مقاربة «عاشوراء» تأتي إذاً من منطلق إنساني وجداني في قالب تشكيلي. ولوحات حمود في هذا الخصوص تندرج ضمن «امتداد لإرث إسلامي وعربي من حيث الأسلوب والمعالجة»
بعد سلسلة عقبات لوجستية، أبصرت37 لوحة تحاكي الفضاءات الكربلائية طريقها الى النور ضمن معرض «صلاة فوق الرمح». لوحات عبد الحليم حمود المطلية بالألوان الترابية والبرتقالية والسوداء (ألوان «عاشوراء») مثبتة على جدران «مركز المطالعة والتنشيط الثقافي» التابع لبلدية حارة حريك. يرى فيها الفنان «ارتباطاً بالوجدان وجزءاً من البنية العقلية». إنّه المعرض الثاني له منذ معرضه الذي خصِّص لرسوماته الكاريكاتورية في «مركز ناجي العلي الثقافي» (بيروت) عام 1999.
اللوحات العاشورائية التي تعرض عشية حلول ذكراها، رسمت منذ ثلاث سنوات كما يروي حمود لـ»الأخبار» وإلى جانبها مجموعة قصائد شعرية تحاكي المناسبة.
حمود المعروف عنه شغفه بتوسيع رقعة أعماله لتشمل كل الشرائح، يشدد هنا على أن المناسبة التي تشرّبها طوال هذه الأعوام لا تعبّر بالضرورة عن خيار عقائدي أو ثقافي. يضرب المثل ببيكاسو وسلفادور دالي اللذين عالجا موضوع «صلب المسيح، بغض النظر عن ثقافتهما التي لا تؤمن بالعالم الآخر» أو بالفنان عبد الحميد بعلبكي الذي رسم في نهاية السبعينيات جدارية عاشوراء ونال وقتها المرتبة الأولى وحصل على منحة نتيجة هذا العمل.
يعلّق حمود على هذه الجدارية بأنها نوع «من استجابة للوجدان والثقافة اللذين تشرّبهما في قريته العديسة لأن الإمام الحسين خرج لنشر العدالة واستشهد من أجل موقفه».
اللوحات مرفقة بقصائد عن المناسبة
مقاربة «عاشوراء» تأتي إذاً من منطلق إنساني وجداني في قالب تشكيلي. ولوحات حمود في هذا الخصوص تندرج ضمن «امتداد لإرث إسلامي وعربي من حيث الأسلوب والمعالجة» كما يشرح، إذ يمرّ على حقبات متنوعة زمنياً لرسامين معروفين، أمثال: يحيى بن محمد الواسطي، أبو صبحي التيناوي ورفيق شرف، ومن خلالهم تسير اللوحات ضمن «قواعد البعد الواحد والتقشف في معالجة الخطوط واللون والزخارف».
نتاجات حمود لا تنضب كاريكاتورية كانت أو أدبية. أصدر أخيراً كتابه «بورتريه» الذي هو عبارة عن ألبوم رسومات كاريكاتورية يجمع أكثر من 70 وجهاً حول العالم، عجنتها «المدرسة الكلاسيكية» كما يقول. تبدأ البورتريهات من كارل ماركس وليو تولستوي وناجي العلي، ولا تنتهي عند إدي ميرفي ومارلين مونرو ولاعبي كرة القدم ليونيل ميسي وزين الدين زيدان ودييغو مارادونا.
أما جديده أيضاً، فرواية «دفاتر نوح» التي ستصدر في «معرض بيروت العربي والدولي للكتاب» المقبل، ويتطرق فيها الى جشع الماركات التجارية وصناعة النجم والموجة التكفيرية. وإلى جانب هذه الرواية، سيُصدِر ديواناً بعنوان «هايكو».
«صلاة فوق الرمح»: حتى الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) ـــ قاعة «مركز المطالعة والتنشيط الثقافي»، حارة حريك، قرب «كنيسة مار يوسف».