تستمر معركة كوباني (عين العرب) بين مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ومسلحي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) منذ قرابة شهرين
تستمر معركة كوباني (عين العرب) بين مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري ومسلحي تنظيم (داعش) منذ قرابة شهرين، ويستمر معها التوتر في العلاقات بين تركيا وامريكا على خلفية دعم انقرة لداعش، وكنا قد ذكرنا تفاصل هذا الخلاف في تقارير سابقة.
أدى التدخل الامريكي في كوباني عبر القصف الجوي الى وقف تقدم داعش في المدينة، كما أدى استمرار الحرب وامتداد مدتها الزمنية على الحدود التركية السورية الى تصاعد قلق تركيا الواقعة بين اكثر من نار في هذه المعركة خصوصا ان الولايات المتحدة رفضت كل طلبات اردوغان واوغلو باقامة منطقة عازلة في شمال سوريا على الحدود مع تركيا وقصف الجيش السوري تزامنا مع قصف داعش في سوريا والعراق.
هذا الوضع المتردي بين الطرفين أثَّر على نفوذ تركيا التي تعتبر أنَّ الولايات المتحدة تذهب في اتجاه التفاهم مع خصوم أنقرة في سوريا والعراق، وتزامن هذا الشعور مع تصريحات قاسية من أكثر من مسؤول أمريكي أشاروا فيها الى العلاقات التركية مع داعش ، فكان على تركيا العمل على إعادة تموضعها ولملمة أوراقها في سوريا خصوصا عبر إعادة بعث الحياة بجبهة النصرة ذراعها وذراع جماعة الاخوان المسلمين في سوريا ، وذلك عبر ضرب جبهة ثوار سوريا التنظيم المسلح الاقرب الى واشنطن في ميدان الحرب السورية، ويقود هذا التنظيم (جمال معروف) الذي اشتهر بعلاقاته المميزة مع روبرت فورد الذي كان مسؤولا عن الملف السوري في واشنطن.
شنَّت قوات النصرة هجوما كبيرا على مواقع جبهة ثوار سوريا في ريف إدلب الشمالي وفي جبل الزاوية التي تعتبر منطقة حيوية لتركيا لانها تقع على مقربة من الحدود بين تركيا وسوريا، وفي هذه المنطقة بدأت عمليات الهجوم الاولى ضد القوات الامنية السورية عام 2011 ، وأعادة تركيا قبضتها على تلك المناطق يعطيها اوراقا جديدة متعلقة بما بعد معركة عين عرب:
أ – تريد تركيا عبر سيطرة جبهة النصرة على ريف إدلب الاقتراب أكثر من حدود عفرين المدينة الكردية الثانية في سوريا بحيث تصبح النصرة محيطة بعفرين من الجنوب ومن الغرب ما يسمح لتركيا بابتزاز الاكراد في حال انتهت معركة عين العرب لغير مصلحة داعش.
ب- تعرف تركيا أنَّ تقوية قبضتها حول عفرين يجعل مدينتي نبل والزهراء في وضع أصعب وبالتالي هذا يضع جارتها وصديقتها اللدودة ايران في وضع محرج ودفاعي لان اقتراب النصرة من عفرين سوف يعيد حصار نبل بشكل كامل من ناحية الغرب.
ج – يعرف أردوغان أنَّ صمود الاكراد في عين العرب سوف يقوي وضع الاكراد في سوريا ، لذلك يشكل سيطرة النصرة على ريف إدلب ورقة قوة في يد تركيا.
وعبر هذا الهجوم تكون جبهة النصرة قد حصنت خطوطها في منطقة دار عزة بحيث تصبح على تواصل جغرافي كبير مع عفرين ، وهذه المنطقة شهدت معارك في السنة الماضية بين احرار الشام ووحدات حماية الشعب الكردية ، ولجبهة النصرة تواصل مع عفرين في مناطق ضيقة عبر لواء التوحيد في المنطقة الجنوبية والمنطقة الشرقية ، وهذه الجبهة سهلية وهي مكشوفة فيما يتحصن الاكراد خلف بدايات منطقة جبلية ما يجعل وضعهم الدفاعي جيدا ووضع النصرة الهجومي صعب، وسوف يجعل مقاتلي النصرة عرضة لقناصة قوات حماية الشعب الكردية المتحصنة بين صخور الجبل. بينما يختلف الوضع من ناحية دار عزة التي تعتبر منطقة جبلية للطرفين.
هذا الهجوم وضع تركيا مرة اخرى في صدارة المشهد الميداني السوري، ومنحها أوراقا جديدة في الكباش القائم بينها وبين الولايات المتحدة، كما يقوي وضع حلفائها المتخوفين من انتهاء معركة عين العرب التي اراحت الجماعات المسلحة المنافسة لداعش بسبب انشغال الاخير بعين العرب، وتأتي عملية السيطرة على ريف إدلب استعدادا لمعركة قادمة قد تنشب مع داعش في المنطقة بعد انتهاء معركة كوباني بانتصار تنظيم داعش أو انسحابه من المدينة.