اليوم يبدأ حجُ الدموع وطوافُ المشاعر وأيام الحق المتجدد باتجاه قبلة سيد الاحرار الحسين(ع) وكلما طالت السنين كلما زاد شعورنا بالحاجة أكثر الى الطاقة الحسينية المتجددة فينا في كل عام...
هل الهلال رُفعت لمقدمه الرايات ولُبس في حضرته السواد...هو هلال محرم حيث عاشوراء تنسج بالدم القاني الوان الحياة...
زينب عواضة فقيه/ خاص موقع المنار
فاليوم يبدأ حجُ الدموع وطوافُ المشاعر وأيام الحق المتجدد باتجاه قبلة سيد الاحرار الحسين(ع) وكلما طالت السنين كلما زاد شعورنا بالحاجة أكثر الى الطاقة الحسينية المتجددة فينا في كل عام...
وما نعيشه اليوم في منطقتنا العربية والإسلامية جعلنا من عاشوراء أقرب ومن سيد الاحرار أكثر تلبية ولو بغير زمان وبغير مكان, هو احساسنا المباشر بأننا فعلا نعيش اليوم كربلاء جديدة أو أن عاشوراء لها امتداداتها الحاضرة بقوة اليوم في ساحاتنا لحكمة أرادها الله.
اعتدت ان استقبل هذا الشهر عند مقام العقيلة زينب (ع)، هذه المرة تعذّر الذهاب فوجدت نفسي استقبل الليلة الأولى من محرم في مقام السيدة خولة بنت الحسين(ع) زيارة وبكاء واستحضار ووداع. ذهبت من بعدها إلى زيارة بعض عوائل الشهداء من الأحبة والأصدقاء الذين نفتقدهم جسدياً في عاشوراء هذا العام، إلا أن أرواحهم معنا تحلّق في سماء الإحياء الحسيني في كل مكان.
وصلت... وبعد التحية والسلام بدأت أستمع وأستمع بشوق إلى حكاياتهم التي قد لا تجد مثيلها إلا في عاشوراء وعند اصحاب الإمام الحسين(ع), يستقبلنا أبو الشهيد يجلس معنا وفي حضنه ابن الشهيد، أسأله عن أحوال الأحفاد يقول "الحمد لله نربيهم على درب الشهيد والله يقدرنا".
نتبادل أحاديث الشهادة وعاشوراء, الإجراءات الامنية ,الحضور, سماحة السيد,الارادة,التضحية وهنا بدأ حديث العطاء بغزارة فابو الشهيد الذي يبلغ من العمر 57 عاما لم يخفِ فرحه وحماسه بأنه أصبح يساعد الشباب المجاهدين على الجبهة... تساءلت متعجبة كيف ومن أين القدرة بعد هذا العمر!!.. وبحماس الشباب يجيبني بحديث طويل يربط فيه قدرته بإيمانه الراسخ بكرامات أهل البيت والامام الحسين(ع) التي تجعل من الضعف قوة ويقول وَاللهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ في عُقْرِ دَارِهِمْ إِلاَّ ذَلُّوا، ويكمل لي ببلاغة وفصاحة جزءاً من خطبة للامام علي (ع) عن الجهاد يقول فيها: إذا قلت لكم اغزوهم فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ: هذا أوان قر وصر! وإذا قلت لكم: اغزوهم فى الصيف قلتم: هذه حمارة القيظ أنظرنا ينصرم الحر عنا! فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الحَرِّ وَالقُرِّ تَفِرُّونَ فَأَنْتُمْ وَاللهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ!يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلاَ رِجَالَ! ويتابع : "نحن أحفاد الحسين(ع) لن نكون إلا رجالاً". وقال ممازحاً :" شو بدك الامام علي(ع) يزعل منا" أقاطعه ممازحة :"طيب بلكي استشهدت"؟ ترد الزوجة مبتسمة :"بصير أم وزوجة شهيد ولو كيف كانت السيدة زينب(ع)؟!".
أم الشهيد باركت الموضوع وتضيف ممازحة :"بيروح ثلاثة بثلاثة وعلي بيحضرلوا الشنطة هو بيروح وعلي بيجي". وعلي هو أخو الشهيد وهو أيضا مع المجاهدين" بهذه الأحاديث المفعمة بالإرادة والصمود والإصرار يتحدث أبو الشهيد.
أما كلام أم الشهيد لا يقل صلابة وقوة عن الأب تروي لنا وهي التي كانت تعمل في المجال الصحي كيف كانت متطوعة في حرب "عناقيد الغضب" تروي كيف كانت تحدث نفسها عندما تتفاجأ بقوة أمهات الشهداء آنذاك كانت تقول لنفسها كيف يتحملون؟كيف يصبرون؟هل قلوبهم من حجر؟ تصمت قليلا لتصف ذاتها بعد استشهاد ابنها.. تروي كيف ألهمها الله صبرا وقوة لم تشعر بها من قبل وترجع الأمر إلى أن من ينصر الحسين(ع) يعطيه الله كرامات الدنيا والآخرة ...
لحظات ويدق الباب أحد الأقارب ممن زفّ صهره شهيدا أيضا يبدأ حديثه بفخر كيف رأت ابنته أن زوجها رُزق الشهادة وأنها زارت الإمام الحسين(ع) وهذه بركاته.
إنضم الينا بعد ذلك أيضا أحد الأصدقاء من المجاهدين الجرحى ووالدته التي بدأت تحدثني عن أمهات الشهداء كيف يصبرون ويزفّون أبناءهم مواساة للسيدة الزهراء(ع) ثم تتحدث بفخر والدمعة في عينها كيف أن أحد أبنائها التقى بسماحة السيد خلال زيارته الاخيرة للمجاهدين. تنقل كيف كان الجميع يريد ان يطلب من سماحة السيد الكثير وعندما تفاجؤا به معهم باتوا لا يملكون إلا البكاء والدعاء بأن يحفظه الله. وتضيف :"هالة السيد جعلتهم ينسون الدنيا بما فيها اليس هو حفيد الحسين(ع)؟".
هذه السيدة لديها ثلاث أبناء كلهم على الجبهة، وتضيف :"أنا إذا طلبوني أحمل سلاح ما بقصر شو بدنا ننطر تننسبى بس الحمد الله عنا رجال ومش اي رجال ولن ينالوا منا التكفيريين".
نعم، سيدتي كيف لهم أن ينالوا منك وأنت من وهبت أبناءك للدفاع عنا جميعا منك سيدتي نتعلم كيف نكون زينبيات بحق ومن أم الشهيد نتعلم كيف نكون فاطميات بحق ومن أب الشهيد نتعلم كيف نكون حسينين بحق ...
سردت بعضاً من فيض الزيارة التي شحنتني بطاقة إيجابية لا توصف. وأدركت أن الحسين(ع) تحول في نفوسهم إلى نموذج من أسلوب حياة على الطريقة الحسينية قولا وفكرا عقيدة ونهجا...وبهذا الشكل يحضر حسيننا في بيوت ونفوس عوائل الشهداء والمجاهدين الذين يرسمون خارطة عاشوراء الجديدة. وبهذا الشكل أيضا يجب أن يحضر الإمام الحسين(ع) في نفوسنا جميعاً. الحسين القدوة والنموذج والأب الروحي الذي يدير أسرته الحسينية عبر السنين يجب أن نكون جديرين بحبه وشفاعته بالإرادة والسلوك والإيمان والتسليم وقوة العقيدة...
فلماذا نهزم وفينا أمهات المجاهدين؟!
ولماذا لا ننتصر وأباء الشهداء مشاريع شهادة ؟ولماذا نستسلم وفينا قوة أمهات الشهداء؟. فهو يقول "يا رب خذ حتى ترضى" وهي تقول "ما رأيت الا جميلا ً" ونحن نقول "نعم إنها عاشوراء الجديدة وأنتم صانعو الانتصار الجديد بوركت أمة أنتم فيها وستنتصر الدماء الحسينية الجديدة على جهلهم وتكفيرهم والشعار دوما لبيك".