كيف يتحوّل فعل عفوي جماعي مقاوم خلال الانتفاضة الأولى في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1987 إلى أزمة سياسية طاردت فيها سلطات الاحتلال الإسرائيلي 18 بقرة وطلبت القبض عليها؟!!..
يستعرض المخرج الفلسطيني "عامر الشوملي" بأسلوب ساخر في فيلمه الوثائقي "المطلوبون الـ 18" كيف يتحوّل فعل عفوي جماعي مقاوم خلال الانتفاضة الأولى في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1987 إلى أزمة سياسية طاردت فيها سلطات الاحتلال الإسرائيلي 18 بقرة وطلبت القبض عليها.
وفي الفيلم، الذي تبلغ مدته 75 دقيقة، يذكر المخرج الذي ولد في الكويت، ويقيم حاليا في رام الله، أنه لم يعرف ابن عمه «الشهيد أنطون الشوملي» إلا من خلال ملصقاته «كشهيد» ويروي في فيلمه قصصا من معاناة الفلسطينيين في انتفاضة 1987 دون الوقوع في فخاخ الميلودراما. إذ يتذكر أهل القرية تلك الأيام بكثير من الفخر بامتلاك القوة بأساليب بسيطة جعلتهم يستغنون عن المنتجات الإسرائيلية.
وكانت مجموعة من الفلسطينيين في قرية "بيت ساحور"، تقع شرق مدينة بيت لحم، أسست تعاونية لإنتاج «حليب الانتفاضة»، حيث اشترت 18 بقرة من الكيان الإسرائيلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي لأهل القرية التي تبلغ مساحتها بضعة كيلومترات وأعلنت مقاطعة المنتجات الإسرائيلية.
والفيلم، الذي شارك في إخراجه الكندي بول كاون، يمزج بين اللقاءات الحديثة مع شهود الانتفاضة الأولى والرسوم المتحركة التي تتحاور فيها الأبقار إضافة إلى مشاهد وثائقية سجلت آنذاك إحداها لرئيس الوزراء العدو الأسبق إسحق رابين الذي ظهر وهو يهدد باستعمال القوة مع أهالي قرية "بيت ساحور" بعد امتناعهم عن دفع الضرائب لسلطة الاحتلال.
ويمكن القول إنه لا يوجد إقحام للسخرية في الفيلم لأنه يستند إلى واقعة حقيقية هي قرار المقاطعة لكل ما هو إسرائيلي وردا على ذلك قام جيش الاحتلال باقتحام المزرعة التي توجد فيها الأبقار الثماني عشرة وأمر «بمصادرتها واعتقالها…لأنها تهدد الأمن القومي الإسرائيلي» كما يقول أحد الشهود ويروي أيضا كيف نجح الأهالي في إخفاء بعض الأبقار وتهريبها بعيدا عن عيون قوات الاحتلال.
وينتصر الفيلم لفكرة المقاومة السلمية والعصيان المدني، والذي تمثل في امتناع أهالي القرية عن دفع الضرائب «لأن سلطة الاحتلال لا تمثلنا» فما كان من جيش الاحتلال الإسرائيلي إلا أن حاصر القرية وتصاعد الأمر لدرجة مناقشة قضية حصار بيت ساحور في الأمم المتحدة باعتباره عملا «غير إنساني..أن يتم الحجز على أثاث بيوت الأهالي الممتنعين عن دفع الضرائب» كما ظهر من اللقطات الوثائقية التي استعان بها الفيلم.
ويتنافس فيلم «المطلوبون الـ 18» ضمن 17 فيلما عربيا وأجنبيا في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بـ»مهرجان أبو ظبي السينمائي».