يومين من الهجوم المشار إليه أعلاه و«الإنذارات» السورية العنيفة بقصف مواقع المسلحين في قرى ريف إدلب الشمالي ومحيط الزبداني، قبلت المجموعات المسلحة بهدنة 48 ساعة، تجنباً لمقتلة في الزبداني، ووقف الاستنزاف في مناطق الاشتباك على تخوم البلدتين الإدلبيتين.

حينها، وافقت «جبهة النصرة» وخلفها «جند الأقصى» على طلب «أحرار الشام» بقبول الهدنة بتدخّل تركي، لتَطلب أنقرة من طهران التواصل مع السلطات السورية للاتفاق على الهدنة. وبالتوازي مع سكوت المدافع كانت جولة جديدة من المفاوضات تجري، لتتضمن «وقف إطلاق النار في مناطق الزبداني، مضايا، بقين، سرغايا»، إضافة إلى عدد من البلدات الإدلبية، وخروج المقاتلين من الزبداني إلى إدلب»، في المقابل يجري «إخراج النساء والأطفال دون الثامنة عشرة والرجال فوق الخمسين من الفوعة وكفريا، والجرحى» من كفريا والفوعة.

في 27 من أيلول وضع الاتفاق على سكة التنفيذ، لتبدأ الهدنة في المناطق المتفق عليها، ثمّ بقيت سائر البنود معلّقة، بسبب رفض مجموعات مسلحة تأمين طريق الجرحى والمدنيين الخارجين نحو الحدود التركية، رغبة في إضافة قرى إضافية تشملها الهدنة، كسراقب.

التعثّر الإضافي أسهمت فيه التحولات الميدانية المستجدة بدخول الطائرات الروسية في الأجواء السورية، والمعارك التي اشتعلت في غير منطقة من ريف حماه الشمالي باتجاه ريف إدلب الجنوبي، وفي ريف حلب الجنوبي المتاخم لريف إدلب الشمالي، لتكون القوات السورية المتقدمة هناك على بعد نحو 20 كلم من كفريا والفوعة.

الترقّب المستمر، المصحوب بخروقات للهدنة تجاوزت العشرين بين قصف وقنص وإطلاق رصاص باتجاه الحواجز من الطرفين، لم يطح الاتفاق. في 18 تشرين الأول الماضي، تأكّد أن «بند الهدنة» لن يبقى يتيماً، لتدخل قوافل المساعدات إلى البلدات المحاصرة.

ثمّ أمس، أُتمَّت المرحلة الثانية من الاتفاق، مع وصول قافلتين ضمّت سيارات إسعاف وحافلات إلى الزبداني وكفريا والفوعة، حيث أُخرج الجرحى من الطرفين بنحو متزامن. ونّص الاتفاق على خروج 337 فرداً من كفريا والفوعة (123 جريحاً مع 214 فرداً من عوائلهم)، مقابل 123 (64 جريحاً يرافقهم 59 شخصاً من عائلاتهم) من الزبداني عبر الصليب الأحمر الدولي، سمح لكل واحد منهم بحمل حقيبة كتف معه.

وشهدت الحدود اللبنانية إجراءات أمنية مشددة بانتظار عبور موكب المسلحين الذي اجتاز نقطة المصنع الحدودية باتجاه مطار بيروت الدولي، ومنه إلى تركيا. وانتظرت، عند المصنع، 22 سيارة إسعاف تابعة للصليب الأحمر اللبناني يواكبها الأمن العام لتسلّم مصابي الزبداني. واتجهت القوافل باتجاه مطار بيروت الدولي، بالتوازي تحركت القوافل من كفريا والفوعة، باتجاه معبر باب الهوى على الحدود التركية. وفي وقت متأخر من ليل أمس، اقلعت الطائرتان بالتزامن من مطاري بيروت وأنطاكية.

وكانت الحافلات قد وصلت فجراً إلى أحد حواجز اللجان الشعبية في الفوعة، ثمّ أزيلت السواتر والحواجز لفتح الطريق للحافلات لتنتقل في الساعة 12:30 باتجاه بلدة معرة مصرين المحاذية، حيث بقيت الحافلات عند مدخل البلدة نحو ساعة حتى خروج القوافل من الزبداني وبعدها تحركت القوافل باتجاه أوتوستراد باب الهوى ورافقها مسلحون من «جيش الفتح» برفقة منسقي الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري. ومن المقرر في المرحلة المقبلة، السماح بإدخال مساعدات إنسانية وإغاثية إلى الفوعة وكفريا، إضافةً إلى مضايا والزبداني، حسب مصادر متابعة.

دور الصليب الأحمر والأمن العام
تواصلت التحضيرات لعملية إخلاء جرحى الزبداني في الأشهر الثلاثة الماضية، بالتنسيق بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب الأمم المتحدة في سوريا، والهلال الأحمر العربي السوري والصليب الأحمر اللبناني. وعند نقطة المصنع الحدودية، توّلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا والهلال الأحمر السوري عملية إجلاء جرحى المسلحين من الزبداني لتسليمهم للجنة الدولية العاملة في لبنان والصليب الأحمر اللبناني.

وبعد فحوصات طبية أوّلية، نُقل المصابون بالتعاون مع الأمن العام اللبناني إلى مطار بيروت، حيث أنشأت «اللجنة الدولية» والصليب الأحمر اللبناني نقطة طبية داخل المطار، فتلقى بعض الجرحى الرعاية الطبية قبل رحيلهم. كذلك، وفّرت «اللجنة الدولية» والصليب الأحمر اللبناني الخدمات اللوجستية، بما في ذلك الإمدادات الطبية وسيارات الإسعاف التي ساعدت في النقل وتوفير الرعاية الصحية، بتنسيق مع السلطات اللبنانية المعنية. وعُقد يوم السبت الماضي اجتماع في المطار مع الأمن العام اللبناني لتسهيل المهمة، وسبقه اجتماع موسّع آخر منذ أسبوعين.


اللواء
عشرات القتلى بتفجيرات في حمص ولافروف «ينتظر» تشكيل وفد المعارضة
إتفاق الزبداني يُستكمل بإجلاء ٤٥٠ شخصاً من البلدات الثلاث عبر مطار بيروت

وحول اتفاق الزبداني – الفوعة كفريا كتبت اللواء تقول "في إطار عملية تبادل نادرة عبر لبنان وتركيا تم امس اجلاء اكثر من 450 مسلحا ومدنيا من ثلاث بلدات سورية بموجب اتفاق بين النظام والفصائل المعارضة المقاتلة، في وقت قتل العشرات جراء تفجيرات هزت مدينة حمص في وسط البلاد.

ووصل الاشخاص الذين تم اجلاؤهم من الفوعة وكفريا المؤيدتين للنظام في محافظة ادلب (شمال غرب) والمحاصرتين من مقاتلي المعارضة، الى مطار بيروت قادمين من مطار انطاكيا (هاتاي) بعد اجتيازهم الحدود التركية بعد ظهر امس على ان يعودوا الى مناطق سيطرة النظام في سوريا في وقت لاحق.

في المقابل دخل مقاتلو المعارضة الجرحى الخارجون من الزبداني المحاصرة من قوات النظام في ريف دمشق، الاراضي اللبنانية عبر نقطة المصنع الحدودية ووصلوا لاحقا الى مطار بيروت، على ان يستقلوا الطائرة الى تركيا، للعودة لاحقا الى المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شمال سوريا.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن: «بدأ صباح اليوم الاثنين (أمس) إجلاء اكثر من 120 شخصا هم مقاتلون جرحى وافراد من عائلاتهم من الزبداني واكثر من 335 شخصا بينهم جرحى ومدنيون من الفوعة وكفريا، تنفيذا للمرحلة الثانية من الاتفاق بين قوات النظام والفصائل المقاتلة».

واثنى المنسق المقيم لانشطة الامم المتحدة في سوريا يعقوب الحلو على «نجاح» عملية الاجلاء. واضاف: «نقدر تعاون كل الجهات، الحكومة السورية والحكومة التركية والحكومة اللبنانية وكل الاطراف الموقعة على هذا الاتفاق الانساني الذي يتضمن بنودا عدة من بينها خروج الجرحى وذويهم».

ومن المتوقع ادخال مساعدات انسانية خلال الايام القليلة المقبلة الى الفوعة وكفريا والزبداني ومدينة مضايا المجاورة والمحاصرة في ريف دمشق والتي تأوي الالاف من السكان والنازحين، بحسب الامم المتحدة.

ميدانياً، قتل العشرات وجرح أكثر من مئة في قصف قوات النظام على ريف دمشق، وتفجيرات في حمص، بينما أعلن جيش الإسلام التابع للمعارضة سيطرته على ثلاث نقاط رئيسية في المرج بريف دمشق. وقتل أكثر من ثلاثين وأصيب العشرات في ثلاثة انفجارات متتالية ضربت حي الزهراء الخاضع لسيطرة النظام بمدينة حمص.

وأفادت مصادر محلية لوكالة الأناضول بأن الانفجارات وقعت عندما أطلق شخص النار في الهواء في ساحة الحي، فتجمهر الناس لمعرفة السبب فقام انتحاري بتفجير نفسه بسيارة مفخخة في ساحة الحي، وتبع ذلك تفجير آخر بعبوة ناسفة.

بدوره، أعلن جيش الإسلام التابع للمعارضة السورية سيطرته على ثلاث نقاط رئيسية في المرج بريف دمشق، على الرغم من حملة النظام غير المسبوقة على المنطقة. وتحدث «جيش الإسلام» عن هجوم مضاد شنّه على مواقع تابعة للنظام، وأكد قتله أكثر من 25 من قوات النظام.

سياسياً، نقلت وكالة انترفاكس للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله إن المعارضة السورية لم تتفق بعد على قائمة المبعوثين الذين سيقودون المفاوضات مع حكومة دمشق.وقال لافروف إنه في الوقت ذاته فان الحكومة السورية مستعدة للمحادثات.

في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن بلاده لن تنظر بإيجابية لأي قوات سورية معادية لأنقرة تتحرك غربي الفرات. جاء ذلك بعد انتزاع تحالف كردي عربي مدعوم من الولايات المتحدة السيطرة على سد على الفرات من تنظيم الدولة الإسلامية.


البناء
ربيع دمشق بنهاية الوجود المسلّح في ريفها... وحلب تلاقيها على الطريق الدولي
ارتباك سعودي تركي «إسرائيلي» بعد العملية النوعية في دوما وبانتظار ردّ حزب الله
سجال لبناني مفتعَل حول دور الأمن العام في ترتيبات تطبيق التفاهمات الإقليمية

صحيفة البناء كتبت تقول "تتزاحم التطورات العسكرية والميدانية في محيط العاصمة السورية دمشق، لتلاقي ما يشبهها في محيط العاصمة الثانية حلب، فيقول أحد مسؤولي منظمات الأمم المتحدة إنّ الكثير من الخطط التي كانت تُرسم وفقاً للمعادلات العسكرية القائمة منذ شهور صارت شيئاً من الماضي، بعد التطورات التي فرضها الجيش السوري ويفرضها تباعاً في محيط العاصمتين، بما يجعل الربيع المقبل موعداً لملاقاة دمشق وحلب على الطريق الدولي، بعد إمساك الجيش السوري بكامل أحياء المدينتين وريفيهما.

الخبراء العسكريون والأمنيون يصفون الإنجازات التي يحققها الجيش السوري بمعونة حلفائه، وبصورة خاصة الغطاء الجوي الروسي والتكامل الميداني من قوى المقاومة اللبنانية، فرضت إيقاعاً غير قابل للرجعة، ففي محيط حمص بعد التسوية التي أعادت حيّ الوعر إلى سيادة الدولة السورية وأكملت سيطرة الجيش في كلّ أحياء حمص، جاءت إنجازات الجيش في شرق حمص، خصوصاً محيط بلدة مهين وحسم الموقع الاستراتيجي للجبل الكبير، والتقرّب المتوقع من تدمر كمعركة فاصلة مرتقبة مع «داعش»، تندحر بموجبها المجموعات التابعة لـ«داعش» نحو الرقة، بينما يحدث الشيء نفسه في أحياء ريف دمشق بالنسبة إلى عناصر «داعش» الذين سيغادرون الحجر الأسود ومخيم اليرموك، ونحو إدلب بالنسبة لعناصر جبهة «النصرة»، وإلى تركيا بالنسبة لبقايا «أحرار الشام»، كما كان حالهم بعد مغادرة الزبداني التي سيلتحق من تبقى فيها بعد تسوية أوضاعهم بوحدات اللجان الشعبية. هذا المشهد المتكرّر والمتسارع من قدسيا إلى الزبداني وصولاً إلى سائر أنحاء ريف دمشق، التي كانت تشكل مدينة دوما عقدتها الرئيسية وهي تنتظر ساعة المواجهة بعد سيطرة الجيش على مطار مرج السلطان من جهة، وشطب القيادات العسكرية لمثلث «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» و«فيلق الرحمن»، بينما يسير التقدّم في ريف اللاذقية وريفَيْ إدلب وحلب في المقابل على خط سريع يجعل تحرير الفوعة وكفريا ونبل والزهراء ضمن حسابات الأسابيع المقبلة وفي السياق حسم تنظيف الطريق الدولي الرابط بين حلب وحماه.

الرعاة الإقليميون للجماعات المسلحة، خصوصاً تركيا والسعودية و«إسرائيل» يعيشون حال الارتباك، في ظلّ تعثر وصايتهم على تشكيل وفد المعارضة التفاوضي إلى جنيف، وفشلهم في حماية هذه الجماعات بتحييدها عن لوائح الإرهاب، بينما يُرخي كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بظلاله على حال الارتباك، خصوصاً بالنسبة إلى «إسرائيل»، حيث بدأت التحليلات تتحدّث عن خطأ استراتيجي ارتكبته القيادة السياسية والعسكرية بذهابها إلى عملية منحت حزب الله فرصة فرض معادلته على خطوط الاشتباك من الجبهتين اللبنانية والسورية، كما بات محسوماً مع خطاب السيد نصرالله قبل أن يأتي الردّ المتوقع من المقاومة.

في لبنان كما هي العادة، ينقلب السعي لتثمير الإيجابيات إلى محاولة للتصيّد وتسجيل النقاط بصورة مفتعَلة، فلبنان الذي حاز دوراً في اللعبة الإقليمية بسبب تضحيات مقاومته، يخرج فيه من يجرؤ على الدعوة إلى محاسبة هذه المقاومة على ما أنجزت من حصانة للبنان في وجه الإرهاب من جهة، وما حفظت له من دور في هذه الحرب على الإرهاب من جهة مقابلة، وبالطريقة ذاتها خرجت بالأمس أصوات تستهجن المساهمة التي قدّمها الأمن العام اللبناني لإنجاز اتفاق الزبداني والفوعة وكفريا، رغم أنها مساهمة منسّقة مع الأمم المتحدة راعية هذا الاتفاق، ومساهمة تشكل دوراً ورصيداً صالحَيْن للاستخدام في حلحلة قضية العسكريين المخطوفين لدى «داعش»، حيث للأتراك المعنيّين بالتفاهم نفوذ وتأثير، كما المساهمة في حلّ مفترض لقضية القطريين المخطوفين في العراق، وبدلاً من الشدّ على يد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وتشجيعه والتنويه بدوره لما يقوم به لأجل لبنان، تذكّر البعض النأي بالنفس متسائلاً عن صلتها بالمساهمة اللبنانية، علماً أنّ النأي بالنفس لا ينطبق إلا عندما يكون هناك مجال للتشارك في التفاهمات والحلول، خصوصاً تحت راية الراعي الأممي.

صفقة التبادل بلغَت خواتيمَها
مع إتمام «الصفقة» التي تضمنت اتفاقاً على خروج 336 جريحاً مع عائلاتهم من مدينتَيْ كفريا والفوعا المحاصرتين في ريف إدلب الشمالي، مقابل 123 جريحاً مع عائلاتهم من مدينة الزبداني بريف دمشق بواسطة الصليب الأحمر الدولي والصليب الأحمر السوري، ورعاية الطرف الأساسي «الأمم المتحدة»، طُويت الصفحة الثانية من الاتفاق، لتكون الزبداني ومحيطها «أمام سقوط محتّم» والذي سيمهّد لتنظيفها من العصابات الإرهابية وسيكون مقدّمة لإتمام عملية قاربت على الانتهاء «ميدانياً» في سهل الزبداني والقلمون برمّته.

وبلغت صفقة التبادل خواتيمها بإشراف مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وقد جرت عملية الإخراج بالتزامن، وبلغ عدد جرحى الفوعة وكفريا 122 جريحاً و214 من عوائلهم إضافة إلى جريح أصيب مؤخراً في قصف خرق الهدنة. أما الجرحى من مدينة الزبداني ومضايا، فبلغ عددهم 64 يرافقهم 59 شخصاً.

كما تمّت العملية بالتعاون مع الصليب الأحمر الذي نقل الجرحى في قافلتين: قافلة كفريا والفوعة خرجت عبر ممر آمن إلى معبر باب الهوى فالأراضي التركية، وقافلة الزبداني، سلكت طريق المصنع اللبناني، ومنه إلى مطار بيروت الدولي.

ووصلت طائرة تركية مساء أمس قادمة من تركيا، وعلى متنها عدد من أهالي وجرحى بلدتي الفوعة وكفريا، وتبعتها طائرة ثانية بعد خمس دقائق، وبلغ عدد الركاب على متن الطائرتين 338 شخصاً. وفور وصول الطائرتين ونزول الركاب منهما وسط تدابير أمنية مشددة للغاية من قبل القوى الأمنية انتقلوا مباشرة إلى الحافلات وسيارات الصليب الأحمر التي أقلتهم عن طريق البر إلى سورية، وبذلك تكون المرحلة الثانية من اتفاق الزبداني – الفوعة – كفريا قد انتهت.

800 مسلح في الزبداني.. لتسوية الأوضاع
وأكدت مصادر مطلعة على الصفقة لـ«البناء» أن «الطائرة الأولى التي أقلت 318 مدنياً من أهالي كفريا والفوعا، انطلقت من منطقة هاتاي في تركيا باتجاه بيروت واستقبلهم الصليب الأحمر اللبناني في مطار بيروت وسلّمهم إلى الصليب الأحمر السوري المتواجد في المصنع الذي نقل بدوره الجرحى من الجماعات المسلحة إلى مطار بيروت باتجاه هاتاي في تركيا».

وأشارت المصادر إلى أن «المدنيين من أهالي كفريا والفوعا نقلهم الصليب الأحمر السوري من المصنع إلى مستشفيات العاصمة دمشق للعلاج وتمّ تأمين فنادق مغلقة لهم في منطقة السيدة زينب»، ولفتت المصادر إلى أن «800 مسلح لا يزالون في الزبداني رفضوا الخروج منها ضمن الصفقة وطلبوا تسوية أوضاعهم مع الدولة السورية وتسليم أسلحتهم والانخراط في صفوف اللجان الشعبية للقتال إلى جانب الجيش السوري على أن تعلن القيادة العسكرية السورية الزبداني منطقة آمنة خلال أسبوع». وكشفت المصادر أن «المسلحين في منطقة مضايا وسرغايا بدأوا يطلبون التفاوض وتسوية أوضاعهم مع الدولة السورية ورفضوا الخروج منها ضمن الصفقة».

وأوضحت المصادر أن «المرحلة الأولى من الصفقة هي الهدنة التي تم التوصل إليها خلال الأشهر السابقة بين الطرفين والتي قضت بعدم شنّ المسلحين في إدلب هجمات ضد كفريا والفوعا، مقابل عدم قتل الجيش السوري والمقاومة للمسلحين الذين كانوا محاصرين في الزبداني»، ولفتت إلى أن «الجيش السوري والمقاومة هما المنتصران من خلال هذه الصفقة، لأن المجموعات المسلحة سلمت منطقة الزبداني إلى الجيش السوري، أما مناطق كفريا والفوعا فلا تزال بيد أهالي القريتين المحاصرتين اللتين لم تسقطا عسكرياً والوضع الآن عاد إلى ما قبل الاتفاق، أي حرب كرّ وفرّ ويمكن أن تتعرّض القريتان لهجوم من المسلحين، لكنّ أهلها قادرون على الدفاع عنهما ويملكون إمكانات كافية للدفاع ويتم إدخال كل ما يحتاجونه إليهم رغم حصارهما منذ ثلاث سنوات، كما حوصر مطار كويرس العسكري في حلب».

وتابعت المصادر أن «إيران وتركيا والمقاومة والدولة السورية هي الأطراف المفاوضة في هذه الصفقة»، وربطت المصادر بين هذه الصفقة وصفقة تبادل العسكريين اللبنانيين التي تمّت مع جبهة النصرة، «لأن تركيا اشترطت الاتفاق على صفقة الزبداني أولاً كي تسهل عملية إنجاز صفقة العسكريين اللبنانيين».

وأضافت: «كما أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اشترط خلال مفاوضات العسكريين إخراج المدنيين من كفريا والفوعا كي يستطيع إقناع الدولة السورية الإفراج عن نساء معتقلات في السجون السورية طالبت النصرة بإطلاقهم».

تنسيق بين الجيشَيْن السوري واللبناني
وأشارت مصادر عسكرية لـ«البناء» أن «الجيش السوري يتقدم بسرعة كبيرة في ريف حلب الجنوبي والشمالي ويتقدَّم باتجاه كفريا والفوعا لتحريرهما بعد أن أصبحت مدينة إدلب مطوّقة وبات طريق حلب- الشام الرئيسي المعروف بالاوتوستراد الدولي تحت سيطرة الجيش السوري وسيتم فتحه خلال الأسبوع الأول من العام الجديد». وأشارت مصادر رفيعة لـ«البناء» إلى «أن صفقة الأمس أسّست لقرب نهاية تواجد المسلحين في الزبداني، لأن تنفيذ الصفقة جرى في منطقة من وسط الزبداني بالقرب من المقار وأماكن التحصين السرية التي كشفت».

عبد الكريم علي: نحن مع كل ما يُوقف الدم
في المقابل، أشار السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي في حديث متلفز إلى حصول تنسيق بين الجيشين السوري واللبناني. وأعلن أن «الاتفاق يعمل عليه منذ فترة وسورية بمؤسساتها وجيشها تابعت تنفيذه، ونأمل التوصل إلى النتائج التي يكون فيها جميع الذين يحملون السلاح وصلوا إلى قناعة بأن لا مجال للوصول إلى الغايات التي كانوا يرسمونها».

وأكد السفير السوري أن نتائج الاتفاق إيجابية، وقال: «إن سورية من منطق الوثوق وقوتها على الأرض ترى أن حاجة المسلحين وداعمي المجموعات إلى إجراء مثل هذا الاتفاق، وبالتالي هم مَن أتوا وليس هم مَن فرض الاتفاق ونحن كل ما يوقف سفك الدماء لنا مصلحة فيه».

قزي: لبنان غير معنيّ بالاتفاق
وتعليقاً على الصفقة، أكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن لبنان غير معني بهذا الاتفاق لا من قريب ولا من بعيد، سائلاً «أين سياسة النأي بالنفس الواردة في البيان الوزاري؟ وهل الحكومة على علم بيوم العبور هذا؟ وكيف يمكن للمسلحين من خارج الحدود أن يعبروا من سورية إلى مطار بيروت الدولي وبأيّ جوازات؟

مداهمات دار الواسعة: شهيد وجرحى وموقوفون
إلى ذلك، استُشهد الجندي علي بسام قاسم زين وجُرح 4 عسكريين بعد تعرّض دوريتهم لإطلاق نار كثيف أثناء عمليات دهم أماكن عدد من المطلوبين في منطقة دار الواسعة لتورّطهم في جريمة بتدعي التي حصلت خلال العام 2014 . وأشارت قيادة الجيش في بيان إلى أن قوى الجيش تابعت ملاحقة المجموعة المسلحة المؤلفة من 8 عناصر، حيث تمكّنت من محاصرتهم في أحد المباني وتوقيفهم جميعاً بعد استسلامهم. وتبين أن ثلاثة منهم ضالعون في الجريمة المذكورة ومحالون أمام المجلس العدلي، وقد ضبطت بحوزتهم كمية من الأسلحة الحربية والذخائر والمخدرات. وبوشر التحقيق مع الموقوفين وتستمر قوى الجيش بتنفيذ عمليات الدهم لتوقيف باقي المتورطين.