يحضر اسم إيليوت أبرامز كلّما وضع المحافظون الجدد خططاً لمنطقة الشرق الأوسط، وتحديداً للبنان وسوريا، منذ عام ٢٠٠٠
صباح أيوب
يحضر اسم إيليوت أبرامز كلّما وضع المحافظون الجدد خططاً لمنطقة الشرق الأوسط، وتحديداً للبنان وسوريا، منذ عام ٢٠٠٠. الرجل الذي خدم في عهود رونالد ريغان وجورج بوش الابن وشابت مسيرته فضائح وإدانات في الكونغرس، رسم ولا يزال سيناريوهات أميركية للمنطقة تقوم على تحقيق مصلحة إسرائيل والحفاظ على أمنها. ولعلّ أشهر تلك الخطط، الوثيقة التي صدرت في أيار عام ٢٠٠٠ وحملت عنوان «إنهاء الاحتلال السوري للبنان، دور الولايات المتحدة الأميركية».
أبرامز، اليهودي الأصل، الذي شغل مناصب حساسة في إدارة الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي ٢٠٠٢ و ٢٠٠٩ (في عهد بوش الابن)، لطالما دعا الى تغيير جذري في السياسة الأميركية تجاه سوريا منذ عهد الرئيس السابق حافظ الأسد. تغيير من شأنه أن يحقق مصلحة إسرائيل وتوقيع سلام شامل معها، كما يصبو أبرامز وزملاؤه من المحافظين الجدد.
وفي عام ٢٠١٤ لا تزال رؤى أبرامز ومطالبه على حالها. قبل أيام، وقف المسؤول السابق في الإدارة الأميركية أمام «لجنة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» التابعة لـ «لجنة العلاقات الخارجية» في مجلس النواب، وأدلى بشهادته حيال السياسة الأميركية في سوريا.
موضوع جلسة الاستماع، كان تحديداً حول «الخطوات التالية للسياسة الخارجية في العراق وسوريا». اللافت في شهادة أبرامز عن العراق وسوريا، كان تركيزه على حزب الله.
في معظم كلامه عن الاستراتيجية التي يجب على واشنطن اعتمادها في سوريا، أشار أبرامز الى حزب الله كهدف يجب التخلص منه من أجل تحقيق المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة.
قسّم أبرامز خريطته الى محورين: «محور حزب الله ـ إيران ـ روسيا، الذين يدعمون الأسد، ومحور الولايات المتحدة وأوروبا وأصدقائنا من دول الخليج، الذين يريدون رحيله». ثم شرح أن أي موافقة أميركية على أن يكون الأسد جزءاً من السلطة في المرحلة المقبلة «ستُعدّ هزيمة لواشنطن وانتصاراً لطهران». وبما أن مسألة «مَن سيفوز؟» في هذه المعركة في الشرق الأوسط تحديداً «أمر مهمّ»، يجب أن تخرج الولايات المتحدة «منتصرة». كيف؟ يقول أبرامز إنه يجب أن «يُستبدل نظام الأسد بنظام سنّي يأخذ منحى الدول السنيّة المجاورة»، ما سيمثّل «هزيمة لروسيا ولإيران ولحزب الله». «هزيمة النظام السوري ستدمّر حزب الله في الداخل اللبناني» أضاف أبرامز، متابعاً: «لقد ازدادت قوة الحزب في لبنان منذ عشرات السنين، لكن نقطة تحوّل ما قد تحدث (في سوريا) وقد تكون بداية تراجعه. وهذا سيصبّ في مصلحتنا بالتأكيد».
وعن مصلحة إسرائيل، شرح المسؤول الأميركي (السابق) أن «سوريا تؤمّن جسراً بين إيران وحزب الله، وبهذا تكون لإيران حدود مع إسرائيل من خلال الحزب»، وتلك مشكلة بحدّ ذاتها، لكن، يخلص، «إذا سقط الأسد.. فكل ذلك سيتغيّر».
ماذا عن «داعش»؟ أشار أبرامز الى أنه «لهزم داعش يجب تغيير المعادلة في سوريا». كيف؟ «إضافة الى تسليح المعارضة... يجب ضرب سلاح الجوّ السوري»، دعا أبرامز بحزم، مبرّراً أن الأسد «يستخدم هذا السلاح لضرب شعبه».
تجدر الإشارة الى أنه خلال حديث أبرامز عن الشأن اللبناني وكيفية إضعاف حزب الله داخلياً، ذكر أن «هناك استياءً لدى اللبنانيين من مشاركة الحزب بالقتال في سوريا، ومن الشيعة الذين يتساءلون لماذا يموت أولادهم دفاعاً عن بشار الأسد؟».
أبرامز «اهتمّ» بالشأن اللبناني منذ ما قبل عام ٢٠٠٠، من خلال علاقات جمعته برجال أعمال ومتموّلين لبنانيين، ولاحقاً مع سياسيين من فريق ١٤ آذار. وثيقة «إنهاء الاحتلال السوري للبنان» (أيار ٢٠٠٠) جاءت بمشاركة بعض هؤلاء، الى جانب عدد كبير من صقور المحافظين الجدد. من بين اللبنانيين يذكر زياد عبد النور، دانيال ناصيف، نبيل الحاج، حبيب مالك، سمير بستاني، شارل صهيون... ومن أبرز المحافظين الجدد ريتشارد بيرل (رئيس لجنة استشارية في الشؤون الدفاعية في عهد جورج بوش الابن)، دانييل بايبس، باولا دوبريانسكي، دوغلاس فييث، جين كيركباتريك... وثيقة عام ٢٠٠٠ طالبت بانسحاب القوات العسكرية والاستخبارية السورية من لبنان (الأمر الذي تحقق بعد ٥ سنوات)، والأخذ في الاعتبار «تدخل عسكري أميركي سريع» ضد سوريا «بغية حماية حريات لبنان وتعدديته» و»الدفاع عن مبادئ الولايات المتحدة ومصالحها». «لم يكن الجنوب قد تحرر بعد. ولم يكن بشار الأسد قد وصل إلى السلطة. ولم تكن تفجيرات 11 أيلول حصلت. ولا احتلال أفغانستان والعراق. ولا التمديد. ولا قانون المحاسبة. ولا القرار 1559، ولا موجة الاغتيالات والتفجيرات... لم يكن أي من ذلك قد حصل، ومع هذا كان هناك من يفكر، ويخطط، وينفذ، وينتظر التطورات القادرة على نقل الأهداف إلى حيز الواقع»، كتب جوزف سماحة عن تلك الوثيقة في مقال، واكب زيارة أبرامز وديفيد ويلش الى لبنان مطلع عام ٢٠٠٦، بعنوان «استقبال إيليوت أبرامز: البيض والبندورة والعصي» («السفير» ـــ ١٧ كانون الثاني ٢٠٠٦).
edimg/2014/Americas/US/bramerz.jpg
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه