المثير للدهشة في «الشخصيات» المدرجة على الموقع، هو وضع الناشط الفلسطيني وأحد العاملين السابقين في جهاز «الشاباك» في كفّة واحدة: «من الناشط الفلسطيني إلى الصحافي الإسرائيلي إلى القبطان اليوناني، جميعهم اجتمعوا على الحق.."
من المعروف أنّ قناة «الجزيرة» لا تذكر فلسطين على خريطة الوطن العربي، بينما تتّسع شاشتها لإبراز «إسرائيل» على الخريطة الجغرافية والسياسية. قبل أيام، أطلقت إدارة البرامج في المحطة القطرية نافذة تفاعلية على الإنترنت بعنوان «ريمكس فلسطين».
تحوي هذه النافذة مواد بصرية ومعلوماتية غنية من صلب القضية الفلسطينية المنسيّة. غير أنّ المدهش هو حالة الفصام التي تعيشها القناة.
«الجزيرة» التي تشتغل على الترويج لخريطة ممسوخة تقلب كل الحقائق التاريخية وتشطب فلسطين بجرّة قلم، تستنكر عبر «ريمكس فلسطين» محو فلسطين من خريطة العالم!
تحاول النافذة المتوافرة بأربع لغات (العربية والإنكليزية والتركية والبوسنية) بلورة هويتها المتضامنة مع فلسطين. مثلاً، تودّد الموقع إلى الفلسطينيين عبر العبارة التالية: «مُحيت فلسطين عن خارطة العالم. هنا نوثّق بالخرائط والصور»، فضلاً عن التناقض الذي تحمله تلك الجملة مع أداء «الجزيرة».
نافذة تفاعلية تحوي مواد بصرية ومعلوماتية غنية
صحيح أنّ الموقع يتيح للمستخدم الاطلاع من وثائقيات البرنامج الشهير «فلسطين تحت المهجر»، لكنه يحمل عدداً من المغالطات التي لا تُغتفر. 17 فيلماً (21 ساعة بث)، تستعرض النافذة من خلالها تفاصيل القضية الفلسطينية وإفرازات النكبة على الأصعدة كافة. الهدف من وراء ذلك، كما تقول المنتجة والمخرجة الفلسطينية روان الضامن، ليس إعادة رواية القصص القديمة، بل «نسج وسرد حكايا جديدة من خلال انتقاء مقاطع معيّنة من الأفلام، وإعادة ترتيبها بشكل يستهوي المستخدم ويحقق ضالته».
توفّر «ريمكس فلسطين» لروّادها محرّك بحث مثالياً للوصول بسلاسة إلى لقطة بعينها من تلك الوثائقيات، اعتماداً على مونتاج النص لا الصورة. كما يتمكن المستخدم من البحث بين 250 شخصية و580 مكاناً مطموساً و15 مصطلحاً وثيقاً بالقضية، عدا البحث في محطات بارزة عاشها الفلسطينيون منذ عام 1799 حتى ما بعد توقيع اتفاقية أوسلو (1993) للوصول إلى المقطع المنشود ومنح المستخدم جرعة بصرية ومعلوماتية كثيفة عن مراحل التطهير العرقي للفلسطينيين.
غير أنّ المثير للدهشة في «الشخصيات» المدرجة على الموقع، هو وضع الناشط الفلسطيني والصحافي الإسرائيلي أو أحد العاملين السابقين في جهاز «الشاباك» في كفّة واحدة، إذ كان التعريف على الشكل التالي: «من الناشط الفلسطيني إلى الصحافي الإسرائيلي إلى القبطان اليوناني، جميعهم اجتمعوا على كلمة الحق»!.
هذه الصياغة المجحفة ليست سوى محاولة سخيفة لتجميل الوجه الصهيوني وإظهاره بشكل المكفّر عن ذنبه التاريخي. كما أن النافذة المبنية على تقنية Adobe Muse والمستندة إلى أداة الريمكس، تستعرض خرائط تفاعلية وصور جوية للمواقع التاريخية الفلسطينية بصورتها الحاضرة.
هذا الاستعراض البصري الذي «يوثّق لاختفاء فلسطين من الأطلسين الجغرافي والسياسي»، يبدو أنّه ينتفخ غيظاً من المسمّى العربي الحقيقي لمدينة «تل أبيب»، فلم يختر سوى المسمّى الصهيوني المتناقض أصلاً مع فكرة النافذة!