28-04-2024 04:59 PM بتوقيت القدس المحتلة

فعل السرد والصراع في رواية "الطنطورية" لرضوى عاشور

فعل السرد والصراع في رواية

"كل الحكايات تبدأ من "هناك"، أي من فلسطين. مثل العجائز في المخيمات الذين تنقل الرواية قصصهم، بدأت الكاتبة المصرية رضوى عاشور من "هناك" رواية أهدتها إلى زوجها، الشاعر الفلسطيني مريد البرغوتي

غلاف واية الطنطورة للكاتبة رضوى عاشور"كل الحكايات تبدأ من "هناك"، أي من فلسطين. مثل العجائز في المخيمات الذين تنقل الرواية قصصهم، بدأت الكاتبة المصرية رضوى عاشور من "هناك" رواية أهدتها إلى زوجها، الشاعر الفلسطيني مريد البرغوتي. وهناك من الطنطورة تحديداً، فالطنطورة هي بطلة الرواية الحقيقية، تلك القرية الواقعة على الساحل الفلسطيني جنوب حيفا والتي أدرجتها العصابات اليهودية ضمن لائحة مجازرها عام 1948 ولم يدرجها التاريخ المعروف كدير ياسين وغيرها من المدن والبلدات التي عُرِفت بما وقع فيها من سفك للدماء البريئة.

التقديم النقدي للروائية اللبنانية الدكتورة فاتن المر :

تفتتح الرواية بمشهد يمكن تصنيفه ضمن الوضع الأولي (situation initiale) الذي يصوّر لنا قرية هادئة تتربى في أحضانها فتاة صغيرة، رقية، الراوية، التي لا هم  لها إلا اللعب مع أقرانها والتفرج على البحر وحضور الأعراس، ضيعة هانئة بقصصها التي لا ضرورة لأن تحكى، فالناس السعداء، كما يقول تولستوي، لا قصة لهم. البحر، بحر الطنطورة كما يسمونه في الرواية، شخصية رئيسية أخرى، يشارك في كل أوجه الحياة، خاصة في الأعراس، ويقدم لرقية الصغيرة هديته في هيئة شاب كان يسبح فيه ويخرج ليراها وليتبادل معها بضع كلمات كانت كافية ليقرر الزواج منها ويرسل أهله لخطبتها. في الوضع الأولي للطنطورة الملون بالهدوء والفرح لا يتعدى مستوى الهموم انشغال بال والدة رقية لأن ابنتها ستتغرب وتتزوج إلى حيفا...

ولكن العنصر المشاغب (élément perturbateur)  يكمن في الاشتباكات التي حصلت في حيفا بين اليهود والعرب والتي وصلت أصداؤها إلى الطنطورة وفي بدء وصول اللاجئين المهجرين من قراهم، ليبلغ التوتر ذروته  مع بداية الهجوم على الطنطورة وذبح الرجال والشبان ومن بينهم والد رقية وشقيقاها وتهجيرها ووالدتها داخل فلسطين ثم إلى الأردن فصيدا في لبنان. تتوقف الطنطورة عند مرحلة العنصر المشاغب (élément perturbateur) لأن الراوية تفك ارتباطها بها حتى نهاية الرواية، ارتباطها الفيزيائي، لأن القرية الفلسطينية لا تنفك تسكن فكرها وذكرياتها وتشكل المحور الذي تدور حوله "أنا" رقية وكل من بقي من أفراد العائلة. أما الحل الذي يصل إلى الوضع النهائي (situation finale)، فلا تعرفه الطنطورة، بل يبقى معلقاً مثل القضية الفلسطينية وتبقى الطنطورة حلماً بعيداً للراوية، محملاً بالأشواق والذكريات.

ولأن الانقطاع القسري عن الطنطورة شتت ذات رقية، كان عليها أن تبحث عما يعيد اللحمة إلى كيانها، فكانت الحكاية. والحكاية غدت المحور الذي تدور حوله حياتها كما حياة الكثيرين من اللاجئين الفلسطينيين. بالحكاية استرجعت الطنطورة التي لم يعد لها وجود فعلي وتحولت إلى مستعمرة شوهت كل معالم القرية الأولية، بالحكاية استرجعت بحر الطنطورة الذي ما فتئت تبحث عنه في بحور كل المدن التي عاشت فيها. بوساطة الحكاية استعادت يحيى، حبها الأول الذي خرج من البحر وانقطعت أخباره بعد النكبة، كما استعادت الأب والشقيقين الذين ذبحوا هناك ودفنوا في مقبرة جماعية، وعادت إليها رقية الصغيرة التي أصبحت غريبة عنها بعد أن فصلها عن طفولتها زلزال غير عالمها وقلب مقاييس الزمان والمكان التي كانت تألفها. في مثل هذه الظروف الصعبة، لكل امرئ سلاحه الذي يحميه من الجنون او اليأس المطلق. والدة رقية هربت إلى كذبة اخترعها خيالها الجريح وصدقتها، عن رحيل زوجها وولديها إلى مصر، وبقيت حتى مماتها مقتنعة بكذبتها هذه. أما رقية، فكان لها فعل القص الذي فرضه عليها ابنها في البداية فأعطى معنى لحياتها: "حسن هو الذي اقترح علي كتابة حكايتي. قلت: لست بكاتبة! قال: احكي الحكاية، أكتبي ما رأيته وعشته وسمعته، وما تفكرين فيه. هذا مهم يا أمي، أهم مما تتخيلين."(ص.204)

تتجلى أهمية الكتابة أو القص على الصعيد الوطني حيث تحفظ تاريخاً يسعى العدو إلى طمسه، كما تظهر على الصعيد الشخصي، إذ تشكل خشبة خلاص تعيد ترتيب ذكريات الراوي وأفكاره. عاونها القص كذلك على لملمة شمل لعائلتها المشتتة التي لم يعد يجمعها إلا بعض أيام من العطلة الصيفية أو مناسبة زواج واحد من الأبناء، فتحولت الرواية إلى قصة مطولة (saga) تتابع رقية منذ أن كانت في الثالثة عشرة من عمرها إلى أن أصبحت في منتصف الستينات مع قصص أهلها وأولادها الذين نتعرف بهم منذ ولادتهم لنصل إلى نهاية الرواية وقد تزوجوا وأنجبوا بدورهم وأصبحت رقية جدة. الوحدة الإجتماعية التي تمثلها العائلة المؤلفة من شخصيات متخيلة تعكس واحدة من صور "المجتمع المرجعي" كما يسميها كلود دوشيه، أي المجتمع الذي يعيش ضمنه الفلسطينيون الذين هجروا من أرضهم. 

أ- بين الأنا الراوية والأنا المروية
رقية، المرأة الستينية تروي قصة حياتها. هي إذن راوية ضمنية-ذاتية (autodiégétique) ، تروي بصيغة "الأنا" التي تجعلنا نقرأ الأحداث التي عاشتها وعاشها أهلها من خلال تحليلها لتفاعلاتها الداخلية مع كل الأحداث الخارجية، مستعينة، في مفاصل عديدة، بالسرد المناجاتي (monologue intérieur) الذي يسبر أعماق نفس السارد. "إن "الأنا" أو ضمير المتكلم (le "je")، يذيب النص السردي في الناص؛ فإذا القارئ ينسى المؤلف."  هكذا تختفي رضوى عاشور لتهيمن الراوية ر قية على الرواية منذ العنوان حتى الخاتمة.

تلك الراوية الذاتية-الضمنية تنقسم شخصيتين، الأنا الراوية ( التي تفكر بمنطق المرأة الناضجة وتتساءل عن معنى بعض تفاصيل الحكاية وعن دقة الذكريات) والأنا المروية التي لا تعرف إلا ما يسمح لها عمرها الفتي وخبرتها القليلة بمعرفته.
تتدخل الأنا الراوية بكثرة في الرواية، تقطع السرد وتنقلنا للحظات من زمن القصة في الماضي إلى زمن السرد لنسمعها وهي تتذكر: "أتخيل أمي في تلك الأيام. أستعيد ما قالته وما لم تقله. أسمعها وهي تكرر على جارة من الجارات ما سبق أن قالته لخالتي" (ص.15). تروي كيف تتذكر وكيف تستحضر الشخصيات فتمارس ما يسميه جيرار جونيت وظيفة الإدارة التي يروي فيها الراوي كيف يروي (fonction de régie) . يضفي تدخل الراوي في القصة واقعية تكاد تقطع انسجام القارئ مع ما يسمى "وهم الواقع" (illusion du réel) ولكنها تقحمه في العمل السردي فيصبح شريكاً فيه، كما يحصل حين تطرح الراوية أسئلتها حول أفكار بعض شخصيات القصة ومشاعرها :


"هل تخيلت أمي وخالتي وهما تتسامران في جلساتهما اليومية أن ما حدث لأهل قيسارية يمكن أن يحدث لهما؟ أرجح قياساً على نفسي وحديثهما اليومي أن قيسارية بدت بعيدة، بلد آخر لم نره أبداً ألمت بأهله كارثة فتعين علينا أن نشفق عليهم ونساعدهم." (ص.36)


هكذا، في مثل هذه المقاطع، يأخذ السرد طابع حديث تتبادله الراوية مع مستمع تتقاسم معه شكوكها وتساؤلاتها والأجوبة التي تكتفي باقتراحها تاركة المجال لمشاركة المستمع في التفكير.
قد يوحي تدخل الراوية في القصة بنقص في معرفة ما حصل فعلاً في زمن القصة بسبب خيانة الذاكرة التي لا تنقل بشكل دقيق ما حصل في المشهد الذي ترويه، أو نقص في القدرة على تحميل الكلام أحداثاً هائلة ومشاعر أقوى من أن يتمكن من التعبير عنها. ولكن التدخل في الغالب يدل على تفوق معرفي من الأنا الراوية على الأنا المروية، كما يحصل حين تروي بداية الأحداث التي ستؤدي إلى اغتصاب فلسطين:
" لم أكن أعرف كل التفاصيل، ماذا حدث في حيفا يوم كذا، وكم قتيل راح من برميل البارود الذي دحرجه المستوطنون على جبل الكرمل ...، ولكنني، كباقي صبايا البلد، كنت أعرف أن الوضع خطير..." (ص.24)

الكاتبة الكبيرة المصرية رضوى عاشورهذا التفوق المعرفي سببه صغر سن الأنا المروية في زمن الحكاية وعدم قدرتها على فهم أحداث تتخطى مستوى تفكيرها، فلا يبقى للأنا الساردة إلا تقديم اقتراحات تسد هذا الفراغ المعرفي بوساطة الخبرة التي اكتسبتها من الحياة. "يصعب علي الآن نقل مشاعر أهل البلد، ربما لأنني ساعتها كنت أعيش حالة لا تسمح سني بالإحاطة بها. ربما تساءلت مثل باقي الناس! متى يأتي علينا الدور؟ ربما كنت مثلهم أتشبث بقشة الغريق..."(ص. 39). إن "معاينة الماضي في لحظة آنية تقدم _بالضرورة_ وعياً جديداً، لم يكن مطروحاً لحظة المرور بالتجربة سابقاً."

ولكن التقدم في السن والنضج الذي يترافق معه قد لا يكفيان لتفسير التفوق المعرفي  للأنا الراوية على الأنا المروية، إذ يجب ألا نغفل الواقع الذي كانت تعيشه رقية الصغيرة، فوضعها بصفتها فتاة لم يكن يسمح لها بالمساواة المعرفية مع الرجال في قريتها. الرجال هم المولجون بمتابعة الأخبار عن الوضع الخطير الذي كانوا يعيشونه. حتى قرار تقسيم فلسطين، لم تعرف به نساء القرية في حينه على الرغم من ثقة الراوية بأن الرجال تداولوا الخبر في مجالسهم من دون أن يتسرب إلى نسائهم. وحين يحاول والد رقية أن يشرح لابنته وزوجته بعض خفايا اللعبة السياسية، لا تعيره الوالدة الاهتمام الكافي، بل يضجرها طول حديثه فتقوم لأشغالها، فهي اعتادت ان لا تنتمي إلى صف المهتمين وأصحاب الرأي والقرار واكتفت بالاحتماء بقلق مبهم يستكين إلى العنصر القوي الذي تسلمه زمام مصيرها. كان على النساء أن يعرفن الموت والتشرد وخسارة الرجال ليتمكنَّ من تحليل ما يجري حولهن ومن ممارسة حقهن في القرار. هكذا فعلت رقية التي عادت إلى الدراسة بعد أن كبر أولادها والتي طورت قدراتها الفكرية من خلال عملها في المخيم. وللأسباب نفسها، قد يكون في بعض الأحيان تفوق الأنا الراوية على الأنا المروية مرده إلى تفوق في القدرة على التعبير عن أفكار لم تكن، في زمن الحكاية، قادرة على صياغتها بشكل واضح كما تستطيع أن تفعل الآن، وهي "على مشارف السبعين، قادرة على النظر من فوق تلة العمر." (ص.79)

وإن كان للنظرة "من فوق تلة العمر" الوعي والنضج اللذين يمنحانها وضوحاً في التعبير عن المكامن، فالنظرة الفتية للأنا المروية تضفي على النص جواً منعشاً يربط الأحداث برؤية رقية الصبية  التي لم تكد تغادر عمر الطفولة. ففي افتتاحية الرواية تطالعنا جملة تعبر عن دهشة رقية ابنة الثلاثة عشر ربيعاً وهي تشاهد يحيى الذي سيصبح خطيبها فيما بعد يخرج من البحر: "خرج من البحر، أي والله، خرج من البحر كأنه منه وطرحته الأمواج. لم تحمله كالسمك أفقياً، انشقت عنه. تابعتُه وهو يمشي بساقين مشدودتين باتجاه الشاطئ..." وهكذا يصبح التبئير تبئيراً داخلياً (focalisation interne) يتابع نظرة رقية بصفتها شخصية من شخصيات القصة. من خلال نظرتها، نتعرف، في الفصل الاول للرواية على حياة الطنطورة الهادئة التي لا تغير وتيرتها إلا الأعراس التي تقام فيها وعلى حياة رقية في إطار عائلي دافئ يترك لها هامشاً من الحرية. يتخلل هذا الفصل بعض التدخلات للأنا الراوية التي تظهر بين الحين والآخر لتذكرنا بتلك الازدواجية التي اتخذتها أسلوباً لنقل القصة من منظارين مختلفين، ولكن ذلك لا يحول مسار التبئير إلى وجهة نظر الراوي العليم (narrateur omniscient) بل يبقي على وجهة نظر شخصية رقية الصغيرة.

أما الفصل السابع الذي يحمل عنوان "حين احتلوا البلد"، فيفسح في المجال كاملاً أمام وجهة نظر الأنا المروية ويصمت صوت الأنا الراوية التي لا تتدخل في رؤية الفتاة الصغيرة لليوم الأخير في الطنطورة، يوم المجزرة والرحيل، ففي حكاية هذا اليوم، مأساة خالصة يكفي أن تُعرض ليظهر هولها، ولا يستطيع أي تعليق من الأنا الراوية أن يزيد من وقعها على المسرود له. يبدأ الفصل بهذه العبارة: "لم أسمع الأصوات. كنت نائمة. وعندما أيقظتني أمي سمعت فسألت." (ص.58) وهكذا يمضي الفصل بسرد يتوافق تماماً مع وجهة نظر رقية في ذلك الوقت، فلا يرى القارئ إلا ما تراه هي ولا يسمع إلا ما تسمعه ويتابع ما تلتقطه حاسة الشم لديها: "انتبهت وهم يسوقوننا باتجاه المقبرة أن للبلد رائحة غريبة تختلط برائحة البحر والزنبق الابيض" (ص. 61).

فالتبئير، كما يقول جونيت، لا يقتصر على حاسة البصر بل يشمل جميع الحواس. كذلك نتابع أفكار رقية الصغيرة ومشاعرها كما وردتها في ذلك الوقت: "أمي... بدت امرأة أخرى، تعطي الأوامر، تدير شؤون قطيعها الصغير بحسم وسرعة، وإن لم أفهم منطق هذه الإدارة" (ص.60). نتبعها في أثناء التحضير لمغادرة المنزل، معها نرى الأم تدير المفتاح بالباب، نلحق بها حين يقتادهم المسلحون إلى الشاطئ، نراقب معها المجندات اليهوديات وهن يجردهن من كل ما كانوا يحملونه من مال ومصاغ، نتابع بحثها عن والدها وشقيقيها: "لا تتوقف عيناي عن التطلع أملاً في رؤية ابي أو أي من أخويّ. لم أرهم. قدرت أنهم شردوا في الجبال أو اختفوا في مغارة من المغر."(ص.61) عند هذه المرحلة، لا يعرف القارئ عن مصير الوالد وولديه إلا ما تعرفه رقية الصغيرة لأن التبئير الداخلي التام لا يمنح فرصة التدخل للراوي العليم بما حل بهم، ولا نكتشف أنهم قتلوا مع من قتل في المذبحة إلا حين تشاهد رقية الصغيرة جثثهم فتحاول أن تشير إلى أمها إلى مكانهم: "كانت جثثهم بجوار جثة جميل (ابن خال الأم)، مكومة بعضها لصق بعض على بعد امتار قليلة منا."(ص.62)

هذا الهامش من الحرية التي تمنحه الأنا الراوية إلى الأنا المروية قد يتطور إلى ما يشبه الانفصال بين الشخصيتين فتأخذ الراوية بالتكلم بصيغة الغائبة عن الأنا المروية وتصبح، لوقت قصير، رقية شخصية غريبة عنها. وقد يكون هذا الانفصال سلاحاً للدفاع عن النفس في مواجهة ذكريات قاتمة أفقدت الأنا المروية توازنها في زمن الحكاية، فما كان من الأنا الراوية إلا أن استعادتها بعد إقامة حائط عازل خوفاً من أن تسترجع معها الحزن الذي ألم بها، كما في الفترة التي تلت اغتيال غسان كنفاني. تصفها الراوية  تتكلم على رقية التي كانت تمشي في جنازته بصيغة الغائبة: "أنظر من بعيد. امرأة خرجت مع زوجها وأولادها الثلاثة..."(ص.142) وتعود إلى تقنية التبئير الداخلي فيرى القارئ ما تنظر إليه رقية ويسمع ما تسمع ويقرأ أفكارها وحدها. وقد تنتقل الراوية إلى التكلم على الأنا المروية بصيغة الغائبة حين يعزلها عنها الفزع الذي سيطر عليها خلال الحرب الأهلية في بيروت واوصلها إلى شفير الجنون:  "هل كانت رقية في كامل عقلها في تلك الأيام؟ قبل أن يستيقظ الأولاد، قبل صباح الخير وغلي القهوة، تنزل إلى الشارع لشراء الجرائد. تحملها إلى البيت، تقرأ العناوين الكبيرة والصغيرة، والتفاصيل والتعليقات والمقالات، الصفحة الأولى والأخيرة وما بينهما..." (ص.177)

تتحكم الراوية بروايتها، تديرها بما يتلاءم والرسائل التي تسعى إلى ايصالها، وكما سبق وقلنا، غالباً ما تشرك المستمع في شرحها لطريقة إدارة القص في سياق الوظيفة الإدارية (fonction de régie) فتتساءل معه عن كيفية تنظيم السرد واحياناً عن جدواه، "هل أحكي حياتي حقاً أم أقفز عنها؟ وهل يمكن أن يحكي شخص ما حياته فيتمكن من استحضار كل ت