كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، النقاب عن وثيقة أوروبية سوف تقر في مؤسسات الاتحاد الأوروبي قريبا، تتضمن فرض عقوبات على إسرائيل بسبب الاستيطان
حلمي موسى
كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، النقاب عن وثيقة أوروبية سوف تقر في مؤسسات الاتحاد الأوروبي قريبا، تتضمن فرض عقوبات على إسرائيل بسبب الاستيطان.
وبحسب الصحيفة فإن العقوبات تتضمن أيضا الاستعداد لسحب السفراء، في حال إصرار إسرائيل على الاستيطان في أماكن حساسة في الضفة الغربية أو القدس الشرقية. وكان وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان قد أعلن رفض إسرائيل الخضوع لأية إملاءات بشأن الاستيطان في القدس الشرقية، مشددا على أن لا ربط البتة بين المفاوضات مع الفلسطينيين والعلاقات مع أوروبا.
وأشارت الصحيفة إلى أن وثيقة العقوبات التي صاغها رئيس شعبة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأوروبية كريستيان برغر، تستند إلى مبدأ يرد بموجبه الاتحاد بفرض عقوبات على أعمال تقدم عليها حكومة إسرائيل تهدد بجعل حل الدولتين مستحيلا. والأمر يتعلق بأعمال كالبناء في منطقة « E1» الواقعة بين معاليه أدوميم والقدس المحتلة، أو البناء في «تلة الطائرة» أو جبل أبو غنيم. ويؤمن الاتحاد الأوروبي أن البناء في هذه المناطق يعرض للخطر احتمال وجود دولة فلسطينية ذات تواصل إقليمي، ويمكن أن يحول دون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية.
وتم توزيع الوثيقة على ممثلي 28 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، لكنها ظلت قيد السرية نسبيا. وتجري مداولات أولية في مؤسسات الاتحاد بشأن الوثيقة التي لم يتحقق إجماع، أو قرار بشأنها حتى الآن. وحسب «هآرتس» فإن ديبلوماسيين أوروبيين شبهوا الوثيقة بـ«قائمة طعام في مطعم صيني» يمكن للدول الأعضاء أن تختار منه العقوبات التي تود فرضها. وقال ديبلوماسيون مطلعون للصحيفة إن الوثيقة من صفحتين، وتتضمن فصولا «للعصي» ضد إسرائيل وفصلا إضافيا «للجزر» للفلسطينيين.
ويتعلق الفصل الأول بخطوات ديبلوماسية يمكن للدول الأعضاء في الاتحاد اتخاذها سويا ضد إسرائيل، مثل إصدار إدانة منسقة ضد المستوطنات، أو تقديم احتجاجات مشتركة لوزارة الخارجية أو ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وإصدار بيانات شديدة اللهجة في الشأن الإسرائيلي - الفلسطيني، في ختام الاجتماعات الشهرية لوزراء الخارجية الأوروبيين.
وتتضمن الوثيقة اقتراحا لإعادة النظر في الإستراتيجية الأوروبية في المداولات المتعلقة بإسرائيل في المجلس العالمي لحقوق الإنسان في جنيف. وكانت دول الاتحاد قد تعهدت قبل عام في إطار التفاهمات لإعادة إسرائيل للمجلس بعدم التعاون مع مداولات تجري فيه تحت «البند الخامس». والمداولات في هذا البند يتعلق بوضع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وغالبا ما تشكل منبرا لمهاجمة إسرائيل. لذلك فإن الإشارة له حاليا يعني العودة إلى ما كان قبل الاتفاق، والمشاركة بشكل فاعل في النقاشات تحت هذا البند.
ويشير الفصل الثاني في الوثيقة إلى العلاقات الثنائية مع إسرائيل، ويقترح خطوات مثل سحب السفراء الأوروبيين من تل أبيب ردا على خطوات إسرائيلية تعرّض للخطر حل الدولتين. والوثيقة تتضمن اقتراحات للعمل ضد المستوطنين، مثل حظر الاتصال بهم أو إجراء لقاءات مع نشطاء في مجلس المستوطنات أو مع منظمات مرتبطة رسميا ومباشرة بالمستوطنات. وتفرض الوثيقة عقوبات على الشركات الأوروبية التي تتعاون مع المستوطنات.
وتقترح الوثيقة أيضا خطوات لتعزيز التمييز بين إسرائيل والأراضي المحتلة، وتتضمن عدم الإقرار بصلاحية السلطات الإسرائيلية في مجالات كثيرة خلف خطوط الـ67. وخطوات كهذه تمارس بشكل محدود حاليا، حيث لا يعترف الاتحاد مثلا بصلاحية الخدمات البيطرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، ويرفض بالتالي استيراد منتجات الألبان والدواجن من المستوطنات في الضفة الغربية. كما يمنع الاتحاد منح تأشيرات دخول لنشطاء المستوطنين الذين يمارسون العنف ضد الفلسطينيين.
ويتعلق الفصل الثالث في الوثيقة بالعلاقات مع الفلسطينيين، وهو يقدم لهم «الجزر». فالوثيقة تقترح على دول الاتحاد اتخاذ خطوات تعزز «عناصر الدولة الفلسطينية».
وقد أثار ليبرمان أمر الوثيقة مع وزيرة خارجية الاتحاد فردريكا موغريني قبل أسبوعين، ومع وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير قبل يومين، معربا عن قلقه ومطالبا أوروبا بـ«التوازن» في مواقفها.
وكان ليبرمان قد أشار إلى هذه الوثيقة معتبرا أنها خطوة خاطئة. وحسب رأيه «لا مجال لخلق رابط بين العلاقات الثنائية لإسرائيل والاتحاد الأوروبي ووضع العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين». واعتبر أن «كل محاولة لاشتراط كهذا تنبع من مقاربة خاطئة، لا تسهم في الاستقرار، التطبيع، أو تعزيز العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين». وأعلن رفض إسرائيل لأي إملاءات بشأن الاستيطان في القدس، قائلا «لن نقبل أي قيود على البناء في الأحياء اليهودية في القدس، ولا مساومة في هذا. من يظن أن حكومة إسرائيل ستخضع وتقيد البناء في القدس يخطئ، نحن سندافع عن استقلالنا وسيادتنا».
http://assafir.com/Article/1/384767
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه