25-11-2024 01:38 PM بتوقيت القدس المحتلة

التمديد شرّ، وأشرُّ ما فيه، أن لا بدَّ منه!

التمديد شرّ، وأشرُّ ما فيه، أن لا بدَّ منه!

لم يكن العماد عون مُلزماً بالتوضيح من خلال إطلالته عبر "السفير" صباح يوم الإثنين، أن "وثيقة التفاهم" مع حزب الله باتت "حلفاً وجودياً"

أمين أبوراشد

لم يكن العماد عون مُلزماً بالتوضيح من خلال إطلالته عبر "السفير" صباح يوم الإثنين، أن "وثيقة التفاهم" مع حزب الله باتت "حلفاً وجودياً"، لأن أنصار التيار الوطني الحر وأهلهم ومجتمعاتهم يعيشون نعمة وشرف الإلتزام بهذه الوثيقة في يومياتهم، لكن العماد عون أحسن بالتوضيح لأولائك الذين يغرقون في "شبر ميّ"، أو للذين يحلو لهم الإصطياد في المياه العكِرَة كما قلوبهم، على خلفية التمديد للمجلس النيابي.

إن مسألة الحلف الوجودي ليست محاصصة دُنيا على مستوى إنتخابي، ولا هي لضمان أمن أنصار حزب الله والمقاومة والتيار الوطني الحرّ، بل للوطن اللبناني السيِّد العزيز الكريم من أقصاه الى أقصاه سواء رضي أهل الزواريب الضيِّقة - كما آفاق رؤيتهم - أم لم يرضوا.

وكما مع كلِّ مفترقٍ مصيري، أطلَّ سماحة السيد حسن نصرالله ليلة العاشر من محرَّم، وكعادته في الصراحة والتحليل والمنطق الوطني النقي قال: أمامنا خيارات ثلاثة في ما يرتبط بالمجلس النيابي: إما إجراء هذه الإنتخابات ونحن مستعدون لها كما دائماً، وإما التمديد نتيجة الظروف التي يعتبرها البعض غير مؤاتية للإنتخابات، وإما علينا مواجهة الفراغ وتداعياته.

وبناء عليه سار حزب الله في مسألة تمديد لا بدَّ منه، تماماً كما في عام 2013، مع إقراره بوجود خللٍ تمثيليٍّ ظالم أنتجه قانون الإنتخابات الحالي، لكن السيِّد يرى، ويرى معه اللبنانيون المُتابعون لوقائع الأرض، أن الأرضية الصالحة لإجراء الإنتخابات غير متوفِّرة خاصة في مناطق كانت سابقاً لتيَّار المستقبل في عكار، وطرابلس، وبيروت، وصيدا والبقاع، وباتت أوكاراً للإرهابيين، وغير مهيأة سوى لمزيدٍ من التمزُّق الى حدِّ الصراعات الدموية ضمن شارع الخصوم السياسيين، الذين مهما كانوا خصوماً فهُم أبناء هذا الوطن وهم شركاء أساسيون لبقاء وحدة الكيان اللبناني.

لا حزب الله أخطأ في السير بتمديدٍ لا بديل عنه، ولا العماد عون أخطأ حين طعن عام 2013 وقد يطعن عام 2014 أمام المجلس الدستوري، لأن التمديد بالنسبة لحزب الله درءٌ لنار فتنةٍ مؤكدة سيفتعلها آخرون، وبالنسبة للتيار الوطني الحرّ، فإن الطعن مسألة مبدئية تُراعي الدستور وقانونية استمرار المؤسسات واحترام إرادة الناخبين في اختيار ممثِّليهم، وحزب الله والتيَّار ضامنان لوزنهما التمثيلي أكثر من أي طرفٍ آخر في حال أجريت هذه الإنتخابات، فلا حزب الله أخطأ ولا التيار كَفَر، وليست المسألة تبادل أدوار لأن اللعب من تحت الطاولة ليس من شِيَم الكبار.

أمام تمديدٍ بات واقعاً لا بديل عنه، فإن المسؤولية تبدو كبيرة جداً على حزب الله في المرحلة المقبلة، وأن يستكمل دوره من موقعه الشعبي والسياسي لتكتمل إنجازات المقاومة الشريفة في تحرير الأرض وردع العدوان، بإنجازاتٍ داخلية سياسية هو الأقدر على تحقيقها لأنه "أم الصبي" عند الشدائد، ولا يجوز أن يَبقى البيت اللبناني المُحرَّر من أعداء الخارج يُعاني في داخله من وجود دولةٍ غير مؤهلة أن تكون "ربَّة البيت"، ونخشى أن تمرَّ فترة السنتين وسبعة أشهر مثلما مرَّت الفترة الأولى من التمديد دون العمل على إقرار قانون إنتخابٍ عادل لمستقبلٍ أكثر عدالة في تمثيل الشعب اللبناني، وإلَّا فإن التمديد المُمَدَّد له سيكون رهينة تسويف بعض فرقاء 14 آذار ممن يخشون إقرار قانون انتخاب، ويكون التمديد مسألة تقطيع وقت وتقطيع أواصر ارتباط الشعب بالدولة.

هناك ثقة شعبية بحزب الله وسيِّد المقاومة، والمسؤولية التي سوف تترتَّب عن التمديد الأخير مختلفة، لأن الأمر يرتبط الآن بتحصيل حقوق الشعب اللبناني وفق قانون انتخابات عادل، ولا نرى العدالة سوى بلبنان دائرة إنتخابية واحدة تجمع اللبنانيين بنظامٍ نسبي أو بدون، ومن لا يستحق الوصول الى المقعد النيابي على مستوى كل لبنان، فأمامه رئاسة البلدية أو المخترة في قريته لأن حجمه الوطني لا يجب أن يسمح له بالوصول الى مقعد نيابي في سلَّة زعيم مقتدر أو في جعبة رئيس كتلة يزرع عصاً ويحتسبها علينا نائباً...