أكّد مدير المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية رفيق نصرالله أنّ رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط يعدّ لـ"شيء ما" خلال الأسبوعين المقبلين، موضحاً أنّه يتوهّم أن شيئاً ما سيجري في المنطقة
حسين عاصي
جنبلاط سينقلب.. وأتمنى ألا نرتكب حماقة جديدة!
تمويل المحكمة كمين ستدفع المقاومة ثمنه
جنبلاط يعد لـ"شيء ما".. وهو يتبدّل كالمواسم!
وصول السلفيين للحكم فزاعة حقيقية بواقعيتها
سورية تجاوزت المحنة وتغلبت على مخطط الفتنة
المؤامرة تريد رأس المقاومة وعلينا أن نواجهها
ثقافتنا لا تزال ثقافة سعد الحريري في الحكم..
لا يمكن لجنبلاط أن يكون حليفا استراتيجيا لأحد!
أكّد مدير المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية رفيق نصرالله أنّ رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط يعدّ لـ"شيء ما" خلال الأسبوعين المقبلين، موضحاً أنّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يتوهّم أن شيئاً ما سيجري في المنطقة ولذلك فهو يعيد تموضعه في هذه المرحلة، مشدداً على أنّ جنبلاط لا يمكنه أن يكون حليفاً استراتيجياً لأيّ فريق سياسي باعتبار أنه يتبدّل كما تتبدّل المواسم.
وفي حديث خاص لموقع "المنار" الالكتروني، أعرب نصرالله عن عدم رضاه عن أداء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، مذكّراً بأنّ هذه الحكومة أتت لتصحّح المسار لكنها لم تفعل شيئاً، مشدداً على وجوب عدم ارتكاب حماقة جديدة تضاف إلى سلسلة الحماقات التي ارتكبها فريق المقاومة وأوصلته إلى وضعه الحالي.
وحذر نصرالله من ارتكاب "حماقة" تمويل المحكمة الدولية، منبّهاً إلى أنّ خطوة من هذا النوع ستكون بمثابة "كمين" ستدفع المقاومة ثمنه قبل غيرها، مشدداً على وجوب الذهاب بعيداً في المواجهة، معرباً عن أسفه لكون ثقافتنا في الحكم لا تزال ثقافة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري رغم كلّ شيء.
وفيما أكّد نصرالله أنّ سورية تخطّت المحنة وتجاوزت الخطر منذ انتهاء الأسابيع الثلاثة الأولى للأزمة، حيّا البطريرك الماروني بشارة الراعي على "جرأته" في طرح معادلات قد تكون الأولى من نوعها من أعلى رأس الكنيسة المارونية، معتبراً أنّ الحديث عن وصول جهات أصولية سلفية إلى الحكم هو فزاعة حقيقية بواقعيتها، موضحاً أنّ وصول بعض القوى السلفية المتشدّدة إلى أيّ مركز قرار في العالم العربي وتحديداً في سورية ولبنان يشكّل خطراً على كلّ التنوّع القائم في المنطقة وليس فقط على الوجود المسيحي فيها.
"جرأة" البطريرك بشارة الراعي
مدير المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية رفيق نصرالله أكد لموقع المنار أنه لم يكن غريباً على هذه الطبقة السياسية في لبنان بكل مواقعها أن تُقدِم على ما أقدَمت عليه عندما سعى البطريرك الماروني بشارة الراعي لقراءة الواقع القائم على المستوى المحلّي والاقليمي والدولي وامتلك هذه الجرأة في طرح معادلات قد تكون الأولى من نوعها من أعلى رأس الكنيسة المارونية بما يمكن أن يشكّل مدخلاً حقيقياً لمحاولة رسم صورة جديدة لتعاطي الكنيسة مع التطورات وفتح حوار حقيقي مع بقية الأفرقاء بعد الظروف التي يمكن وصفها بالمتوترة التي كانت سائدة سابقاً بين رأس الكنيسة وجهات سياسية عديدة.
وأعرب نصرالله عن اعتقاده بأنّ المواقف التي أطلقها البطريرك الراعي من باريس ليست وليدة نقاش داخلي فقط إنما تعكس سياسة واضحة لدى الفاتيكان ومراجع مسيحية عالمية وخشية حقيقية على مسيحيي المشرق خصوصاً بعد تجربة العراق وما جرى في مصر وصولاً إلى التهديدات الجدية للمسيحيين في سورية، هذا إلى جانب قضية خطيرة لا يضيء الاعلام عليها كما يجب ألا وهي حقيقة أنه لم يبقَ إلا 11 ألف مسيحي في فلسطين كلّها، وبالتالي فإنّ الفاتيكان يحاول الحفاظ على الوجود المسيحي في المشرق.
لهذه الأسباب، انقضّوا على الراعي!
وانطلاقاً من كلّ ذلك، لم يستغرب نصرالله من القوى التي كانت في الأمس القريب حليفة وصديقة للكنيسة المارونية على أيام البطريرك السابق نصرالله صفير أن تنقضّ على البطريرك الماروني لمجرد أن طرح الأخير رؤية واقعية تنطلق من مبدأ أنّ سلاح المقاومة مبرّر طالما أنّ المجتمع الدولي يشرّع الاحتلال الصهيوني.
ورداً على سؤال عن اعتبار البعض أنّ التخويف من وصول تيارات أصولية وسلفية إلى الحكم في سورية وغير سورية هو مجرّد فزاعة، أقرّ نصرالله بأنّه فزاعة، لكنّه شدّد على أنه فزاعة حقيقية بواقعيتها. وأوضح أنّ وصول بعض القوى السلفية المتشدّدة إلى أيّ مركز قرار في العالم العربي وتحديداً في سورية ولبنان يشكّل خطراً على كلّ التنوّع القائم في المنطقة وليس فقط على الوجود المسيحي. وقال: "نعم، هو فزّاعة بكل ما للكلمة من معنى، ونحن نخشى ونفزع من هذا الطرح المذهبي والطائفية. ولسنا وحدنا من يفزع فكل الأقليات تفزع، وحتى الأكثرية الشريفة تفزع من هذه الطروحات".
سورية تخطّت المحنة وتغلّبت على الفتنة
وتطرق مدير المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية إلى الأحداث في سورية في ضوء تطورات الساعات الماضية، فأعرب عن اعتقاده بأنّ سورية تجاوزت المحنة منذ وقت طويل. وأوضح نصرالله أنّ المؤامرة التي كانت مُعَدّة ضدّ سورية كانت تهدف إلى إدخالها في حرب أهلية وفتنة طائفية إضافة إلى إحداث انشقاق فعلي في صفوف الجيش العربي السوري وصولاً إلى تقسيم سورية. ولكنّه لفت إلى أنّ هذا الهدف كان مُجدوَلاً خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الأزمة، وهذا ما قاله الرئيس السوري بشار الأسد نفسه حين تحدّث عن المؤامرة التي لم يكن يفترض أن تدوم أكثر من ثلاثة أسابيع.
وأشار نصرالله إلى أنّ سورية عندما تخطّت الأسابيع الخمسة الأولى من أزمتها، فهي تجاوزت المحنة وتغلّبت على الهدف الاستراتيجي للأزمة، ألا وهو اندلاع الفتنة في سورية. ولفت إلى أنّ ما يجري اليوم في سورية لا يعدو كونه عمليات تخريب، وذلك تطبيقاً للأجندة المشبوهة المعدّة من قبل بعض الجهات الدولية المصرّة على السير بمخططها في المنطقة. ولكنّه شدّد على أنّ الخطر على النظام وهوية سورية بات اليوم من الماضي.
جنبلاط يتبدّل كالمواسم!
وتعليقاً على المواقف المستجدّة لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي ونفى وجود أي مؤامرة في سورية الأمر الذي رسم علامات استفهام جدية حول موقعه في المعادلة، لفت نصرالله إلى أنّه شخصياً لم يكن يوماً من المراهنين على وليد جنبلاط، خصوصاً في ضوء المواقف المتطرفة التي كان قد آخذها بعيد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري والعداء المطلَق الذي أظهره بوجه سورية. ولفت إلى أنه لم يكن من مشجّعي التحالف مع جنبلاط بعد كلّ ذلك، لكنه أشار إلى أنّ البعض اختار التحالف معه ربما لأسباب تقنية أو سياسية بحيث ظنّ هذا البعض أنّ جنبلاط تعلّم الدرس وتبدّل.
نصرالله شدّد على قناعة راسخة لديه هي أنّ جنبلاط لا يمكن أن يكون حليفاً استراتيجياً لأي جهة سياسية، سواء لفريق الثامن من آذار أو حتى لفريق الرابع عشر من آذار، موضحاً أنّه لا يمكن الدخول في أي صفقة مع هذا الرجل الذي يتبدّل كما تتبدّل المواسم.
ورداً على سؤال، أعرب نصرالله عن اعتقاده بأنّ جنبلاط يمهّد لـ"شيء ما" خلال الأسبوعين المقبلين، داعياً للعودة إلى تاريخ الرجل لاستشراف ذلك حيث أنّ موقفه المطوّل في جريدة الأنباء التابعة للحزب التقدمي الاشتراكي هو بمثابة مقدّمة تشبه تلك التي سبقت انقلابه السابق حين كان يراهن على الشرق الأوسط الجديدة قبل أن ينقلب فجأة إلى الضفة المقابلة. واعتبر أنّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يتوهّم أن شيئاً ما سيجري في المنطقة ولذلك فهو يتموضع من جديد.
هل نضيف حماقة جديدة إلى حماقاتنا؟
وفي ملف تمويل المحكمة الدولية وهو الاستحقاق الذي ينتظر الحكومة الميقاتية خلال الأسابيع القليلة المقبلة في ضوء ما يُحكى عن سيناريوهات محتمَلة، أكّد نصرالله أنه شخصياً يرفض ما يُحكى عن احتمال اللجوء إلى موافقة غير مباشرة على تمويل المحكمة في مجلس الوزراء. وقال: "برأيي، إذا وافق فريق المقاومة على تمويل المحكمة، سواء كان ذلك مباشرةً أو غير مباشرةً، نكون بصدد ارتكاب حماقة كبيرة قد تضاف إلى الحماقات المتعدّدة التي ارتكبناها وأوصلتنا إلى ما وصلنا إليه". وأضاف: "لا يجب أن نرتكب حماقة من هذا النوع. على العكس، يجب أن نذهب بعيداً في المواجهة".
وإذ اعتبر أنّ تمويل المحكمة، في حال حصل، سينضمّ لجملة الأخطاء التي ارتكبها هذا الفريق، أشار إلى أنّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي جاءت في الأصل لتصويب مسار المحكمة الدولية ولفتح ملف شهود الزور وتغيير الجهاز الأمني المسؤول عن كل المرحلة السابقة، مستهجنا كيف أننا، وبدلاً من تحقيق ذلك، بات علينا أن نستمع لنصائح رئيس الحكومة لحزب الله بتعيين محامين ليدافعوا عنه أمام المحكمة الدولية. وخلص إلى أنّ تمويل المحكمة الدولية لن يكوى سوى كميناً ستدفع ثمنه المقاومة قبل غيرها.
وعمّا إذا كان ذلك يعني أنه ليس راضياً عن أداء الحكومة، أكّد نصرالله أنه بالطبع ليس راضياً وأنّه لن يكون راضياً طالما بقيت القيادات الأمنية في مراكزها وطالما بقي من أدخل الضباط الأربعة إلى السجون وطالما استمرّ الفساد في الادارات. وقال: "ثقافتنا لا تزال للأسف ثقافة سعد الحريري في السلطة". وسخر نصرالله من الادعاء بأن الحكومة غير قادرة على القيام بهذه الخطوات في مثل هذه الظروف، قائلاً: "لا شيء اسمه غير قادرون، بظلّ مؤامرة تريد رأس المقاومة". وعن وجود خشية من انعكاس خطوات من هذا النوع على الشارع السنّي، قال: "هذا صحيح ولكنه نتاج حماقاتنا. نحن لم نحسم هذه الملفات فوقعنا في كمائنها".