25-11-2024 03:35 PM بتوقيت القدس المحتلة

مفاوضات تمرير موسم الثلوج «النصرة» تتلاعب بلبنان... برعاية قطرية

مفاوضات تمرير موسم الثلوج «النصرة» تتلاعب بلبنان... برعاية قطرية

تحليلُ المطالب التي أرسلتها جبهة «النصرة» مع وسيط قطري من أصل سوري «إرهابي»، يميط اللثام عن خدعة كبيرة تتكئ على سياسات الإرجاء لتمرير موسم الثلوج والزمهرير

 

 

د. وفيق ابراهيم

 

تحليلُ المطالب التي أرسلتها جبهة «النصرة» مع وسيط قطري من أصل سوري «إرهابي»، يميط اللثام عن خدعة كبيرة تتكئ على سياسات الإرجاء لتمرير موسم الثلوج والزمهرير. والهدف الثاني لمطالب «النصرة» هو تأمين الحماية لعناصر من هجمات محتملة لحزب الله والجيش لأشهر مقبلة، لا يعرف إلا الله والراسخون في العلم عددها.

أولاً: كيف يمكن أن نجمع بين أسرى لبنانيين وأسيرات سوريات في مفاوضات واحدة تتطلب سلفاً موافقة المؤسسات السياسية لبلدين: لبنان وسورية؟ ولبنان الذي ينأى بنفسه عن الحوادث في سورية على حد قول الإرهابيين في لبنان في حزب «المستقبل»، يرفض التنسيق مع سورية. أما التنسيق في مسألة مختطفي أعزاز فاقتصر على حزب الله واللواء عباس ابراهيم.

وهنا نصرخ: كيف ستوافق القيادة السورية على مطالبنا ونحن نرفض الحديث معها في أي موضوع لأننا نطبق تعاليم الرياض وإرشادات البيت الأبيض، متناسين أن أكثر من ثلاثين جندياً من أبنائنا، يقبعون تحت سكين الذبح في أعالي عرسال؟

وفي كل مرة يصعد فيها الوسيط القطري ـ السوري إلى أعالي عرسال، يُنتظر أن يشحن معه مازوتاً وثياباً شتوية للتدفئة وطعاماً للزوم شهر على الأقل، وقد ينقل بعد وصوله إلى عرسال ذخائر وأسلحة. وبتكرار المرات صعوداً ونزولاً لمزيد من تذليل العقبات يصبح لدينا جيشاً لـ«النصرة» مجهزاً بكامل العديد والعدّة، يستطيع قضاء فصول ثلج عدة وسط تصفيق المؤيدين في قطر وتركيا، إذا ما استثنينا المؤيدين في السعودية والولايات المتحدة.

تمرُّ كل هذه الألاعيب ولم نصل بعد إلى مطالب «النصرة». من هم الإرهابيون الذين تطلبهم؟ والنساء اللواتي تريد تحريرهن؟ أهن مجاهدات للنكاح أم مواطنات عاديات يراد استرقاقهن؟ وهل تستطيع الأنظمة القضائية في سورية ولبنان تمرير إخراج عدد كبير من الإرهابيين؟ وهذا البند بذاته يتطلب صعود الوسيط القطري وعودته أشهراً من التموين والتذخير والحماية بحجة التدقيق في الأسماء المطلوبة والتغيير في أسماء آخرى، مع احتمال إضافات أسماء في الدقائق الأخيرة تتطلب بدورها مهلاً جديدة لاستمزاج آراء القيادتين في سورية ولبنان. وهكذا دواليك إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

وتتعاون «النصرة» في ذلك مع وسائل الاتصال الإعلامي ووسائل الإعلام والهواتف الخليوية، لإثارة نزاعات بين الدولة وأهالي المختطفين من العسكريين، وبين «المستقبل» وحزب الله بحجة أن تدخّله في سورية والصومال والعراق وباكستان ومصر هو الذي أنتج «داعش» والريفي وحبلص والعميد حمود والخ.

أما الألغام الخفية وهي المطلب الأساسي لإرهابيي «النصرة» فهي الفدى المالية والرشاوى المطلوبة من الشقيقة الغازية قطر أن تدفعها… وهي في الحقيقة استمرار للتمويل إنما بشكل مستتر للتحايل على أنظمة التحويل المصرفي والرقابة الدولية، فبذلك تواصل قطر دعم الإرهاب بألف لبوس ولبوس من دون أن تتعرض للوم مجلس الأمن الدولي حفظه الله وراعيته منظمة الأمم المتحدة.

ألم تدفع الدوحة عشرات ملايين الدولارات لـ«النصرة» مقابل إفراجها عن جنود الأمم المتحدة الذين اختطفوا بإشراف «إسرائيلي» على مقربة من خطوط التماس بين الأراضي السورية والجولان السوري المحتل من قبل «إسرائيل»؟ هي إذاً سياسة الاختطاف للتمويل. والمعتقد أنها قد تتطور في نهاية موسم الثلوج لتصبح وسيلة لتأمين انتقال هادئ لنحو أربعة آلاف إرهابي مسلّح من جرود القلمون إلى مناطق تسيطر عليها «النصرة» الإرهابية في جبل الزاوية في سورية. وهكذا تصبح الدولة اللبنانية دمية ألاعيب قطر وأثيرتها «النصرة».

لكن المعتقد أن القوى الوطنية في لبنان لن تسمح لهذا السيناريو بالتطور على قاعدة أن المسألة لا تحتاج لأكثر من ثلاثة أسابيع، وإلّا فإن هذه القوى لن تقبل بالاستمرار في الخضوع للابتزاز الإرهابي والقطري ولا يمكن تجاهل موقف الدولة السورية، التي لن تقبل الدخول في متاهة النفق.

ولن تقدم شروط صعبة، إنها كما كل الدول تريد وفداً لبنانياً رسمياً يفاوضها على مسألة الصفقة والأسيرات السوريات، ولا بد أنها قد تُصرّ على إنتاج تنسيق أمني في جرود القلمون بالحد الأدنى على الأقل والذي يسمح بحماية البلدين.

وفي المحصلة، يبدو للمراقبين أن القيادة السورية أحرص على العسكريين اللبنانيين المختطفين من معظم القوى اللبنانية المتورطة إلى جانب الإرهاب في سورية، ولا بد أنها ستبذل جهودها لإخراج هذا الملف من دائرة الرشاوى والتسليح وإعادته إلى حيث يجب أن يكون، تبادل بين بشر وبشر وإلا فإن الحسم لن يكون إلا للميدان. كما يحدث اليوم في معظم أنحاء سورية التي يعيدها الجيش العربي السوري إلى قلب الوطن.

 

http://al-binaa.com/albinaa/?article=19841

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه