تتزايد المؤشرات إلى اتساع الهوة بين «جيش الإسلام» و»أحرار الشام»، وهما أهم فصيلين مؤسسين لـ «الجبهة الإسلامية»، الأمر الذي يهدد الأخيرة بالتفكك وانتهاء الصلاحية
عبد الله سليمان علي
تتزايد المؤشرات إلى اتساع الهوة بين «جيش الإسلام» و«أحرار الشام»، وهما أهم فصيلين مؤسسين لـ «الجبهة الإسلامية»، الأمر الذي يهدد الأخيرة بالتفكك وانتهاء الصلاحية.
وترفض قيادة الطرفين حتى الآن الإقرار بحقيقة الخلافات وعمقها، غير أن الوقائع تؤكدها، خاصة بعد سقوط قتلى من الطرفين نتيجة الاشتباكات بينهما على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، الأسبوع الماضي.
وأكّد مصدر مقرب من «الجبهة الإسلامية»، لـ«السفير»، أن «جيش الإسلام» عزل نفسه فعلياً من «الجبهة الإسلامية» منذ حوالي ثلاثة أشهر، لكن من دون إعلان ذلك رسمياً. وعزا عدم إعلان ذلك إلى اتفاق بين قيادة «جيش الإسلام» و»أحرار الشام» على إبقاء الأمر طي الكتمان، خوفاً من أن يؤدي إعلانه إلى حدوث تراشق إعلامي بين أنصار الطرفين قد لا تحمد عقباه، خاصة في ظل التراجع الملحوظ للدعم من قبل الحاضنة الشعبية بعد استفحال الخلافات والمعارك بين مقاتلي الفصائل الإسلامية طوال العام الماضي.
ويأتي كلام المصدر تأكيداً لما نشرته «السفير» في 4 آب الماضي تحت عنوان «تفكك الجبهة الإسلامية»، عندما أعلن قائد «جيش الإسلام» زهران علوش عن تشكيل تحالف جديد ضم حوالي 18 فصيلاً ليس من بينها «أحرار الشام»، منصباً نفسه قائداً عاماً على الغوطة الشرقية بكاملها. وكانت المؤشرات آنذاك تدل على أن تشكيل هذا التحالف هو خطوة على طريق الطلاق بين أطراف «الجبهة الإسلامية»، التي يعتبر «جيش الإسلام» و»أحرار الشام» أهم مكوناتها.
وكان المفترض أن تحاول الأطراف الحفاظ على عنوان «الجبهة الإسلامية» ولو شكلياً، من دون إظهار الخلافات في ما بينهم، وهو الأمر الذي ما زالت القيادات تحرص عليه حتى الآن، غير أن الأحداث المتسارعة، سواء في الغوطة بريف دمشق أو في جبل الزاوية بريف إدلب، أدّت إلى تعميق الخلافات، وجعلت من إخفائها شبه مستحيل، لأن «جيش الإسلام» من جهة، نظر بريبة وقلق إلى سيطرة «جبهة النصرة» على جبل الزاوية وطرد أحد حلفائه الـ 18 قائد «جبهة ثوار سوريا» جمال معروف من معاقله هناك تحت مرأى ومسمع «أحرار الشام»، وتحول قلقه إلى خوف بعد الهجوم الأول الذي شنه عناصر من «أحرار الشام» على مقاره في معبر باب الهوى، ليترسخ هذا الخوف بعد تجدد الاشتباكات مرة ثانية وسقوط عدد من القتلى والجرحى بسببها.
ومن جهة ثانية، تدرك قيادة «جيش الإسلام» أن «جبهة النصرة» في الغوطة تخطط لأمر ما، ورفضها الانضواء تحت راية «القيادة الموحدة»، التي يتزعمها زهران علوش، وإصرارها على إنشاء محاكم خاصة بها يثبتان ذلك.
والجدير بالذكر أن الخلافات بين «جيش الإسلام» و»جبهة النصرة» قديمة، وتعود إلى ما قبل ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» في نيسان العام 2013، حيث كان مفتي «جيش الإسلام» الشيخ أبو عبد الرحمن الكعكة أول من وصف «جبهة النصرة» بالخوارج، كما سخر من زعيمها أبو محمد الجولاني ونعته بالمتمايع.
ويعتبر «جيش الإسلام» أن عدم حسم «أحرار الشام» موقفها من «جبهة النصرة»، ومن سلوكها الذي بات يقترب أكثر فأكثر من سلوك «داعش»، دليل على وجود قبول لهذا السلوك من قبل تيار من داخل الحركة، الأمر الذي يعتبر بالنسبة إليه خطيراً، ولا يمكن السكوت عليه.
وما يزيد من خطورة الأمر عنده أن غالبية قيادات «جبهة النصرة» في الغوطة أردنية، حيث يبرز اسم «الأمير» أبو الوليد الأردني ومسؤوله الشرعي أبو خديجة الأردني. ولا تخفي مصادر «جيش الإسلام» خوفها من وجود علاقات قوية بين هذه القيادات وبين قيادات «الدولة الإسلامية» في المنطقة. وعلاوة على ذلك جاء قرار «جبهة النصرة» بضم الغوطة إلى المنطقة الجنوبية، بحسب تقسيماتها الخاصة، ليعزز من مخاوف «جيش الإسلام»، حيث يعتبر جناح «جبهة النصرة» في درعا من أكثر أجنحتها تشدداً.
وصدرت عن قيادة «جيش الإسلام» مؤخراً عدة تصرفات تؤكد ابتعادها عن «الجبهة الإسلامية»، مثل اقتصار زهران علوش على وضع راية «جيش الإسلام» خلفه في المؤتمر الصحافي الذي عقده في تشرين الأول الماضي بخصوص مدينة عين العرب (كوباني) وعدم وضع راية «الجبهة الإسلامية» كما هو متعارف عليه. كما أن صفحات «جيش الإسلام» الإعلامية أصبحت تنقل أخبار «جيش الإسلام» من دون الإشارة إلى انتمائه إلى «الجبهة الإسلامية».
لكن بالرغم من كل ذلك، يؤكد المصدر أنه لا نية لدى الطرفين لإعلان طلاقهما في ظل الظروف الحالية، ليس بسبب الخوف من تراجع دعم الحاضنة الشعبية وحسب، بل لأن الظروف الإقليمية والدولية لا تسمح بمثل هذا الإعلان، خصوصاً بعد التقارب السعودي القطري الأخير.
http://assafir.com/Article/1/386391
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه