هم يتبعون هذه الطريقة في الخروج و الفرار، وضعهم ليس مريحا مع اقتراب الثلوج، رغم انهم في حالة تموين جيدة.
نضال حمادة
تمر الدراجة النارية وسط تلال النعمات مخترقة السكون الثقيل، تسير باتجاه سهل القاع، حاملة رجلا وامراة، أُنظر- يقول لي المهرب- هذا احد المقاتلين في القلمون يغادر الى الشمال، هم يتبعون هذه الطريقة في الخروج و الفرار، وضعهم ليس مريحا مع اقتراب الثلوج، رغم انهم في حالة تموين جيدة.
بالأمس وجدت جثة في وادي عطا مكبلة وفي الرأس طلقتان، يبدو انه من المقاتلين وهناك شكوك انه صفي على يد مافيات التهريب في عرسال، وقبلها بأسبوع اوقف الجيش اللبناني على مفرق رأس بعلبك سيارة (بيك اب) فيها 300 شريحة هاتف، الجندي على الحاجز سأل سائق السيارة العرسالي الى اين انت ذاهب؟ اجاب السائق الى الملاهي. مد الجندي يده داخل السيارة وضرب بقبضته على السقف فوجده محشوا واثناء التفتيش واخراج شرائح الهاتف اتى اتصال لصاحب السيارة. امسك الضابط المسؤول عن الحاجز بالهاتف وفتح (الميكروفون) فقال رجل بلهجة لبنانية ( وينك يا زلمة الجماعة ناطرين الامانة لازم نوصلهم اياها اليوم، رح يجي حدا من الكسارات لهون ياخذها).
بين التلال ينتشر اللواء الثامن في الجيش اللبناني، كما ينتشر فوج المجوقل عند النعمات وعلى مداخل عرسال وعلى بعض المعابر، اضافة الى الجيش الوطني هناك جيش من المهربين عاد الى المنطقة خصوصا من سهل القاع الى سهل راس بعلبك مع تواجد متصاعد للمهربين عند جرود بريتال من الجهتين. يروي المهرب ايضا ان قساوة الطبيعة فرضت نفسها وحالات الفرار والنزوح لدى المسلحين بدأت تتزايد، رغم ان المهربين لا يدعونهم بحاجة الى اية سلعة ورغم ان تزويدهم بالمؤن يتم عبر سيارات البيك اب بطريقة نظامية.
سألته كيف ذلك؟
هناك تجار في لبنان يشترون البضائع ويقومون بنقلها الى البقاع الشمالي، ويتم تسليمها لتجار من عرسال عند مفرق راس بعلبك، وهؤلاء يدخلونها بشكل نظامي الى البلدة ومنها تخرج هذه الحمولات الى الجبال، وعند حواجز الجيش اللبناني يقولون ان هذه الحمولة ذاهبة الى منطقة الكسارات.
هم يقيمون في قمم عالية درجة الحرارة فيها خلال الشتاء لا تطاق وسوف تقوم الثلوج بدور قاطع الطريق خلال الاشهر القادمة، عددهم الكبير سوف يستنزف كل المؤن التي اوصلتها لهم شبكات التهريب، من الان نلاحظ حركة النزوح باتجاه الشمال هناك سوف يكون الوضع صعبا، ليس لديهم الكثير من الخيارات: هناك منطقتان يمكن لهم التواجد بها بفعالية طرابلس المدينة، وجرود عكار المتجاورة مع جرود الهرمل يعني هم سوف يهربون من حزب الله والجيش السوري في القلمون الى مناطق اشتباك مع حزب الله في جرود عكار ومع الجيش اللبناني في طرابلس، مع فارق بسيط انهم سوف يتركون كل اسلحتهم الثقيلة هنا وسوف تترك الآليات في الوديان ولن يكون بمقدورهم خوض معركة في الشمال بالامكانيات التسلحية المتاحة لهم هنا في جبال القلمون.
أشار الرجل بيده نحو الجنوب الشرقي، هناك خلف هذه التلال لاحظنا في الايام الماضية حركة آليات كثيفة لهم، ربما يجمعونها في الوديان قبل التفرق حتى لا تتعطل معهم في الثلوج وتصبح مصيدة وتوابيت متنقلة لهم و من الواضح انهم يستعدون لمغادرة المنطقة الا في حال واحدة وهي ان يعيدوا الكرة ضد عرسال وان تغض الدولة اللبنانية النظر عنهم ريثما يمر موسم البرد.