يدفع اقتصاد 2015 ثمن التعقيدات في المنطقة والانقسامات السياسية الداخلية وشغور الرئاسة وضعف انتاجية الحكومة وانتشار البؤر الامنية كما يدفع ثمن الازمة السورية وكثافة النزوح
يتهاوى اقتصاد 2015 بعد ان تدهورت غالبية مؤشراته في أعــوام 2011 - 2014 حيث سجل النمو الاقتصادي هبوطا خلال هذه الفترة من 7% الى اقل من 2 % وارتفع العجز في المالية العامة من 6.1 % الى 10.74 % للناتج المحلي والدين العام من 136 % الى 144 % من الناتج اضافة الى ذلك انخفضت الاستثمارات الاجنبية المباشرة من 4.9 مليار دولار الى اقل من 2.8 مليار دولار وتحوّل ميزان المدفوعات من فائض الى عجز واتسع عجز الميزان التجاري اكثر من 20 % كما تقلصت الحركة السياحية حوالي 40 % مع خسارة حوالي 900 الف سائح وانخفض عدد المبيعات العقارية حوالي 25 % ونشاط القطاع التجاري حوالي 30 %..
الدكتور غازي وزني
يدفع اقتصاد 2015 ثمن التعقيدات في المنطقة والانقسامات السياسية الداخلية وشغور الرئاسة وضعف انتاجية الحكومة وانتشار البؤر الامنية كما يدفع ثمن الازمة السورية وكثافة النزوح وسياسة الحدود المفتوحة وضآلة المساعدات الدولية.
يواجه اقتصاد 2015 تحديات ومخاطر تتطلب الاجراءات التالية:
1- تحفيز النمو الاقتصادي: سيبقى النمو متواضعا يقـّـل عن 2 % نتيجة اجواء عدم اليقين وعدم الاستقرار ونتيجة التوترات الاقليمية. يتطلب من القوى السياسية توفير مناخات ايجابية تعيد السياح الى لبنان، وتحرك الاستثمار وتنشط الحركة التجارية وتحث على الاستهلاك وتشجع القطاعات الانتاجية على فتح اسواق خارجية جديدة لها اضافة الى دعم خطوات مصرف لبنان التحفيزية للنمو واقرار موازنة عامة تشمل نفقات استثمارية تحرك الاقتصاد.
يحتاج الاقتصاد الى نمو يفوق 5 % ليحافظ على استقراره الاجتماعي والاقتصادي.
2- وقف تدهور المالية العامة: سيبقى العجز في المالية العامة مرتفعا يقارب 10.5 % من الناتج المحلي والميزان الاولي في عجز يفوق 2 % من الناتج المحلي نتيجة تداعيات النـــزوح الســـوري ( أكثر من 1.6 مليون نازح ) الذي يتسبب بالضغوط على النفقات العامة على صعيد الانفاق الامني والعسكري بتجنيد الاف العناصر الجديدة وارتفاع المخصصات والتعويضات وعلى صعيد النفقات الصحية والتربوية والبنية التحتية يضاف الى ذلك ضعف نمو الايرادات العامة نتيجة استمرار تباطؤ الاقتصاد. تستفيد المالية العامة من انخفاض اسعار النفط عالميا اكثــــر مــن 35 % لينخفض عجز الكهرباء بين 400 و 500 مليون دولار ومن تعزيز الواردات في الدوائر العقارية بسبب سياسة التشدد في التقييمات العقارية.
يشهد العام 2015 متابعة المنحى التصاعدي للدين العام نسبة للناتج المحلي ليصل الى اكثر مــن 146 % وقيمته 73 مليار دولار.
3- اقرار الملف النفطي: يتحمل تأخير اقرار المرسومين، مرسوم تقسيم المياه اللبنانية الى البلوكات ومرسوم اتفاقية الاستكشاف، مخاطر اقتصادية وأمنية أبرزها:
-1-- استغلال اسرائيل التأخير للاستيلاء وسرقة الثروة النفطية والغازية من احواض في لبنان او من احواض مشتركة مع لبنان أو متنازع عنها ما قد يتسبب بنزاع عسكري بين لبنان واسرائيل.
- خسارة لبنان مصداقيته في المجال النفطي العالمي ما قد يؤدي الى خسارة امكانية دخوله الى نادي الدول النفطية وامكانية تحوّله الى مركز مالي وخدماتي في المنطقة.
- خسارة لبنان اهتمام الشركات النفطية العملاقة بالمناقصات وانسحابها الى مناطق اخرى لا سيما ان الشركات المتخصصة للتنقيب والاستخراج في الاعماق البحرية محدودة.
- خسارة لبنان على الصعيد الجيوسياسي اذ يعطي اكتشاف النفط والغاز استقلالية نفطية ( الفاتورة السنوية 6 مليار دولار ) ويساهم على توطيد علاقاته مع دول شرقيي المتوسط ( قبرص – تركيا – اليونان ) وتعزيز التعاون مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وروسيا.
- خسارة الاسواق النفطية العالمية المرتقبة لتصدير وتسويق انتاجه من الغاز خصوصا سوق الاتحاد الاوروبي الذي يعتمد على الغاز الروسي لاستيراد ما بين 35 و 40 % من حاجاته للغاز والذي يبحث عن مصادر جديدة وقريبة للاستيراد الغاز ويخسر ايضا سوقي مصر والاردن اللذين التجأ الى اسرائيل لتأمين حاجاتهما من الغاز.
- خسارة لبنان فرصة النهوض ومعالجة مشكلاته الاقتصادية: الدين العام، المالية العامة، الفقر، البطالة، البنية التحتية، الكهرباء، كما خسارة فرصة تطوير النمط الاقتصادي القائم المستند على قطاع الخدمات الى نمط اقتصادي جديد يعتمد على قطاع الطاقة وملحقاته وعلى رؤية استثمارية جديدة.
4- اقرار مشروع موازنة العام 2015: يخشى ان يبقى لبنان من دون موازنة عامة للسنة العاشرة على التوالي رغم احالة وزير المال مشروع الموازنة الى مجلس الوزراء ضمن المهل الدستورية بسبب الحاجة الى موافقة جميع اعضاء الحكومة على المشروع وانعقاد المجلس النيابي المعطّل لاسباب سياسية لاقراره اضافة الى ضرورة اقرار مشروع قطع الحساب لعام 2013 .
يحتاج لبنان الى الموزانة العامة ليواجه تحديات الانفاق العام الضاغط المتعلق بالنزوح السوري، وليقوم بخطوات اصلاحية على الصعيد الضريبي والانفاق العام، ولتسديد الاستحقاقات المالية البالغة 7.8 مليار دولار ( 1.250 مليار دولار بالعملات الاجنبية، 6.56 مليار دولار بالليرة اللبنانية)، ولتغطية النفقات الاضافية اذ أن الانفاق العام المجاز على القاعدة الاثني عشرة غير كاف لتغطية جميع النفقات العامة اذ لا يتجاوز 19600 مليار ليرة بينما الانفاق العـــام المطلـــوب يفـــوق 21500 مليار ليرة.
5- احتواء أزمة النازحين السوريين: أزمة معقدة، بدأت انسانية ومؤقتة ثم تحوّلت الى سياسية وأمنية طويلة الامد تحمل تداعيات اقتصادية واجتماعية تفوق قدرات الخزينة العامة لاسيما ان المساعدات الدولية ضئيلة وغير كافية.
-2- تسببت الازمة السورية والنزوح في فترة 2011 – 2014 بكلفة اقتصادية تفوق 7.5 مليار دولار، وكلفة مالية تفوق 2.6 مليار دولار ( 1.5 مليار دولار للايرادات و 1.1 مليار دولار للنفقات ) اضافة الى انها تسببت بالضغوط علـى البنيـــة التحتيــة ( الكهرباء، الصرف الصحي، النقـل ) وبتردي مستوى الخدمات العامة ( الصحة، التربية ) وتأزم المشكلات الاجتماعية ( سوق العمل، الفقر ) يضاف الى ان الازمة تسببت بتهديدات أمنية في العديد من المناطق وخصوصا القريبة من الحدود اللبنانية السورية التي أصبحت بؤرا أمنية غير خاضعة لسيطرة الدولة.
يقتضي على الحكومة اتخاذ تدابير لاحتواء هذه الازمة منها: تكثيف جهودها الدولية لزيادة المساعدات الدولية، تنظيم سوق العمالة السورية في لبنان، مراجعة سياسة الحدود المفتوحة، تاسيس صندوق العودة، اعتماد مقاربة تنموية.
6- اقرار سلسلة الرتب والرواتب: تنتظر السلسلة التوافق السياسي وليس التوافق التقني او على الارقام خصوصا ان اللجنة النيابية الفرعية الثانية قدمت تقريرا حصل على موافقة غالبية القوى السياسية على صعيد الايرادات المقترحة والغاء المفعول الرجعي والتقسيط واعطاء الست درجات استثنائية ولكنه واجه اعتراضا من قبل السلك العسكري الذي اعتبره غير منصف بحقه. تستطيع القوى السياسية تلبية مطالب العسكريين اذ تقل قيمته عن 120 مليار ليرة سنويا.
يراهن اقتصاد 2015 على متانة القطاع المصرفي لتمويل احتياجاته، على تحويلات المغتربين ، على صلابة الليرة اللبنانية وعلى تدابير مصرف لبنان، لتجنب الهاوية.