سياسة الخصوصيّة الجديدة التي يقترحها «فايسبوك»، لا تشي بإمكانيّة حصول تغيير لصالح خصوصية المستخدمين. وتختصر الآراء المتشائمة الأمر في أن الجديد هو إقرار المستخدم، مجدداً، بمعرفته وموافقته على بنود سياسة خصوصية تُستخدم ض
تشكّل خصوصيّة البيانات مصدر قلق كبير، بالنسبة لمستخدمي مواقع التواصل، ومصدراً أساسياً لمشاكل عدّة تفجّرت مؤخراً. ولا تكاد أزمة تتعلق بسياسات الخصوصيّة لمواقع التواصل تنتهي، حتى تظهر أخرى. ومع الدعاوى القضائية المتكرّرة التي تكبد «فايسبوك» ملايين الدولارات تدفع كتعويضات لمستخدمين ادّعوا استخدام الشركة بياناتهم من دون علمهم، قامت الشركة بوضع اقتراح سياسة خصوصيّة جديدة، يمكن وصفها بأنّها أقصر، أوضح، وأبسط.
وأعلنت الشركة أنّها ستتيح الاطلاع على السياسة الجديدة لأيّام، بهدف مشاركة التعليقات الواردة حولها، قبل طرحها بشكل نهائي خلال الشهر القادم.
لتسهل الخطوات على مستخدمي «فايسبوك»، اختصرت الشركة سياسة الخصوصية على موقعها من 9 آلاف كلمة إلى نحو ألفي كلمة. أضيفت ألوان ورسوم توضيحية إلى القسم التفاعلي «أساسيات الخصوصية»، والتي تدلّ بنودها المستخدمين على كيفيّة التحكّم بمنشوراتهم وعرضها وتبادلها. لعبت شركة «فايسبوك» على ناحية في غاية الأهميّة، فمن المعروف أنَّ نسبة ضئيلة جداً من المستخدمين يقرأون بنود سياسة الخصوصية في المواقع التي يشتركون فيها.
وبحسب ما ورد في دراسة متخصّصة قبل عامين، فإنّ الفرد الواحد يحتاج 250 ساعة لقراءة سياسات الخصوصية لكلّ مواقع التواصل المسجّل فيها. لهذا، وجَّهت الشركة المسؤولية نحو المستخدم ذاته، من خلال شعار جديد هو: «أنت مسؤول». أي أنَّه بات لزاماً على المستخدم أن يقرأ ويفهم بشكل فعليّ، ما يرد في سياسة الخصوصية، قبل الضغط على زر «موافق».
يقول إريك إيغان مسؤول الخصوصية في «فايسبوك» إنّ «حماية معلومات الناس وتقديم ضوابط خصوصية مفهومة وذات معنى، هي في جوهر كل ما نقوم بعمله». لكن هل يكفي أن تكون بنود سياسة الخصوصية سهلة القراءة ومفهومة أكثر، ليضمن المستخدم ألا تتكرر انتهاكات بياناته، أم أن سهولة القراءة تحمل نوعاً من الالتفاف على المضمون ذاته؟ حول هذه التساؤلات أوردت شبكة «اي بي سي نيوز» على موقعها عدداً من النقاط الواردة في إعادة صياغة سياسة الخصوصية.
مثلاً، ما زال «فايسبوك» يعرف مكان المستخدم، ويستغلّ تلك المعلومة. ففي حين كان المعلنون على دراية بمواقع المستخدمين عبر خدمة «جي بي أس» على الهواتف الذكية، فإن السياسة الجديدة تتيح خاصيّة التعرّف على مكان المستخدم، عبر «بلوتوث»، أو الـ«واي فاي». يطلب «فايسبوك» من المستخدمين معرفة مواقعهم بغية تقديم ميزات إضافية، إلا أنّه في حقيقة الأمر يشارك تلك المواقع مع المعلنين، لتقديم إعلانات «أقرب» لمكان كلّ مستخدم، من دون «التصريح بهوية هؤلاء المستخدمين»، بحسب تعبير إيغان.
مثال آخر على تبادل البيانات مع الموقع من دون دراية المستخدم، يكمن في زرّ «الشراء» الذي يتمّ اختباره حالياً، وهي خدمة تتيح للمستخدمين القيام «بعمليات آمنة» من دون مغادرة الموقع إلى صفحات أخرى.
سياسة الخصوصيّة الجديدة التي يقترحها «فايسبوك»، لا تشي بإمكانيّة حصول تغيير حقيقي لصالح خصوصية المستخدمين. وتختصر الآراء المتشائمة الأمر في أن الجديد هو إقرار المستخدم، مجدداً، بمعرفته وموافقته على بنود سياسة خصوصية تُستخدم ضدّه، وإن اضطر هذه المرة لقراءتها.