14-05-2024 05:35 PM بتوقيت القدس المحتلة

اليمن.. صعود الحوثيين ونهاية آل الأحمر 2/3

اليمن.. صعود الحوثيين ونهاية آل الأحمر 2/3

الثقل السعودي.. أسباب ونتائج

يروى في تاريخ آل سعود ان الملك عبد العزيز ارسل  حملة الى نجران وعسير  بقيادة ابنه فيصل وكان عمره سبعة عشر عاما، وعند وصوله الى مشارف صعدة، ارسل فيصل الى والده قال له فيها ( الجيش يتقدم وقد وصلنا الى مشارف صعدة) فأجابه الوالد ببرقية عاجلة ( إرجع فورا)..

في موقف آخر عن عبد العزيز ال سعود العليم بتركيبة الجزيرة العربية القبائلية و العشائرية وحساسية العلاقات بين قبائل اليمين والحجاز، يروى عنه عند ساعة وفاته وصيته لأولاده ( الخطر الحقيقي على المملكة يأتي من اليمن)..

هذه الوصايا حفظها أبناء عبد العزيز آل سعود طيلة السبعين سنة الماضية وعملوا بكامل امكانيات دولتهم النفطية ونفوذها الديني والمالي على إضعاف اليمن والتحكم بسياساته ، وإشعال الفتنة داخل البيت اليمني، وقد وجدوا ضالتهم وحلفهم الكبير بنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي عمل على تنفيذ الارادة السعودية في اليمن بحذافيرها في  حروبه الستة في صعدة. وقد اضطرت السعودية الى الدخول مباشرة في الحرب السادسة التي أظهرت هزالة جيشها رغم الترسانة العسكرية الهائلة التي يحملها.

هذا التحالف مع نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح امن للسعودية السيطرة على المناطق يمنية تاريخيا هي مناطق ( نجران، جيزان، وعسير) التي احتلتها بموجب معاهدة الطائف في ايار عام 1934 والتي انهت حربا بين القبائل اليمينة وبيت ال سعود ، وسيطر بموجبها آل سعود على عسير ونجران. ونصت المعاهدة ان الاتفاق الحدودي مؤقت لمدة عشرين عاما، وفي العام 2000 وقع نظام الرئيس علي عبدالله صالح اتفاقا مع السعودية تنازل بموجبه نهائيا عن المقاطعات اليمينة الغنية بالنفط خصوا في الجوف.

 وتحالفت العائلة السعودية المالكة مع آل الاحمر بالتوازي مع تحالفها مع نظام علي صالح وذلك في عملية تثبيت النفوذ في كل مفاصل اليمن ، وفي عملية تأمين الغطاء القبلي والمذهبي للحرب التي قررت خوضها ضد الحوثيين في صعدة بعد عودة المد الزيدي الى اليمن انطلاقا من معقل الزيود التاريخي في صعدة ، وهذا ما أقلق السعوديين وجعلهم يدخلون بشكل غير مباشر في خمسة حروب في صعدة ودخولها بشكل مباشر في الحرب السادسة التي لولا دعم الطيران الامريكي والاماراتي والوحدات الخاصة الاردنية والمغربية لكانت كارثة استراتيجية على مملكة آل سعود.

سقط حلف (الاحمر- السعودية)  بشكل تلقائي مع الصعود السريع لجماعة الاخوان المسلمين في العالم العربي ضمن موجة الربيع العربي او الحراك العربي الذي وصل الى اليمن، وتحالف خلاله ال الاحمر مع قطر ومن خلفها جماعة الاخوان المسلمين ما اثار غضب السعودية عليهم  وأتت عملية الانهيار السريع لحكم  لجماعة الاخوان المسلمين في مصر و تعثر تجربتها في تونس والمشاكل التي دخلت بها تركيا فضلا عن فشل الجماعة في اسقاط النظام في سوريا ، وتراجع الدور القطري ، الى تراجع نفوذ ال الاحمر وسقوط الغطاءين الاقليمي والدولي الذين نعموا بهما خلال عقود طويلة ، ما جعل مسالة سقوط نفوذهم على يد المقاتلين الحوثيين غير مكلفة سياسيا  وإستراتيجيا بالنسبة للطرف الحوثي المنتصر الذي استفاد في هذه المعركة من انشغال السعودية في سوريا ، وفي ترتيب الوضع الداخلي للعائلة المالكة ، فضلا عن تقارب ايراني امريكي للتفاهم على نقاط الصراع والخلاف في المنطقة  ، مع دخول روسي قوي على الخط.

ظهرت قوات الحوثيين في معركة التقدم العسكري خارج صعدة بمستوى عال جدا من التدريب والتجهيز. وأوردت  جريدة ( لوكانارد انشينيه) الاسبوعية المرتبطة بجهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي (دي جي اس او) ان اجهزة الاستخبارات الغربية رصدت أداء قويا لبعض المجموعات الحوثية في الميدان، ما يجعل من الحوثيين القوة الأكبر في اليمن من الناحية العسكرية وهذا ما جعل السعودية تضغط اكثر على اخراج صيغة الفدرالية الحالية التي تؤمن لها عدم تمدد الحوثيين باتجاه الجوف خزان النفط الكبير في الخليج العربي ونقطة الصراع الاولى حاليا  اقليميا ودوليا.

 

الجزء الثالث والاخير: نفط الجوف والصراع الاقليمي والدولي

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه