25-11-2024 03:20 PM بتوقيت القدس المحتلة

ليبيا.. ملفات طرابلس السرية تفضح التعاون الوثيق بين القذافي والمخابرات الأمريكية

ليبيا.. ملفات طرابلس السرية تفضح التعاون الوثيق بين القذافي والمخابرات الأمريكية

كشفت ملفات عثر عليها في أحد مباني الحكومة الليبية عن تعاون وثيق بين المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) والعقيد الليبي معمر القذافي، بما في ذلك نقل المشتبه في أنهم إرهابيون إلى ليبيا لاستجوابهم

كشفت ملفات عثر عليها في أحد مباني الحكومة الليبية عن تعاون وثيق لة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) والاستخبارات البريطانية والعقيد الليبي معمر القذافي، بما في ذلك نقل المشتبه في أنهم "إرهابيون" إلى ليبيا لاستجوابهم هناك. وقالت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن وثائق عثر عليها في مبنى وكالة الأمن الخارجي الليبية إن المخابرات المركزية الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن نقلت المشتبه في كونهم "إرهابيون" إلى ليبيا وحددت الأسئلة التي يجب أن يوجهها لهم المحققون الليبيون.

كما عمدت المخابرات الأمريكية في عام 2004 إلى إنشاء وجود دائم لها في ليبيا وذلك حسبما هو واضح من مذكرة وجهها مسؤول أمريكية يدعى ستيفن كابيس إلى رئيس المخابرات الليبية في ذلك الوقت موسى كوسا، والذي أصبح فيما بعد وزيرا للخارجية في ليبيا. وتشير المذكرة إلى وجود علاقة تعاون وثيق بين جهازي المخابرات الأمريكية والليبية، حيث أن كلا المسؤولين يخاطب الآخر باسمه الأول المجرد. وتبدأ الرسالة بين عميلي الاستخبارات البارزين بالقول "العزيز موسى" وقد ذيلت بالتوقيع "ستيف". بحسب الصحيفة.

وعلق مسؤول أمريكي على ما نشرته الصحيفة بأن ليبيا في ذلك الوقت كانت تحاول إذابة الجليد الدبلوماسي بينها وبين الغرب، خاصة بعد أن نجحت الولايات المتحدة في إقناع القذافي بالتخلي عن برنامجه النووي ووقف صور الدعم التي كان يقدمها لمنظمات ترى واشنطن أنها "إرهابية" في مختلف أنحاء العالم. وقالت الصحيفة ان باحثين من منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان عثروا على الوثائق اثناء تفقدهم للمبنى الحكومي الليبي ونقلوا نسخا منها للصحيفة.

كذلك ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية إن "وثائق تم العثور عليها مؤخرًا في أحد المكاتب التابعة لرئيس جهاز الاستخبارات الليبية في نظام العقيد معمر القذافي تُظهر تفاصيل جديدة حول العلاقة الوثيقة التي كانت تربط وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA بإدارة الاستخبارات الليبية، وتُظهر أن الأمريكيين أرسلوا مشتبهين بالإرهاب، لنحو 8 مرات على الأقل، لإخضاعهم للاستجواب في ليبيا، رغم السمعة السيئة التي كانت تتمتع بها البلاد في أعمال التعذيب".

ورغم أنه كان من المعروف أن أجهزة الاستخبارات الغربية بدأت تتعاون مع ليبيا بعد أن تخلت عن برنامجها لصنع أسلحة غير تقليدية في 2004، فقد أظهرت الملفات التي تركها مسئولو نظام القذافي خلفهم -بينما كانت طرابلس تسقط في قبضة الثوار- أن التعاون كان أوسع بكثير مما كان معلنًا، مع كل من وكالة الاستخبارات الأمريكية، أو نظيرتها البريطانية المعروفة باسم MI-6 . وتشير بعض الوثائق إلى أن الوكالة البريطانية كانت على استعداد لتتبع أرقام هواتف لحساب الليبيين، بينما تُظهر وثيقة أخرى، خطابًا مقترحًا كتبه الأمريكيون إلى العقيد القذافي، بشأن التخلي عن صنع الأسلحة غير التقليدية.

ومقابل ذلك قالت الصحيفة ان الليبيين طلبوا تسليمهم "ابو عبد الله الصديق" الزعيم المعارض فكتب مسؤول في (سي اي ايه) يرد عليهم في اذار/مارس 2004 قائلا "اننا ملتزمون بتطوير هذه العلاقة لمصلحة جهازينا". واعدا بفعل ما امكنهم للعثور عليه. حسب وثيقة وجدت في ملف يتعلق بسي اي ايه. وقالت هيومن رايتس ووتش انها علمت من الوثائق ان الاسم الحقيق لابي عبد الله الصديق هو عبد الحكيم بلحاج. وهو الان المسؤول العسكري للثوار الليبيين في طرابلس.

وفي تلك الاثناء قالت صحيفة الاندبندنت البريطانية ان الوثائق السرية التي تم العثور عليها في مكتب موسى كوسا تظهر ايضا ان بريطانيا بعثت بتفاصيل عن معارضين في المنفى الى اجهزة استخبارات القذافي. وقالت الصحيفة ان ما عثر عليه من وثائق يبين ايضا ان مكتب رئاسة وزراء توني بلير هو الذي طلب ان يجري اللقاء مع القذافي في طرابلس عام 2004 في خيمة بدوية.

غير ان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ رفض التعليق على هذه المسألة السبت قائلا انها تتعلق بالحكومة السابقة. وردا على سؤال حول تلك التقارير قال هيغ "ليس لدي تعليق في الواقع لانه اولا ما يهمنا هو ما سيحدث في ليبيا في المستقبل وهي مهمة ضخمة.". وتابع متحدثا الى تلفزيون سكاي نيوز البريطاني "بالنسبة لمسألة تلك الوثائق فإنها تتعلق بالحكومة السابقة ومن ثم لا اعرف ما كان يدور وراء الكواليس وقتها". واضاف "ليس بإمكاني التعليق على مسائل استخباراتية بهذا الشأن او أي شأن استخباري اخر لانه كما تعرفون اذا فتحنا هذا الباب فلن يغلق". وتابع قائلا "ما نركز عليه هو تقديم المساعدة اللازمة لليبيا. والمزيد من الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي (للمتمردين) والافراج عن الاصول المجمدة حتى نتجنب أي مشكلات انسانية في ليبيا".

وفي هذا السياق، اكد قائد قوات الثوار الليبيين في طرابلس عبد الحكيم بلحاج تعرضه للتعذيب من قبل عملاء المخابرات الامريكية المركزية الـ"CIA" بعد اعتقاله في ماليزيا عام 2004. وقال بلحاج في لقاء مع صحيفة "اندبينتيد" البريطانية الجمعة ان اعتقاله انذاك كان بتهمة القيام بنشاط "ارهابي"، ومن ثم نقله الامريكيون الى سجن في تايلاند حيث تعرض للتعذيب. وبعد فترة تم تسليمه الى السلطات الليبية التي اودعته السجن في العاصمة طرابلس. واخبر بلحاج الصحيفة قائلا "لقد قبعت في السجن سبعة اعوام تعرضت خلالها للتعذيب ومكثت في زنزانة انفرادية.. ولم يسمحوا لي بالاستحمام لثلاث سنوات متواصلة". واضاف بلحاج انه لو اتيحت له الامكانية فسيحاكم العملاء الامريكيين الذين تصرفوا معه بقسوة.

واعتبرت الـ"اندبينتيد" ان قصة بلحاج تشير الى التعاون الوثيق في الماضي بين الـ"CIA" ونظام العقيد الليبي معمر القذافي. وتقول الصحيفة ان تلك الوثائق ستثير اسئلة حول صلات بريطانيا خصوصا فضلا عن الولايات المتحدة مع كوسا ونظام معمرالقذافي الذي كانت القوى الغربية تعمل على اخراجه من عزلته في الماضي القريب. وكان كوسا قد فر الى بريطانيا في اذار/مارس معلنا عن انشقاقه عن القذافي. ورغم ما يتهم به من انتهاكات لحقوق الانسان سمح له بترك الاراضي البريطانية والسفر الى قطر في الشهر التالي.

وقالت الاندبندنت ان الوثائق التي تم العثور عليها تشمل رسائل وفاكسات الى كوسا معنونة بالقول "إم آي 6 تبعث بتحياتها" في اشارة الى جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني. فضلا عن بطاقة معايدة شخصية بعيد الميلاد وقعها جاسوس بريطاني بارز مقدما نفسه بصفة "صديقك". كما اشارت الاندبندنت الى وثيقة قالت انها سرية وتابعة للادارة الاميركية جاء فيها ان الادراة الاميركية "في وضع يسمح لها" بتسليم رجل لقب بالشيخ موسى وهو من اعضاء الجماعة الاسلامية المقاتلة الليبية المرتبطة بالقاعدة "الى حوزتكم". ونقلت عن الوثيقة قولها "بانتظار ابداء الرغبة من جانبكم في استقبال (الشيخ) موسى".

ويعتقد ان رحلات سرية نفذتها (سي آي ايه) نقلت العشرات من المشتبهين بـ"الارهاب" حول العالم في اعقاب هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر. لاستجوابهم في بلدان اخرى. وقالت الاندبندنت ان الاستخبارات البريطانية ابلغت في خطاب مؤرخ في السادس عشر من نيسان/ابريل 2005 هيئة أمنية ليبية بانتهاء احتجاز ناشط ليبي معارض لدى السلطات البريطانية.

وجاء في وثيقة اخرى يفترض انها من إم آي 6 طلب معلومات عن مشتبه به يتنقل بجواز سفر ليبي. في عملية وصفت "بالحساسة". واظهرت الوثائق التي يعتقد انه تم الكشف عنها ان بيانا ألقاه القذافي يعلن فيه تخلي نظامه عن اسلحة الدمار الشامل للتخلص من وضعه المنبوذ. تم اعداده بمساعدة مسؤولين بريطانيين.