يشعر تنظيم «القاعدة»، بقيادة أيمن الظواهري، أكثر من أي وقت مضى بأن البساط يسحب من تحته لمصلحة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش»
المواجهة من اليمن إلى القوقاز وسوريا ومصر
عبد الله سليمان علي
يشعر تنظيم «القاعدة»، بقيادة أيمن الظواهري، أكثر من أي وقت مضى بأن البساط يسحب من تحته لمصلحة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش»، الذي بدأ يشكل بتمدده المستمر خطراً وجودياً عليه.
وبينما كان الظواهري يكلف زعيم فرعه في اليمن ناصر الوحيشي بإدارة ملف «داعش»، وكيفية إحباط محاولاته للانتشار في عدد من الدول العربية كما أعلن زعيم «الدولة الإسلامية» أبو بكر البغدادي في تسجيله الصوتي الأخير، وجه الأخير لكمة مزدوجة إلى غريمه تمثلت من جهة، بتهديده الجدي باختراق محافظة درعا التي ظلت عصية عليه حتى الآن، ومن جهة ثانية بحصوله على مبايعة مهمة من إحدى الحركات «الجهادية» في القوقاز.
وعلمت «السفير» من مصدر مطلع على كواليس «القاعدة» بأن الظواهري قرر أن يكلف صديقه المقرب زعيم «القاعدة في الجزيرة العربية» ومقرها في اليمن، ناصر الوحيشي بإدارة هذا الملف، مانحاً إياه صلاحيات واسعة لاتخاذ القرارات التي يراها مناسبة لكيفية التعاطي مع «الدولة الإسلامية».
ومن غير المستبعد أن يكون الوحيشي نفسه واحداً من القادة الذين مارسوا ضغطهم على الظواهري، لا سيما بعد أن وصل التهديد «الداعشي» إلى عقر داره اليمن، الذي كان من أهم الدول المشمولة بخطاب البغدادي الأخير، الذي أعلن تمدده إليه وإنشاء ولايات فيه.
وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن «قاعدة اليمن» تشهد حالة من الاستنفار لاكتشاف القيادات والخلايا التي أعلن البغدادي عن قبوله «مبايعتها» له، وسط مخاوف من أن تؤدي هذه الخلايا والقيادات إلى إثارة أحداث في البلاد تشبه أحداث «حرب الإلغاء الجهادية» في سوريا، والتي سقط بسببها مئات القتلى والجرحى من كافة الأطراف المتقاتلة.
وما يدلّ على جدية هذه المخاوف أن الوحيشي اجتمع مع بعض القيادات «المبايعة»، ومن بينها أبو بلال الحربي لتحذيره من مغبة المساهمة في إشعال نار الفتنة بين «المجاهدين»، بينما كان قيادي آخر (لم يبايع لكنه مناصر لـ»داعش») هو الشيخ مأمون حاتم ينصح أفرع «القاعدة» بتوحيد الكلمة ومبايعة «الدولة الإسلامية التي مكّن الله لها في الأرض» بحسب ما ورد في تسجيل صوتي قصير نشره على حسابه على «تويتر».
وبينما كانت «قاعدة اليمن» تصوغ سياستها الخاصة للتعاطي مع مخاطر تمدد «الدولة الإسلامية» بالنسبة إليها، وكيفية مواجهتها، وهو ما عبر عنه خطاب قائدها العسكري قاسم الريمي، الذي لم يستطع أن يكسر المعادلة التي أرساها الظواهري، وهي رفض مشروعية «دولة الخلافة» من جهة لكن مع الحفاظ على توقير وتبجيل زعيمها البغدادي ومدح إنجازات مقاتليه في العراق من جهة ثانية، كانت مفاجأة جديدة قيد التحضير، لا تقل في أهميتها عن مفاجآت مصر واليمن وليبيا والجزائر، تمثلت في إعلان جماعتين «جهاديتين» ناشطتين في القوقاز مبايعتهما للبغدادي، والانضواء في صفوف مقاتليه. وهاتان الجماعتان هما «الآوخية» في خسافيورت في داغستان ويقودها «الأمير سليمان» وجماعة «رباني قلعة».
ونظراً لعدم تمكن «الجهاديين» في القوقاز من التخلص من كافة تبعات الفتنة التي حصلت في العام 2010 وأدت إلى انقسامهم، يسيطر جو من الترقب لما يمكن أن يحدث نتيجة شق الصف الجديد ودخول «الدولة الإسلامية» على الخط، مع ما يعرف عن جهازها الأمني من قدرة على الاختراق، وتجنيد العملاء، وتشكيل الخلايا بانتظار لحظة الحسم.
في هذه الأثناء يبدو أن هواجس «جبهة النصرة»، وهي فرع «القاعدة في الشام»، من تمدد «الدولة الإسلامية» لا نهاية لها. إذ بعد أن ذاقت طعم الهزيمة، واندحرت من كامل المنطقة الشرقية التي كانت تشكل بحقول النفط والغاز مورداً مالياً ضخماً، ها هي تجد نفسها مهددة في أكثر المدن التي كانت تفتخر بقدرتها على منع «داعش» من اختراقها، وهي محافظة درعا.
وتثور مخاوف حقيقية لدى قيادة «النصرة» من طبيعة النشاطات العسكرية والأمنية التي يقوم بها مقاتلو «الدولة الإسلامية» في منطقة بير القصب وصولاً إلى اللجاة على مشارف درعا، وخاصة بعد حدوث عدة اغتيالات لقادة جماعات مسلحة هناك، وتوارد الأنباء عن حشود عسكرية يقوم «داعش» بحشدها تدريجياً منذ عدة أشهر في المنطقة.
وقد وصل الخوف الى أقصاه في اليومين الماضيين، مع تسريب خبر مفاده أن رتلاً عسكرياً تابعاً لـ»داعش» يتجه من بير القصب إلى درعا. ووسط تضارب في الأنباء عن حقيقة الرتل ومساره، سارعت صفحات مقربة من «جبهة النصرة» إلى الإعلان عن إرسال الأخيرة رتلاً لملاقاة الرتل «الداعشي» ومنعه من دخول محافظة درعا، الأمر الذي ينذر في حال صحته بتجدد المعارك بين الطرفين، لكن هذه المرة في الجبهة الجنوبية، ذات الحساسية الإقليمية والدولية التي تجعل منها، رغم افتقارها إلى النفط والغاز، أهم من الجبهة الشرقية.
ولا يتوقف الأمر هنا، لا محلياً ولا إقليمياً. ففي مصر ثمة بوادر تشير إلى أن الصراع بين «القاعدة» و»داعش» قد يكون في طريقه إليها، لا سيما في ظل معلومات تفيد بوجود تقارب فكري ومنهجي بين جماعة «أجناد مصر» وقيادة «القاعدة» العالمية، وأن الأخيرة بدأت تدعم «أجناد مصر» للوقوف في وجه جماعة «أنصار بيت المقدس» التي بايعت البغدادي مؤخراً.
كذلك الأمر في محافظة إدلب بسوريا، حيث توجد مؤشرات على أن «داعش» نجح في اختراق ريف المحافظة من خلال حصوله على بعض «المبايعات»، لا سيما من جماعة أبو الورد المنشقة عن «ألوية صقور الشام» وجماعة صدام خليفة وجماعة راشد طكو. ويأتي ذلك في ظل استمرار «جبهة النصرة» في التقدم في الريف الإدلبي، حيث سيطرت أمس على عدة قرى في الريف الجنوبي بعد أن طردت كتائب «الجيش الحر» منها.
http://assafir.com/Article/1/386833
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه