ضمن سلسة ندوات تحت عنوان «ليبقى خير جليس»، أقامت مكتبة الشيخ بهاء الدين العاملي العامة في مجمع الإمام الصادق (ع) الثقافي في بيروت ندوة حول كتاب "في رحاب رسالة الحقوق" - شرح رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (ع) .
ضمن سلسة ندوات تحت عنوان «ليبقى خير جليس»، أقامت مكتبة الشيخ بهاء الدين العاملي العامة في مجمع الإمام الصادق (ع) الثقافي في بيروت ندوة حول كتاب "في رحاب رسالة الحقوق" - شرح رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (ع) ، شارك فيها مؤلف الكتاب الشيخ نعيم قاسم نائب الامين العام لحزب الله،الدكتور ميشال كعدي مؤلف كتاب الامام زين العابدين والفكر المسيحي و ممثل سماحة السيد السيستاني"دام ظله" في لبنان ورئيس جمعية ال البيت الخيرية الاستاذ حامد الخفاف (نظرة تراثية على رسالة الحقوق)، وذلك بحضور حشد من علماء الدين والادباء والمثقفين والسياسيين.
بداية كانت كلمة للدكتور كعدي الذي تحدث عن أهمية رسالة الحقوق للامام زين العابدين عليه السلام الذي أرسى مدماكا في عظمة الاسلام ودعائم حقوق البشر، مدرسة الامام السجاد الحقوقية هي مدرسة من مدارس او رسالة من مجموعة تمتاز بمشعب الحق وطريق الهداية، رسالة الحقوق خص بها الانسان فاستفادت منها المجتمعات الانسانية واخذ عنها المتعلم والامي، وهي أربت على الخمسين حقا انسانيا عاما وخاصا من هذه الحقوق: حق الله على العباد، حق النفس، حق اللسان، حق السمع، حق البصر، حق اليدين، حق الصلاة، حق الصوم، حق الصداقة، حق المعلم، حق المالك، حق الرعية، وغير ذلك من الحقوق التي تمت للمجتمع بصلة.
وتابع كعدي...رسالة الحقوق اعتبرها المؤرخون واهل التقوى ومدارس الحقوق في الدنيا وبخاصة مدرسة الحقوق الايطالية ومدرسة بيروت ام الشرائع وثيقة اصلاحية للانسان وهي تصلح لكل زمان وهي كذلك وثيقة تاريخية وانسانية اضافة الى انها تحمل فكر الامام السجاد للأجيال المتحضرة التي يطلب اليها تحقيق العدالة والقوانين المنصفة والمساواة، وفي مضمون هذه الرسالة تعايشا روحيا يجمع الاديان المؤمنة بإله واحد وبخاصة المسيحية لانها تنأى عن الفئوية والانانية والمادية.
ثم تحدث الاستاذ خفاف وقدم بحثا قيماتحت عنوان نظرة تراثية على رسالة الحقوقاستهله بالقول "رسالة الحقوق" هي رواية نسبتها المصادر الحديثية إلى الإمام زين العابدين علي بن الحسين السجاد عليه السلام. رواها عنه أبو حمزة الثمالي _أحد أهم أصحابه_ (المتوفى سنة 150 هـ).
واكد أن الشروح على الكتب هي من أجلّ أنواع التأليف وأكثرها نفعاً، وعلى هذا درج كبار علمائنا _عبر القرون_ في شروحهم لكتب فقهية، وأصولية، وأدبية وأخلاقية وغيرها.
واعتبر الخفاف اننا بحاجة ماسة إلى شروح للصحيفة السجادية ورسالة الحقوق للأطفال _ولتكن شروحاً مصورة_ ولليافعين، والشباب، والكهول، وصولاً إلى شروح نخبوية. وهذا ينطبق على مجمل تراث مدرسة أهل البيت (ع).
ورأى إن مهمة المحقق هي أن يبذل قصارى جهده كي يقدم النص التراثي أقرب ما يكون لما تركه مؤلفه في القرون السابقة، صحيحاً منقحاً، من خلال اختيار النسخة المخطوطة الأفضل، ومقابلتها مع النسخ الأخرى، وعرض نصوصها على المصادر، وتقويم النص وضبطه، إلى آخره من مراحل منهج التحقيق.
أما مهمة المؤلف فهي ان يجعل هذا النص التراثي القديم يتكلم بلغة العصر الحديث، من خلال شرحه وتوضيحه، والاستنباط منه، وعرضه بصورة مفهومة سهلة.
وختم الاستاذ الخفاف.. إن منهجي التحقيق والتأليف، منهجان مستقلان تماماً، لكل واحد منهما أساليبه وطرقه وأصوله، وما لم يتكاملا لا نستطيع الوصول إلى الغاية المثلى في عرض تراثنا العظيم.
ان تحقيق التراث المخطوط ونشره أمر مهم وضروري إذ أنه الخزان الكبير للمعرفة الأصيلة. ولكن ذلك ليس كافياً وحده، المطلوب أن نسيّل هذا التراث المحقق ليغدوا مادة يستفيد منها الناس على مختلف طبقاتهم ومستوياتهم، وهذه هي مهمة المؤلف.
وفي الختام تحدث مؤلف الكتاب الشيخ قاسم الذي قدم الشكر لإدارة مكتبة الشهيد العاملي على هذا الجهد القيِّم، الذي جمع نخبةً من المفكرين والمثقفين الذين يتصدون للشأن العام، كما الشكر لمجمع الإمام الصادق(ع) على رعايته لإحياء التراث الإسلامي والتدقيق في معالمه و...ونتائجه.
وقال: أن الإمام السجاد سبق حقوق الإنسان العالمية بألف وثلاثمائة وأربعين سنة، وهذا السبق يدل على عظمة الإسلام في مراعاة إنسانية الإنسان والبحث عن حقوقه، وعظمة الإمام السجاد(ع) في تقديم هذه الأطروحة التربوية الرائدة.
أمَّا الحقوق التي يتشدقون بها، وأقرتها الأمم المتحدة فهي حقوق التلطيف للمادية البغيضة التي انتشرت في هذا العالم من خلال الرأسمالية أو الأفكار الأخرى...وأمَّا الحقوق التي طرحها الإمام زين العابدين(ع) فهي من صلب الإيمان، وتكتسب موقعها الشرعي، بحيث يكون الإنسان آثماً لو لم يلتزم بهذه الحقوق، فالمسألة غير اختيارية ولا انتقائية لمن يلتزم بشريعة الله المقدسة.
يطل علينا الإمام زين العابدين (ع) بحقوقٍ تراعي تكوين الإنسان في توازن راقٍ بين الجسد والروح، فتجد في كل حق حالة روحية مندمجة مع التنظيم المادي لحياة الإنسان. بينما حقوق الإنسان عند الأمم المتحدة خالية تماماً من أية مسحة روحية، وهي لقواعد وقوانين مادية بحتة.
وختم بالقول ان حقوق الإنسان على مستوى العالم اليوم أغرق في المادية إلى درجة سلطت الضوء على تفلت جسد الإنسان بلا ضوابط، ليغرق الإنسان في لذته وجسده، ثم بعد ذلك يضيع مما يُخطط له في السياسة والاجتماع وإدارة العالم، إنَّهم يلهوننا بالحديث عن حقوق المرأة وتشريعات تؤكد على حقها في التعالم والتملك والقرارات وكل ما هنالك، لنُفاجئ بعد ذلك أنها تُسحق في الإعلام وفي طريقة الدعاية، وفي الاستثمار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وتُخرج من خدرها وتعطل أسرتها، ولا نكون أمام حقوقٍ حقيقية إنما أمام امرأة خرجت من خدرها إلى ساحة المجتمع لتضيع فيه باسم حقوق الإنسان.
وهذا ما نراه بالنسبة للإنسان بشكل عام، ولو أردنا أن نرى التطبيقات العملية لوجدنا الكوارث، أين حقوق الإنسان في سلوك أمريكا في التعاطي مع الأمم المختلفة؟ أين حقوق الإنسان الذي ترعاه أوروبا وتتحدث عنه؟ بينما نرى أتباع الإمام زين العابدين(ع)ن، أتباع الإسلام الأصيل يتفوقون بأخلاقية عالية في الموقع السياسي والجهادي والعملي، ويقدمون رحمة الإسلام كما ورد في تطبيق عملي يلامس خط النبي(ص) والأئمة(عم). وهذا ما فضح المدَّعين للإسلام، فضح التكفيريين الذين لا علاقة لهم ولا يمتون بصلة إلى الإسلام المحمدي الأصيل الذي سلكناه وتعرفنا عليه، فالدين رحمة وبناء وسعادة ودنيا وآخرة، بينما عندما لا نجد هذه المعاني في أي طرحٍ من الطروحات نجده مرميًا وخالٍ عن القدرة والتأثير.