25-11-2024 01:46 AM بتوقيت القدس المحتلة

"أمير الظلام" .. توقيع الحضور الطاغي على الغياب

"ما كنت أحسب أن الحزن يؤلمني إلى أن حاولت الكتابة، فهربت الكلمات واختبأت الحروف، فرحت أداريها علني أمسك ببعضها لأكتب بضع سطور في حضرة حمزة. بعد أن طبعها وصاغها شعراً جميلاً ونثراً محبوكاً. فقد قام بها قبل بلوغه الرابعة عشر

وقف أمامنا يتحدث عن شعره وكلماته .. قال إن وحي الكتابة كان يأتيه ليلاً.. فأطلق على نفسه اسم "أمير الظلام"..

من هنا أتت تسمية ديوان شهيد الصحافة والإعلام المراسل في قناة المنار حمزة الحاج حسن، إذ أطلقت عائلة الإعلامي الشهيد وأسرة قناة "المنار" ودار "الفارابي" ديوان الزميل الشهيد "أمير الظلام"، في احتفال أقيم مساء يوم الجمعة، في قاعة المحاضرات في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب حضره ممثل وزير الاعلام رمزي جريج مدير عام الوزارة الدكتور حسان فلحة، ناشر "السفير" طلال سلمان وحشد واسع من الفعاليات السياسية والأدبية والاعلامية وعائلة الشهيد وأصدقائه وأسرة "المنار"، حيث عرضت خلال الحفل شهادات من أسرة الإعلام اللبناني تحت عنوان "في حضرة حمزة الشهيد".

أطلق الحفل بشريط وثائقي من إعداد قناة المنار عن مسيرة الشهيد الحاج حسن مع الشعر والقصيدة.

وقدمت الحفل الزميلة في قناة "المنار" منار صباغ أحمد فأشارت إلى أن ديوان "أمير الظلام" فيه "أحلام من طفولة وصبا وشباب حمزة وهو اليوم فرح بأن هذا الديوان قد أبصر النور". وأردفت أن الأستاذ طلال سلمان أراد هذا الحفل تكريماص للشهيد وللصحافة الحرة والصادقة التي يمثلها. 

وألقى الأستاذ طلال سلمان كلمة قال فيها: "كان من الممكن أن يكون اللقاء عابراً وأسبابه محض مهنية، بينما يكمل الحاج حسن عمله مع زملائه.. لكن حمزة السعيد بعمله كان خلف الكاميرا وليس أمامها صار بعد يومين هو الخبر المرطب بالدمع، لقد طالته رصاصات الإرهاب وهو يسجل تحقيقاً عن أطراف بلدة معلولا في القلمون فاغتالت ابتسامته المشعة شباباً وفرحاً بالحياة". وأضاف: "لقد كشفك الديوان أيها العاشق ولسوف يحبك الناس أكثر، ولن يسامحوا قتلة ابتسامات عشاق الحياة الذين افتدوا بدمائهم أشقاءهم الذين يمنعون من أن يعيشوا حياتهم في بيوتهم الفقيرة والممتلئة بحب الأرض وناسها الطيبين". وسجّل سلمان بان لديه اعتراض وحيد وهو على العنوان، فحمزة رمزا للنور وليس للظلام.

بدورها، قالت مديرة الأخبار في قناة "الجديد" مريم البسام: " لم أكن أعرفه، عرفته يوم خبر استشهاده على الشاشة فقط، وبكيتك يا حمزة كدمع يلتهب في سطور قصيدة عانقت أول السطر.. يا وساماً علقناه على حبرنا نلتقيك اليوم على الغياب ونحتفل معك في كتاب .. تطوف وتطوف لتؤكد لنا أنك حاضراً أكثر من الحضور.. " وعلّقت البسام على عنوان الديوان وقالت : لو كان الشهيد حمزة موجوداً بيننا لكنا ناقشناه في عنوان الكتاب الذي هو نور الكلمة، فمهما اختلفنا حول القضية التي استشهد من أجلها فهو فخر لنا ووسام على صدر الصحافة".

كلمة صحيفة "النهار" ألقاها غسان حجار فعدد مزايا الإعلامي حمزة " النشيط والمندفع في عمله والمحاور الجيد الذي تشهد عليه مقاعد مركز النهار للتدريب الإعلامي. ورغم التزامك السياسي بقيت محاوراُ لطيفاً مع زملائك. نفتقدك اليوم ولا نكتفي بالقول إنا عرفناك عن قرب بل نفتقدك اليوم ..". وكانت قصيدة للشاعر عبد الغني طليس عن "تلفزيون لبنان" من وحي المناسبة، ومما قاله إنه بين الكلمة والقصيدة ينحاز للقصيدة وبين حمزة والقصيدة ينحاز إلى حمزة.

وتحدثت بولا يعقوبيان عن تلفزيون "المستقبل"، فأشارت إلى أنه قد يستغرب البعض وجودها في هذا الحفل فأكدت على أن جميع العاملين في مهنة الصحافة هم أخوة من نفس المقلع توحدهم رحلة البحث عن الخبر والحدث والمتاعب المهنية، ولفتت إلى "أنهم أقنعونا أننا مختلفون.. فيما الحقيقة توحدنا لنكتشف معاً بشاعة هذه الحروب، والصحافي الذي يذهب إلى الموت لينقل الحقيقة.  وتحدثت عن  "مزايا حمزة المندفع في عمله المثابر المجتهد"، متحدثة عن واجبات الصحافة.

وألقت هدى شديد كلمة باسم رئيس مجلس إدارة تلفزيون "ال بي سي" قالت فيها": "صديقي حمزة عمرك القصير لا يقاس بسنواته القليلة بل بعمق الرسالة التي تركتها"، مضيفة: "أمير الظلام الذي سكن كتاباتك سرقك منا باكراً".

كما كانت كلمة للزميلة بثينة عليق باسم إذاعة "النور" تطرقت فيها إلى مزايا الشهيد "الممتلئ حضوراً رغم الغياب"، مضيفة "هو شهيد الصورة والحقيقة والشهداء في قناعتنا لا يموتون. ترك مكانه بكل تواضع واختار مساراً ينسجم مع مبادئه. كان حمزة أميراً للنور في مواجهة أمراء الظلمة والظلام".

وقال رواد ضاهر عن تلفزيون "او تي في" إن "حمزة لم يرحل كأي إنسان غلب الموت حياته، وهل أعظم من الشهادة وأروع من حسيني يروي بدمائه أرض المسيح"، وتناول سيرة حمزة في عمله الاعلامي الصحافي النشيط والمثابر والشاعر والإنسان.

بدورها، ألقت ليندا مشلب كلمة باسم أسرة تلفزيون "أن بي أن" جاء فيها: "في يوم توقيع كتابك أبت كلماتنا أن تبقى حبيسة الحناجر، وها نحن ننثر حنيناً على ذكراك ونطلق العنان لدموعنا كلما راح وجهك في زمن الغدر الظلام".

وألقى محمد محسن كلمة باسم أصدقاء الشهيد، فتناول مسيرة حمزة الاعلامية الذي كان شغوفاً مقداماً في عمله، وقال: "إن ابتسامة حمزة لا تطوى كالصفحات ووقفاته على الجبهات كبيوت الشعر".

وكانت قصيدة من وحي المناسبة للشاعر شوقي بزيع الذي لفت إلى أنه لم يعرف الشهيد الحاج حسن شخصياً ولكنه يقطع القصيدة من أجله، وقال :" يا حمزة أنا لا أعرفك ولم نلتق وجهاص لوجه نستغرب وأنت تطلع من عليائك من يدل عليك باللغة واللسان .. فغيابك أكثر بلاغة من الحضور.. 

وقال مدير الأخبار في قناة "المنار" ابراهيم الموسوي: "في حضرة الشهادة في عرفنا وأدبنا وفهمنا ليست خياراً تتخذه انت، فالله يختار الشهيد ولحمزة فضلان وفي أدبياتنا أن مداد العلماء خير من دماء الشهداء، فضل الدماء والمداد جمع المجد من طرفيه حداد وعالم ودماء شهيد لقد بلغ حمزة منية المراد".

وأخيراً كانت كلمة لوالد الشهيد شحادة الحاج حسن، فقال: "إن حمزة كتب الشعر وهو في الرابعة عشر من عمره، وأكمل مسيرة حياته إلى أن تخرّج من الجامعة وراح يشق طريق حياته إلى أن تخرّج منها شهيداً، فالدنيا كانت بالنسبة له ممراً سريعاً". وأضاف "عزاؤنا في هذه الأمسية انك كما في حياتك تجمع المحبين وما كتاب أشعارك إلا لغة أخرى من اللغات الجميلة التي كنت تتواصل بها مع كل من تعرفه".

وقال: "ما كنت أحسب أن الحزن يؤلمني إلى أن حاولت الكتابة، فهربت الكلمات واختبأت الحروف، فرحت أداريها علني أمسك ببعضها لأكتب بضع سطور في حضرة حمزة. بعد أن طبعها وصاغها شعراً جميلاً ونثراً محبوكاً. فقد قام بها قبل أن يبلغ الرابعة عشر من عمره، يتمم واجباته المدرسية في النهار ونجمات سطوره الشعرية كانت تزين السماء في الليل فأطلق على نفسه أمير الظلام".

وأضاف: "منذ أقل من عام كنت أسرع الزمن وأختصر السنين ولا أعد الشهور وأسابق الأيام ليتخرج حمزة دكتوراً في الإعلام، لأباهي لأقراني وخلاني، فإذا به لم يعر لحساباتي اهتماماً لأن الدنيا كانت له ممراً سريعاً، لا تساوي بنظره شيئاً. فقد نال منها أعظم درجات السمو والرفعة وتخرج منها شهيداً فباهيت به الأمم".