اعتبر عضو المكتب السياسي في تيار المردة وسام عيسى أنّ البطريرك الماروني بشارة الراعي يتبنى موقف الفاتيكان، مشيداً بمواقفه الأخيرة تجاه الأزمة السورية وهي المواقف التي عكست انفتاح الكنيسة إزاء ما يحصل
حسين عاصي
القوات ترتكب خطأ تاريخياً.. وهي تحلم بالشرذمة!
صفير كان بطريرك جونية.. وتورط بزواريب الداخل
البطريرك الراعي منفتح ويتبنى موقف الفاتيكان
لطالما سعت القوات اللبنانية لاقامة دولتها الخاصة
الراعي وسّع الأفق.. وموقف القوات ليس مدعوماً
الموقف الروسي ليس مزحة.. وخطر الخارج محدود
الخطر أصبح وراءنا: الاصلاحات تتقدم والفتنة تتراجع
اعتبر عضو المكتب السياسي في تيار المردة وسام عيسى أنّ البطريرك الماروني بشارة الراعي يتبنى موقف الفاتيكان، مشيداً بمواقفه الأخيرة تجاه الأزمة السورية وهي المواقف التي عكست انفتاح الكنيسة إزاء ما يحصل في المنطقة وإزاء ما يتهدد المسيحيين من مخاطر جسيمة بشكل خاص.
وفي حديث خاص لموقع "المنار" الالكتروني، أثنى عيسى على مواقف البطريرك الراعي الذي يجسّد توصيفه كبطريرك لأنطاكية وسائر المشرق في حين كان سلفه البطريرك السابق نصرالله صفير بطريركاً على جونية فقط، وهو الذي دخل بالخلافات الشخصية وكان منحازاً.
وانتقد عيسى حزب القوات اللبنانية، مشيراً إلى أنّ هذا الحزب لم يظهِر في أي يوم حرصه على الدولة، بل كان يحلم دائماً بالفدراليات والشرذمة، محذراً من أنّ موقفه غير مدعوم مسيحياً ومنبّهاً إلى أنّ القاعدة السنّية والشيعية لهذا الحزب لا تسمح له بالتفريط بقاعدته المسيحية.
وفي قراءته للواقع السوري، أعرب عيسى عن اعتقاده بأنّ الخطر أصبح وراءنا، متحدثاً عن تقدّم للاصلاحات وتراجع للفتنة، مشيراً إلى أنّ الموقف الروسي الداعم لسورية ثابت وليس مزحة، كاشفاً أن احتمال الخطر الخارجي محدود جداً.
لا نصطفّ وراء الكنيسة
عيسى أكّد لموقع المنار أنّ تيار المردة لم يعتد الاصطفاف وفق موقف الكنيسة، موضحاً أنّ تياره يفرّق بين الأمور الدينية والأمور السياسية في إطار ولائه لبكركي ويؤمن بجواز اختلاف الرؤية السياسية مع الكنيسة. ومع ذلك، أعرب عيسى عن سعادته الشديدة بالتقاء موقف تيار المردة مع موقف الكنيسة في هذه المرحلة، متحدثاً عن دور جدي سيظهر أكثر في المستقبل للفاتيكان يعبّر عن حرص كنيسة المهد الشديد على مسيحيي المشرق. ورأى أنّ القرار بتغيير البطريرك السابق والاتيان ببطريرك جديد أتى انطلاقاً من هذه النظرة المستقبلية إلى حدّ ما للفاتيكان والحرص على مسيحيي المشرق، خصوصاً في ضوء تجربة العراق وفلسطين وانقراض عدد المسيحيين فيها، فضلاً عن عدم قدرة المسيحيين على زيارة المناطق المقدّسة ووصول وضعهم لحدّ الالغاء.
وفيما رأى عيسى أنّ البطريرك الماروني بشارة الراعي يتبنّى موقف الفاتيكان، أعرب عن اعتقاده بأنّ لدى البطريرك انفتاحاً مشهوداً بخلاف سلفه، في إشارة إلى البطريرك السابق نصرالله صفير. وقال: "إنها المرة الأولى التي نشعر فيها أنّنا فعلاً لا قولاً أمام بطريرك لأنطاكية وسائر المشرق، فسلفه كان بطريرك جونية فقط ودخل كثيراً بالخلافات الشخصية والزواريب الداخلية وكان منحازاً وبالتالي قلّص أفقه بعكس البطريرك الراعي الذي وسّع أفقه فكانت خطواته جيدة جداً نثني عليها ونلتقي معه فيها دون أن يعني ذلك أننا نصطفّ وراء الكنيسة ونتبنى مواقفها في السياسة".
إلى أين تذهب القوات اللبنانية؟
وتعليقاً على موقف حزب القوات اللبنانية الذي انتقد، على لسان نائب قائده جورج عدوان، مواقف البطريرك الراعي من سورية واعتبر أنها تضرب مفهوم الدولة، لفت عيسى إلى أنّ القوات اللبنانية لم تُظهِر يوماً حرصاً على الدولة، بل كانوا دوماً يسعون لاقامة دولة داخل الدولة. وقال: "يحلمون بفدراليات وبشرذمة للعالم العربي يعطيهم بقعة أو كوخاً أو مساحةً يقيمون عليها دولتهم، علماً أنّ هذا المشروع قديم ومنذ السبعينات".
ونبّه عيسى إلى أنّ هذا الموقف الذي تتخذه القوات اللبنانية ليس موقفاً مدعوماً على الصعيد المسيحي، محذراً من أنّ القاعدة السنّيّة والشيعية للقوات اللبنانية لا تسمح لها بالتفريط بقاعدتها المسيحية، متحدثاً في هذا السياق عن خطأ ترتكبه القوات اللبنانية بحق نفسها قبل الآخرين، متسائلاً إلى أين تذهب القوات اللبنانية في هذه السياسة. وفيما لفت إلى أنّ الغرب يسعى لتكريس مشروع ترانسفير المسيحيين، أعرب عن اعتقاده بأن القوات اللبنانية، إذا كانت تسعى لهذا المصير، فهي تُدخِل نفسها وجمهورها بورطة كبيرة.
وأشار عيسى إلى أنّ المعادلة تغيّرت انطلاقاً من انفتاح القيادات المسيحية وفي مقدّمهم رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، مشيراً إلى التفاهم الذي كرّسه الأخير مع حزب الله والذي انعكس إيجاباً على الساحة اللبنانية. وقال: "هذا هو التحالف المشرقي ونحن نعرف أننا مشرقيون وأننا سنبقى هنا وسنعيش هنا، وبالتالي فنحن ندرك أنّ الأيام التي كنا نضطر فيها للارتهان للغرب زالت، فالمعادلات كلها تغيّرت وحلفاؤنا ينتصرون ولم يعد هناك أي تفسير للانهزام في قاموسنا".
الخطر أصبح وراءنا
وفي قراءته للواقع السوري الحالي، أشار عضو المكتب السياسي في تيار المردة إلى أنّ الخطر بات وراءنا، ملاحظاً أنّ كل الامكانيات لضرب النظام السوري وُضِعت دفعة واحدة وبلحظة عدم انتباه ربما من النظام، لكنها مع ذلك فشلت. وأوضح أنّ الخطة كانت تقتضي أن يكون هناك موطئ قدم للمعارضة السورية على الحدود مع الأردن أو العراق أو لبنان بحيث تُحمى من الغرب وتكون قاعدة للانطلاق لضرب النظام. ولفت إلى أنّ هذا التكتيك فشل تماماً كخيار اللعب على العصبيات في حماه، ملاحظاً أنّ العنوان الذي وُضِع لتحركات الجمعة لهذا الأسبوع حمل بين طيّاته تراجعاً واضحاً بمجرّد أن تطلب المعارضة حماية غربية بصورة علنية.
ولفت عيسى إلى أنّ مشروع الاصلاحات يتقدّم في سورية، وهو ما لم يعد خافياً على أحد، متحدثاً في هذا الاطار عن تقدّم للاصلاحات وتراجع للفتنة، مطمئناً إلى أنّ سورية محصّنة أيضاً من حيث الموقف الخارجي وذلك من خلال الموقف الروسي الثابت، موضحاً أنّ الموقف الروسي ليس مزحة وهو عطّل إمكانية التدخل العسكري في سورية عبر الأمم المتحدة وقوات حلف شمال الأطلسي، وبالتالي بات الخطر الأجنبي محدوداً جداً. كما دعا ما تبقى من "معارضين شرفاء" في سورية إلى أن يخرجوا ببرنامج وأن يحاوروا النظام على مطالبهم، ملاحظاً أنّ نقطة الضعف الأساسية هي أنّ هذا النظام ليس لديه محاوِر جدي.
هل يدخل الموتورون على الخط؟
وختاماً، تطرّق عيسى إلى التداعيات المحتملة على أرض الواقع في لبنان وسورية للأزمة الراهنة في دمشق خصوصاً في ضوء تشنّج الخطاب السياسي الداخلي بشكل غير مسبوق، حيث حذر من أنّ سقوط هذا المشروع ينقل الداخلين به والمتورطين به إلى مرحلة الانكفاء، وهي مرحلة خطيرة. وتوقّع عيسى أن تحمل المرحلة المقبلة أزمة حقيقية في سورية تترجم على شكل متفجرات واغتيالات.
وتمنى عيسى أن لا يأخذ "قبضايات" لبنان ذات المنحى باعتبار أنّ لبنان ممسوك أمنياً في المرحلة الراهنة كما أنّ جيشه متماسك، ولم يستبعد أن يحاول بعض الموتورين تحريك الأمور ضمن رؤية طائفية للأمور. وقال: "هناك محاولات حصلت لكنها قُمِعت بسرعة ولا أعتقد أنّهم في لبنان يستطيعون خلق هذا الجو، علماً أنّ الارباكات تحصل أينما كان دون أن تخلق بالضرورة خطراً على النظام".