25-11-2024 03:51 PM بتوقيت القدس المحتلة

معاقبة الدكتورة بثينة شعبان تتنافى والقيم الأميركية

معاقبة الدكتورة بثينة شعبان تتنافى والقيم الأميركية

لقد استهدفت الإدارة الأميركية، المبعوثة الدكتورة بثينة شعبان إحدى المتحدثات باسم الحكومة السورية والتي يعرّفها الناس من جميع الأديان والثقافات خلال السنوات الماضية بأنها شخصية فاعلة في سورية

كتب: د. فرنكلين لامب
ترجمة: زينب عبدالله

طرابلس/ ليبيا
لقد استهدفت الإدارة الأميركية، وكجزء من المجموعة السابعة من عقوباتها ضد سورية والتي بدأت في شهر حزيران/ يونيو 2011، استهدفت المبعوثة الدكتورة بثينة شعبان إحدى المتحدثات باسم الحكومة السورية والتي يعرّفها الناس من جميع الأديان والثقافات خلال السنوات الماضية بأنها شخصية فاعلة في سورية. ولذلك عملت الإدارة الأميركية لتحقيق هدف وحيد هو الضغط على حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، ولكن الحكومة السورية قد نجحت في تقويض القيم الأميركية المتعلقة بحرية التعبير فضلا عن حريات أخرى. وفي 28 آب/ أغسطس 2011، استهدف كل من الخزينة ووزارة الخارجية الأميركية الدكتورة بثينة شعبان وجمدتا تصرفها بأي ممتكات يمكن أن تكون لديها في الولايات المتحدة.

وبحسب ما صرحت به المتحدثة باسم الخارجية الأميركية "فكتوريا نولاند" والتي يتكهّن اثنين من أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بأنها تعتبر الدكتورة شعبان منافسة لهم بشكل من الأشكال إذا ما تعلق الأمر بطبيعة عملهم وبأداء شعبان المميز خلال لقاءاتها مع مسؤولين أميركيين في كل من الولايات المتحدة وسورية. ويبقى تفسير إدراج أحد القوميين السوريين والمستشارين الإعلاميين كالتالي: "لطالما لعبت الدكتورة شعبان دور الناطق بلسان النظام القمعي". وحتى الآن، لم يقم أحد من المسؤولين الأميركيين بأي خطوة إيجابية للدفاع عن الدكتورة شعبان من العقوبات الموجهة إليها من خلال أي شكوى مبرهنة أو مفصّلة أو أي دليل داعم.

وقيل إن السفير الأميركي السابق لدى سورية "تيودور قطوف" أصيب بالذهول عندما رأى اسم الدكتورة شعبان بين الأسماء المدرجة على لائحة العقوبات الأخيرة، وقد عبر عن أسفه على مثل هذه القرارات السيئة وذلك في حديث متلفز. وقد شرح السفير السابق أن معاقبة الدكتورة شعبان كان خطأ جديا ذلك أنها معروفة بمواقفها الإيجابية والبناءة ومواقفها ضد الحروب والظلم وإراقة الدماء.
والصحيح أن الدكتورة شعبان، ككثيرين غيرها، مستشارة موثوقة لدى الإدارة السورية. ويفترض أنها تقدم النصائح والرؤى، وربما بالشكل الذي يتطابق مثلا مع ما قام به "تيودور سورينسون" للرئيس "جون كندي"، وما قام به "بيل مويرز" ل "ليندون جونسون". ولكنها ليست ولم تكن أبدا صانعة قرار. فمن المفترض أن نصيحتها تؤخذ بعين الاعتبار، ولكن أحدا لا يعرف إلى أي حد يكون ذلك. ومتى كان المستشارون يصنعون القرارات بشكل مباشر؟

إنه لمن المؤكد أن الإدارة الأميركية تعرف جيدا أنه إذا ما احتل أحدهم منصبا كمنصب المستشار الإعلامي، أو حتى أمين السر الصحافي، فإنه يتحدث لصالح سياسة الإدارة التي يعمل من أجلها ويشرحها. ومعاقبة هؤلاء تخترق المفاهيم الأميركية والقيم المتعلقة بحرية التعبير والحصانة من الملاحقة بسبب تأدية أدوار أساسية تفيد الجميع من خلال الفهم الواضح والتواصل على مستوى الدول في ما يتعلق بالقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة.

أما خلفية الدكتورة شعبان فمعروفة جيدا لدى الإدارات الأميركية الأخيرة ومقدّرة أيضا بحسب بعض المصادر في واشنطن. وتعرف شعبان بأنها مفكّرة مستقلّة، ومصلحة، وكاتبة، وأستاذة جامعية (علّمت في شرق ولاية "ميتشيغن" الأميركية وحصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة "وورويك" في المملكة المتحدة، وكانت طالبة "فولبرايت" في جامعة الدوق بين عامي 1990 و1991، وقد حصلت على أستاذية "مكاندلس" الرفيعة من جامعة شرق ميتشيغن للعام 2000). وتعرف الدكتورة شعبان أيضا بقدرتها وإرادتها لأخذ موقع أقلّي إذا ما قادها تقييمها للحقائق المتعلقة بقضية أو أمر معين إلى ذلك، وهي لا تمانع أبدا قول الحقيقة للسلطة. وتقدم الدكتورة شعبان في كتاباتها التي تظهر اليسار السياسي لمركز "كاونتر بانش" .counterpunch.org ، تقدم دائما مواقع معارضة للحرب والعنف والاحتلال.

وتعرف الإدارة الأميركية أن الدكتورة شعبان ليس لها حساب مصرفي في الولايات المتحدة، وتحصل على راتب بسيط، وهي زوجة مدير المؤسسة السورية لصناعة الأغذية، وهذه "العقوبة" مصممة فقط لإيذاء سمعتها الممتازة التي صنعتها لنفسها خلال العقدين الماضيين. وعندما تم الضغط على كل من الخزينة الأميركية والمتحدثة باسم الخارجية الأميركية "فكتوريا نولاند" بشأن ممتلكات الدكتورة شعبان، لم يصدر أكثر من: "فلنترك الأمر على حاله"، ولا يهم ما هي المعاني المفترضة لعبارة "على حاله".
ويجزم مكتب الدكتورة شعبان بأن أموالها قليلة جدا وهي حتما ليست في الولايات المتحدة.

ويقول عضو في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي كان قد التقى شعبان، يقول: "بثينة تتواصل مع الناس، سواء كان مع حركة حماس أو الأمراء السعوديين، وكلاهما يعرف آراءها بشأن الحقوق الكاملة للنساء وتحقيق العدل للفلسطينيين، وهي مؤثّرة أيضا مع المسؤولين الأميركيين".
ولبعض هذه الأسباب استهدفتها الخزينة الأميركية ووزارة الخارجية، أما إدارة أوباما فكثيرا ما تتجاهل ذلك، وبحسب مصادر في الكونغرس، تعبر الإدارة الأميركية عن ذلك بقولها: "حسنا، إذا كنتم ترون هذه الفكرة جيدة فلا تتوقفوا".
ولكنها لم تكن في الحقيقة فكرة جيدة، فمهاجمة الدكتورة شعبان تشكل ضربة ضعيفة ومخزية بكافة المعايير وبخاصة بالنسبة لشخص يتمتع بالقوة الإيجابية للمساعدة في كسر الكثير من الحواجز بين الشرق والغرب. ولقد أخطأ الرئيس أوباما في الموافقة على هذا الخطأ.
وبعد وفاة والدها في شهر أيار/ مايو المنصرم، كتبت الدكتورة شعبان لأحد أصدقائها الأميركيين كلمات تعكس كلا من القيم السورية والأميركية وتعبر بناحية أو بأخرى عن هذا العالم الإنساني.

والرسالة هي كالتالي:
عزيزي فرنكلين،

"لقد تأثرت كثيرا برسالة التعزية التي أرسلتها لي؛ كان ذلك لطف بالغ منك. وأنا أشكرك جزيل الشكر. لقد كنت محظوظة بما فيه الكفاية لأرعى والدتي المريضة مدة سبع سنوات، ولأرعى والدي أيضا لمدة تزيد على ذلك بعام ونصف العام قبل أن يتوفّى. أود أن أقول إن ذلك كان أهم وأثمن وأمتع شيئ قمت به.
فنحن كمسلمين مطلوب منا في القرآن الكريم أن نرعى آباءنا الشيوخ وأن لا نقول لهم أي كلمة تؤذي مشاعرهم، ويأتي ذلك في الموقع الثاني من الأهمية بعد الإيمان بالله وعبادته. وفي هذا الصدد إنني أؤمن بأنه ما من أهل يجب أن يؤخذوا إلى المآوي في الوقت الذي يكونون فيه بأمس الحاجة للحب والعواطف وليس للطعام فقط. إنني مرتاحة جدا لأن والديّ قد عاشا بسعادة وسلامة وقد كنت أنا السبب في ذلك. إنني أنوي في المستقبل أن أكتب المزيد عن هذه الناحية البالغة الأهمية في حياة البشر".
أكرر شكري الجزيل لك وأتمنى أن أراك قريبا في سورية.

مع أطيب التمنيات،
بثينة شعبان

لقد هاجم البيت الأبيض صديقة لأميركا ولجميع الناس من أصحاب النوايا الحسنة. ومن دون وجود أي وجه من وجوه الضرورة، هاجم رمزا من رموز البلد السوري العظيم، والشعب السوري العظيم، وتاريخه، وثقافته، وقيم مقاومته، وكرامته المتجذرة فيه، وآدابه.
وبهذا التصرف يكون البيت الأبيض قد لطّخ القيم الأميركية، وبالأحرى فإنه ومن دون شك، ليس يمثل أيا من القيم الأميركية ولا إرادة الشعب الأميركي. لقد قوّض هذا التصرف القيم الأميركية المتعلقة بحرية التعبير عن الرأي والمفاهيم الأميركية المتفق عليها والمتعلقة بالإنصاف والمفاهيم القانونية والعدل الحقيقي
فهل ستتمكن إرادة الرئيس أوباما من قلب هذا التصرف السيئ تلقائيا؟

يمكنكم التواصل مع فرنكلين لامب على بريده الالكتروني
fplamb@gmail.com