حدث ما كان في الحسبان وتفجرت المواجهات بين "جبهة ثوار سوريا" و"جبهة النصرة" في محافظة ادلب التي تناثرت شظاياها لتطال حلب في الشمال السوري بعدما سبقتها درعا في أقصى الجنوب.
حسين ملاح
حدث ما كان في الحسبان وتفجرت المواجهات بين "جبهة ثوار سوريا" و"جبهة النصرة" في محافظة ادلب التي تناثرت شظاياها لتطال حلب في الشمال السوري بعدما سبقتها درعا في أقصى الجنوب.
قلوب مليانة ، جمر تحت الرماد ، مخطط تصفية متبادل ، صراع خارجي على الارض السورية. جميعها مصطلحات توصل الى نتيجة واحدة ، ان قرار ضرب تنظيمات القاعدة والتي تحمل ذات الفكر قد يكون اتخذ لصالح جماعات اخرى لا تقل عن "النصرة" ومثيلاتها اجراماً لكنها ربما تكون بالنسبة الى الاطراف الاقليمية والغربية أكثر انصياعاً وطاعة في ضوء التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم "داعش".
عن سبق إصرار وتصميم...
في اليومين الماضيين إرتفعت بشكل مفاجىء حدة المواجهات بين "النصرة" و"ثوار سوريا" بقيادة جمال معروف، خاصة بعد الهجمات الواسعة التي شنتها "النصرة" على مواقع "ثوار سوريا" وسيطرتها على سبعة قرى في الريف الادلبي.
مصادر ميدانية تؤكد لموقع المنار ان المواجهات بدأت مع تصاعد الاتهامات بين الطرفين إثر قيام "النصرة" بتنفيذ كمين لعناصر "ثوار سوريا" أسفر عن أسر ابن عم جمال معروف وقتل 7 من مرافقيه ، تبعه هجوم كبير "للنصرة" على بلدتي البارة وبلين وعدد من القرى ، وسط معلومات عن حصول حالات إنشقاق في صفوف مسلحي جمال معروف لصالح "النصرة".
الاقتتال إمتد الى مدينة معرة النعمان كبرى معاقل مسلحي جنوب ادلب ، وأُفيد عن قيام مسلحين من "ثوار سوريا" بتسليم اسلحتهم الى "النصرة" . الاقتتال شمل اطرافاً آخرين فانضمت "حركة حزم" الى "ثوار سوريا" ، ووقفت جماعة "جند الاقصى" ذات التوجه القاعدي في معسكر "النصرة". المصادر الميدانية اكدت لموقع المنار قيام "حركة حزم" باستهداف مواقع "النصرة" في معردبسة – خان السبل بريف ادلب، وهو ما أكده المرصد السوري المعارض الذي تحدث عن مصرع واصابة العشرات من مسلحي الطرفين.
اللافت هو دخول "الجبهة الاسلامية" التي يشكل "لواء التوحيد" و"احرار الشام" و"صقور الشام" ابرز مكوناتها على خط المواجهات وتحديداً في جبهة حلب ، حيث أفادت مصادر ميدانية موقع المنار عن اندلاع مواجهات واسعة على مختلف جبهات المدينة لا سيما بين مسلحي "الجبهة الاسلامية" و"حركة حزم" ، وتركز القتال على جبهات حندرات شرقاً والراموسة جنوباً والراشدين غرباً ، حيث تؤكد المعلومات سقوط اعداد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين. كما دار قتال عنيف بين "حزم" و"النصرة" في ريف حلب الغربي ومنطقة الفوج 46 بعد أيام قليلة على محاولة اغتيال احد قادة "النصرة" بعبوة ناسفة في المنطقة نفسها.
هل أتى الدور على النصرة؟
ظاهر الصراع بين امراء الحرب في الشمال السوري هو تحصيل أكبر قدر ممكن من المكاسب وإضعاف الاخرين للحصول لاحقاً على المغانم ، سواء ميدانياً أو من القوى الخارجية التي ترعى هذا الطرف او ذاك . لكن هناك بُعد في غاية الاهمية يشي بوجود مخطط لإضعاف جماعات القاعدة لصالح اخرى تصنف وفق القاموس الاميركي بأنها اكثر (اعتدالاً) "كحركة حزم" و"ثوار سوريا"...الخ
مصادر متابعة ترى ان "النصرة" وحلفاءها يخشون من وجود قرار خارجي بضربهم حيث تخشى الجبهة من تكرار نموذج حركة "احرار الشام" التي تم القضاء على أبرز قادتها الميدانيين والعسكريين من خلال تفجير في رام حمدان في ايلول / سبتمبر الماضي حيث لم تُعرف الى الان الجهة المسؤولة عن هذه العملية التي اطاحت بشخصيات كانت تُصنف بأنها قريبة من زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري.
من هنا يبدو ان "النصرة" بدأت تتحسس رأسها وهي ترى نفسها محاطة بجماعات مسلحة تصنفها الجبهة في خانة اعداء الداخل كـ(ثوار سوريا ، حركة حزم..) ، وتخشى ان تجري تقوية تلك المجموعات على حسابها ضمن المخطط الاميركي القاضي بدعم ما يُسمى المعارضة المعتدلة. ولذا لا يُستغرب ان يكون الهجوم الواسع "للنصرة" على مواقع "ثوار سوريا" في ادلب عند الحدود مع تركيا ، خطوة استباقية تحسباً لما هو قادم من الايام.
رعب "النصرة" يزداد كلما اتجهنا جنوباً من ادلب وتحديداً تجاه حماه حيث وقعت تطورات دراماتيكية في الاسابيع الاخيرة ، تكبدت خلالها الجبهة خسائر مدوية بدءاً من حلفايا وصولاً الى مُورِك ، انقلب بنتيجتها ساحر "النصرة" عليها. فبعد الاعلان عن تحضير الجبهة لـ"غزوة" محردة وحشدها نحو الفي مسلحي يتقدمهم - كما قيل- "أمير النصرة" ابو محمد الجولاني ، تفاجأت الجبهة بهجوم واسع للجيش السوري على المنطقة حقق فيه سلسلة نجاحات عسكرية وكبد "النصرة" وبقية الجماعات المسلحة أفدح الخسائر. ويبدو ان هذا الواقع دفع الجبهة الى التعويض في مدينة ادلب عبر هجومها الاخير الذي مُنيت فيه بفشل ذريع.
جميع الوقائع والمعطيات الميدانية تُشير الى نتيجة مفادها ان "النصرة" وجماعات القاعدة في سوريا ربما تعيش في أحرج ايامها بعد خسارتها في الشرق لصالح تنظيم "داعش" واضطرارها الى تقاسم بعض مناطق الشمال والجنوب مع فصائل لا تختلف عنها كثيراً من ناحية الارتكابات بحق السوريين، لكنها قد تبيعها في بورصة السياسة الغربية والاقليمية...