21-05-2024 03:54 AM بتوقيت القدس المحتلة

الإنتخابات الرئاسية المصرية: عودة مبارك أم دولة الأخوان بامتياز؟

الإنتخابات الرئاسية المصرية: عودة مبارك أم دولة الأخوان بامتياز؟

عن الجولة الثانية من الإنتخابات الرئاسية المصرية والأسباب التي أدّت إلى تأهل أحد فلول النظام أحمد شفيق إلى جولة الإعادة وغيرها من الأسئلة التي طرحناها على رئيس تحرير صحيفة النهار المصرية


المرشح أحمد شفيقلم تكن نتائج الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية في مصر، عادية. فقد أعادت صناديق الإقتراع الرئيس السابق حسني مبارك، الذي أطاحت به ثورة 25 يناير، إلى المشهد السياسي المصري وذلك من خلال أحد بقايا نظامه ورئيس آخر حكومة في عهده: المرشح أحمد شفيق. شفيق، الذي حلّ ثانياً في نتائج الجولة الأولى كمنافس لمرشح الأخوان المسلمين محمد مرسي الذي حلّ أولاً، طرح عدداً من الأسئلة عن الأسباب التي أعادت الحزب الوطني إلى الواجهة وبالتالي عن مصير ثورة ذهب ضحيتها مئات الشهداء المصريين. هذه الأسئلة وغيرها كانت محط حديث دار بيننا وبين رئيس تحرير صحيفة النهار المصرية أسامة شرشر.

 
برأيك، ما هي الأسباب التي أدّت إلى تأهل المرشح أحمد شفيق إلى جولة الإعادة في الإنتخابات الرئاسية المصرية، بالرغم من أنه يعدّ من أحد فلول النظام السابق؟


خلال عام ونصف العام سعى المواطن المصري إلى الأمن والإستقرار ولقمة العيش الحقيقية. هذه العوامل لم تتحول إلى واقع معاش في حياة المصريين في الفترة التي أعقبت الثورة، وقد كانت جزءاً من خطاب المرشح شفيق الذي ركز في برنامجه الإنتخابي على الشق الأمني باعتباره الأهم إضافة إلى كيفية تحقيق النمو الإقتصادي. هذا الخطاب أثّر في بعض الأوساط المصرية التي يغيب عنها الوعي السياسي مما أدّى إلى بروز شفيق والذي شكل مفاجأة على الصعيد السياسي في مصر.


إضافة إلى ذلك، فإن مقدارا كبيرا من الشعب المصري بات يؤيد هذه الدولة المدنية، خصوصاً أن  الأخوان المسلمين قاموا بمخالفة ما أظهروه خلال المرحلة السابقة بعد الإنتخابات التشريعية من رفضهم للمشاركة في الإنتخابات الرئاسية وتفضيلهم مصلحة الوطن على المصلحة الضيقة للحزب، مما أدّى إلى انخفاض مستوى صدقيتهم في الشارع المصري. لكن مشاركة الأخوان في الإنتخابات الرئاسية أكد مخاوف الناس المتمثلة في احتكار الأخوان لكافة معاقل السلطة بحيث أنهم أصبحوا صورة عن الحزب الوطني الحاكم ولكن بعباءة دينية. وهذا ما جعل العديد من الناس العاديين والبسطاء يشعرون بالخوف من جماعة الأخوان الملسمين والتصويت لمرشحين آخرين كأحمد شفيق. مثال صارخ على ما أقوله هو ما حدث في القاهرة حيث حصل مرشح الفلول على ثمانمئة ألف صوت مقابل خمسمئة وتسعين ألف صوت لمرشح الأخوان المسلمين.


من جهة أخرى، نستطيع القول إن الصراع الحقيقي الذي يدور في الشارع المصري هو صراع بين الأخوان المسلمين والحزب الوطني السابق أي فلول نظام مبارك. إن من يمتلك الآليات والأعداد والمال السياسي هم هؤلاء الفصيلان. مقابل ذلك، لم يكن للثورة حزب قوي أو ائتلاف قوي يسمح بمواجهة هاتين القوتين اللتين تحتلان الشارع السياسي بالمفهوم السياسي. أما بالنسبة لما قيل عن حدوث تزوير في الجولة الأولى من الإنتخابات، فأنا لا أعتقد أنه كان هناك تزوير فاضح بل كانت هناك أخطاء وتجاوزات ومخالفات. 

هل تتوقع أن تقرّ المحكمة الدستورية العليا قانون "العزل السياسي" مما قد يحدث تغييراً هاماً في المشهد الإنتخابي القادم؟


لا يمكن أن تحكم المحكمة الدستورية العليا قبل جولة الإعادة بتطبيق قانون "العزل السياسي"، أعتقد أن الحكم قد يصدر بعد شهر أو شهرين من إجراء الإنتخابات وقد يكون ذلك بمثابة الكارثة السياسية خصوصاً إذا حكمت المحكمة بخروج شفيق خصوصاً إذا كان قد فاز في جولة الإعادة وبات رئيساً لمصر. نكون بذلك قد وقعنا في إشكالية قانونية وفي إشكالية دستورية تهدد الحياة السياسية المصرية.


كان من المفروض أن تتخذ المحكمة قرارها قبل إجراء الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية في مصر لأن أحمد شفيق هو مرشح يتمتع بالشرعية القانونية بما أنه تمت الموافقة على أن يكون واحداً من المرشحين الثلاثة عشر. لو قامت المحكمة باتخاذ قرارها قبل الإنتخابات لكانت أخرجتنا من هذه الحيرة السياسية وهذه المعادلة السياسية. فلا بدّ أن أعترف أن غالبية الشعب المصري مشتت وفي حيرة غير عادية بين ما يسمى الدولة الدينية والدولة المدنية.

هل من الوارد إعادة النظر في الطعون التي تقدم بها المرشح حمدين صباحي؟ 


لقد تمّ إعلان نتيجة الجولة الأولى بشكل رسمي، لذا ليس وارداً الآن إعادة النظر في الطعون. لكن في المقابل فإن عددا كبيرا من المثقفين ومن نخبة الشعب المصري سيقومون بمقاطعة الإنتخابات، إلا إذا قاموا بالتصويت مقابل ضمانات للمرحلة القادمة تتمثل بتأليف حكومة ائتلافية وتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية.


كيف تتوقع أن تكون جولة الإعادة المقرر إجراؤها في 16 و17 حزيران/يونيو المقبل؟


أنا لا أتوقع أن يمرّ المشهد الإنتخابي القادم بسلام، أتوقع أن يكون هناك نوع من الصدامات ونوع من استخدام كل الطرق المشروعة وغير المشروعة خلال المنافسة الإنتخابية بين الفصيلين. ومن خلال مراقبتي للواقع الميداني، فأنا أتوقع أن النتيجة ستكون لصالح مرشح الفلول أحمد شفيق لسبب بسيط هو أن الكتل التصويتية ستصوت لصالح شفيق ككتلة الأقباط وكتلة الصوفيين وكتلة عناصر الحزب الوطني إضافة إلى رجال الأعمال.  

كيف تقرأ خطاب المرشح محمد مرسي الذي توجه فيه إلى الأقباط تحديداً؟


أعتقد أن خطاب مرسي وخطاب جماعة الأخوان المسلمين تجاه الأقباط قد أتى متأخراً، لأن هناك حاجزا خطيرا من الخوف لدى اقباط مصر تجاه الدولة الدينية. لذا أعتقد أن تطمينات مرسي أتت في الوقت الضائع، لأنه من المستبعد أن يصوّت الأقباط لمرسي في الوقت الحالي لأن سلوك حزب الحرية والعدالة في البرلمان لم يطمئن الأقباط لذا سيحاولون بشتى الطرق إبعاد مرشح الأخوان عن كرسي الرئاسة.


كان من اللافت حلول المرشح حمدين صباحي في المرتبة الثالثة في الجولة الأولى من الإنتخابات، متفوقاً بذلك على المرشح الإسلامي عبد المنعم أبو الفتوح، كمحلل سياسي كيف تقرأ ذلك؟


في ظل غياب قائد حقيقي لشباب ثورة 25 يناير، كانت هناك مفاجأة تمثلت بالتفاف الشباب المصري حول المرشح حمدين صباحي الذي خاطب المصريين بلغة جديدة دغدغت مشاعر الشباب بحيث ارتكز خطابه على مفاهيم أساسية واضحة كالعدالة الإجتماعية والحرية ولقمة العيش والإستقرار الأمني السياسي. كما استطاع المرشح حمدين صباحي مخاطبة المصريين ببساطة كما أن سيرته الذاتية اتسمت بالوضوح والنزاهة لذا كان بمثابة عنصر جديد في المعادلة السياسية المصرية. لقد كان حمدين صباحي بمثابة خيار سياسي لكثيرين، خيار يتمركز ما بين الدولة الدينية ودولة فلول النظام السابق. لكن تفكك جبهة المستقلين والليبراليين حال دون أن تصب الأصوات كلها لصالح صباحي.