27-11-2024 06:54 AM بتوقيت القدس المحتلة

استهداف الجيش يعيد التساؤل حول تسليحه.. الهبة الايرانية حاضرة

استهداف الجيش يعيد التساؤل حول تسليحه.. الهبة الايرانية حاضرة

بعد الاعتداء الذي تعرض له الجيش اللبناني في جرود منطقة رأس بعلبك وراح ضحيته ستة شهداء من العسكريين، عاد الحديث في المنابر السياسية والاعلامية الوطنية عن تسليح الجيش اللبناني.

بعد الاعتداء الذي تعرض له الجيش اللبناني في جرود منطقة رأس بعلبك وراح ضحيته ستة شهداء من العسكريين، عاد الحديث في المنابر السياسية والاعلامية الوطنية عن تسليح الجيش اللبناني وضرورة تزويده بكل ما يلزم من عتاد ومقومات تساعده على حماية نفسه وعناصره كمقدمة اساسية لحماية حدود لبنان وبالتالي كل الوطن.

وهنا يعود الحديث بقوة، مباشرة او تلميحا، عن الهبة الايرانية للبنان، هذا الموضوع الذي سبق ان أخذ حيزا كبيرا في الاوساط السياسية والعسكرية والاعلامية ايضا، لاهميته من جهة، ولانقسام السياسيين اللبنانيين حوله من جهة ثانية، حيث شكل هذا الموضوع مادة سجالية بين اللبنانيين الذين انقسموا ولا زالوا بين مؤيد ورافض له رغم كل ما يتعرض له الجيش من دعم والذي يعتبر نقص الاسلحة والعتاد الحديث والمتطور سببا لسقوط الجيش في أفخاخ الارهاب في اكثر من موقعة.

 

لو كان الجيش يملك اسلحة متطورة ربما لم يسقط شهداء له في كمين رأس بعلبك

وما جرى في كمين جرود رأس بعلبك يعتبر شاهدا حيا على ما نقول، فالجيش لو كان يملك اجهزة حديثة وطائرة استطلاع ورصد تمسح المنطقة بشكل علمي وتكنولوجي متطور ربما لم يقع في شرك الكمين الذي نصب له، وربما لم يكن بحاجة لارسال جنوده وضباطه بدورية راجلة او سيارة الى منطقة وعرة وصعبة للغاية، فلو كان الجيش يملك الطائرات اللازمة للاستطلاع والمسح الحراري الدقيق والمتطور لكان الجيش رصد العناصر الارهابية التي تسللت وزرعت العبوات التي استهدفته في تلك المنطقة، وربما لم يقدم ستة شهداء من ابنائه.

وفيما البعض في لبنان يؤكد ان الهبة الايرانية حاجة ضرورية وملحّة للجيش وتؤدي الغايات المطلوبة لتسليحه ورفع جهوزيته لحماية البلد وهذا هو بيت القصيد، يذهب فريق للتهرب من قبول هذه الهبة وللتصويب عليها منطلقا من اسباب ربطها بالعقوبات الدولية على ايران وان لبنان لا يحمل الضغوط الدولية جراء ذلك، متناسيا الهم الاساسي الا وهو حماية لبنان وتقوية جيشه، تاركا الجيش ضباطا وعناصر في مهب الاستهداف الارهابي المتواصل.

يذكر في هذا السياق، انه رغم وجود اطراف سياسية ومنها شركاء في الحكومة اللبنانية ترفض فكرة البحث في الهبة الايرانية للجيش، برز حراك لوزير الدفاع الوطني اللبناني سمير مقبل مضمونه جمع المعلومات الكافية عن الهبة الايرانية، ما قاده الى زيارة طهران تلبية لدعوة من نظيره الايراني للاطلاع على منتجات الصناعة العسكرية الايرانية وما يمكن ان تقدمه هذه الدولة الشقيقة للبنان، حتى ان موضوع الهبة الايرانية جرى البحث به في اللقاء المفاجئ الذي جمع الوزير مقبل بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حيث أكد السيد نصر الله على كل الدعم للجيش اللبناني، كما جرى البحث في تفاصيل الهبة الايرانية وعدم ارتباطها بأي شروط سياسية او غير سياسية، وقد عبّر الوزير مقبل عن تأييده لخيار قبول الهبة التي توقفت عند أبواب مجلس الوزراء بفعل معارضة "تيار المستقبل" وقوى "14 آذار" لها.

ومتابعتنا لموضوع الهبة الايرانية تجعلنا للوهلة الاولى نعتقد ان المسؤولين الايرانيين يعملون بجد لاقناع الوزير مقبل وغيره من المسؤوليين اللبنانيين بمنتجاتهم العسكرية، وكأن لبنان يريد الاستثمار في الصناعة العسكرية الايرانية بمبالغ ضخمة ستدعم الاقتصاد الايراني مثلا وستساهم برفع قيمة هذه المنتوجات في الساحة الدولية، ومن يرى لبنان حكومة ومسؤولين يترددون في قبول الهبة الايرانية ويحللون ويضعون الشروط والقيود على قبولها، لا يظن ان ما تقدمه ايران هي هبة، بل يعتقد ان ايران ترجو قبول اللبنانيين بهدف جني مكاسب اقتصادية ضخمة من وراء ذلك!

الى متى سيبقى لبنان رهينة لضغوط الخارج من "أصدقاء" عدوه الاسرائيلي؟

ولكن السؤال الاهم الى متى سيبقى لبنان رهينة لضغوط الخارج من "أصدقاء" عدوه الاسرائيلي؟ وإلى متى سيكون الجيش مقيدا بهذه الضغوط ليقدم خيرة شبابه شهداء على مذبح الوطن؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك في هذه الاحوال؟ أليس من يعرقل دعم الجيش يتحمل جزءا من المسؤولية إن لم نقل كلها؟ وأليس الضغط الاميركي والغربي على لبنان لرفض هذه الهبة الايرانية، (التي تساهم أقله في حماية لبنان من الارهاب التكفيري) هو دليل ان كل ما يجري من حولنا يصب بشكل او بآخر في مصلحة العدو الصهيوني؟ او الى حد معين تحاول واشنطن ومن معها توجيهه نحو هذا الهدف.

أليس تأكيد إيران على دعمها الدائم والمستمر وعروضها المتتالية في هذا المجال، سببا كافيا لبعض اللبنانيين كي يفكروا مليا بمصلحة بلدهم وبما يفيده من الهبات التي تقدم او تعرض عليه؟ علما ان لا احد في لبنان يعارض دعم الجيش من اطراف اخرى غير ايران، فمن عارض الهبة السعودية للجيش؟ قد لا يكون أحد في لبنان عارضها او رفضها من اساسها وإن كان هناك من شكك بها وطرح الاسئلة حولها وهذا حقه المشروع، لانه وحتى تاريخه يظهر ان التشكيك والتساؤلات التي طرحت في محلها؟ لان الشروط والشروط المضادة من سياسية وامنية وعسكرية بين السعودية وفرنسا والعدو الاسرائيلي وصولا الى الاطراف السياسية الداخلية تثير الشكوك حول جدية هذه الهبة والغايات المرجوة منها.

الهبات الاميركية والفرنسية للجيش اللبناني حدودها ضمان أمن الكيان الصهيوني

وللعلم فقط فإن لبنان سبق ان قَبِلَ هبات اميركية وفرنسية للجيش اللبناني، رغم علم القاصي والداني ان مضمون هذه الهبات لم يتجاوز الخطوط الحمر التي ترسمها "اسرائيل" لضمان امن الكيان الغاصب الذي يستمر ويحيا بدعم دول امثال اميركا وفرنسا لذلك سيبقى التشكيك قائما طالما سيكون لهذه الدول دور مباشر او غير مباشر في التدخل بتسليح الجيش اللبناني، ويبقى السؤال قائما: كيف يمكن الركون والاطمئنان الى دعم لبنان وتسليح جيشه من قبل من أوجد ويحمي في كل الاوقات العدو الاسرائيلي وكيانه الغاصب لفلسطين.

ومع ذلك ينادي فريق من اللبنانيين بضرورة قبول الهبات لتسليح الجيش طالما انها لا ترتبط بأجندات معينة داخلية او خارجية، وطرح هذا الموضوع والبدء بقبول بعض الهبات سيساعد على استدراج هبات جديدة للجيش حيث سيفتح المجال امام الدول الصديقة للبنان والقادرة طبعا على تقديم العون والدعم لجيشه.

فلماذا نبقى نفكر في شيء يبدو جليا انه من مصلحة لبنان؟ وما هي العوائق السياسية امام ذلك؟ وهل من عوائق قانونية تمنع قبول الهبة الايرانية؟ وإن وجدت هذه العوائق فيمكننا ببساطة الحديث ان لبنان يمر في ظروف استثنائية لا نظير لها والتي تدفعه لتجاوز بعض القرارات التي هي اصلا لا تعنيه بل تعني "أصدقاء اسرائيل"، فالظروف الاستثنائية تواجه بقواعد وممارسات استثنائية لا سيما ان من لا يريدنا قبول الهبة الايرانية يتركنا وحدنا نواجه الارهاب من دون ان يقدم لنا يد العون المادي او العسكري او المالي حتى؟