لا اعتماد على المنظومة الدولية لإعادة الفلسطينيين إلى أرضهم، بل كل الاعتماد على الله تعالى أولاً وعلى المقاومة ثانياً، ليكون حق العودة تحصيل حاصل ونتاجاً طبيعياً في هذه الظروف.
عقدت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين "الملتقى الدولي الثاني مع فلسطين" في العاصمة اللبنانية بيروت، يومي الإثنين والثلاثاء، بحضور عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني على امتداد العالم من 54 دولة في قرية الساحة التراثية - طريق المطار، وذلك لمناقشة وإقرار ما يمكن أن تقدّمه هذه المنظمات في موضوعين رئيسين:
أولهما: التوافق على مشاريع عملية لدعم غزة بعد الحرب الوحشية التي استهدفتها.
وثانيهما: البحث في آليات توجيه الرأي العام العالمي وتوسيع دائرة الحراك الأهلي ما يُوجد جبهة شعبية عالمية ضاغطة لمواجهة التهويد والاعتداءات الاسرائيلية المتزايدة التي تستهدف فلسطين ومقدساتها وعلى رأسها القدس والأقصى الشريفين.
أفتتح المؤتمر بدقيقة صمت على أرواح شهداء فلسطين. ومن ثم تحدث رئيس المؤتمر الدكتور عبد الملك سكرية، مؤكداً على المشاركين أهمية كسر الحصار الإعلامي المفروض على القضية الفلسطينية وضورة إيصال الحقيقة إلى الرأي العام العالمي المضلل إعلاميًا حول حقيقة ما يجري في فلسطين. المنسق العام للمؤتمر الشيخ يوسف عباس، شدد على وضع خطة عمل للحملة كي تعمل عليها في العام 2015.
وكانت الجلسة الأولى، لناشطين من فلسطين تحدثوا عن أحداث الحقبة الأخيرة، فقال القيادي في الحملة، محمد العابد، إن الملتقى ينعقد بمشاركة تنظيمات ومنظمات مجتمع مدني من 54 دولة، مشيرًا إلى أن الحملة سعت لتحقيق تضامن شعبي دولي مع قضية فلسطين عبر إحياء المناسبات الفلسطينية وأهمها ذكرى النكبة بتغطية إعلامية على مستوى العالم. وقال الناشط في لجان العمل الصحي بالقدس المحتلة، يعقوب عليان، إن إسرائيل تستهدف كل ما هو عربي في القدس، مشيرًا إلى أنه تم اقتلاع الفلسطينيين في القدس الغربية في عام 1948، ومن ثم قامت إسرائيل بتطهير عرق كامل في هذا الجزء من المدينة المحتلة، وفي 1967 بدأت إسرائيل في اقتلاع الفلسطينيين داخل الأسوار القديمة لمدينة القدس وإحلال مستوطنين محلهم، لافتًا إلى استمرار عمليات هدم البيوت ومصادرة الأراضي في القدس وسحب هويات المقدسين، حتى وصل عدد من سحبت هوياتهم إلى 40 ألف مقدسي.
من جانبه، قال لاحظ خواجة، عضو الحملة الدولية لمقاطعة إسرائيل، إن الكنيست أقر 81 قانونًا لتسهيل عملية الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، مضيفًا أن تل أبيب تراقب الفلسطينيين في القدس بعدد من المناطيد، إضافة إلى 1000 كاميرا، وفي الضفة الغربية بـ4000 كاميرا. وتابع خواجه أنه يجري التنسيق لعمل انتفاضة عالمية ضد إسرائيل مع المتضامنين مع القضية الفلسطينية حول العالم، لمحاصرة تحركات الدبلوماسيين الإسرائيليين.
وأكد سكرتير عام التجمع الصحفي الديمقراطي بفلسطين، عمر نزال، أن الصحفيين الفلسطينيين دفعوا ثمنا باهظا خلال العدوان اﻹسرائيلي الأخير على قطاع غزة، مشيرًا إلى وقوع 178 حالة اعتداء على صحفيين فلسطينيين غالبها كانت اعتداءات دامية أدت إلى استشهاد 19 صحفيا فلسطينيا يمثلون 20% من مجمل ضحايا الفلسطينيين حول العالم، علما بأن نسبة الصحفيين الفلسطينيين من صحفيي العالم حوالي 1%.
الإعلامي الفلسطيني خالد فقيه أكد أنه للأسف الإعلام العربي مشتت وتسيطر عليه سياسة البترودولار المرتبطة بالتطبيع مع العدو الصهيوني إذ إنها تخاطب 300 مليون عربي وتروّج للهزيمة وروح الانكسار وتتحدث عن إرهاب فلسطيني وتساوي بين الجلاد والضحية، وهذا أخطر ما تواجهه القضية الفلسطينية، وعلى الحملة مقاطعة كل هذه الفضائيات عربيا ودوليا طالما هي تستضيف الإسرائيليين.
وتحدث الدكتور راتب أبو رحمة عن تجربة المقاومة الشعبية في قرية "بلعين". وكانت بعد ذلك مداخلات لشخصيات ناشطة من مختلف البلدان تحدثوا عن نشاطاتهم التي قاموا بها في بلادهم خدمة للقضية الفلسطينية.
الشيخ قاسم : لا يمكن مناقشة حق العودة بشكل منفصل عن المقاومة
وفي اليوم الثاني استكمل الناشطون في المؤتمر جدولة المقترحات للعام القادم، واستضاف المؤتمر في جلسته الختامية عدداً من الشخصيات الرسمية من لبنان وفلسطين. والكلمة الأولى كانت لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية، مباشرة من غزة، شدد فيها على خيار المقاومة لتحرير كامل فلسطين، مناشداً المجتمع الدولي "بأن لا يكون تضامنه مع الشعب الفلسطيني تضامناً كلامياً احتفالياً، بل أن يكون في دعم قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".
وشدد هنية على حق الفلسطينيين بالعودة الى فلسطين، "لأن هذا الحق هو مقدس ولا يمكن لأحد أن يتنازل عنه من جميع الفصائل الفلسطينية، وهو حق غير قابل لا للتفريط ولا للتنازل". وقال نحن نتعرض لضغوط كبيرة من أجل التنازل عن حق العودة، شاكراً اللبنانيين والدولة على استضافتهم للفلسطينيين، ومطالباً الدولة ببناء مخيم البارد، وأن يحيا أبناء المخيم حياة كريمة.
ومن جهته، شدد المطران عطا الله حنا من القدس المحتلة، على حق العودة، باعتبار أنه "حق مقدس"، لافتاً الى أن العدوان الإسرائيلي مستمر على القدس. وأشار الى انتهاكات لحرمة المسجد الأقصى، حيث أن "المستوطنين يدخلون الى المسجد، ويدنسون حرمته، ويعيثون فساداً به"، معرباً عن استنكاره باسم المسيحيين المقدسيين لهذه الأعمال الإرهابية. وأكد أن الإحتلال الإسرائيلي يعتدي على كنيسة القيامة كما يعتدي على المسجد الأقصى.
بدوره، أكد امين سر "منظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان فتحي أبو العردات، أن الشعب الفلسطيني يتمسك بحقه في المقاومة العسكرية والسياسية، وأنه سيذهب الى مجلس الأمن، والأمم المتحدة لرفع قضيته في جميع المحافل الدولية، والهيئات المدنية، وأنه سيمنع تهويد القدس بجميع الوسائل.
وأعلن أبو العردات أن الفلسطينيين في لبنان ملتزمون الحياد، ولكنهم منحازون الى الأمن والاستقرار في هذا البلد، وأن مخيماتهم لن تؤوي الإرهابيين، والخارجين عن القانون، والمطلوبين للعدالة، وأن المخيمات لن تكون مقراً أو ممراً للذين يهددون أمن وسلامة واسقرار لبنان، رافضاً بشدة أن تكون المخيمات مأوى للفارين والمطلوبين للقضاء اللبناني.
وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لـ"هيئة علماء المقاومة" الشيخ ماهر حمود أن مخيم عين الحلوة اليوم يقوم بطرد الفتنة من داخله، وسيطرد كل من يريد أن يجر المخيم الى الفتنة مع القوة الأمنية. وأكد أن لا ربيع عربي إلا عبر ربيع القدس.
ومن جهته، اعتبر نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، في كلمته، أن "حق العودة هو فرع لأصل، وهو تحرير الأرض، ولا يمكن مناقشة حق العودة بشكل منفصل عن المقاومة، فالحق لا يسترد إلا بقوة المقاومة".
وقال قاسم: "أما لو اعتمدنا المنظومة الدولية القائمة فسنجد أنها قائمة على مشروع سلب الحقوق وتغليب المصالح التي تتقدم من جهة المستكبرين على ما عداها، لذا لا اعتماد على المنظومة الدولية لإعادة الفلسطينيين إلى أرضهم، بل كل الاعتماد على الله تعالى أولاً وعلى المقاومة ثانياً، ليكون حق العودة تحصيل حاصل ونتاجاً طبيعياً في هذه الظروف. علينا أن نركز على حق العودة لتعبئة الأجيال الفلسطينية بحقها، وما ضاع حق وراءه مطالب".
وأكد الشيخ قاسم "أن التوطين في لبنان سقط إلى غير رجعة، لا داعي أن نفكر بالأساليب المناسبة لإلغائه فقد إلتغى حكماً بفعل مقاومة لبنان وشعب لبنان، وبفعل هذا التضامن الكبير من الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية مع هذه الرؤية وهذا المنهج".
وقال قاسم: "نواجه محوراً خطيراً يتمثل بالمشروع الأميركي الصهيوني التكفيري، الذي يوزع الأدوار بين مكوناته على كل منطقتنا، وعلى رأس اهتماماته شرعنة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، عن طريق القتل والتهجير وانتهاك حرمة الأقصى، وعن طريق فتنة الإرهاب التكفيري لاستنزاف طاقات الأمة، واستخدام الأنظمة الاستبدادية لقمع شعوبها، وتخريب بلدان محور المقاومة. من هنا نحن نعتبر أن هذا المشروع الخطر يمكن هزيمته بثلاثة أمور: أولاً: وضوح الهدف وهو تحرير فلسطين، وتعزيز الاتجاه نحو قبلة المقاومة. ثانياً: القيام بالمقاومة بأشكالها كافة، وبالاستفادة من كل طاقات الأمة، كل واحد بحسب موقعه، ظروفه وإمكانات مساهمته".
وختاماً، أعلن الدكتور عبد الملك سكرية توصيات المؤتمر التي نصت على:
_ انشاء شبكة تواصل دائمة وفاعلة بين مؤسسات المجتمع المدني، والعمل على تبادل الخبرات والأفكار
_ تأسيس مركز مهارات للإسهام في تأهيل جرحى العدوان الصهيوني الأخير على غزة.
_ مشروع تكفل عدد من طلاب القطاع علمياً، الى جانب تكفل عدد من الأطفال الذين فقدوا معيلهم.
_ متابعة دقيقة لمستجدات ملف القدس من تهويد واستيطان، والعمل على إحياء المناسبات الفلسطينية على امتداد العام، واعتماد يوم 15 أيار (يوم العودة) كيوم إحياء رئيس للأنشطة والفعاليات والملتقيات.