صحيح ان كلا من رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع يبدي استعدادا للحوار الثنائي، لكن الصحيح ايضا ان المنطلقات والاهداف
تباين المنطلقات والأهداف في حوار عون ــ جعجع
عماد مرمل
صحيح ان كلا من رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع يبدي استعدادا للحوار الثنائي، لكن الصحيح ايضا ان المنطلقات والاهداف التي يفترض ان يستند اليها هذا الحوار متباعدة الى الحد الذي يجعل اللقاء، ومن ثم التفاهم، بين الرابية ومعراب أصعب مما قد يظنه البعض.
بالنسبة الى جعجع، ينبغي ان يكون عون جاهزا للبحث في مرشح توافقي، أولا على المستوى المسيحي وتحديدا بين «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»، وثانيا على المستوى العام بين المسيحيين والمسلمين.
وعليه، يفترض جعجع ان الحوار يجب ان ينطلق من مبدأ تسليم عون بانه بات خارج «التشكيلة» المرشحة لخوض «نهائي» الاستحقاق الرئاسي، ليتم بعد ذلك الاتفاق على مرشح يختاره المسيحيون، لا سيما «التيار» و»القوات»، بدلا من ان يُفرض الاسم عليهم في نهاية المطاف من الخارج او الداخل، كما جرى في الاستحقاقات السابقة منذ الطائف حتى الآن.
أما عون، فهو يقارب الحوار مع جعجع من زاوية أخرى. يعتقد «الجنرال» ان رئيس «القوات» يجب ان يأتي الى الرابية على قاعدة ثوابت سياسية لا يمكن العبث بها، وفي طليعتها وجوب انتخاب رئيس قوي للجمهورية لا تتوافر مواصفاته لدى الكثيرين، كما يدل اقتراحه الاخير بحصر المنافسة الرئاسية بينه وبين جعجع.
يرحب عون بالحوار مع جعجع وفق هذه المعادلة الذهبية التي لا تزال سارية المفعول في الرابية، برغم كل ما يشاع خارجها حول انعدام فرصة «الجنرال» بالوصول الى قصر بعبدا.
يصر عون على الدفاع عن فرصته حتى الرمق السياسي الاخير، وبالتالي فهو لا يبدو مستعدا حتى الآن للتنازل عن ترشيحه الى الرئاسة، على اساس انه ليس من حقه التصرف بـ»التمثيل المسيحي» الذي جيّره له الناخبون في الانتخابات النيابية السابقة، لـ»تسييله» الى توازن مع الشريك المسلم في كل مواقع الجمهورية، وليس فقط في الرئاسة الاولى.
المسألة بالنسبة الى عون لا تتعلق بطموح شخصي، كما يصورها خصومه، وإنما بمجموعة مواصفات ومعايير لها علاقة بما ينبغي ان يعكسه الرئيس المطلوب من تمثيل شعبي وكتلة نيابية وخيارات سياسية وقدرة على تحقيق التوازن والشراكة. المهم من وجهة نظره ان يكون المرشح متناغما مع هذه المواصفات، إذ ان الرئيس ليس موظفا في سكة الحديد، أو مدير تشريفات، وبالتالي لا يجوز تصغير البدلة لتصبح على قياس الشخص، ولا تصغير الشخص ليصبح على قياس البدلة.
من هنا، يعتبر المقربون من عون ان زيارة جعجع للرابية يجب ان تصب في سياق تثبيت هذه القاعدة التي من شأنها أعادة الاعتبار الى الدور المسيحي في النظام بمعزل عن الاشخاص، لافتين الانتباه الى ان التقاء القوتين المسيحيتين البارزتين حول هذه القاعدة، سيسمح بفرضها على الآخرين والحؤول دون استمرارهم في التملص منها، كما هي الحال منذ سنوات.
ويعتقد المتحمسون لـ»الجنرال» ان على جعجع ان يمتلك شجاعة التحرر من الاعتبارات الشخصية او الحزبية، وبالتالي ان يقارب ترشيح عون الى الرئاسة من الزاوية الاوسع المتصلة باستعادة وزن الحضور المسيحي في السلطة، لان معراب ستستفيد تلقائيا من عائدات الوزن المستعاد، شأنها شأن الرابية.
ويلفت أنصار عون الانتباه الى ان «الجنرال» ليس في الاساس من دعاة إقفال باب الحوار مع جعجع، فهو حاوره حتى عندما كان في السجن حيث زاره وتكلم معه، لكن رئيس «القوات» كان قد حسم خياره آنذاك بالتحالف مع «تيار المستقبل»، ثم حاوره حول مشروع قانون «اللقاء الارثوذكسي» وأوفد اليه جبران باسيل وايلي الفرزلي إلا انه لم يستطع ان يكمل مشوار القانون حتى النهاية، والآن لدى «الجنرال» كل الاستعداد لحوار منتج حول الجمهورية وموقع المسيحيين فيها إذا كان جعجع متهيئا لالتقاط هذه اللحظة التاريخية والبناء عليها.
ويشدد المقربون من عون على ان الجمهورية الحقيقية لا يمكن ان تقوم على صعاليك، وما يدعو الى الاستهجان هو ان البعض لا يكف عن تكبير الحجر في معرض تحديد «معايير الجودة» لدى المرشح، ثم لا يلبث ان يتمخض الجبل ليلد رئيسا هزيلا.
http://assafir.com/Article/1/390417
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه