يطرح دخول الأردن رسمياً في التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» أسئلة عن الدور المستقبلي له
رانية الجعبري
يطرح دخول الأردن رسمياً في التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» أسئلة عن الدور المستقبلي له، خصوصاً في الجزء الثاني من الاستراتيجية الأميركية، وهي تدريب المسلحين السوريين «المعتدلين» علناً على أرضه، بعدما أعلن مسؤولون أميركيون أنهم يتحدثون مع حكومات الأردن وتركيا وقطر من أجل فتح مراكز تدريب للمسلحين على أراضيهم، وهو أمر قد يزيد من تورط البلد في لهيب الأزمة السورية.
وبما أن الأردن كان مسرحاً لتدريب مسلحين سوريين، رغم عدم الإعلان رسميا عن ذلك، كما يشير الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري أثناء حديثه لـ«السفير»، فهل سيساهم بعمليات تدريب «المعارضة المعتدلة» علنا؟ وهل يمكن اعتبار هذه المغامرة محسوبة العواقب في ظل اعتراف الأميركيين أنفسهم بعدم وجود «معارضة معتدلة» بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة السورية؟ هل تستحق هذه الخطوة تعريض الأردن لاستحقاقات التورط في لهيب الصراع الحاصل على الأرض السورية؟
ويعتبر انخراط الأردن في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب خطوة أولى وعلنية لكل ما سبق، كما تحمل زيارة رئيس الاستخبارات العامة السعودية الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز لعمان مؤخرا، وحضوره مع الملك الأردني عبد الله الثاني تمريناً عسكرياً دلالات كثيرة.
ويشير الدويري إلى تقارير صدرت خلال العامين 2012 و2013 تظهر تدريب مجموعات من المعارضة السورية في الأردن، وأن 200 أميركي ساهموا بعملية التدريب، وهو ما يؤكده المتخصص في الجماعات الإسلامية مروان شحادة، موضحاً لـ«السفير» أن الأردن انخرط بصورة سرية في تدريب عناصر «الجيش الحر» ضمن جدول أعمال دولي لإسقاط النظام السوري.
وبعد المشاركة العلنية مع التحالف الدولي وشن الطائرات الأردنية غارات على مواقع «داعش» في سوريا، يُطرح سؤال: هل من الممكن أن ينخرط علناً في مسألة تدريب المعارضة السورية «المعتدلة» على أرضه، أو يساهم في تدريبها في السعودية؟
«بالتأكيد» يجيب الدويري، مذكراً بأن الأردن جزء من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، أي أنه معني بتقديم الخدمات الإدارية اللوجستية والمساعدة الفنية، ومسألة التدريب تأتي ضمن ما يُسمى بالمساعدة الفنية.
لكن السؤال الذي يفرض ذاته: هل هناك معارضة «معتدلة»؟
ببساطة أجاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، أو بلغة أوضح اعترف، بأنه لا «معارضة معتدلة» داخل سوريا، وأن أجهزة الاستخبارات الأميركية «استهانت بقدرات الدولة الإسلامية في سوريا».
ويتطرق الدويري إلى القوى الموجودة على الأرض السورية، مشيرا إلى أن «الجيش الحر» هو الحلقة الأضعف في الصراع السوري، خلافاً للجيش السوري أو التنظيمات الإسلامية على اختلافها وعلى رأسها «جبهة النصرة»، موضحا أن «السبب يعود إلى عدم فاعلية رئاسة الأركان والمجلس العسكري الأعلى للجيش الحر، وهو لا يمارس أي نوع من القيادة أو السيطرة». ورأى أن «مسألة انتقاء عناصر من الجيش الحر لا يُحسبون على المتطرفين تعتبر معضلة تواجه الأميركيين».
ويُرجع شحادة السبب في فشل الولايات المتحدة وحلفائها في تطوير وتدريب جماعات «معتدلة» إلى المشهد السوري، الذي يتغير بصورة سريعة، كما أن التحالفات تتغير فيه كثيرا، معتبرا أن «عملية إيجاد حركات إسلامية معتدلة تؤمن بالدولة المدنية والمجتمع المدني ليس بالأمر السهل، ما دامت الحركات المسلحة الأكثر تشدداً تلاقي رواجاً في أوساط المعارضة وتحقق النجاحات على الأرض».
ولعل السبب الأبرز في تفريغ خريطة المعارضة السورية من «المعتدلين» يعود إلى الضربات التي وجهتها أميركا، حسب الدويري، إلى «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» و«مجموعة خراسان»، إذ أصبح الكثير من الفصائل، التي توصف بـ«المعتدلة»، يتجه أكثر إلى التطرف.
ومع ذلك لا تعتبر مسألة تدريب معارضة «معتدلة» قضية منتهية، فالنفس الأميركي، وفقاً للدويري، طويل جداً، و«هم عندما يتحدثون عن إطار زمني، فإنما يتحدثون عن ثلاث إلى خمس سنوات، وهنا ثمة حلول من بينها البحث في الجيش الحر عن قادة ميدانيين أو إنشاء قوة بديلة منه تكون مفصلة على مقاييس الأميركيين»، معتبراً أن تنفيذ هذه الخطوة سيُحدث تغييراً على الأرض، لكن السؤال «متى ستحدث؟».
برغم ما سبق، فإن اختيار «معارضة معتدلة» ليس المعضلة الوحيدة التي تواجه واشنطن وحلفاءها على الأرض، فهناك مخاوف من انتقال أسلحة «المعتدلين» إلى أيدي المتشددين، كما يطرح تساؤل عن الضامن الحقيقي لأن يبقوا في خانة «الاعتدال» ولا يتجهوا إلى التطرف؟
ويوضح شحادة انه «لا ضمانات سوى طبيعة العلاقة والشروط المفروضة لتوظيف الجماعات ضمن أجندة محددة، أما الحديث عن ضمانات حقيقية فهو أمر شبه مستحيل. إن عملية انتقال الأسلحة التي بحوزتهم إلى الجماعات الأكثر تطرفاً أمر ممكن، وقد حصل في السابق، بل في أحيان تم بيع الأسلحة، إذ ظهر أمراء حرب يبيعون الأسلحة المتطورة».
يبقى التساؤل عن آثار انخراط الأردن في مسألة التدريب علناً؟
ويقول الدويري انه من حيث الأصل، وقبل طرح مسألة التدريب، فإنه بمجرد إعلان السلطات الأردنية دخولها في الحرب ضد «داعش»، أصبح الأردن إحدى أولويات التنظيم، مضيفا «صحيح أنه لن ينفذ عمليات واسعة ضد الأردن لأن هذا غير ممكن»، معتبراً أنه لو أتيح للتنظيم فرصة لتنفيذ عمليات إرهابية في لبنان أو الأردن أو السعودية، أو في أي دولة قريبة، فسيكون سعيدا بذلك. ويضاف إلى ذلك عبء اقتصادي، إذ إن الجاهزية العسكرية والأمنية لمواجهة الخطر لن تكون مجانية، وهذا عبء جديد على موازنة القوات المسلحة.
هذا الرأي لا يقتصر على المختصين فقط، فهناك سياسيون يعربون عن تخوفهم من هذا الأمر. وأبدى النائب الأردني بسام المناصير، أثناء حديثه إلى «السفير»، مخاوفه من مغادرة السياسة الأردنية الخانة الوسط في المسألة السورية.
وعما إذا كان للعلاقات الأردنية - الروسية أن تعيد عمان إلى الوسطية، قال المناصير، الذي زار موسكو قبل حوالي الشهر، إن السياسيين الأردنيين يستمعون للسياسيين الروس، ويستدل على ذلك بمطالبة الأردن الدائمة بضرورة إيجاد حل سياسي ينهي الأزمة السورية، وهو ما يلتقي مع الرؤية الروسية.
رغم ذلك، فإن الأردن أعلنها رسمياً أنه يقف اليوم في مواجهة «داعش»، وبالتالي يبدو أنه سينفذ الاستحقاقات المترتبة على هذا الإعلان.
http://assafir.com/Article/1/384284
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه