27-11-2024 06:36 AM بتوقيت القدس المحتلة

هكذا ردّت السعودية على دعوة السيد نصر الله للحوار؟

هكذا ردّت السعودية على دعوة السيد نصر الله للحوار؟

في تقريرنا السابق "اليد الممدودة للحوار غير المشروط.. هل تُلاقى في منتصف الطريق؟"، سألنا كيف سيكون الرد على طرح السيد حسن نصر الله الى الحوار، فجاء الطلب السعودي في مجلس الامن لادراج حزب الله على لوائح الارهاب.

في تقريرنا السابق "اليد الممدودة للحوار غير المشروط.. هل تُلاقى في منتصف الطريق؟"، سألنا كيف سيكون الرد على طرح الامين العام لحزب الله السيد السيد حسن نصر الله للحوار، وتناولنا إمكانية فتح قنوات التواصل والتحاور بين حزب الله وتيار المستقبل كمنطلق ولازمة لاعادة الحوار كملتقى طبيعي لكافة الاطراف في لبنان، اشرنا في تقريرنا المذكور اعلاه الى ان حزب الله يده ممدودة للحوار غير المشروط.

والحوار اي حوار يحتاج الى مقومات ومقدمات كي يوصل الى نتائج عملية ومفيدة وكي يكون الحوار مجديا، فمن المنطقي ان اي حوار قبل البدء به لا بدَّ ان يكون هناك نوايا طيبة ورغبة ايجابية للدخول اليه، فلا يمكن الحديث عن حوار او تلاق بين أطراف تتصارع ولو على المنابر وفي الاعلام او تتبادل التهم وبما يدل عن غياب النوايا الحسنة الصافية بين هذه الاطراف.

وبعد الدعوة الواضحة والصريحة للسيد نصر الله للحوار، برز مؤخرا ما جرى في مجلس الامن الدولي حيث طلبت السعودية رسميا عبر ممثلها إدراج حزب الله على لوائح المجلس للارهاب، وهنا لا بدَّ من التفكير في كيفية التعاطي مع هذه الخطوة السعودية من قبل حلفاء السعودية في لبنان وفي مقدمتهم "تيار المستقبل".

فقد بدأ بعض نواب وقيادات "التيار الازرق" بتهيئة الاجواء لتلقف الدعوة للحوار، حيث حاولوا تلطيف الاجواء اعلاميا بما يوحي بالتحضير لشيء ما، مع ما يشاع من حراك لكل من الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط لتفعيل قنوات التواصل بين المستقبل وحزب الله، فجاء الطلب السعودي ليشير ان هناك شيء جديد على مسار "الحوار المفترض"، فلا أحد ينكر العلاقة الواضحة بين المستقبل والسعودية والتنسيق اليومي المباشر بين قيادة التيار والمسؤولين السعوديين، فهذه العلاقة لا تبدأ بخطوة رئيس التيار النائب سعد الحريري الذي نقل منذ سنوات مقر اقامته من بيت الوسط الى السعودية، ولا تنتهي بتماهي ازرق في المعلب الاخضر. 

كيف ستنعكس الخطوة السعودية على الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله؟

فهل تيار المستقبل سيتمكّن من التنصل من الخطوة السعودية اتجاه حزب الله ويعمل للبحث عن مصلحة لبنان؟ ام انه سينصاع الى الرغبة والارادة السعودية التي تريد ادراج حزب الله على لائحة الارهاب في مجلس الامن؟ وكيف سينعكس ذلك تباعا على الحوار المحتمل مع حزب الله؟ وايضا كيف سيرد حزب الله على الخطوة السعودية غير المبررة ضده في هذا التوقيت؟ فهل سيعرقل الحوار في لبنان او انه سيتجاوز كما عوّدنا دائما استهدافه الخاص وسيفضل مجددا مصلحة لبنان ويجلس على طاولة واحدة مع من يستهدف بصورة مباشرة او غير مباشرة؟
 
علما ان تيار المستقبل ورئيسه سعد الدين الحريري، يستطيعان تذكير السعودية ان حزب الله حزب سياسي لبناني لديه كتلة من اكبر الكتل النيابية في البرلمان ويتمثل في الحكومة، وهو فريق لبناني وطني له ثقله الشعبي وتاريخ ناصع منذ ثمانينات القرن الماضي في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وحماية لبنان في كل الظروف، لا سيما اليوم حيث يواجه الارهاب التكفيري دفاعا عن كل اللبنانيين بمن فيهم تيار المستقبل الحليف الاساسي للرياض في لبنان.

والسؤال الابرز الذي يطرح لماذا تطلب السعودية وضع اسم حزب الله على لائحة الارهاب وهو -أي حزب الله- يواجه الارهاب الذي تدعي اليوم السعودية انها تريد مكافحته؟ وهل هكذا تلاقى الدعوات غير المشروطة للحوار من قبل داعمي تيار المستقبل؟ فإن كان هذا هو موقف الداعم فكيف سيكون موقف المدعوم؟ هل سيعمد المستقبل الى رفض الحوار على اهميته للبنان ام سيكتفي في العرقلة املا برفع شروطه على حساب اللبنانيين؟ ام انه بعكس ذلك سيبادر الى مخالفات هذه الخطوة السعودية والدخول في حوار مع طرف تريد "المملكة" وضعه على لوائح الارهاب؟

حول كل ذلك توجهنا بالسؤال الى عضو "المجلس الوطني للاعلام" في لبنان غالب قنديل الذي يعتبر ان "الحملة السعودية التي استهدفت حزب الله مؤخرا سوف تنعكس على الاجواء بسبب مواقف تيار المستقبل السياسية المرتبطة بالسقف السعودي"، ويضيف ان "الموقف السعودي الاخير يمثل إشارة سلبية على مستوى جو العلاقات داخل لبنان سواء بالنسبة للتأثير على تيار المستقبل او غيره من قوى 14 آذار التي ترتبط بحركتها بشكل كبير بالموقف السعودي".

"ما قيل في مجلس الامن عن حزب الله يصنّف في خانة الكلام الخطير"، يرى قنديل، ويعتبر ذلك لانه "جاء في وقت دعا فيه السيد نصر الله تيار المستقبل للحوار وللعمل معا لمجابهة الارهاب التكفيري بينما يأتي الموقف السعودي بطلب وضع حزب الله على لوائح الارهاب من الامم المتحدة ليشكل عقبة كبيرة في طريق الحوار"، ويوضح ان "ما يجعله يقول هذا الكلام انه لم تظهر حتى الآن اية اشارات في تجربة المستقبل حول استقلاله عن الحسابات السعودية"، ويأمل ان "يتجاوب تيار المستقبل مع دعوة السيد نصر الله للحوار".

حول كلام الرئيس بري المتكرر عن الحوار، يقول قنديل إن "الواضح ان هناك تصميم لدى الرئيس بري في مواصلة المحاولة للوصول الى الحوار"، ويلفت الى ان "الرئيس بري لديه معطيات في هذا المجال وهو يراهن على انه يستطيع ان يقوم باختراق للجمود الحاصل في البلد"، ويشير الى ان  "البعض يعتبر انه اذا حصل تقدم على صعيد الاتفاق النووي الايراني فإن ذلك قد ينتج امورا ايجابية في لبنان"، ويدعو "لانتظار الايام المقبلة لمعرفة مصير حسابات الرئيس بري وتوقعاته".

من جهته، يقول عضو كتلة "المستقبل" النيابية في لبنان عمار حوري إن "الرئيس سعد الحريري طرح في رمضان الماضي مبادرة للحوار وكررها اكثر من مرة كما ان السيد نصر الله أخذ موقف باتجاه الحوار"، ويلفت الى ان "الرئيس الحريري لا يزال في طور دراسة الموقف من الحوار"، ويضيف ان "الرئيس فؤاد السنيورة ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري زارا الرئيس بري وتناقشوا في موضوع الحوار".

ويلفت حوري الى ان "الرئيس بري يعمل ويساعد على تهيئة الاجواء باتجاه الحوار"، ويتابع "نحن دائما نعتبر ان البوابة الحقيقة لاي حوار في لبنان هو موضوع رئاسة الجمهورية"، ويعتبر ان "الكرة في ملف الحوار اليوم هي عند الرئيس بري لانه يقوم بجهد معين الىن ونحن بانتظار نتائج هذا الجهد".

وفيما يتعلق بالخطوة السعودية بالنسبة لطلب ادراج حزب الله على لوائح الارهاب، لم يشأ حوري الخوض كثيرا في هذا المجال، لكنه يؤكد ان "الموقف السعودي يختلف تماما عن ملف الحوار بين الاطراف اللبنانية"، ويعتبر انه "رغم الموقف السعودي هذا فإن موضوع الحوار يبقى عند الرئيس بري وعلى نتائج حراكه في هذا المجال".   

امام  حول توقيت الخطوة السعودية السلبية اتجاه حزب الله، يرى الاستاذ غالب قنديل انها "تعلق بثلاثة عوامل هي:

- 1- الخيبة السعودية في سوريا ودور حزب الله هناك الذي بدأ ينال اعتراف غربي بأنه دور بنّاء وفعّال في مكافحة الارهاب.

-2- فشل السعودية في سوريا، فالسعودية التي ربطت مصيرها ومكانتها السياسية وموقعها في المنطقة بمعركتها ضد الدولة السورية وقد فشلت في مشروعها، وهي تدرك ان لحزب الله دورا اساسيا في مساندة ودعم الدولة والجيش في سوريا لمكافحة الارهاب التكفيري الذي تدعمه هي والعديد من حلفائها.

-3- المرحلة المتقدمة التي بلغها التفاوض الايراني الغربي حول الملف النووي الايراني، فالسعودية لها 35 سنة تبني دورها الاقليمي على وظيفة انها القوة القائدة لآليات الحصار الاقليمية ضد ايران وهي اليوم ترى اميركا والغرب يدخلان في مفاوضات جدية مع ايران النووية، وكل هذا يصيب السعودية بهستيريا نتيجة تراجعها الكبير على الصعيد الاقليمي لانها ربطت مصيرها بالمصالح الاميركية والجميع يعرف ان الاميركي يتخلى عن اي احد خدمة لمصالحه".

يبقى في الختام وجوب تذكير جميع الاطراف اللبنانية ان مصلحة لبنان يجب ان تكون في أعلى سلم اولوياتها وعلى كل المستويات، ايا كانت العلاقات التي تربطها مع دول او اشخاص، لان لا احد في العالم يفضّل مصلحة الخارج عل مصلحة وطنه وشعبه، ولا يحتاج اللقاء والحوار بين اللبنانيين الى الكتابة حول اهميته وضرورته في كل الاوقات وليس في هذه الظروف الحساسة التي يمر بها البلد، لذلك فعلي الجميع العودة الى طاولة الحوار والجلوس للنقاش حول اية هواجس، بعيدا عن اية حسابات وآراء لدول خارجية صديقة او غير صديقة..