لم يتراجع في حواره قيد أنملة عن تلك التصريحات التي استشاط الفلسطينيون غضباً على أثرها. وقتما سئل عن الخلفية الحقيقية لدعواته المتكرّرة لإبادة غزّة ورفع الحذاء في وجهها، تذاكى على المذيعة التي بدت باردة على نحو قاتل
ثارت ثائرة رواد السوشال ميديا بعدما أطّل الإعلامي المصري توفيق عكاشة، أوّل من أمس، على القناة الرسمية ليروّج للتطبيع ويهاجم المقاومة، مبرئاً إسرائيل من مسؤولية حربها الهمجية على قطاع غزة
يبدو أنّ تلفزيون «فلسطين» يعاني من ذاكرة مثقوبة. أول من أمس، فرشت القناة الرسمية البساط الأحمر لمن رفع الحذاء في وجه غزة وأطلق الشتائم تجاه أهلها. فتح برنامج «حال السياسة» هواءه للإعلامي المصري توفيق عكاشة المثير للجدل والسخرية في آن.
عكاشة الذي يصفه الفلسطينيون بـ»الأراجوز»، استمتع بالأوصاف التي أغدقتها عليه المذيعة أميرة حنانيا. أوصاف أطلقتها على الضيف لا بعين الشعب، بل بعين السلطة التي ترى في عكاشة معجزة إعلامية خارقة للعادة تستأهل الوقوف عندها. يأتي ذلك بعدما أكال الرئيس الفلسطيني محمود عباس المديح الشديد لرئيس قناة «فراعين» في رسالة شكر بعثها إليه أوائل الشهر الجاري.
خلال الحلقة، لم تتوقّف حفلات الردح والشتائم.
شعر عكاشة بأنّه نجم محطة السلطة بلا منازع. البيئة كانت مواتية جداً لنجومية عكاشة على حساب الدماء التي سالت في قطاع غزّة، وخصوصاً أن مَن حوله مِن أفراد طاقم التلفزيون لم يجيدوا سوى فنّ التصفيق الحارّ له. استهلّ مَن وصف غزّة سابقاً بـ»الهباب» و»الزفت» و»بؤرة الإرهاب» الحلقة بتلقين الفلسطينيين محاضرات دينية مستهلكة عن مكانة القدس في ظل الحملة المسعورة ضدها.
كما اتضح خلال الحلقة أن عكاشة يمتلك طاقة هائلة في تحليل الواقع الفلسطيني، وعبقريّة فذّة في كشف المستور وخفايا مخططات اللوبي الصهيوني. آخر هذه النهفات قوله بشكل حاسم وجازم إنّ «مناهضي التطبيع وزيارة الأقصى في هذا التوقيت هم أذرع تابعة للوبي الصهيوني»! لكن تلك الخدعة بالطبع لن تنطلي عليه، معلناً أنه ماضٍ في التحشيد لزيارة القدس. وقال بالفم الملآن «لن نظلّ أغبياء». وبعدما طُوي ملف القدس، فتحت حنانيا الملف الأثقل والمرتبط بالحرب على غزّة وتصريحات عكاشة النارية والحادّة ضدّ «حماس».
لم يتراجع في حواره قيد أنملة عن تلك التصريحات التي استشاط الفلسطينيون غضباً على أثرها. وقتما سئل عن الخلفية الحقيقية لدعواته المتكرّرة لإبادة غزّة ورفع الحذاء في وجهها، تذاكى على المذيعة التي بدت باردة على نحو قاتل في ردود فعلها.
وصف مناهضي التطبيع بـ«أذرع تابعة للوبي الصهيوني»
سوّع ذلك بالقول «أنا دعوت فقط لضرب الصبية الأقزام إخوة الشيطان «حماس» في القطاع، لكن ميليشياتهم الإلكترونية اقتطعوا كلامي. رجال «حماس» هم رجال إسرائيل وهم من استفزّوا الإسرائيليين لشن الحرب على غزّة». وعلى الرغم من كميّة الشتائم التي أطلقها، فإنّ المذيعة لم تنبس ببنت شفة أمامه. حتى حين وجّه لها سؤالاً يُفترض أن تكون إجابته بديهية والمتعلّق بمن يتحمّل بالأساس مسؤولية الحرب إسرائيل أم «حماس». صمتت المذيعة لبرهة قبل أن تقول جملتها السحرية «لديّ وجهة نظر في ذلك».
إزاء ذلك، انتفض رواد السوشال ميديا في وجه قناة «فلسطين» واستهجنوا سعة صدرها إزاء شخص وجّه طعنة قاتلة بحق المقاومة وأهل القطاع. في المجمل، اعتاد الفلسطينيون أسطوانات عكاشة المكرّرة، لكن أن تصل «فلسطين» إلى هذه الدرجة من الاستهانة بدمائهم، فهذه قمّة العبث والانحراف عن البوصلة!..