06-05-2025 12:18 AM بتوقيت القدس المحتلة

تركيا واسرائيل: صراع لا يخلو من الودّ

تركيا واسرائيل: صراع لا يخلو من الودّ

منذ فترة ليست ببعيدة بدأت العلاقات التركية الإسرائيلية تسلك طريقاً آخر. لقد انعكست تلك الفترة التي اتسمت بكثير من التغيرات في الداخل التركي نوعاً من خلط الأوراق على صعيد السياسة الخارجية


منذ فترة ليست ببعيدة بدأت العلاقات التركية الإسرائيلية تسلك طريقاً آخر. لقد انعكست تلك الفترة التي اتسمت بكثير من التغيرات في الداخل التركي نوعاً من خلط الأوراق على صعيد السياسة الخارجية. لقد استطاع حزب العدالة والتنمية بعد فوزه لأول مرة في الإنتخابات البرلمانية عام 2002 التسلل تدريجياً إلى مراكز القرار في تركيا بدءاً بالجيش مروراً بالسلطة القضائية وإزالة الصبغة الأتاتوركية عنها.

كما سعى هذا الحزب الذي فاز بأصوات خمسين بالمئة من الناخبين الأتراك في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة إلى تنمية الدور الإستراتيجي لتركيا وتوسيع رقعة النفوذ والتأثير التركي خصوصاً لجهة العالم العربي. لذا بدا واضحاً منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 اتخاذ أنقرة مواقف منددة بالعدوان وكذلك الأمر بالنسبة للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وصولاً إلى المشاركة في أسطول الحرية الذي كان في طريقه لفك الحصار العام الماضي، حيث استشهد تسعة أتراك بعد مهاجمة قوات البحرية الإسرائيلية الأسطول: بداية الأزمة.
 

شكلت تلك الحادثة منعطفاً جديداً في مسار العلاقة بين أنقرة وتل أبيب، حيث جمّدت العلاقات الديبلوماسية وسادت التصريحات الحادة، وحتى اللحظة تنتظر تركيا اعتذاراً لم تتلقاه ولن تتلقاه من اسرائيل، بحسب رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو. لم تخل العلاقة الشائكة من أخبار عن اتصالات بين الطرفين وتجدد للمفاوضات بينهما، دفعت تركيا بحسب بعض المحللين إلى الإمتناع عن المشاركة في أسطول المساعدات الذي كان في طريقه إلى قطاع غزة منذ حوالي الشهرين تقريباً. لكن صدور تقرير الأمم المتحدة حول حادثة أسطول الحرية، والذي شرّع العدوان الإسرائيلي على الأسطول كان كفيلاً بإعادة العلاقات إلى عهدها الأول.

العلاقة بين أنقرة وتل أبيب لن تعود إلى سابق عهدها

" أظن أن العلاقات بين تل أبيب وأنقرة دخلت مرحلة جديدة من التأزم ومن الصعب جداً أن تعود إلى سابق عهدها. المرجح أن تتجه هذه العلاقة نحو مزيد من التعقيد، وذلك استناداً إلى اللهجة الإسرائيلية المتمثلة بمواقف نتنياهو المصرة على عدم الإعتذار من تركيا.السياسة الخارجية الإسرائيلية تسير باتجاه والتركية تسير باتجاه آخر"، هكذا يقول الخبير في الشؤون التركية من أنقرة الدكتور سمير طالحة.
وفي اتصال مع موقع المنار الإلكتروني، يفسر طالحة الأسباب الكامنة خلف تأرجح العلاقة بين تركيا وكيان العدو، مشيراً إلى أن" طبيعة التحالفات بين الطرفين تقود إلى هذا التأرجح. أي أن الشراكة بين الطرفين والعلاقة المشتركة مع الولايات المتحدة والمصالح الإقتصادية والعسكرية المتبادلة تفرض نوعاً من التقارب. لكن الأحداث الأخيرة وسعي تركيا للعب دور مؤثر في العالم العربي جعلت العلاقة تتسم بالصعود والهبوط الدائمين".

ويوضح طالحة أن مؤشرات التحول في العلاقة بدأت بالظهور بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006،"حيث وقفت القيادة التركية إلى جانب القيادات اللبنانية ضد العدوان، أما المؤشر الثاني فيتمثل بمطالبة تركيا اسرائيل باستمرار وقف الحصار على قطاع غزة".

مما لا شك فيه أن تقرير "بالمر" أغضب أنقرة. لكن هل يكون هذا الغضب الذي تمظهر بطرد السفير الإسرائيلي وتعليق الإتفاقات العسكرية بين البلدين مؤقتاً؟ لن تستطيع تركيا الأردوغانية التي تضع نصب عينيها هدف الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي تحقيق ذلك في ظل انقطاع العلاقة مع تل أبيب. إضافة إلى ذلك فإن العلاقة بين أنقرة والولايات المتحدة الأميريكية، عرابة تقرير بالمر، ستكون بخطر في حال استمرارها باستخدام لهجتها الحادة اتجاه تل أبيب. سيدفع تشابك المصالح، العلاقات التركية-الإسرائيلية إلى الإلتحام مجدداً بعد انقطاع يضفي نوعاً من القوة على السياسة الخارجية التركية.