22-11-2024 08:28 PM بتوقيت القدس المحتلة

على الشاشة الأميركيّة: لا مكان للمعارضين

على الشاشة الأميركيّة: لا مكان للمعارضين

لصت الدراسة إلى انعدام شبه كامل للمساحة الممنوحة للأصوات الرافضة للحرب، وسط سيطرة واضحة لشخصيات عملت على دعم الخيار العسكري وتبريره، من خلال المقابلات والحوارات والمداخلات التلفزيونيّة.

إذا ما قرَّرت الولايات المتحدة أن تشنّ حرباً ما ـ وذلك أكثر قرار تتخذه الإدارات الأميركية المتعاقبة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ـ فهي تشغّل ماكينتها الإعلامية فوراً، من أجل خلق صورة متكاملة لتبرير هذه الحرب أو تلك. ذلك ما يعرفه العالم بفعل الخبرات المتراكمة، وما تؤكّده دراسة عملت عليها مؤخراً مؤسسة "فير" (Fairness and Accuracy in Reporting, FAIR).

يامن صابور/ جريدة السفير

«فير» مؤسسة للدراسات الإعلاميةو«فير» مؤسسة للدراسات الإعلامية، مركزها نيويورك، تعمل على مراقبة ونقد وتحليل الأخبار والتــقارير الإعلاميــة في الولايات المتحدة، لدعــم تنوّع الآراء وحرية التعبير عنها، وكسر احتكار المجموعات الإعلاميّة التي تسيطر على فضاء المعلومات في أميركا والعالم.

أجرت "فير" دراسة حول التهيئة الإعلاميّة للضربات الجويّة الأميركيّة ضدّ "داعش"، من خلال مراقبة البرامج الحواريّة والسياسيّة في كبرى المحطات التلفزيونية الأميركية، مثل «سي أن أن»، و«أن بي سي»، و«سي بي سي»، و«أيه بي سي»، و«فوكس نيوز»، خلال الفترة الممتدة بين 7 أيلول الماضي والـ21 منه. خلصت الدراسة إلى انعدام شبه كامل للمساحة الممنوحة للأصوات الرافضة للحرب، وسط سيطرة واضحة لشخصيات عملت على دعم الخيار العسكري وتبريره، من خلال المقابلات والحوارات والمداخلات التلفزيونيّة.

صنفت الدراسة ضيوف البرامج وفقاً لانتماءاتهم السياسية ومناصبهم، وتم تقسيمهم إلى ثلاث فئات وفقاً لمواقفهم من التدخل في كل من ســوريا والعراق، بحيث تكون الفئة الأولى أولئك الذين يدعمون خيار التدخل العســكري، والثانية من معارضي التدخل العسكري، فيما تركت الثالثة لأولئك الذين لم يتـخذوا مــوقفاً قوياً حيال الأمر.

وتبيّن أنّ ستة فقط من أصل 205 ضيوف على شتى البرامج، موضوع الدراسة، أظهروا معارضتهم لتدخل الولايات المتحدة عسكــرياً في سوريا والعراق؛ أي ما نسبته 3 في المئة فــقط. أما في البرامج الحوارية ذات نسبة المشـاهدة العالية والتي تبث مساء الأحد، فقد تمت دعوة 89 ضيفاً لإبداء آرائهم حول الحرب، بينهم ضيفة واحدة فقط، هي كاترينا فاندن هيوفل، محرّرة وناشرة مجلة «نايشن» أظهرت رفضها للحرب.

وقد لاحظ موقع "هافنغتون بوست" أنّ غياب الأصوات المعارضة للحرب خلال فترة الدراسة، يتوافق مع غياب مشابه لأيّ جدل حول تدخّل الولايات المتحدة عسكــرياً ضدّ «داعش» في العراق خلال تموز الماضي. إذ حصل مسؤولون سابقون في إدارة بوش على مساحات كبيرة من أوقات البث، كي يعملوا على مناصرة التدخل العسكري، على الرغم من فشلهم الذريع في العراق قبل عقد من الزمن، بينما تم استبعاد أصوات أخرى ممن أبدوا شكوكهم حيال الحرب في العام 2003.

http://assafir.com/Article/1/384710من جهتها، لجأت محطات التلفزيون إلى محاولة تصوير وجود مناقشات خلافية، وذلك لإيهام المشاهد بأنّها تعرض مواقف متباينة حيال مسألة شنّ الولايات المتحدة لضرباتها الجوية في سوريا والعراق. لكنَّ الدراسة رأت أنَّ المتابع لهذه المناظرات يلاحظ أنّها تنحصر في «آليات شنّ الحرب»، وليس في رفض اتخاذ طريق الحلول العسكرية.

فالجميع مع الخيارات العسكرية، لكنــهم قد يختلــفون في ما بينــهم حول شدتها أو مداها أو أساليبها. على سبيل المثال، إثر خطاب أوباما حول استراتيجيته العسكرية ضد «داعش»، استضافت "سي أن أن" السيناتور الجمهوري جون ماكين، والناطق السابق باسم البيت الأبيض جاي كارني.

كان الاثنان متفقين على العمل العسكري، لكنّ ماكين ـ كما هو متوقّع منه ـ أراد النقاش أكثر عنفاً، فتحوّل الأمر إلى «شجار» في عناوين «سي أن أن» الإخبارية. تــعلّق دراســة «فير» متــهكّمة بالقول إنّ تحوّل اختلاف بسيط في الآراء إلى «شجار»، يشي بالكثير حول غياب الجدل في وسائــل الإعــلام الكبرى، حول المرحلة الجديدة التي تدخلها «الحرب على الإرهاب».