25-11-2024 03:40 PM بتوقيت القدس المحتلة

المعلّم: سنحصل على «اس 300» قريباً

المعلّم: سنحصل على «اس 300» قريباً

أصبح المشهد السياسي السوري والإقليمي غامضاً منذ أنشأت واشنطن التحالف ضد «داعش». الموقف السوري انطوى على قبول واقعي بالطلعات الجوية الأميركية على مواقع التنظيم الإرهابي، فيما واصلت إيران الإعلان عن رفضها ذلك التحالف

أصبح المشهد السياسي السوري والإقليمي غامضاً منذ أنشأت واشنطن التحالف ضد «داعش». الموقف السوري انطوى على قبول واقعي بالطلعات الجوية الأميركية على مواقع التنظيم الإرهابي، فيما واصلت إيران الإعلان عن رفضها ذلك التحالف، وواجهته موسكو بتصريحات متشددة.

ماذا يحدث داخل الحلف الروسي ــ الإيراني ــ السوري؟ سؤال يتحاشاه الدبلوماسي؛ فماذا إذا كان هذا الدبلوماسي هو الوزير وليد المعلم، الذي يقيس كلماته بميزان حسّاس.

لكن، لدهشتي، تحدث الوزير بلا قيود، وفي نهاية الجلسة، فاجأني بالقول: «أنشر ما تراه من حديثي. أترك لك تقدير الموقف». هكذا، سيكون عليّ اختيار ما يمكن أن يُقال من حوار طويل مع رئيس الدبلوماسية السورية، لم يكن مخصصاً للنشر، وإنما «للفهم».

وفي ما يأتي ما قدّرت أنه قابل للنشر. لكنني انتهيت إلى فهم دقيق للسياسة السورية التي تعمل، في كل الظروف، وفقاً لمعاييرها وتقاليدها؛ تنطلق من أن سوريا دولة مركزية في الإقليم، ولا تتهاون في ذلك، لكنها تدير المعارك بأقصى قدر من المرونة والحذر، في ضوء أولويات المرحلة؛ وأولوية هذه المرحلة هي هزيمة الإرهاب في سوريا.

ناهض حتر

المعلم، الخارج من جراحة في القلب، استعاد حيويته وشبابه وابتسامته وسجائره. رؤيته بانورامية، واقعية بلا ظلال أو رتوش، لا مكان فيها للغضب أو الانفعال أو التسرّع أو الوهن: تحدّد الأولويات بدقة، وتدير لعبة الشطرنج الدولية والإقليمية، بمهارة؛ تخسر هنا، لتربح هناك، وتسير، بحذر وثقة، نحو الهدف. اللعبة الخطرة التي بدأها الرئيس حافظ الأسد، العام 1970، لا تزال مستمرة، ولا يزال اللاعب السوري في موقعه... ذلك هو الانطباع الذي يخرج به المرء من لقاء مفتوح مع الوزير الذي خاض غمار الأزمة السورية، بكل مراحلها الصعبة والأكثر صعوبة، بهدوء شديد وثقة؛ يذكّر بالحقبة السوفياتية، وبالوزير سيرغي لافروف.

سألنا الوزير المعلم عن علاقته بنظيره الروسي. علاقتهما تتجاوز السياسي والمهني إلى الشخصي. صديقان بمعنى الكلمة، يتصارحان ويتفاهمان ويتبادلان الانتقادات الودية. كاشف المعلم صديقه، في لقاء أخير، بانزعاجه من استخدام الدبلوماسية الروسية، مصطلح «شركاؤنا الغربيون»، قال له: «هؤلاء ليسوا شركاء روسيا، بل هم أعداؤها». يعكس ذلك نبض العلاقة التاريخية التي تجمع دمشق وموسكو. ولتكن هذه محطتنا الأولى.

العلاقات السورية ـ الروسية، كما أظهرتها سنوات الأزمة والحرب، ممتازة ومميّزة. تختلف دمشق عن سواها من أصدقاء روسيا، بأنها لا تستخدم هذه العلاقة لابتزاز الغرب؛ إنها تميل، وجدانياً وحضارياً، إلى الروس؛ وهؤلاء ينظرون إلى سوريا لا كمجرد حليف، بل كعضو في العائلة. روسيا مدينة لسوريا بإيمانها الأرثوذكسي، أي بأحد العناصر الأساسية في هويتها القومية. وهي مدينة لها في الحاضر، كما إيران مدينة، بما احرزتاه من حضور اقليمي ودولي، لم يكن ممكناً، في المدى المنظور، لولا الصمود السوري.

تقف الدبلوماسية السورية على أرض صلبة تتمثل في صمود الجمهورية، وقوة جيشها وتماسكه وثقتها به، لكن من دون غرور أو مغامرة. أولويتها الراهنة هي إدارة جميع الملفات، بما يضمن الصمود، ويحمي سوريا من عدوان فوق طاقتها، ويؤمن لجيشها السلاح.

أوضحت دمشق للحليفين، الروسي والإيراني، موقفها من التحالف الأميركي ضد «داعش»؛ يضعنا هذا التحالف أمام خيارين: الرفض ـــ من دون القدرة على ترجمته عسكرياً بنجاح ـــ يمنح المتطرفين في مؤسسة الحكم الأميركية، وحلفاء واشنطن الإقليميين، الذريعة المناسبة لشن حرب أميركية ـــ أطلسية على سوريا، «ولن نمنحهم هذه الذريعة».

الخيار الثاني هو القبول السياسي، وهذا يتعارض مع استراتيجيتنا السيادية والسياسية. وهكذا ذهبنا إلى الخيار الثالث. وهو «القبول الواقعي»؛ لا مغامرة في مواجهة خاسرة ولا اعتراف سياسي؛ «لا يوجد تنسيق بيننا وبين الأميركيين، ولا صفقة؛ هم أعلمونا، مباشرة، عبر مندوبنا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، وعبر بغداد وموسكو، أن ضربات التحالف موجهة ، حصرياً، ضد داعش، وأنها لن تمس الجيش السوري.

هل نثق بهذا التعهّد؟ مؤقتاً، ندرك أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، لأسباب داخلية، يريد تجنّب الحرب مع سوريا، مكتفياً بالتدخل الجوي ضد داعش. ونحن نفيد من ذلك. لكن لا نعرف كيف سيتصرف أوباما، تحت الضغوط المتصاعدة، والتي ستكون أكثر تأثيراً إذا ما تمكن الجمهوريون من تحقيق أغلبية في الانتخابات الأميركية النصفية.

ولذلك، علينا أن نستعدّ. هذا ما أوضحناه بصراحة للروس، وطلبنا منهم استغلال الوقت وتزويدنا بأسلحة نوعية».

«اس 300»؟

نعم. وسواها من الأسلحة النوعية التي تمكن الجيش السوري من مواجهة التحديات المقبلة.

هل حصلتم على «اس 300»؟

لا. ولكن سنحصل عليها وعلى أسلحة نوعية أخرى في مدى معقول. شركات السلاح الروسية تعمل وفق بيروقراطية بطيئة، لكن المشكلة الرئيسية في طريقها إلى حل سريع، أعني موافقة الكرملين السياسية. وهي قاب قوسين أو أدنى.
هل وافق الروس على قرض المليار دولار؟

لم نطلب مثل هذا القرض. لا أعرف مصدر الخبر، ولكنه غير صحيح. لدينا تسهيلات ائتمانية كافية من الحليف الإيراني. أما ما طلبناه، ووجد تفهماً وتجاوباً من الروس أهم من القرض؛ سلسلة من الاتفاقات الاقتصادية والتجارية التي ستساهم في دعم الاقتصاد السوري، وتعزيز الصمود، وإعادة الإعمار.

رغم الخلاف؟

لا يوجد خلاف، بل تقدير موقف مختلف لمواجهة التحدي المشترك. فنحن الذين ندير الحرب، ومواقفنا محكومة، بدقة، بموازين القوى الميدانية؛ بينما يستطيع الروس والإيرانيون اتخاذ مواقف صارمة من التحالف الأميركي. ونحن سعداء بهذه المواقف، ونريد استمرارها، لأنها تعرقل تنامي التوجهات العدوانية لدى الغرب.

هل تتوقعون عدواناً تركياً؟ هل ستجابهونه؟

قرارنا الاستراتيجي هو مواجهة أي عدوان تركي عسكرياً؛ ونأمل أن يكون لدينا، في أسرع وقت ممكن، القدرات التسليحية النوعية التي تضمن لنا إفشال العدوان. ولكننا لا نرى امكانية لقيام تركيا بالعدوان على سوريا في المدى المنظور. الشروط التركية للتدخل في سوريا لا تزال مرفوضة من قبل واشنطن، كذلك، لا يحوز مثل هذا التدخل على رضا السعودية، المنافس الرئيسي لتركيا في المعسكر الآخر. هذا المعسكر يعيش تناقضات، نفيد منها. ثم أن وضع تركيا الداخلي هشٌ للغاية في مواجهة تمرد كردي محتمل بقوة. صمود مواطنينا الأكراد في عين العرب أفشل السياسة الأردوغانية، ومنح للرئيس أوباما، في المقابل، معنى لحملته الجوية. الموقف التركي من العدوان الداعشي على عين العرب جيّش الكرد في كل مكان ضد الحكومة التركية؛ ويتجه الأكراد ليس داخل تركيا فقط ـــ حيث يعدون حوالي 15 مليونا ـــ نحو الالتفاف حول قيادة عبدالله أوجلان، كذلك أكراد العراق؛ ففي كل يوم إضافي من صمود عين العرب، يخسر مسعود البرزاني وحليفه أردوغان.

ولكن أين دمشق من معركة عين العرب؟

عين العرب سورية، ومواطنوها سوريون. ونحن كنا ولا نزال نزوّدها بالمؤن والسلاح والذخائر، وسنستمر. وقبل أن يبدأ الأميركيون طلعاتهم الجوية، كان سلاح الجو السوري يقوم، يومياً، بضرب تجمعات «داعش» حول عين العرب، لكنه اضطر للتوقف لانه لا يوجد تنسيق ميداني مع الأميركيين.

صالح مسلم، زعيم الحزب الديموقراطي الكردي السوري، انفصالي؟

لا. ليس انفصالياً. الحزب أقام إدارة ذاتية لإدارة المناطق ذات الأغلبية الكردية تحت ضغط الحرب. وكان حريصاً على ألا تكون هذه الإدارة كردية، بل تشمل العشائر العربية في تلك المناطق. لا يمكن انفصال مناطق الوجود الكردي السوري، الحسكة ومنبج وعين العرب، لأنها غير مترابطة جغرافيا، وتضم مكوّنات أخرى، ثم أننا لن نسمح ولن نعترف بأي انفصال في سوريا؛ فسوريا فسيفسائية التركيب الاتني والديني والجهوي، بحيث أن القبول بأي انفصال، سيفرط الدولة. هذا لن يحدث أبداً؛ بديله هو ما كانته هذه الدولة دائما، من حيث أنها دولة وطنية مدنية تعددية المكوّنات والثقافات في إطار الكل الواحد، ويمكن تطويرها ديموقراطياً في إطار موقعها ودورها الإقليمي وتحالفاتها الخ.

التحالف مع ايران

في سياق التحالفات، يبرز التحالف السوري ـــ الايراني عميقاً وملتبساً في آن؟

أي مساس بهذا التحالف في إيران غير مقبول من قبل الإمام الخامنئي ونهجه. العراقيل الممكنة هي التي تأتي من جهة النهج الليبرالي. وفي كل مرة يحصل فيها ذلك، يحسمها الإمام ومجلس الشعب والحرس الثوري لصالح سوريا. زوّدتنا إيران، وتزوّدنا، باحتياجاتنا من السلاح، خصوصا من الذخائر المتوفرة من صناعة إيرانية؛ كذلك، تدعمنا طهران سياسياً واقتصادياً ومالياً. ونحن ممتنّون لهذا الدعم، ونثق باستمراره، واستمرار تفهم القيادة الإيرانية العليا لأهمية التحالف مع سوريا. أحيانا لا يقدّر بعض السياسيين الإيرانيين، ذلك، حق قدره. وفي مناقشة لي مع وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، قلت له بوضوح: إن صمود سوريا هو الذي يمكّنك من التفاوض من موقع قوي مع الغرب حول الملف النووي.

أفهم، إذاً، أن المحافظين المتدينين هم أقرب الحلفاء لسوريا العلمانية؟

بالطبع، لأنهم يدركون المصالح الاستراتيجية الإيرانية، وهم متحررون من الميول نحو الغرب.

ولكن، هل ثمة صعوبات مع هذا الفريق؟ هل ضغطوا عليكم بشأن تغيير الموقف السوري من «حماس»؟

لا. لم يحدث ذلك أبداً. موقفنا من «حماس» و«الاخوان»، واضح، ويعرفه حلفاؤنا جيداً. وهو ليس موضع نقاش.

السعودية ومصر

ألا يفتح هذا الموقف المشترك مع مصر والسعودية الباب أمام مصالحة؟

بالنسبة لمصر، نحن نؤيد الدولة والقوات المسلحة، بلا أي التباس، في مواجهة العنف والإرهاب والتطرف الديني. نحن ومصر، على المستوى الاستراتيجي، في الخندق نفسه؛ لكن موقف القيادة المصرية من سوريا، على رغم ايجابيته، لم يصل بعد إلى مستوى التحدي المشترك. ونأمل أن يحدث ذلك في وقت قريب. نحن نتفهم الضغوط التي تواجهها القاهرة، وخصوصاً في المجال الاقتصادي، وحاجتها إلى الدعم السعودي، لكننا نريد لمصر أن تستعيد كامل دورها العربي؛ يبدأ ذلك في سوريا.

والسعودية، هل هناك أفق للمصالحة؟

لا. موقف السعودية من «الاخوان» يأتي في سياق صراعها مع قطر وتركيا، ولكنها دعمت ولا تزال تدعم الجماعات المسلحة الإرهابية، وتجيّش العداء ضد سوريا، وضد الرئيس بشار الأسد. وهذه السياسة المغامرة، ستنعكس، في النهاية، على السعودية.

هل تقف السعودية على يمين الولايات المتحدة ضد سوريا جراء الحقد الأعمى؛ هل لأن الرئيس وصف قادتها، بعد حرب 2006 في لبنان، بأنهم انصاف رجال؟

ممكن. ولكن أذكّرك بأن الملك عبدالله زار دمشق بعد ذلك الخطاب الشهير، ورافق الرئيس الأسد إلى لبنان. السعودية تعادينا بسبب سياساتنا المستقلة نحو لبنان والعراق؛ وهي تعتقد بأن هذه السياسات تعرقل نفوذها الإقليمي. كذلك، فإن استمرار وتنامي العلاقات السورية ـــ الإيرانية يثير غضب الرياض، ويدفعها إلى العمل ضد سوريا.

نفهم، إذاً، أنه إذا مضت الأمور نحو تفاهم ايراني ـــ غربي ـــ سعودي، وتفاهم سوري ـــ سعودي حول لبنان والعراق قد يتم التوصل إلى مصالحة؟

لن ندخر أي فرصة ممكنة لوقف الحرب على سوريا وتأمين سلامة السوريين. لكن هؤلاء الذين يدفعون ضريبة الدم، هم الذين يقررون في النهاية، السياسة السورية؛ هذا واقع سياسي انتجته الحرب؛ لم يعد ممكناً إدارة السياسة السورية من دون رضا الرأي العام الوطني. السوريون لهم موقف من السعودية بسبب تمويلها ودعمها للعدوان على بلدهم، كذلك الأمر بالنسبة لقطر.

كانت هناك محاولة قَطرية للمصالحة؟

نعم. ولكننا رفضناها. الشعب السوري لا يقبل هذه المصالحة. كما أنه على قطر إذا أرادت المصالحة أن تبادر إلى وقف الدعم عن الإرهابيين، ووقف الحملة على سوريا.

http://www.al-akhbar.com/node/219143

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه