وفي اطار النشاطات المختلفة للمعرض، نظمت دار المنهل بالتعاون مع المركز العربي لحوار الأديان وجمعية فرح العطاء ندوة بعنوان "هاني فحص سماحة الاعتدال وقداسة الحوار الإسلامي المسيحي"
تنوعت نشاطات معرض الكتاب الدولي في بيروت وشملت عدة نشاطات في يومه السادس :
قصص للاطفال وفيلم عن الكتابة :
لليوم السادس على التوالي يقوم معرض الكتاب العربي بمجموعة من النشاطات لطلاب المدارس من جميع المناطق اللبنانية ومنها ومن هذه النشاطات قراءة قصص لطلاب مدرسة IC، فقد قرأت المؤلفة علا حسامو قصتين من تأليفها "حين غرق جدي"، و"الاخطبوط الراقص".كما قرأ الحكواتي أحمد طي لطلاب IC في جناح دار أصالة مجموعة من القصص، ابرزها "لو كنت"، و"عنتر وسمر"، و"صديقنا الوطواط"، و"لما صاح الديك" .
وفي قاعة المحاضرات قرأت الكاتبة فاطمة شرف الدين مجموعة من القصص، ابرزها "قيثارة الملك"، و"الرجل الذي يجعل أشجار الكرز تزهر" ، وهي صادرة عن دار الساقي.كما قرأت غيدا اليمن قصة "هموم صبا" وناقشتها مع طلاب مدرسة البنات الثانية . ، وعرض فيلم قصير على الشاشة حول تطور الانسان وكيف كان يكتب واكتشافه بعدها المطبعة ومن ثمّ تأليفه الكتب.
ندوة: صورة على هاتف جوال
وفي اطار فعاليات اليوم السادس لمعرض بيروت العربي والدولي للكتاب، نظمت شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ندوة حول كتاب "صورة على هاتف جوال، للكاتبة إلهام منصور شارك فيها الدكتور موسى وهبة، كاتيا سرور وقدمتها يسرى مقدم واعتبرت في كلمتها الافتتاحية أنه من مداخل بحثية أكاديمية تعنى بالمؤنث تخصيصا، في آليات تحرره، وفي تمكينه من امتلاك قول مختلف يخصه، أتت الهام منصور الى الكتابة الابداعية، رواية وسيرة ذاتية والهام الممتلئة بنعمة الكتابة ما هي تمرين تكشف به الحجب لتتمكن الذات من ادراك وعيها والامساك بلا وعيها في آن.
وبدورها اعتبرت سرور أن الهام منصور تدخل في المحظور لذي لا يستطيع احد أن يدخله، ففي روايتها هناك مفتاحين: مفتاح البيت ومفتاح رأس بعلبك، وفي روايتها أرادت الكاتبة أن تسلط الضوء لا على منزل جديها بل على منطقة آلا وهي رأس بعلبك، حيث هناكتجسدت هذه الصور في مقطع من الرواية التي تتكلم فيها عن عرس جدها وجدتها وعن العادات والتقاليد من الحنة والبرزة وغيرها... وهي عادات متركة بين الملسلمين والمسيحيين في المنطقة.
وقال وهبي في معرض مداخلته أن رثاء إلهام لبيتها يذكرني ولا بد برثاء المتنبي لجدته حين يحن الى الكأس التي بها شربت ويهوى لمثواها التراب وما ضمّا لكنه لا ينسى أن يضيف: ولو لم تكوني بنت أكرم والد....لكان أباك الضخم كونك لي أُما كأني بإلهام تقول لو لم تكن أجمل البيوت لكان أجملك كونك لنا بيتا. وختم بالقول: كتبت ذات مرّة : "كل كتابة متقنة تقرير مرفوع الى السلطات المختصّة". وإلهام حين تكتب آخر ما يهمّها هو الإتقان فحيث لا سلطات يرفع إليها يكون الإتقان تكلّفا وفساد صنعة. والطلعة البهية لن يزيدها التبرّج بهاء.
تحية الى شاعر الشعب أحمد فؤاد نجم
وفي اطار نشاطاته لهذا العام نظم النادي الثقافي العربي ندوة " تحية الى شاعر الشعب أحمد فؤاد نجم" شارك فيها ناشر صحيفة السفير طلال سلمان، المفكر كريم مروة، عضو النادي سامي مشاقة، وقدمها الروائي والصحافي أحمد علي الزين الذي استهلها بعرض حلقة من برنامجه الذي يعرض على قناة العربية "روافد" والتي كان قد استضاف خلالها الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم. وتخلل الندوة تحية فنية لأحمد فؤاد نجم غناء علي جواد، وعزفا على البيانو وجدي أبو دياب ورودي على الايقاع، الذين قدموا باقة من الأغاني التي ألفها الشاعر الراحل.
مشاقة
"جاء الى الدنيا بسيطا كما يجيء البسطاء، ورحل شريفا كما يرحل الشرفاء"، بهذه الكلمات ابتدأ مشاقة كلمته، وأضاف": لقد عاش الشاعر مع هذه الجماهيلا وعاش لها. اختبر معاناتها وأوجاعها وأوضاعها الاجتماعية والاقتصادية السياسية البالغة السوء، فانبرى ليكون صوتها المدوي، المطالب بالخبز كما بالحرية والكرامة. لقد جسد أحمد فؤاد نجم بأمانة كاملة هذا الغضب الشعبي... هذا الغضب التواق الى التغيير، تغيير نمط العيش، وازاحة كابوس الاستبداد – كما يراه هذا الاستبداد الذي نهض على اشاعة ايديولوجية التخلف بعد أن عمدت قوى النظام الى تطويع المفاهيم الدينية لخدمة تأييد هذا التخلف، وتك القوى المهيمنة حرة في جني الأرباح وتكديس الثروات على حساب بؤس هذه الجماهير.
واعتبر مشاقة أن الديوان الشعري الأول لنجم الصادر عام 1972 تحت عنوان "يعيش اهل بلدي" بصورة خاصة الاتجاهات الأدبية والشعرية في حقول الفكر والاجتماع والسياسة، موجها نقدا صارما لأبرز الرموز الثقافية والسياسية والفنية وقد أحدث الديوان فور صدوره دوياً هائلاً في الأوساط الثقافية والشعبية والرسمية في آن... ومن هنا كان هذا الديوان الكتاب الأكثر مبيعا في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب للعامين 1972 و1973. وقد أعيد طبع هذا الديوان خمس مرّات متوالية في بيروت وكان صدر عن دار ابن خلدون التي كنت مديراً مسؤولاً لها.
واعتبر أنه ولعلّ المرحلة الأهم في المسيرة الشعرية لأحمد فؤاد نجم والتي دعمت قامته الشعرية، ومنحته فائضا من القوة والنجاح والانتشار، تلك الرحلة الشيّقة والممتعة التي جمعته بالشيخ إمام الضرير الملحن والمغني الشعبي. فقد شكّل هذا اللقاء ثنائيا شعريا غنائيا بحيث أصبح حديث المنتديات الثقافية على ساحة الوطن العربي. شكّل الثنائي نجم –إمام تيارا شعبيا جارفا يُعبّر بصلابه عن معاناة الفقراء ويرفع سهام النقد لسلطة فشلت في بناء مجتمع يُحقق طموح الناس ويستجيب لمطالبها المشروعة. مما جعل هذا الثنائي ضيفين دائمين على السجون المصرية لا يخرجان منها حتى يدخلان اليها من جديد.
وختم مداخلته بالقول: ومما لا شك فيه بأن هذه الحالة التي شكلها هذا الثنائي هي حالة ثقافية وحضارية هامة فريدة في تاريخنا ومما لا شك فيه بأنّ هذه الحالة التي شكلها هذا الثنائي هي حالة ثقافية وحضارية هامة فريدة في تاريخنا الشعري والفني الشعبي، بما يُمكننا من أن نطلق عليها تعبير: "الثقافة الثورية". برحيل الفنان أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام تفقد هذه الثقافة صوتين قياديي: صوت الشعب وصوت الثورة.
سلمان
استهل سلمان مداخلته بالقول: غلبني الابتسام حين قرأت صفة " المرحوم" تسبق اسم " الفاجومي" احمد فؤاد نجم، على بطاقة الدعوة إلى هذا الاحتفال بمن لا ينسى، وغلبني الحزن حين انتبهت إلى أن اسمه جاء منفصلاً عن شريك ندائه الغاضب، الساخر، الناضح بعشق مصر المبشر بالثورة الشيخ إمام ... إلا إذا اعتبرنا أن الوصلة الغنائية، ستشق ليل الغياب وتعيد استحضار هذا الثنائي البديع الذي لعب دوراً خطيراً في إعادة صياغة الوجدان الشعبي، محدثاً فجوة في جدار صمت الاستسلام واليأس من التغيير، وإحياء الأمل بالقدرة التي باشرت فعلها وسط الصعب، على طريق سيكون طويلاً بطول فترة الغيبوبة التي أدخلت فيها الأمة. لقد كان هذا الثنائي المبدع حادي " الميدان" على امتداد سنتين او يزيد ، يحرك وجدان مصر، بل الآمة – بنداء الثورة.
واضاف: ولقد أسعدني حظي بأن عرفت هذين المبدعين في وقت مبكر نسبياً، أواخر الستينات... كذلك مكنتني رحلاتي المتكررة إلى القاهرة بداية السبعينات أن اعرف عن قرب هذا الثنائي المبدع الذي كان يتوغل في جراحنا بالشعر معززاً بالألحان التي تستثيرنا فنرد عليها بالتصفيق وإطلاق آهات التحسر، متخوفين من أن نذهب مع أحلامنا بالثورة إلى أبعد مما يتيحه الواقع. على أن "الفاجومي" لم يكن يملك متعة اليأس، فهو يعيش بأمله في التغيير، فإذا صمت مات... وكان صعلوكا بغير ادعاء... بل انه لو خرج من الصعلكة لمات!
واعتبر سلمان أن احمد فؤاد نجم لا يحتاج إلى شهادة من احد بأنه واحد من كبار شعراء جيلنا. لقد اقتحم بالعامية المصرية معززة بنقاء الصورة وزخم التعبير الوجدان العربي في مختلف الأقطار المهددة الآن بالتمزق في أتون الحرب الشعبية، هو شاعر فحل، كما يقال في المديح، وهو صعلوك، كما يقال في المديح أيضاً، مشيرا الى أنه ابن البلد الأصلي، مرهف الإحساس في قلب الفقر، مبدع بعزة الأصالة فيه. ولقد تجاوز مصريته إلى العروبة، فغنى الثورة والثوار، غنى فلسطين ولبنان والجزائر بل أفريقيا عامة. وهو قد استخدم الكاريكاتور والصورة البسيطة باللهجات المصرية المحكية، صعيدية وبحراوية وقاهرية فكانت أفصح في التعبير عن الحب كما عن الغضب، في الدعوة إلى الثورة عبر انسنة الوطن لا تجريده وكأنه مجرد جبال أو أودية وثلج وشجر وأرض مشاع .
وخلص في ختام مداخلته للقول: لقد افترق الشعر عن الشاعر، لكن احمد فؤاد نجم الشاعر عاش فشهد ما بشر به في قصائده التي أخذته إلى السجن مراراً. شهد الملايين التي كان يستدعيها واثقاً أنها ستلبي نداء ضميرها وحاجتها وحقها في مستقبل يليق بكرامة الإنسان، والميدان لن يعلق، والكفاح دوار. بل لعل الفاجومي قد صار في السنتين الأخيرتين قبل مغادرته دنيانا أغزر إنتاجا وأعظم عطاء، فلقد أمده " الميدان" بزخم الملايين التي احتشدت فيه، وهكذا صار يطل علينا أكثر من مرة في الشهر وبقصائد تشكل توكيداً لانتصار الآمل بالثورة. وسيظل حداء احمد فؤاد نجم بصوت الشيخ إمام يسري مع الهواء في دنيانا بانتظار اكتمال التغيير بالثورة.
مروة
اعتبر المفكر مروة بداية الى أن غياب أحمد فؤاد نجم شاعر الثورة المصرية في عدة عهود لا يمكن أن يغيّبه من ذاكرة الأجيال القديمة والجديدة. فهو شاعر الثورة وشاعر الشعب في آن. وإذ نتذكره اليوم فإننا نتذكر معه بالضرورة الشيخ إمام شريكه ورفيق دربه. فقد تحوّلا معاً إلى ظاهرة من نوع فريد. وهي ظاهرة جمعت في شكل رائع بين ظاهرة الشاعر الشعبي النقدي المعبّر في شعره عن معاناة شعبه وعن أحلامه، وظاهرة الملحن والمغني الذي كان صوته يهدر بإسم الشعب المصري ويعبّر عن ضميره.
وتناول مروة حياة نجم منذ طفولته ومعاناته الفائقة الشدة منذ طفولته مع الفقر والقهر ولم يكن أمامه سوى الصبر ليخرّج منها ثائراً على المجتمع وعلى كل السلطات. وحوّلته ثورته إلى شاعر كبير، شاعر يعبّر عن مشاعر شعبه وعن معاناته. ولم يلبث أن صار في سيرته الشعرية مكملاً لجيل سابق عليه من شعراء مصر باللهجة الشعبية بيرم التونسي وفؤاد حداد اللبناني الأصل وصلاح جاهين، كان نجم في البداية يتطلع إلى دور الرئيس جمال عبد الناصر في إحداث التغيير الذي كان هو يطمح لتحقيقه. لكن سرعان ما رأى أن الأجهزة الأمنية كانت تناقض ما كان يسمعه في خطب الرئيس عبد الناصر. وكان هو بالذات ورفيق دربه الشيخ إمام من بين الذين دفعوا ثمن ذلك التناقض ... فكانا يدخلان إلى السجن ليعودا إليه من جديد في أعقاب قصيدة هنا وأغنية هناك. غير أن نجم لم ينخدع على الإطلاق بالرئيس السادات. وظلّ في قصائده يثابر على النقد لسياسة السادات. وتحوّلت واحدة من تلك القصائد إلى قضية.
وأشار مروة الى أن نجم لم يهادن في شعره جميع السلطات في مصر، برغم بعض التقلبات التي قادته إلى مساومات سياسية هنا وهناك وهنالك في العالم العربي وهي قضية سبقه إلى مثلها بعض الشعراء العرب الكبار سنظل نتذكر الشاعر أحمد فؤاد نجم وختم قائلا: وسنظل نتذكر معه رفيق دربه الشيخ إمام، احتفالاَ متواصلاً بسيرتهما، واحتفاء بالثورة المصرية الحديثة في مرحلتيها في 25 يناير في 30 يونيو التي كان لكل من أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام دور تاريخي سابق عليها ومساهم في التمهيد لها.
لقاء المركز الدولي لعلوم الانسان: أعمال وآمال
وفي اطار فعاليات اليوم السادس للمعرض، نظم المركز الدولي لعلوم الإنسان لقاء بعنوان "المركز الدولي لعلوم الانسان: أعمال وآمال" قدم خلاله رافي ادريس عرضا تعريفيا للمركز وأقام حوارا حول المركز مع الكاتب معين حداد في حضور حشد من المهتمين والمثقفين.
ادريس
واستهل رافي ادريس بالتعريف بأنّ المركز الدولي لعلوم الانسان، ومقرّه في مدينة جبيل العريقة، هو مؤسسة دولية غايتها دعم البحث والحوار. وقد أُنشأت سنة 1999 على أساس اتفاقية دولية بين الحكومة اللبنانية ووكالة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، وبالتالي فالمركز يعمل تحت رعاية اليونسكو مع تمتعه بحرية أكاديمية كبيرة تتيح له اختيار أنشطته وإدارتها وفق ما يرتئيه مناسبا، لاسيما الندوات والمؤتمرات الدولية حول مفاهيم ومعايير الديمقراطية وحقوقالانسان، وقيم المواطنية والعولمة، والتنمية البشرية. يستعين المركز لهذه الغاية، بخبرات هامة من بين الأكاديميين والباحثين والمتخصصين والصحفيين.
وأضاف: لطالما كان المركز الدولي لعلوم الإنسان، ولا يزال، مركزا تفكيريا له موقعه في ميدان الدراسات الفكرية والثقافية والعلوم الإنسانية في لبنان والمنطقة. بيد أنّه، ومع إدارته الجديدة للعامين المنصرمين، بدأ يسلك طريقاً أكثر "عملياتياً"، لقناعته أنّ الدراسات والكتب والمؤتمرات، على أهميتها وضرورتها، تبقى قاصرة عن الإنتشار بين الناس ما لم ترفق بأعمال وأنشطة تطبيقية تضع هذه الأفكار موضع التنفيذ بين الجمهور. وعلى ذلك يعمد المركز على تدريب وإعداد مجموعة ناشطة وفاعلة من المدربات والمدربين، بمهارات عالية تُساعد على نشر الأفكار بين الناس وفق برنامج عمل مدروس.
ندوة: حول كتاب المرحوم السيد هاني فحص " قداسة الحوار الإسلامي المسيحي"
وفي اطار النشاطات المختلفة للمعرض، نظمت دار المنهل بالتعاون مع المركز العربي لحوار الأديان وجمعية فرح العطاء ندوة بعنوان "هاني فحص سماحة الاعتدال وقداسة الحوار الإسلامي المسيحي" شارك فيها رئيس المركز العراقي لحوار الأديان السيد جواد الخوئي، رئيس المركز العربي للحوار الشيخ عباس الجوهري، نجل الراحل مصطفى فحص في حضور حشد من المهتمين والمثقفين.
أدار الندوة الصحافي عماد قميحة ومما جاء في كلمته: "لي فُرصة أتاحها الموت بعد سكن من عقلك وقلبك سيدي هاني فحص...اشهد وانا المسجى أمام عينيك...اغرز الغيمات مطرا...واكثر الجنات عطرا...سيدي لم تكن المسافة أكثر من قلبين مفتوحين وموصولين بحبل من الله والناس...وقدم الروائي والصحافي أحمد علي الزين حلقة من برنامجه على قناة العربية "روافد" استضاف خلالها الراحل السيد هاني فحص.
الخوئي
وحملت مداخلة السيد الخوئي عنوان "رسول بين المسلمين والمسيحيين وجسر بين العراق ولبنان" واعتبر فيها أن أدق الأوصاف للعلامة الراحل أنه كان رسول المسلمين للسلام، ورسول السلام للمسلمين. رسول الاسلام للمسيحية ورسول المسيحية للاسلام. أكثر من ذلك كان "هاني فحص" جسرا بين لبنان والعراق، اذ راقب الراحل معنا ومن خلالنا مسار الحوار الاسلامي المسيحي في العراق، وكنا نراقب معه ومن خلاله (في العراق كما في لبنان) رجال دين يفقدون خطابهم المتسامح ويصبحون أكثر تشددا.
وأضاف: لمسنا مع "هاني فحص" ومن خلاله نمو تأثير تعاليم رجال الدين في تعبئة الشارع ضد الآخر المختلف، وكيف تم توظيف الديني لخدمة السياسي في المواسم الانتخابية، واستخدم الخطاب التحريضي في حالات المواجهة الطائفية بين نخب سياسية زيفت صراعها على السلطة والثروة بكونه ذا طبيعة اثنو طائفية، فأصبح توظيف "الطائفية" تجارة مربحة في السوق السياسية، وقد خضنا مع الراحل خلال زياراته المتكررة الى العراق أو من خلال زيارة أعضاء المجلس الى لبنان حوارات أنصبت على هدف حماية بلداننا التعددية، وتنوعها العرقي والديني والثقافي الذي يعد مصدر إثراء للأجيال المقبلة، فحمل تأسيس المجلس من خلال ذلك هاجس تحويل حوار الأديان الى مهمة حاسمة، بوصفه عاملاً إحترازياً أو وقائياً لدرء المخاطر ومواجهة الأزمات الإجتماعية والسياسية وإحتوائها أو منع وقوعها في المستقبل.
وأشار الى أن الراحل كان يؤكد أكثر من مرة أن تبني ثقافة الحوار لا يمكن الإستغناء عنها، فقد أصبحت مشكلة التنوع الديني، ونتائجها المتمثلة في الصراع الديني والطائفي في الشرق الأوسط، وصدام الحضارات بين الإسلام والغرب، تمثل صراعات لها تركة ثقيلة وآثار سلبية على مستقبل الإنسانية، مضيفا: وفي وقت ترسم فيه هجرة المسيحيين العلامة الأبرز على الأزمة الكبرى التي يمر بها الشرق الأوسط، علامة على فشل تجربة الدولة الوطنية، وتطرح إتهاماً قاسياً للإسلام بأنه دين يرفض الآخر، تصبح مسؤولية بناء أنموذج دولة تعددي جديد مسؤولية مشتركة إسلامية – مسيحية، وتطوير خطاب مشترك بشأن تصور هذا الأنموذج.
وختم بالقول: كتابات الراحل التي يتضمنها هذا الكتاب ترسم حدود هذا الحوار ومتطلباته وتصف مسؤوليتنا جميعاً في الحفاظ على وحدتنا في تنوعها الخلاق، وقد جاء كثمرة للتعاون بين المركز العربي للحوار والمجلس العراقي لحوار الأديان تقديراً وتثميناً لجهود العلامة " هاني فحص " في ميدان الحوار.
الجوهري
اعتبر الشيخ الجوهري أن هاني فحص مثله مثل صائغ الذهب والمجوهرات يصنع نصّه مستخرجاً مادته الأولى من منجم العلم والمعرفة فيخرج مشبعاً بالأدب والفلسفة والتاريخ والحكايات الشعبية والدين والسياسة والإجتماع , يقف على خلفيةٍ كبيرةٍ متينةٍ ذات صلة عالية بالحوزة والفقه والأصول والمنطق والبلاغة والأدب والشعر , وأكثر من ذلك كله أريحيّة تستطيع اختراق القلب والروح فتصل الفكرة دون عناء مشفوعةً بهدوء العبارة وسلاسة الكَلِم... إنه مركز بحث في رجل وموسوعة معرفيّة في شخص ضاقت عليه أروقة المؤسسات الدينية الرسمية ولكن نصوصه اخترقت وتخترق وستخترق كل الجدران المذهبية والمؤسسات الدينية التي أقفلت أبوابها وفتحت شبابيكها لتسهيل دخول قليلي البضاعة.
واعتبر أن في نصه ثقلٌ نوعيٌ لمعرفة لا تقيم في السطحية بل تنفذ إلى العمق البعيد , وفي أسلوبه أدبٌ لبنانيٌ عامليٌ عربي يضعه في رعيل أدباء مصر والشام والعراق . في تجربته محطات استبقت الحدث وفي كثير من الأحيان عرفت بالحدث وتنبأت به والآخرون نيام في الواجبات إتمامٌ لكل ما هو مطلوب من الفرد تجاه مجتمعه وأمته ودولته، وفي الحقوق قناعته راسخة بعدم الوصول إلى ما لا ينبغي له وعدم الجزع من منعه مما يجب له مع البقاء تحت سقف القانون... هاني فحص عرفه الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين فاتخذه سندا وعضدا فعمل في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى فأفاد منه في كل منتديات وأروقة الحوار في الأزهر الشريف وعلى امتداد العالمين العربي والاسلامي ,ومن قبله الإمام السيد موسى الصدر الذي وإن لم يكن من فريق عمله لكنه كان في فضاءات استشاراته والجدل الجميل معه وفي السنوات الاخيرة قبل سرقة الإمام منا قصرت المسافة كثيرا وحظيَ بمصارحات عميقه بينه وبينه.
وأشار الى أنه في الحوار كان سماحة العلامة السيد هاني فحص ولايزال رائدا وقائدا ومحرضا آمن بالحوار وكان بالنسبة إليه رسالة وهدف،لقد حرّض هاني فحص وعمل وكتب في الحوار الاسلامي الاسلامي، وفي الحوار الاسلامي المسيحي والحوار العربي والأوروبي وبذل جهودا كبيرة في ترسيخ دعائم هذا الحوار على مستوى لبنان والعالمين العربي والاسلامي وكانت الإنجازات كبيرة وكثيرة... وفي التقريب فقد آمن سماحته بالحوار سبيلا للتقريب بين أبناء المذاهب وبين أبناء المذهب الواحد وبين المذاهب الاسلامية والمسيحية فكانت النتئائج والإنجازات كبيرة ستبقى مدوية في تاريخ هذا الرجل الكبير متأصلة في وعي الامة والمجتمع .
وقال الجوهري: لقد سبق زمانه وجاء في لحظة تؤسس لمستقبل وكأنه رسول اللحظة للمستقبل... لقد كنتَ تجربة فريدة وأنا اكاد اجزم أنني حضرت دروس علماء وقرأت لمن لم أتمكن في مزاحمته بركبي وهنا أقصد وصية الصادق عليه السلام زاجموا العلماء بركبكم وأنا حظيت بك عالما كان مجلسه المتواضع لا يتسع لكرسيين متقابلين وكنت أجلس وركبي تكاد تلتصق بركبه وانا أدلو بدلوي إلى معين مائه المفعم بالمعرفه وأنا أشهد أنه فتح عينيَّ على فكر لم نقرأه في الحوزة ومعرفة لم تشرع أمامها الطرق الحوزوية وأعني بذلك المعرفة المتنورة التي قادها مفكرون وفلاسفة في شرقنا الاسلامي وفي أوروبا والغرب , وانتبهت الى ضرورة قراءة كانت وهيكل وروسو وديكارت وصولا إلى صموئيل هينغنتتون مرورا بلويس .... الذي نظّر لصدام الحضارات.
وختم قائلا: في الحوزة قرانا قال الطوسي وقال المفيد ونقل الانصاري وصنّف الأخوند وعند السيد فتحت لنا الطريق إلى معرفة كل فلاسفة الغرب وعاد بنا إلى ضرورة احترام فلاسفتنا في شرقنا بعدما أبقت المدراس الدينية صورة الفيلسوف في مشرقنا متهافتا .
فحص
وفي الختام ألقى نجل الراحل مصطفى فحص كلمة حملت عنوان "سماحة الاعتدال" اشار فيها الى أن الخلقُ بتعدده وتكوينه ومكوناته هاجسه، هاجس معرفة الاخر واكتشافه، باعتباره شرطا للوجود ومن دونه لا يكون اختلافا، ومن دون اختلاف لا يكون هناك معرفة، والاختلافُ عنده سبب اساسي في وجود الكون واستمراره وحركته وانسجامه، والمعرفةُ هي رغبتُه في الفصل بين المختلف والمخالف، فالمختلف الاخر عنده اقرب الى مكوناته المعرفية، من ابن جلدته المخالفِ او الرافض لمكونات المعرفة المشتركةِ بينه وبين الاخرين، وهو لم يفرض على الاخر شروطه المعرفية، ولا اعادة انتاجِها وفقا لمعاييره، بل امن بان الحوار معه فرصةُ لتفكيك الصورة النمطية في ذهنه عنه و في ذهن الاخر عنه.
وقال: والحوار بين المسلمين و المسيحيين بالنسبة اليه هو شرط ايماني وليس حوارا بين الديانتين ولا بين مذاهبهما، انما حوارُ بين اهل الدينين واهل المذاهب، وهو ليس لهدف تبشيري او هدف دعوي، يوم تأبينه في كنيسة مار الياس انطلياس، وقف اللبنانيون مسلمين ومسيحيين في الِمساحة المشتركة التى بشر بها مولانا، كانت الكنسية بمساحة وطن، آمن به هاني فحص وصلى لاجله، وكان رجاؤه الاخير قبل انتقاله الى الخلود الابدي، ان يُحفظ هذا الوطن بدولة، وطالب اللبنانيين بان يدبروا لانفسهم دولة، تحفظهم وتحفظ عيشهم المشترك.
وختم بالقول: هذا هو مولانا هاني فحص قديس الحوار، السمح في اعتداله، المؤمن بلا حدود، تمتلىء عيناي وأعينكم بصوره المعلقة على جدران الوطن، سراجا ايقنة، اية ترنيمة، تأخذنا موحَدين موحِدين الي الله الواحد الاحد.