للمرة الثانية على التوالي، حصل التمديد للمجلس النيابي في لبنان، بعد ترقب لم تحبس خلاله الانفاس وبعد كثير من الشروحات السياسية والقانونية ذو الطابع السياسي.
للمرة الثانية على التوالي، حصل التمديد للمجلس النيابي في لبنان، بعد ترقب لم تحبس خلاله الانفاس وبعد كثير من الشروحات السياسية والقانونية ذات الطابع السياسي، فالمجلس النيابي بأكثرية واضحة قرر التمديد لنفسه لمدة سنتين وسبعة أشهر متذرعا بظروف البلد العامة وعدم الوقوع في الفراغ.
وجاءت الاحتجاجات المحدودة التي حصلت في محيط مجلس النواب وفي ساحة رياض الصلح وسط العاصمة اللبنانية بيروت، لتعبر عن واقع الحال في لبنان بالنسبة لهذا الحدث، فاللبنانيون ليسوا كلهم يرفضون التمديد صراحة، بل هناك من لا يعتبر نفسه معنيا بما يجري، وأكثر من ذلك هناك من يعتبر ان عدم إجراء الانتخابات أفضل لاسباب يعتقد بصوابيتها، لكن يبقى رأي وازن في لبنان يرفض التمديد ويشدد على ضرورة إجراء الانتخابات رغم كل السلبيات الموجودة في قانون الانتخاب.
التمديد لا يصب في خانة مكافأة النواب.. ويجب حصره في اطره الضيقة
ويعتقد الرافضون للتمديد، ان النواب يعطون أنفسهم جوائز مجانية بالتمديد لمجلس يشكك هذا البعض في شرعيته منذ مدّد لنفسه في المرة الاولى، وحول هذا الموضوع سبق ان نُقل عن رئيس مجلس النواب اللبناني في وسائل الاعلام قوله إن "التمديد لا يصب في خانة مكافأة النواب على عملهم بل هو فقط في حصر اطاره في أطر ضيقة للوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل العودة لانتخاب مجلس نواب جديد".واللافت ان التمديد سار به اليوم بعض الاطراف ممن رفعوا لواء ان لا تمديد ولا انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية، بينما هناك من بقي وفيا لمبادئه التي أعلنها منذ البداية لاسيما "التيار الوطني الحر"، حيث رفض اولا التمديد في قيادة الجيش، كما رفضها ثانيا في رئاسة الجمهورية ليؤكد اليوم ثباته على موقفه كموقف مبدئي لا يتغير أيا كانت الحسابات، كما يفعل البعض من المسيحيين بالذات ممن يبرر تنقلاته من ضفة لاخرى تبعا لحساباته السياسية المختلفة.
فهل يوجد مبررات للتمديد والتي توجب السير به وتمنع إجراء استحقاق دستوري في غاية الأهمية؟ وهل هناك ما يبرر ذلك فعلا في لبنان؟ ام ان الامر لا يعدو كونه سياسيا بامتياز له علاقة بحسابات الانتخابات النيابية نفسها وبُعدها الشعبي او لعلاقة ما بالاستحقاق الرئاسي او حتى لعلاقة بما يدور في المنطقة من احداث ليكون له بُعدا امنيا ربما يوجب التمديد للمجلس؟
قاسم هاشم: التمديد له ما يوجبه وسيفتح باب الحوار بين مختلف الاطراف
حول كل ذلك يقول عضو كتلة "التنمية والتحرير" النيابية في لبنان النائب قاسم هاشم إن "ما يوجب التمديد لمجلس النواب هو المصلحة العليا واستمرار عمل المؤسسات"، ويعتبر ان "هذه المبررات واضحة جلية للجميع ولا مجال للتشكيك بها وغير ذلك يعتبر في غير مكانه ويندرج في اطار المزايدات السياسية والشعبية ليس إلا"، ويلفت الى ان "كتلة التنمية والتحرير هي أول من أعلن رفض التمديد ومع ذلك سارت به لان الظروف أحيانا تفرض نفسها على الجميع".وفي حديث خاص لموقع قناة "المنار" يسأل النائب هاشم "هل لبنان يعيش في ظروف طبيعية وتسمح بإجراء الانتخابات بشكل طبيعي"، ويشير الى ان "هذا غير ممكن في بعض المناطق"، ويضيف "كما ان فريقا من اللبنانيين أعلن رفض إجراء الانتخابات وعدم مشاركته فهل نسير بانتخابات نعلم مسبقا ان هناك من سيقاطعها؟".
ويوضح هاشم "بكل الاحوال هذا لبنان فهو قائم على الميثاقية ورجالات الدولة يضطرون الى اتخاذ قرارات صعبة أحيانا قد تدفع الى تجاوز بعض الامور السياسية لتحقيق المصلحة العامة وبعض المصالح السياسية لكافة اللبنانيين وتجاوز المصالح الضيقة لبعض الافرقاء"، ويعتبر ان "نظرية الظروف الاستثنائية تتحقق شروطها في لبنان في هذه الفترة لذلك لا يمكن الحديث عن تطبيق القوانين بشكل حرفي كما لو كنا في ظروف طبيعية عادية فالظروف الاستثنائية تحتاج الى قرارات استثنائية".
وبالنسبة لعمل مجلس النواب بعد التمديد، يلفت هاشم الى ان "الرئيس نبيه بري يشدد على ان اليوم هناك مرحلة جديدة في المجلس يُفترض ان تكون اكثر فعالية"، ويضيف انه "من هذا المنطلق كانت دعوته لجنة اعداد ودراسة قانون الانتخاب للاجتماع والانطلاق من جديد بعملها في 17 من الشهر الجاري ما يؤكد تفعيل عمل المجلس في الفترة المقبلة".وحول نتائج اقرار التمديد، يقول هاشم "الاولوية هي لانتخاب رئيس الجمهورية"، ويوضح انه "لو تمَّ وضع قانون للانتخاب فالانتخابات لن تحصل قبل انتخاب رئيس للجمهورية"، ويرى ان "الاجواء اليوم أكثر راحة من ذي قبل في لبنان بين جميع الافرقاء لا سيما بعد كلام السيد حسن نصر الله في عاشوراء حيث مدَّ اليد لفتح باب الحوار والنقاش"، ويعتبر ان "هذا سيسهّل الوضع للبحث في كل شيء أيا كانت الخلافات".
ويرى هاشم ان "التوافق الكبير على التمديد هو مفتاح للحوار بين اللبنانيين"، ويتابع "يمكننا الاعتبار ان بابا للحوار قد فتح بين مختلف الاطراف"، ويلفت الى ان "المواقف التي صدرت من مختلف الافرقاء خلال الايام الاخيرة وتلك التي ستصدر في الفترة المقبلة بعد اقرار التمديد ستؤدي بشكل او بآخر الى ولوج باب الحوار".
أيا كان الهدف من وراء التمديد وايا كان المعارض والمؤيد يبقى ان لبنان بلد توافقي بامتياز حيث لا يمكن السير بأي أمر إلا بتوافق الاغلبية فيه، والدليل على ذلك إقرار التمديد الذي جمعت له هذه الاغلبية الغريبة، حيث استخدم فيها "التبعيض" من كلا الفريقين "8 و14 آذار" كما وجد من الطرفين من عارض هذا الامر، لذلك فإن افترضنا بقبول نظرية الضرورة لامرار التمديد نزولا عند رغبة استمرار عمل الدولة ومؤسساتها، يبقى ان المطلوب بعد ذلك ان تعمل الدولة ومؤسساتها على صعيد كل مؤسساتها لا ان تبقى بلا عمل.. وإن غدا لناظره قريب..