ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، نقلاً عن شركاء في حقل «لفيتان» الغازي في البحر المتوسط، تقديرهم أن التوقيع النهائي على صفقة الغاز الكبرى مع الأردن بقيمة 15 مليار دولار
نتنياهو وعبدالله بحثا الاتفاقية خلال حرب غزة!
حلمي موسى
ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، نقلاً عن شركاء في حقل «لفيتان» الغازي في البحر المتوسط، تقديرهم أن التوقيع النهائي على صفقة الغاز الكبرى مع الأردن بقيمة 15 مليار دولار سيتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ويشهد الأردن، خصوصاً في مجلس الأمة، صراعاً واسعاً بين مؤيدي الصفقة ومعارضيها، حيث أكد وزير الطاقة الأردني عزم حكومته على إتمام الصفقة. وقد لعبت الإدارة الأميركية والحكومتان الإسرائيلية والأردنية دوراً بارزاً في إبرام الصفقة وتذليل العقبات في إطار سياسة «الإدمان الاقتصادي» التي تديرها الولايات المتحدة في المنطقة.
وأشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن صفقة الغاز مع الأردن، والتي تمتد على مدى 30 عاماً، ستبرم قريباً، وأن الحكومة الأردنية، خلافاً لما كانت تدعيه سابقاً، عازمة على إتمام الصفقة. ومعلوم أن الصفقة تقضي بأن يشتري الأردن 45 مليار متر مكعب من غاز حقل «لفيتان» بقيمة 15 مليار دولار.
وفي ردّ وزير الطاقة الأردني محمد حامد على المعارضين في البرلمان، أكد أن الصفقة توفر على الأردن 1.5 مليار دولار سنوياً، بسبب فارق أسعار الغاز الإسرائيلي عن سواه.
وكان الأردن الرسمي قد رد على الأنباء التي سرت قبل ثلاثة أشهر عن هذه الصفقة، بأن استيراد الغاز للأردن ليس اتفاقاً بين حكومتين وإنما اتفاق بين شركة الكهرباء الأردنية وشركة «نوبل إنرجي» الأميركية. وفي حينه قال الوزير حامد نفسه إن «الاتفاق الذي وقعته الشركتان بالأحرف الأولى حينها ليس ملزماً».
غير أن صحيفة «ذي ماركر» الاقتصادية الإسرائيلية كشفت النقاب عن المداولات خلف الكواليس بين الحكومتين الإسرائيلية والأردنية حول الصفقة والدور الأميركي العميق فيها. وأشارت إلى أن الصفقة تمّت برعاية وزير الخارجية الأميركية جون كيري وبوساطة المبعوث الأميركي الخاص لشؤون الطاقة عاموس هوخشتاين وبمواكبة وثيقة من السفير الأميركي في عمان ستيوارت جونز.
وقالت إن الصفقة بحثت في لقاء عقد بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والملك الأردني عبد الله الثاني أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصدر مطلع على تفاصيل الصفقة، قوله إن «مَن وقف خلف الاتفاق وحثّ بدأب على إبرامه كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي عمل لتحقيق الاتفاق من منطلق ترسيخ محور الاعتدال في الشرق الأوسط – بين الدول العربية المعتدلة وإسرائيل. وخلال المباحثات التقى مع ممثلي الوفود وشجعها على التوصل لاتفاق. وكان الدعم الأميركي ملموساً طوال الطريق، حيث نظروا إلى الاتفاق على أنه خطوة استراتيجية وعنصر استقرار».
وأكدت «ذي ماركر» أن المهندس الرئيس للصفقة كان السفير الأميركي في الأردن، جونز الذي أنهى الشهر الماضي مهامه. وقد حضر جونز معظم اللقاءات بين وفد شراكة «لفيتان» والوفد الأردني. كما أن جونز، وبرغم إنهاء عمله، حضر مراسم التوقيع على الصفقة في السفارة الأميركية في عمان ما يرمز إلى الرعاية الأميركية لها.
يُذكَر أن تدخل المسؤولين الأميركيين في ميدان الطاقة يعتبر جزءاً من الاستراتيجية الأميركية لتعزيز محور الاعتدال في المنطقة وتشجيع العلاقات الاقتصادية بين دوله.
وكان سايمون هندرسون، الذي يدير سياسة الطاقة الإقليمية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قد قال لمجلة «فورين بوليسي» إن «الغاز الإسرائيلي هو ذخر رائع للسياسة الخارجية. وإسرائيل تصنع جميلاً للولايات المتحدة باستخدام الغاز الطبيعي كوسيلة للاندماج الإقليمي – اندماج اقتصادي بالتأكيد، وربما سياسي أيضاً».
وقال شخص مقرب من الصفقة إن «الأميركيين يبنون على «إدمان» الجانبين. الأردن سيُدمن على الغاز الرخيص، وإسرائيل ستُدمن على الأموال التي ستضخها الصفقة لصندوقها – حوالي نصف مليار دولار سنوياً. فالغاز سيسهل تخفيض أسعار الكهرباء في الأردن بشكل ملموس تحسّ به جيوب المواطنين. وهذا يخلق وضع «ربح - ربح».
وأضاف «أنا واثق أنه حتى إذا حدث السيناريو الأشد تطرفاً، وطرأ تغيير سياسي في الأردن، فإن الطرفين سيفكران 20 مرة قبل أن يمسّا بمنظومة العلاقات هذه».
وقد تفاقمت أزمة الطاقة في الأردن بعد انقطاع الغاز المصري والاضطرار إلى شراء الغاز من قطر. وتبيع قطر وحدة الغاز بـ15 دولاراً، في حين كان الأردن يشتريها من مصر بـ2.5 دولار. وسيشتري الأردن الغاز من إسرائيل بسعر 7.5 دولار لوحدة الغاز. ومعروف أن حقل «لفيتان» يحوي بشكل مؤكد 540 مليار متر مكعب، ما يجعل الصفقة الأردنية تغطي حوالي 8.5 في المئة من مخزون الحقل.
وبرغم العلاقات الديبلوماسية والأمنية بين الأردن وإسرائيل، فإن الأردن اختار أن يشتري الغاز عن طريق شركة أميركية وهمية تمّ تشكيلها لهذا الغرض وتملكها بالكامل شركة «نوبل إنرجي». وهذه الشركة ستشتري الغاز من شراكة «لفيتان» وتبيعه للأردن، بحيث لا يكون لإسرائيل ضلوع مباشر من الناحية الظاهرية.
وروى مصدر إسرائيلي مطلع أن الأردن تعامل بحساسية بالغة مع هذه المسألة وسعى إلى أن تتم الأمور بعيداً عن الأضواء وبأقل قدر ممكن من البصمات الإسرائيلية. وأضاف أنه ليس صدفة أن الأردنيين وقعوا على الصفقة مع «لفيتان» بعدما وقع الفلسطينيون والمصريون على صفقات مع شراكة «لفيتان».
http://assafir.com/Article/1/389661
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه