ليس في جعبة الرئيس الأمريكي باراك اوباما ما يمكنه من ادارة الظهر لاتفاق مع ايران في الملف النووي
نصف الكأس ممتلئ والنصف الثاني ليس فارغا، هذا الكلام لواحد من أكفأ الدبلوماسيين الروس نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريباكوف في تصريح له حول مفاوضات الدول 5+1 مع ايران في ملفها النووي. ومن المعروف عن ريباكوف أنه يزن كلماته جيدا قبل ان يطلقها ، وهو كان أعرب عن تفاؤل نسبي بوصول هذه المفاوضات الى نتيجة إيجابية بحلول الرابع والعشرين من شهر تشرين ثاني/نوفمبر الحالي.
وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بدوره عزَّز هذا الانطباع عندما قدم نصيحة لوسائل الإعلام بالتحلي بالصبر أسبوعا آخر ، قائلا ان هناك مفاوضاتٍ لاحقة سوف تجري الثلاثاء المقبل في جنيف.
الانطباع في الكيان الاسرائيلي أيضا ليس بعيدا عن هذا الجو ، وهم يتوقعون حدوث اختراق مهم قبل الرابع والعشرين من الشهر الحالي، وهذا ما تحدث عنه موقع يهود فرنسا المقرب من الليكود الاسرائيلي عندما كشف عن استراتيجية "إسرائيل" لمواجهة أي اتفاق حول الملف النووي الإيراني والتي حددها بثلاث مراحل:
1 – رفض أي اتفاق حول الملف النووي لإيران لا يجبر طهران على وقف حقها في تخصيب اليورانيوم.
2 – تفعيل اللوبي الإسرائيلي في امريكا للضغط على الوسط السياسي والإعلامي والحصول من الكونغرس على تعطيل أي اتفاق مع ايران وبكل الوسائل.
3 – رفع مستوى التهديدات بالقيام بعمل عسكري ضد ايران
دول الخليج بدورها تشعر بالرعب من حصول اتفاق امريكي إيراني ، وهذا يظهر في تعليقات الصحف السعودية وفي كلام السياسيين السعوديين أكثر من غيرهم.
رغم هذا الوضع ليس في جعبة الرئيس الأمريكي باراك اوباما ما يمكنه من ادارة الظهر لاتفاق مع ايران في الملف النووي يكون مقدمة لتفاهمات اخرى في ملفات عالقة في المنطقة بدءاً من الحرب ضد داعش مرورا بسوريا والعراق وصولا الى اليمن ومعابر النفط البحرية .
ويعلم الرئيس الأمريكي باراك اوباما أنَّ اتفاقا مع ايران خلال ولايته يحمل توقيعه سيدخله التاريخ ، وفي نفس السياق يدرك أوباما أن الخيارات الأمريكية في مواجهة إيران محدودة ، ولا يمكن للقيادات السياسية الامريكية وضع استراتيجية حربية ضد ايران تدخل امريكا في حرب كبرى في منطقة الشرق الاوسط ، كما ان الرأي العام الامريكي والعالمي خصوصا الاوروبي مؤيد لاتفاق نووي بين الغرب وإيران وإن حاولت الآلة الإعلامية الاسرائيلية إظهار العكس، كما أنَّ فشل المفاوضات النووية مع ايران سوف يدخل منطقة الشرق الاوسط في أزمة سياسية وربما عسكرية كبرى ستكشف الحقائق على الارض ، وهي ان الولايات المتحدة الامريكي ليس لديها حاليا القدرة لحماية مصالحها ومواقعها في المنطقة ، وليس لديها القدرة على خوض الحرب ضد الارهاب بلحمها الحي ، ما يجعل الرئيس الامريكي أمام خيار واحد هو الاتفاق مع ايران على ملفها النووي.
هذه الحتمية السياسية يمتلك اوباما صلاحيات رئاسية واسعة لتنفيذها وإنجاحها رغم خسارة الحزب الديمقراطي في الانتخابات النصفية في الكونغرس قبل عشرة أيام ، وهو يقدر ان الاتفاق مع ايران سوف يكون له مردود انتخابي جيد للديمقراطيين، وأخيرا يعلم اوباما ان العقوبات الأحادية ضد ايران لم تعد تجدي نفعا ، ولم يعد بالإمكان الاستمرار في الحفاظ على تماسكها بعد 36 عاما من بدئها، مع تسرب معلومات تفيد أن موضوع العقوبات ضد ايران تم نقاشه في اللقاء بين اوباما وبوتين خلال قمة الدول الكبرى التي عُقدت في بكين قبل اسبوعين.
هذه الوقائع الميدانية والسياسية تراها موسكو بشكل أوضح من الغير ، وهذا ما يُعطي تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي مصداقية ظهرت في الاتفاق النووي الايراني الروسي الجديد لبناء ثماني محطات نووية جديدة في مجمع بوشهر النووي في ايران.