معارضة سورية من موسكو، تجتمع في القاهرة، توافق عليها دمشق ولا تعارض عليها الرياض.
معارضة سورية من موسكو، تجتمع في القاهرة، توافق عليها دمشق ولا تعارض عليها الرياض.
لا يمكن وصف زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى موسكو بالعادية خصوصاً بعد اللقاء الذي جمعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وما نتج عنها من رسائل هامة شكلاً ومضموناً.
من حيث الشكل، أراد الرئيس الروسي إيصال رسائل واضحة الى الغرب:
اولاً : إستمرار روسيا بموقفها من الازمة السورية بالرغم من العقوبات الاقتصادية المستمرة والحرب الدائرة في اوكرانيا.
ثانياً: توضيح مسار مستقبل العلاقات الروسية – السورية، اذ تسعى روسيا الى “تطوير العلاقة مع الرئيس بشار الاسد ” كما نقل وليد المعلم عن الرئيس بوتين .
من حيث المضمون، ترتبط زيارة الوزير المعلم بزيارة وزير خارجية المملكة العربية السعودية سعود الفيصل وزيارة الرئيس السابق للائتلاف معاز الخطيب الى موسكو. ساهمت هذه الزيارات في رسم قراءة مشتركة لما قيل انها مبادرة روسية تعمل مصر على الترويج لها عربياً واوربياً ولا تعارض عليها المملكة السعودية.
ان تطور الملفات الاقليمية كالمفاوضات النووية الايرانية، تنامي خطر الارهاب في أوروبا وانعدام قدرة الأطراف على الحسم النهائي في سوريا، تعزز ضرورة “بناء أسس” جديدة للحل السلمي في سوريا من خلال جمع القضايا التي لا تعتبر محل اختلاف بين الأطراف، اي اتباع مبدأ ” الضبابية البناءة Constructive ambiguity ” الذي ابتدعه كيسنجر والذي يفيد بجسر الهوة بين الثابت والمؤقت من خلال الاتفاق على ما يجمع وتأجيل النقاش في ما يفرّق.
تعمل روسيا على بلورة اقتراح لهذه القواعد السياسية مع عدم اعتراض أمريكي على جهود الدبلوماسية الروسية، انطلاقا من المبدأ التالي : لا حل في سوريا من دون الضؤ الأخضر الروسي والامريكي. اذا،تسعى روسيا الى جمع الأطراف على طاولة نقاش تتبنى في البداية النقاط التوافقية ومن اهمها :
١. عدم طرح قضية تنحي الاسد؛
٢. عدم إشراك الاخوان المسلمين في اي حكومة وحدة وطنية؛
٣. الحفاظ على وحدة أراضي الدولة السورية؛
٤. الاستمرار في محاربة الارهاب.
السؤال الذي يثار في هذا المجال هو التالي : من هي المعارضة التي ستشارك في بناء أسس الحل السياسي ؟ . تعمل موسكو على اعادة تشكيل معارضة سورية ( من الداخل والخارج ) لا تعارض عليها دمشق وتوافق عليها السعودية.
اول مهمة تقع على عاتق هذه المعارضة المرتقبة هي موافقتها على النقاط المطروحة أعلاه . تفيد المعلومات، ان اجتماعات هذه المعارضة ستكون في مصر التي زار رئيسها اوروبا عارضاً وجهة النظر الروسية – المصرية في هذا الخصوص.
يفيد واقع ميزان القوة بان اي حل للقضية السورية يفترض تنسيقاً وتعاونا بين كل من روسيا وامريكا من جهة والسعودية وإيران من جهة ثانية. ضمن هذا الاطار، لا يمكن التقليل من اهمية الدور الذي يمكن ان تلعبه مصر في تقريب وجهات النظر الايرانية السعودية. تدعم القاهرة موقف دمشق في المعركة ضد الارهاب ويتبنى الرئيس السيسي رؤية الرئيس بشار الأسد في ضرورة القضاء على فرضيات إضعاف دور الدول المركزية العربية ؛ سوريا، العراق ومصر.
في المحصلة، يتمتع الطرح الروسي بقوة جذب مغناطيسية جذبت نحوه في المرحلة الاولى اغلب الأطراف المتصارعة باستثناء تركيا المعزولة التي ما زالت تنازع قوة الجذب الروسية، فكم من الوقت ستصمد ؟
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه