ما أشبه "داعش" بـ"إيبولا".. فبقدر ما تقرأ عن الفيروس الذي يثير كل هذا الهلع حول العالم، بقدر ما ستجد علامات تشابه بين المرض وبين التنظيم التكفيري
خليل حرب
ما أشبه "داعش" بـ"إيبولا".. فبقدر ما تقرأ عن الفيروس الذي يثير كل هذا الهلع حول العالم، بقدر ما ستجد علامات تشابه بين المرض وبين التنظيم التكفيري الذي ينشر الموت في طريقه.
نقاط التلاقي والتشابه كثيرة. في النشأة، في الاعراض، في أسباب الانتشار والعدوى، وبقدرة الفيروس والتنظيم، على عبور الحدود والتمدد، اينما وجدا بيئة حاضنة.
وكما تقول منظمة الصحة العالمية، فان الظهور الاول للـ"ايبولا" كان في السودان في العام 1976. وهناك، في منتصف التسعينيات، استوطن اسامة بن لادن بعد مرحلة "الجهاد" الاولى التي ساهمت في إخراج السوفيات من أفغانستان.
وفي السودان، ساهم بن لادن في تعزيز موارده المالية من خلال الاستثمارات المتنوعة، واموال "الحواضن الدينية" في الخليج وغيره، وجمع حوله بعض رفاق السلاح من الجبال الافغانية، لاعادة تنظيمهم في لقاء مهد لاحقا بعد هجرته القسرية الى أفغانستان مجددا، الى تلاقح افكار بينه وبين زعيم "طالبان" الملا عمر ثم ظهور تنظيم "القاعدة" الذي راحت تنبثق عنه خلايا "جهادية" متنوعة عابرة للحدود والقارات.
"فيروس" القاعدة هذا، تكاثر من بالي الاندونيسية الى قندهار الافغانية وبيشاور الباكستانية وبلشوستان الايرانية والانبار العراقية وصولا الى دير الزور السورية وعرسال اللبنانية، بل ابعد من ذلك بكثير، الى مصر والمغرب العربي، حتى نيويورك حين تجسد الفيروس بأقوى صوره في هجمات 11 ايلول ثم في العراق في ما بعد غزو العام 2003، ثم في سوريا. وها هو في لبنان الآن.
فلكي يكتمل المشهد، أعلن أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، مدّ نشاطه إلى "بلاد الشام" في نيسان العام 2013. لكن صعود "داعش" القوي الى المشهد الاقليمي برز في ربيع العام 2014، بالتزامن مع اعلان منظمة الصحة العالمية تسجيل ظهور الـ"ايبولا" الجديد في دول غرب افريقيا في الربيع نفسه، وتحديدا في آذار الماضي.
مجرد تزامن؟ ربما. لكن الاسقاطات تشجع على المزيد. وهذا بعض ما يقال علميا عن فيروس الـ"ايبولا"، ويمكن للمفارقة قراءة العوارض والمسببات بغير معانيها العلمية البحتة. تقول منظمة الصحة العالمية ان فيروس الإيبولا يسبب مرضاً حاداً وخطيراً يودي بحياة الفرد في أغلب الأحيان إن لم يُعالج. وتقول المنظمة، في ما تقول، ان موجة العدوى الحالية لـ"ايبولا" اكثر خطورة وانتشارا مما سجل خلال السبعينيات من القرن الماضي، تماما مثلما يمكنك القول ان خطر منظمات الارهاب في السبعينيات، لم يكن بخطورة ما يجري الآن، بتدميره مجتمعات بأكملها.
وتقول "الصحة العالمية"، وهي تتحدث عن "ايبولا" وكأنها تتحدث عن "داعش"، ان الدول الأشد تضرّراً بتفشي العدوى، وهي غينيا وسيراليون وليبيريا، لا تمتلك إلا نظماً صحية ضعيفة جداً وتفتقر إلى الموارد البشرية والبنية التحتية اللازمة، لأنها لم تخرج من دوامة النزاعات وحالات عدم الاستقرار. الا ينطبق ذلك، بشكل او بآخر، على احوال العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا...؟
وكأنما "ايبولا" و"داعش" شريكان. تصف الامم المتحدة الظهور الجديد للعدوى بانه "تفش صحي عمومي طارئ، يثير قلقاً دولياً". واذا لم تكتف، فخذ عندك المزيد: الفيروس المتفشي حاليا لا يشبه الفيروس الذي ظهر في السبعينيات. وكأنك تقول ايضا ان "داعش" كما يجمع الخبراء والمحللون، وعصابات التكفيريين الحالية، يشكلون موجة ارهابية مختلفة عما سبقها، سواء في قوتها وانتشارها وتنظيمها وادواتها.
ثم ان افكار "داعش" تتناقل تماما كفيروس الـ"ايبولا". فهي تصل الى تجمعات السكان البشرية عن طريق ملامسة دم الحيوانات المصابة بعدوى المرض أو إفرازاتها أو أعضائها أو السوائل الأخرى من أجسامها. الفيروس ينتقل كأفكار التكفيريين التي تضخ في عقول الكثيرين ونفوسهم. ويقول الاطباء ان المشيعين في جنازة يمكن لهم ان يصابوا مباشرة اذا لمسوا جثة مصابة بالفيروس. الا يعد "الداعشيون" كل ما هو حي حولهم بالموت؟
ليس لؤما، وليس في الامر افتراء على "داعش". لعله فقط، افتراء على "ايبولا" الذي برغم كل شيء، يعدنا بالشفاء احيانا.
http://assafir.com/Article/1/380397
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه