هادئ وليد جنبلاط في هذه الأيام. يركّز متابعاته اليومية على ملفين أساسيين: ملف العسكريين المخطوفين والحملة الإصلاحية في معامل اللبنة والجبنة ومسالخ اللحمة
«لن أقدّم شهادة توتيرية في المحكمة الدولية»
كلير شكر
هادئ وليد جنبلاط في هذه الأيام. يركّز متابعاته اليومية على ملفين أساسيين: ملف العسكريين المخطوفين والحملة الإصلاحية في معامل اللبنة والجبنة ومسالخ اللحمة... فيما عينه على منبر المحكمة الدولية المشرع على رياح الشهادات الأساسية التي يفترض أن تستضيف في وقت قريب الزعيم الدرزي، وفي ذهنه هدف محدد: إطفاء التوتر.
في الملف الإنساني المتصل بالعسكريين، اختار الرجل أن يهدم أعلى السقوف بموافقته على إجراء مقايضة شاملة مع خاطفي العسكريين، بهدف الإفراج عن المخطوفين. لا تعنيه كثيراً التفاصيل القانونية، لا سيما تلك المتصلة بحالات مسجونين بأحكام قضائية، وبمتورطين في أعمال إرهابية، ويكتفي بالتصويب على مكان واحد: إطلاق سراح العسكريين.
هناك تنافس في ملف العسكريين
ومع ذلك، يتمسك رئيس «اللقاء الديموقرطي» بتناغمه مع الرئيس نبيه بري، وإن بدا بينهما بعض التمايز. يقول: «أؤكد على كلام الرئيس بري بالموافقة على مبدأ المقايضة حتى لو يريدها رئيس المجلس أن لا تكون بالمطلق. وأتفهّم هذا الموقف، من أجل إخراج الأهل من دوامة القلق وإخراج البلاد من هذه الدائرة المقفلة».
لا يستثني جنبلاط من مقايضته أي محكوم أو متورط في أعمال إرهابية، إلا ربطاً باللوائح التي سيقدمها الخاطفون وبالأسماء التي ستتضمنها. هنا يستحضر النموذج الأميركي في التصرف في حالات من هذا النوع، «عندما تبادر دولة عظمى كالولايات المتحدة الأميركية إلى مبادلة جندي مقابل خمسة من كبار الطالبان، يمكن لنا كدول صغرى أن نقوم بهذه التضحية لاسترجاع جنودنا وعسكريينا».
في الأيام الأخيرة بدا أنّ في فمه الكثير من الماء والملاحظات على أداء خلية الأزمة، إلا أنه يكتفي باستعادة التعبير الذي استخدمه بري في وصف حالتها، بعدما تحولت إلى «أزمة خلية»، بسبب تصارع الآراء داخلها، من دون أن يضيف شيئاً.
وأشار إلى أنّه لم يثبت حتى الآن تورط سجى الدليمي أو علاء العقيلي، لافتاً إلى أنّ «هناك تنافساً في غير محله في مسألة العسكريين المخطوفين، والمطلوب وحدة الموقف».
التحرّك الفرنسي
في هذه الأثناء، كان مدير الشرق الاوسط في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو يجول بين مقار القادة اللبنانيين لاستطلاع مواقفهم من الاستحقاق الرئاسي، علّه يتمكن من إحداث كوة في السور الحديديّ. وفق جنبلاط فإنّ «الزائر الفرنسي يحاول التوصل إلى نتيجة ملموسة لخرق جدار الرئاسة اللبنانية، حيث قام بأكثر من 15 زيارة ولقاء، على أمل أن تكون مثمرة»، مؤكداً أنه لا يحمل مبادرة محددة أو أسماء مرشحة، «وهذا أمر غير ممكن، لأنه يفترض أن يستطلع مواقف القوى قبل الخروج بأي خلاصة».
ولكن الأزمة في مكان آخر، كما يرى رئيس «اللقاء الديموقراطي»: «بالنتيجة ثمة معادلة واضحة تقول إنّ الخلل يأتي من عدم وحدة الموقف المسيحي. ثمة مرشحا تحد هما ميشال عون وسمير جعجع، يمكنهما أن يجتمعا ويتفقا على مرشح واحد».
يبدي «أبو تيمور» موافقته على مبدأ التفاهم المسيحي - المسيحي ليكون نواة التوافق اللبناني - اللبناني في مرحلة لاحقة، مؤكداً أنّه إذا انتظر اللبنانيون المتغيرات الإقليمية فقد يستمر الشغور لأشهر مديدة، ويضيف: «لا أرى في الوقت الحاضر تقارباً سعودياً إيرانياً، ولهذا لا يجوز الانتظار».
يرفض التعليق على دعوة ميشال عون للتحاور حول الجمهورية، مشيراً إلى أّنّ «أياً من الأطراف لا يحتمل طائفاً جديداً ولا طائفاً قديماً، فلنتمسك بالموجود».
الرئاسة مدخل الحوار
يترقب الرجل أخباراً جدية عن الحوار المنتظر بين «تيار المستقبل» و «حزب الله» اللذين يفترض أن يجلسا سوية إلى مائدة «أبو مصطفى»، مشيراً إلى أنّ «سعد الحريري كان واضحاً بتأكيده أنّ النقاط الخلافية ستوضع جانباً، وهي: المحكمة الدولية وسلاح حزب الله والقتال في سوريا، ليحصر النقاش بقضايا غير خلافية قد يكون مدخلها الرئاسة، حيث سيكون من مصلحة الجميع الوصول إلى توافق، من دون إسقاط الدور المسيحي أو إلغائه، حيث لا يمكن للقوى المسلمة أن تقرر وحدها».
ولفت إلى أنّه «من المرجح أن يكون الحوار ثنائياً في ضيافة الرئيس بري، ولكن إذا كان هناك رغبة بمشاركة الحزب التقدمي الاشتراكي، فلا مانع طبعاً»، مؤكداً أنّ «للبنانيين قدرة على خرق الحواجز الإقليمية إذا كان هناك من رغبة وإرادة لذلك».
قانون الانتخابات.. بعد الرئاسة
ولفت إلى أنّه «متى انتخب رئيس للجمهورية، يمكن عندها وضع قانون جديد للانتخابات»، مشيراً إلى أنّ «هناك شبه اتفاق على الاقتراح المختلط بانتظار الاتفاق على توزيع المقاعد بين النظامين النسبي والأكثري».
من الواضح أنّ جنبلاط يحرص على تهدئة الأجواء الداخلية، فيتجنّب الخطابات التوتيرية وحتى القضايا الخلافية، مع أنّ المحكمة الدولية اختارت راهناً أن تسلط الضوء على الظروف السياسية التي رافقت اغتيال رفيق الحريري وتلك التي سبقته.
شهادة حمادة تخفف التشنّج
الا أنّ لجنبلاط وجهة نظر مغايرة. إذ يعتبر أنّ شهادة مروان حمادة «أخرجت المحكمة من تقنيات القرار الظني الذي كان يتهم نظرياً بعض الأشخاص الذين ينتمون إلى حزب الله، إلى الإطار السياسي العريض، وهذا أمر جيد، لأنها تخفف التشنج في الداخل اللبناني، لا العكس».
ونفى أن تكون المحكمة قد حددت موعداً لشهادته أو أن يكون قد تلقى تبليغاً رسمياً، لافتاً إلى أنّه «لن يدلي بأي شهادة قد تؤدي إلى توتير الأجواء الداخلية، وسيدلي على طريقته بمقاربة تفنّد الأجواء السياسية التي كانت قائمة في تلك الفترة».
يختصر الرجل رؤيته للوضع الإقليمي بالقول «إنّها الفوضى»، لافتاً إلى أنّه «لا يمكن لأحد من اللاعبين الصغار أو الكبار أن يتنبأ بمستقبل المنطقة، لأنه يرسم في هذه الأثناء، وقد يتطلب الأمر سنوات قبل أن يتخذ شكله النهائي. فبعد مرور مئة عام على اتفاق سايكس - بيكو يعاد رسم المنطقة على شكل جديد».
http://assafir.com/Article/1/389614
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه