يبدو المسلسل موجهاً لمشاهد (ما يزال) يصدّق مقولات المثالية والعدالة الأميركية التي تحققها هنا مبادرات فردية في مواقف فيها من الارتجالية ما يخلق حالة من السطحية
هو ليس مسلسلاً سياسياً، أو بوليسياً، ولا هو بسيرة ذاتية (لا علاقة لهذه الشخصية بهيلاري كلينتون)... هو أشبه بعمل اجتماعي يصلح ليشاهده أفراد الأسرة فترتفع نسبة إحساسهم بالفخر لكونهم أميركيين، من بلاد إليزابيث فولكنر ماكورد، بطلة العمل، ورابع امرأة (مفترضة)، تتقلّد منصب وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية.
فادي الطويل/ جريدة السفير
هكذا ببساطة، ومن دون مقدمات درامية أو سياق تشويقيّ، يتوقف موكب الرئيس الأميركي في مزرعة للخيل، ويترجل الرئيس منه ليطلب من الأستاذة الجامعية أن تتولى منصب وزيرة خارجية البلاد.
من دون خلفية سياسية واضحة، أو خبرة في عمل ديبلوماسي سابق (ما عدا إشارة عابرة في الحلقة الثانية لعمل سابقاً في جهاز الاستخبارات المركزية)، تضطر إليزابيث ماكورد (تؤدي دورها الممثلة الأميركية تيا ليوني) لقبول هذا المنصب الذي يبدو بحسب ما تشير إليه قسمات وجه الرئيس أنه لا يصلح، في هذه المرحلة بالذات، إلا لها.
تدخل ما يسمّيه أحد مساعديها متاهة الاختلاف بين الفكر الفلسفي، والتفكير الأكاديمي والتطبيق العملي في المواقف التي تواجهها. من سوريا إلى اليمن، ومن باكستان إلى التوسط لحل نزاع بين الصين واليابان، تبدو "السيدة وزيرة الخارجية" في مهمات شبه فردية، تعيش أزمة مع كبير موظفي البيت الأبيض الذي يبدو كأنّه يتحكم بسير عمل الرئيس، الذي، بدوره، يكتفي ببعض الجمل والعبارات التي تفسّرها إليزابيث ماكورد على أنها نوع من إفساح المجال لها لتتصرف بطريقتها.
بدأ عرض المسلسل في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي على قناة "سي بي أس" الأميركيّة. في الحلقة الأولى، نسمع عن شابين أميركيين اعتقلا في دمشق خلال وجودهما ضمن إحدى الكتائب المسلحة. تتولى المهمة بعيداً عن التنسيق السياسي والأمني مع القوى الموجودة على الأرض. تتفق مع أحد الجواسيس ممن يرتبطون بصلات واسعة مع عصابات وتنظيمات عابرة للقارات، ولا نرى من دمشق أو نسمع عنها شيئاً. اتصال هاتفي واحد يحلّ الأزمة، مقابل مليون ونصف المليون دولار. نفذت المهمة، لا يهم كيف.
في الحلقة الثانية، تعيش القيادة الأميركية هاجس الوقوع في أزمة "بنغازي ثانية" حين تتعرض سفارتها في صنعاء إلى هجوم من جماعات مسلحة مناهضة لأميركا ومنادية بموتها. تتدخل السيدة وزيرة الخارجيّة للاتفاق مع هيئة من مرتزقة الحرب الذين يذهبون ويؤمنون سلامة السفير الأميركي تجنباً لحدوث كارثة في صنعاء تشبه تلك التي حصلت في بنغازي. ستنتقل بعدها إلى عقد اتفاق مع باكستان، ثم تعمل للتوسط لتنفيذ اتفاقية سلام بين الصين واليابان.
هذا التسلسل في الأحداث، مع إلقاء الضوء على تفاصيل من حياتها الشخصية، زوج البطلة مدرس مادة الدين، وولدها وابنتاها، يبدو سطحياً مع غياب أي نوع من التشويق والإثارة. فكل شيء يحلّ عبر مكالمات هاتفية أو أحاديث عبر سكايب. من هنا، يبدو العمل يدور حول نفسه، فلا هو يركز على حياتها الشخصية وتداعيات عملها الديبلوماسي، ولا هو يستوضح ما يمكن عرضه من خفايا تشد المشاهد وتجذبه للعمل على اعتبار أنه يتعرض لواقع الأحداث التي تجري في مقرّ قيادة أقوى دولة في العالم، وهذه، وحدها، يمكن أن تكون بيئة خصبة لقصص مشوّقة و"مسلية".
لهذا، يبدو المسلسل الذي أنتجته "سي بي أس" وتعرضه عبر 22 حلقة، موجهاً لمشاهد (ما يزال) يصدّق مقولات المثالية والعدالة الأميركية التي تحققها هنا مبادرات فردية في مواقف فيها من الارتجالية ما يخلق حالة من السطحية، وافتقاداً عاماً للعمق، في تناول الأزمات، مع غياب مواقف القيادة الأميركية التي توجّه في المسلسل لتمهّد وتعطي المبرر لحلول وزيرة الخارجية.