يرى العلماء أن العلم يمكن أن يتمكن من تصنيع آلات تعدل نفسها تكنولوجياً وتعمل على التحديث باستمرار، لينتج عقل إلكتروني يتجاوز الذكاء البشري بمئات أو حتى آلاف المرات
إن العلم يتطور يوماً بعد يوم، بل حتى بطريقة قد تشعرنا بوجود رهبة من استيلاء التكنولوجيا على حياتنا اليومية، ومع تعديل الروبوتات بشكل مذهل في وقتنا الحاضر، هل يمكن أن تخيل سلبها وظائفنا عما قريب؟
هذا هو السؤال الذي ناقشه مارتن فورد، الخبير في الشؤون الاقتصادية وصاحب شركة للبرمجيات في مقال رأي كتبه لـ CNN، إذ أشار فيه إلى إعلان اليابان بأنها تمكنت من صنع برنامج يمكنه أن يتخطى معدل العلامات التي يحققها طلاب الثانوية العامة في اليابان للدخول إلى الجامعات، وبعبارة أخرى "إن الآلات تتخطى القدرات البشرية بالذكاء."
وقسم فورد هذه القضية إلى فئتين تمثلا بسؤالين أساسيين، أولهما: هل يمكن للآلات أن تستولي على وظائفنا وحياتنا؟ والثاني: هل يمكن أن يهدد الذكاء الاصطناعي الوجود البشري؟ هل سيلجأ لتدميرنا أو استعبادنا؟
لجأ فورد في مقاله إلى دراسة أجرتها جامعة أكسفورد كشفت خلالها بأن أكثر من 47 في المائة من الوظائف بأمريكا، أي ما يزيد عن 60 مليون وظيفة، يمكن الاستغناء عنها وتسليمها للآلات خلال عقد أو عقدين من الزمن.
وأضاف فورد بقوله: "من المهم أن ننظر لهذه الأرقام بشكل مغاير للخيال العلمي، فتعديل الذكاء الاصطناعي ليتوافق مع المتغيرات موجود ومطبق في حياتنا اليومية، مثل الترجمة المفعلة بمحرك البحث غوغل، والسيارات بالقيادة الذاتية، وتوصيات شراء الكتب والأفلام في مواقع أمازون ونيتفليكس، بالإضافة إلى تقديم مقترحات خلال البحث بمواقع المواعد عبر الإنترنت."
وشبه فورد التقدم الذي يمكن أن يشهده العالم، بالثورة الصناعية التي قللت نسبة الاعتماد على المزارعين، وأن العاطلين عن العمل في هذا القطاع توجهوا لأداء وظائف كان المجتمع بحاجة إليها، لكنه أضاف بالقول: "لا نتوقع بأن نشهد السيناريو ذاته في المرحلة الصناعية المقبلة التي تحتاج لموظفين أقل، فلنضرب مثالاً بهذا شركة غوغل التي حققت إنتاجاً عالمياً بتوظيف 50 ألف شخص فقط، وهذا يعادل نصف عدد الفرص الوظيفية التي يتوجب أن يوفرها الاقتصاد الأمريكي شهرياً للتماشي مع النمو السكاني."
وفيما يخص استعباد البشر أو محوهم على يد الآلات، قال فورد إنه سيتوجب صنع آلة قادرة على التفكير لوحدها واتخاذ القرارات مثل البشر، وأن تخلق أفكاراً جديدة وأن تصل إلى الإدراك الحسي بما حولها، وأشار "هذا يظل تحد يمكن أن يواجه العلماء للعقود القادمة."
ولم يستبعد فورد احتمالية صنع آلات مثل تلك، فمع تقدم الأبحاث الدماغية وتعديل البرمجيات يمكن أن يتوصلوا بالفعل إلى آلات يمكنها التفكير من تلقاء ذاتها، ويقول: "يرى العلماء أن العلم يمكن أن يتمكن من تصنيع آلات تعدل نفسها تكنولوجياً وتعمل على التحديث باستمرار، لينتج عقل إلكتروني يتجاوز الذكاء البشري بمئات أو حتى آلاف المرات، عندها لا يمكن أن نؤكد بأن هذا المخلوق الإلكتروني ستهمه مصلحة البشر وسلامتهم."
وأنهى فورد مقاله بالقول: "لكن للآن يكمن هنالك سؤال واحد: كيف يمكننا أن نعدل اقتصادنا ومجتمعاتنا بشكل تتماشى فيه بمجتمع يمكن أن تطبق فيه الآلات أعمالنا؟ هل يمكن أن نصبح توظفنا الآلات كما نوظف نحن الأحصنة في حياتنا؟"