وقد قاطعت كل من حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين وفصائل أخرى زيارة الوفد، على اعتبار أنها تأتي في إطار تشجيع الانقسام، وللقيام بدور «الشيطان المحرّض»
أحدثت زيارة رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» الشيخ يوسف القرضاوي والوفد المرافق له لقطاع غزة، جدلاً واسعاً بين الفلسطينيين، بين مؤيد ومعارض. وقد قاطعت كل من حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين وفصائل أخرى زيارة الوفد، على اعتبار أنها تأتي في إطار تشجيع الانقسام، وللقيام بدور «الشيطان المحرّض» على الانفصال بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، فضلاً عن أنها تأتي في سياق أهداف قطرية تقدّم تنازلات خطيرة على صعيد الحقوق والثوابت الفلسطينية.
أما حركة حماس، فواجهت الاعتراضات، ووصفت الزيارة بـ«التاريخية». ولتأكيد أهمية القرضاوي، منح رئيس حكومة حماس المقالة إسماعيل هنية ضيفه الجنسية الفلسطينية وجواز سفر فلسطينياً يحمل شعار السلطة الفلسطينية، فضلاً عن دكتوراه فخرية من الجامعة الإسلامية في غزة.
يُذكر أن وفد القرضاوي حظي باستقبال رسمي كبير على معبر رفح مساء أمس الأول، حيث كان في استقباله وفد من كبار قادة حماس يتقدّمهم هنية، والنائب الأول لرئاسة المجلس التشريعي أحمد بحر، ومجموعة من رجال الدين والدعاة الفلسطينيين وممثلي الفصائل. وتجدر الإشارة إلى أن زيارة القرضاوي إلى غزة هي الأولى منذ العام 1958، بحسب تأكيده، وهو يترأس اليوم وفداً من 39 من رجال الدين، من 14 دولة.
عضو المكتب السياسي لـ«حزب الشعب الفلسطيني» وليد العوض اعتبر أنه كان «الأجدر استقبال القرضاوي كرجل دين وليس كسياسي، خصوصاً أن له العديد من المواقف السياسية التي أحدثت إشكاليات ليس فقط في صفوف الفلسطينيين، بل في صفوف الشعوب العربية».
وأضاف العوض، في حديث إلى جريدة «السفير»، أن حزبه رفض استقبال الوفد، لأنه يعتبر فلسطين أرض المناضلين والشهداء ولا يجوز أن يرحَّب بأي إنسان يبرر التدخل الأميركي في سوريا، ومن ثم يأتي إلى غزة بين الشهداء والأبطال الذين قدموا جلّ حياتهم في مواجهة المشاريع الإسرائيلية الأميركية.
وأوضح أن الزيارة حملت بعداً سياسياً ليس ضرورياً، ولم يكن من المهم أن يتم التعامل معها و«كأنها فاتحة جديدة لقطاع غزة». وبحسب العوض فإن «الشعب الفلسطيني لن يستفيد كثيراً من هذه الزيارة»، مشيراً إلى خشيته بأن ترافقها «الأدوات القطرية» الرامية إلى «تأسيس مرحلة تهجير وتوطين للاجئين الفلسطينيين».
وفي المقابل، رحّبت حركة الجهاد الإسلامي بالزيارة على اعتبار أنها تشكل دعماً معنوياً كبيراً للشعب الفلسطيني وعلمائه في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجهاد الإسلامي داوود شهاب لـ«السفير»، «إننا دائماً في الحركة سعينا وما زلنا نسعى لتوحيد جهود العلماء من أجل فلسطين على اعتبارها القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية».
وعبّر شهاب عن أمله في أن تشكل الزيارة أساساً لتحرك «علمائي» جاد وكبير نحو القدس المحتلة لإنقاذ المسجد الأقصى من سياسات الاحتلال الإسرائيلي المتغطرسة.
أما حركة فتح فكانت على رأس المعارضين للزيارة. وفي حديث إلى «السفير»، قال رئيس الهيئة القيادية للحركة في غزة يحيى رباح إن حركته «تنظر إلى الزيارة بالشك الكبير والامتعاض والإدانة»، مشيراً إلى أنها «تأتي في سياق زيارات سابقة مماثلة، للاعتداء على الوحدة الوطنية الفلسطينية وتشجيع الانقسام».
وأشار رباح إلى أن الحركة الوطنية والإسلامية الفلسطينية طالبت القرضاوي بعدم زيارة غزة، وألا يقوم بدور «الشيطان المحرّض على الانقسام والانفصال بين غزة والضفة الغربية المحتلة»، ولكنه أصرّ على الزيارة وبالتالي «قوبل بمقاطعة شاملة من قبل الحركة الوطنية». وباختصار رأى القيادي الفتحاوي في الزيارة محاولة «للعبث بالشرعية والوحدة الفلسطينية».
المحلل السياسي طلال عوكل اعتبر أن عدم الارتياح من الزيارة ناتج عن المواقف والفتاوي التي أطلقها القرضاوي، وخصوصاً «استجداء الأميركيين للتدخل عسكرياً في سوريا»، فضلاً عن الفتوى التي حرم فيها زيارة القدس على اعتبار أنها تطبيع مع إسرائيل.
وبيّن عوكل أن الزيارة تأتي بضمانات إسرائيلية، وما حدث من تناقضات في مواقف القرضاوي وفتاويه جعلت الفلسطينيين لا يرتاحون له. وأولاً وأخيراً، بحسب عوكل، «القرضاوي هو الأب الروحي للإخوان المسلمين والغطاء الديني بالنسبة لحماس، كما أنه يأتي من قطر التي لها بعد آخر من حيث الأهمية».