29-04-2024 02:24 PM بتوقيت القدس المحتلة

الربيع العربي القصير تحول شتاءًا فلسطينياً طويلا، والمقاومة ستعيد الحقوق

الربيع العربي القصير تحول شتاءًا فلسطينياً طويلا، والمقاومة ستعيد الحقوق

لقد خطّطت الإمبرياليّة الغربية التي تقودها الإمبراطورية البريطانية لزرع خادم مخلصٍ في المنطقة العربية الإستراتيجية في أوائل القرن العشرين.

محمد سلامي
 
لقد خطّطت الإمبرياليّة الغربية التي تقودها الإمبراطورية البريطانية لزرع خادم مخلصٍ في المنطقة العربية الإستراتيجية في أوائل القرن العشرين، وقد تقاطعت هذه المؤامرة مع طموحات الحركة الصهيونية بإنشاء كيان يسمح لها بتطبيق سياساتها الإستعمارية، وقد هزمت القوّة الصهيونية الغربيّة الضعف العربي.

وبالنتيجة، تعيش فلسطين منذ مئة عام مأساة بسبب نشوء الكيان غير الشرعي على أراضيها، المتمثّل بإسرائيل، إلّا أنّ التغيّر الأخير في توازن القوى لمصلحة القوى العربية المقاومة قد أجبر الخادم الصهيوني وسيجبره دائماً على الإستسلام بوجه إرادة الأمّة.
 
لماذا فلسطين؟

في مقابلة مع النائب البريطانيّ والمفكّر السياسي "جورج غالوي"، قال أنّ فلسطين لم تكن الخيار الأوّل للإئتلاف الغربي الصهيوني من أجل تأسيس الكيان الإسرائيلي الزائف. وأضاف أنّ الصهاينة كانوا جاهزين للقبول بأي مكان لتأسيس دولةٍ إسمها إسرائيل.

وفي هذا السياق يقول "غالوي" إنها "تفاوضت مع الإمبراطورية البريطانية على عدد من الدول بما فيها الأرجنتين وسيشل وأوغاندا وغيرها من الدول قبل الإستقرار في فلسطين".

وبالرغم من فبركة الأسباب الدينية لاختيار فلسطين والإستقرار فيها، شدّد "غالوي" على أنّ أفراد الحركة الصهيونيّة كانوا ملحدين ولم يكن لديهم أيّ ارتباط ديني بفلسطين. وأضاف قائلاً: "وبالمقابل، إختار البريطانيون فلسطين من أجل أهداف استراتيجية. ففلسطين لطالما شكّلت موطئ قدم لهؤلاء في حين كان الشرق الأوسط يتعاظم على المستويين الإستراتيجي والإقتصادي".

وقد شدّد المفكّر السياسي البريطانيّ على أنّ إختيار الغرب فلسطين لإنشاء الدولة الصهيونية على أراضيها لا ينصبّ في سياق صراع ثقافيّ أو دينيّ لأنه "لم يكن خياراً مسيحياً". "فالمسيحيون يؤمنون بتعاليم النبيّ وبقيم السلام والخير، إلا أنّ السياسات الإستعماريّة للنظام الغربيّ قد سعت إلى السيطرة على الموارد الطبيعية في هذا الجزء المهمّ من العالم".
 
التهويد

منذ أن غزا الصهاينة فلسطين، فهم قد اتبعوا سياسة ثابتة لتبديل هويّة جميع المدن والقرى الفلسطينية، وبالأخصّ القدس. ومنذ العام 1948، يسعى الكيان الصهيوني إلى تغيير المناظر الطبيعية والسكانية لمدينة القدس لتتلاءم والرؤية الصهيونية. وفي حين قد تمّ الكثير من ذلك من خلال طرد الفلسطينيين بعنفٍ في حربَي العامين 1948 و 1967، فقد تضمّن تهويد فلسطين التوسّع الإستراتيجي لحدود القدس البلديّة والقيود البيروقراطيّة والقانونية المفروضة على استخدام الأرض الفلسطينية، فضلاً عن نزع حقّ الإقتراع عن سكّان القدس، وتوسيع المستوطنات في "القدس الكبرى"، إلى جانب بناء الجدار العازل.

وقد أشار الكاتب البريطاني، الذي لطالما ناهضَ المشاريع الغربية الصهيونية، إلى أنّه قد تمت أيضاً مصادرة مدينة يافا التاريخية من الفلسطينيين وجعلها أشبه بمدينة "ديزني" المعروفة "ديزني لاند" لمدينة تلّ أبيب الموسّعة.
 
المستوطنات الصهيونية

اعتبر النائب البريطاني "جورج غالوي" أنّ المستوطنات الصهيونية، التي امتدّت على مختلف أراضي المدن الفلسطينية، تشكّل خطراً كبيراً على حقوق الفلسطينيين ذلك أنّ "هذه الحال الكارثية ترتبط مباشرةً بقضيّة اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في مختلف دول الجوار. فمشاريع الإستيطان القائمة تعقّد إمكانية التوصّل لأيّ حلّ من أجل اللاجئين الفلسطينيين لأن الصهاينة هم الذين بنوها على أساس استخدامها للأبد".

وبالرغم من أنّ حدود الكيان الصهيوني قد تمّ تقييدها في العام 2000 بعد تحرير المقاومة في حزب الله الأراضي اللبنانية، واضعةً بذلك حدّاً لطموحات الكيان الصهيوني بتوسيع حدوده، إلّا أنّ مشروع الإستيطان الصهيوني سيمنع الفلسطينيين من موارد بلادهم الطبيعية، بما في ذلك الأرض. وقد سمح هذا للصهاينة بالسيطرة على مساحة أكبر من أرض فلسطين.
 
محادثات السلام ينقصها السلام

لقد شدّد السيّد "غالوي" على أن محادثات السلام بين المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين لن تصل إلى أيّ نتيجة ملحوظة. "فاستقالة الوفد الفلسطيني إلى محادثات السلام تبرهن أنّ هذا المسار السياسي ما منه أيّ جدوى نظراً لعدم جهوزية الكيان الصهيوني لدفع ثمن السلام ألا وهو العدالة".

وكان أعضاء الوفد الفلسطيني المفاوض قد قدموا اسقالاتهم و أعلنوا أنهم لن يعودوا الى المفوضات مع الإسرائيليين أبدا.

وهنا يشير "غالوي" إلى أنّ "العدالة، التي تعني منح الحقوق لأصحابها، أمر أساسيٌّ لنجاح أيّ محادثات سلام. أمّا حلّ الدولتين فلن يدوم ذلك أنّ الدولة الفلسطينية ستكون على مساحة 23% من إجماليّ الأرض الفلسطينية. وهذا ما سيبقي اللاجئين الفلسطينيين خارج أرضهم الأصليّة".

وأضاف "غالوي" أنّ فلسطين يجب أن تعود لتكون موطن أتباع الديانات السماوية، حيث يلتزم جميع سكّانها بالقانون".
 
الربيع العربي، شتاء فلسطيني

في حين أثبت مسار المقاومة العربيّة قدرته على مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، قرّر الإستعمار الغربي حماية خادمه من خلال ذرّ بذور الفتنة في المنطقة العربيّة لتوجيه الجهود العربيّة وصبّ الإهتمام من قضيّتهم المركزيّة وهي فلسطين نحو الصراعات والنزاعات الداخلية.

واعتبر الكاتب البريطاني الذي لطالما دعم القضايا العربية على مرّ عقود من الزّمن، أنّ الحكومات العربيّة قد انثنت عن القضيّة الفلسطينية متّجهة نحو تحريك الفتنة الطائفية التي تخدم المشاريع الغربية الصهيونية. "فالربيع العربي المزعوم في تونس ومصر واليمن وليبيا وسورية قد تحوّل إلى شتاء فلسطيني. وعلى العرب أن يتحرّكوا للقيام بما يوجّه الجهود نحو مواجهة الإستبداد الصهيوني".

مسلّطاً الضوء على الأزمة السورية، شدّد "غالوي" الذي تحدّى الكثير من الإفتراءات الصهيونية الغربية على أنّ المؤامرة الغربية التكفيرية ضدّ سورية قد فشلت، إضافةً إلى أنّ محور المقاومة قادرٌ على هزيمة المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط.

أمّا الإتفاقية النووية الإيرانية الغربية، وإنتصار سورية على الحرب الإرهابية ضدّها، إلى جانب قوّة حزب الله، كلّها تمنح محور المقاومة قوىً هائلةً  لحسم الحرب بوجه الكيان الصهيوني.

وفي حين تميل كفّة ميزان القوى لصالح المقاومة، سيضطرّ الكيان الصهيوني إلى الإستسلام قبل أن يعيد الحقوق إلى أصحابها.
 
ترجمة: زينب عبدالله