02-11-2024 01:32 PM بتوقيت القدس المحتلة

الصحافة اليوم 20-12-2014: "داعش" يتجه إلى التحكّم بشريط الحدود مع عرسال

الصحافة اليوم 20-12-2014:

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 20-12-2014 الحديث في ملفات عدة منها التطورات الاخيرة في ملف العسكريين المخطوفين

 

 

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 20-12-2014 الحديث في ملفات عدة منها التطورات الاخيرة في ملف العسكريين المخطوفين والتطورات الميدانية في منطقة القلمون وملف الانتخابات النيابية والرئاسية.

اقليميا، تحدثت الصحف عن التطورات العسكرية الاخيرة ولا سيما في مدينة حلب.

وأتت افتتاحيات الصحف على الشكل التالي:

 

السفير


«داعش» يتجه إلى التحكّم بشريط الحدود مع عرسال

«فتنة القلمون» تهدّد الأمن.. والعسكريين المخطوفين


بداية جولتنا مع صحيفة "السفير" التي كتبت تقول "لبنان بلا رئيس للجمهورية للشهر الثامن على التوالي، ولن يكون مفاجئاً أن تنطوي سنة، ويستمر الفراغ مدوياً في القصر الجمهوري المنسي في بعبدا.

وفي انتظار الخرق السياسي المتمثل بعقد أول جلسة حوارية بين «حزب الله» و «المستقبل» قبل نهاية الأسبوع المقبل، فإن الطرفين يعوّلان على قدرة الحوار على تنفيس الاحتقان المذهبي، «وليس كما يردد كثيرون حول وظيفته الرئاسية، باعتبارها وظيفة مسيحية بالدرجة الأولى ولبنانية بالدرجة الثانية» كما يؤكد أحد المتابعين.

في غضون ذلك، يواصل الجيش اللبناني تعزيز إجراءاته الأمنية الحدودية في منطقة عرسال وجرودها وجوارهما، فيما ستعلن وزارة الداخلية اليوم، بعد اجتماع أمني موسع يترأسه وزير الداخلية نهاد المشنوق، عن سلسلة إجراءات أمنية خاصة بموسم الأعياد.

ومن المقرر أن تجتمع «خلية الأزمة» المعنية بقضية العسكريين المخطوفين، مطلع الأسبوع المقبل، لمناقشة المجريات التفاوضية التي تراوح مكانها برغم بعض المبادرات المتفرقة، فضلا عن المعادلات التي ستنتج من احتمال سيطرة «داعش» على كل شريط القلمون المحاذي للبنان، بما في ذلك الإمساك بملف العسكريين المخطوفين الـ25 كلهم، إلا اذا أدت التطورات الميدانية الى احتمالات غير موضوعة في الحسبان.

في هذا السياق، أفاد مراسل «السفير» في دمشق عبدالله سليمان علي أن جبهة القلمون بين تنظيم «داعش» من جهة وفصائل من «الجيش السوري الحر» من جهة ثانية، قد هدأت في الساعات الأخيرة، وسط مخاوف من أن تكون هذه الجولة من الاشتباكات نذيراً بوجود قرار بإشعال «الفتنة الجهادية» في المنطقة الوحيدة من سوريا التي لم تمتد إليها حتى الآن.

وأورد مراسل «السفير» في تقريره الآتي:

كشفت مواجهات القلمون الأخيرة عن تزايد قوة «داعش» في المنطقة، وقدرته على الهيمنة على العديد من الفصائل، خصوصاً تلك التي تنتمي إلى «الجيش الحر».

ويعزو مصدر متابع، سبب ذلك إلى أمرين، الأول، نجاح «داعش» في استقطاب بعض فصائل «الجيش الحر» التي أعلنت مبايعتها في تشرين الثاني الماضي، وأبرزها «كتائب الفاروق المستقلة» و «لواء القصير»، الأمر الذي زاد من عديد مقاتلي «الدولة». والثاني، وصول كوادر جديدة لقيادة «الدولة الإسلامية في القلمون»، وعلى رأس مهام هذه الكوادر إعادة هيكلة بنية التنظيم ورسم علاقاته مع الأطراف الأخرى وفق أسس جديدة.

وبرز من بين هذه الكوادر اسمان، هما «أبو الوليد المقدسي» و «أبو بلقيس»، الأول يرجح أنه الشيخ مجد الدين نفسه الذي كان يشغل منصب «الأمير الشرعي» في «جبهة النصرة في القنيطرة»، قبل أن ينشق عنها وينضم إلى «داعش» في تشرين الثاني الماضي. وهو ما قد يبرر الأسلوب التصادمي الذي عرف عن المقدسي، الذي كان معروفا في القنيطرة باسم «أبو الوليد الصومالي»، وهو منذ قدومه إلى القلمون، محكوم بهاجس إثبات ولائه الجديد، والانعتاق من ولائه السابق إلى «النصرة».

أما الثاني، وهو «أبو بلقيس»، فلا معلومات كافية عنه، غير أنه بحسب المصدر معروف بغلوّه وتطرفه. ويعتقد أن «أبا بلقيس» يحمل الجنسية الفرنسية، ومن غير المستبعد أن يكون هو الشخص نفسه الذي ورد اسمه في تحقيقات القضاء اللبناني حول حادثة فندق «دو روي»، حيث أفاد أحد المدعى عليهم، ويدعى فايز بوشران، أنه كان يتلقى دروساً دينية في فرنسا على يد شيخين أحدهما يدعى «مصطفى» والثاني «أبو بلقيس». وقد يفسر هذا ظهور اللغة الفرنسية للمرة الأولى في القلمون، وذلك في مقطع الفيديو الذي حمله الشيخ السلفي اللبناني وسام المصري، أمس الأول، كرسالة موجهة من «داعش» بخصوص العسكريين اللبنانيين التسعة المحتجزين لديه.

وتثير التغييرات الجديدة في المناصب القيادية لـ «الدولة الإسلامية في القلمون»، واستلامها من قبل أشخاص مغالين في التطرف، مخاوف قادة الفصائل في المنطقة، بمن فيهم أولئك المعروفون بقربهم من التنظيم التكفيري، حيث طالب الناشط ثائر القلموني قيادة «داعش» بسحب «الشرعي» أبو الوليد المقدسي من القلمون قبل أن تندلع الفتنة.

وبرغم أن «جبهة النصرة في القلمون» بقيادة أبو مالك التلّي نأت بنفسها عن الأحداث الأخيرة، إلا أن المعطيات المتوافرة تشير إلى أن أبا مالك أصبح يشعر بتزايد الضغوط عليه، سواء من قبل «داعش»، وإن بشكل غير مباشر، أو من قبل قيادة «النصرة» التي عبرت من خلال بعض قادتها عن ثقتها بشخص أبي مالك وبطريقة معالجته للمستجدات في القلمون، وهو ما رأى فيه بعض المراقبين أنه ضغط على التلي لعدم الاستمرار في صمته المريب، لا سيما في ظل تحريض أطراف عدة عليه، وأبرزها «جيش الإسلام» وبعض قادة «النصرة»، ممن يثيرون مخاوف من إمكان إقدامه على مبايعة «داعش»، نظراً لعدم رضاهم عن موقفه القديم الرافض لقتال «إخوانه» في «داعش».

وما يزيد من الضغوط على التلي استمرار المعارك في القلمون الشرقي بين «غرفة العمليات المشتركة»، التي تعتبر «النصرة» أحد أعضائها، و «داعش»، حيث أعلن «جيش الإسلام» أمس سيطرته على منطقة المحسا بالكامل، في إطار ما أطلق عليه معركة «أبشروا بقتل عاد»، مؤكدا اشتراك «النصرة» في هذه المعركة.

«الانقلاب» بعيون لبنانية

وفيما يترقب «قادة الفصائل» تطورات الأوضاع في ظل الأحداث الأخيرة، متوقعين أن يكون مصيرهم إما الاضطرار إلى مبايعة «داعش» أو الدخول في حرب معه، لا أحد يعرف نتيجتها، فإن الأوساط اللبنانية المتابعة لمشهد القلمون، تتوقع أن يمسك تنظيم «داعش» بكل هذه المنطقة، في ضوء انقلاب مفاجئ في موازين القوى، بحيث تحولت «النصرة» و «الجيش الحر» وفصائل أخرى من أكثرية ممسكة بالأرض إلى أقلية.

هذا الانقلاب جاء بعد تلقي مجموعات «داعش» في القلمون دعماً بشرياً من منطقة الرقة (عبر مسالك تهريب متعددة بعضها يسيطر عليه النظام!)، فضلاً عن تلقي قادة «داعش» دعماً مالياً كبيراً يهدف إلى شراء أكبر عدد ممكن من قادة المجموعات الأخرى.

وبحسب الأوساط اللبنانية، فإن اعتقال الجيش اللبناني لعدد من قادة «الجيش الحر» و «النصرة» في منطقة القلمون، أدى إلى إضعاف هذين التنظيمين، فاضطرت مجموعات كثيرة إلى مبايعة «داعش» الذي قرر إشهار الحرب على من يرفضون الانضواء تحت رايته في هذه المنطقة.

وتعتقد الأوساط اللبنانية أن أمير «النصرة» أبو مالك التلي سيكون مضطرا إلى سلوك درب من اثنين: إما مواجهة خاسرة أو المبايعة في المرحلة المقبلة.

وتشير الأوساط الى أن إمساك «داعش» سيؤدي إلى جعل المواجهة أكثر وضوحا بين الجيش اللبناني و «حزب الله» من جهة، وتنظيم «الدولة الإسلامية» من جهة ثانية، لكن من غير المستبعد أن يدخل التحالف الدولي على خط هذه المواجهة الحدودية ضد «داعش» إذا تفاقمت الأمور، خصوصا في ظل تقديرات أمنية لبنانية بمضاعفة التحديات في الداخل (تجدد المخاوف من التفجيرات والانتحاريين).

ووفق الأوساط اللبنانية، فإن ملف العسكريين سيتأثر بالمعطيات الجديدة، فإذا تمكن تنظيم «داعش» من الإمساك بالملف، فإن التفاوض سيكون عندئذ محصوراً مع جهة واحدة، وعندها «سيتراجع عنصر المزايدة الذي حكم الملف منذ خمسة أشهر حتى الآن».

وتتوقف الأوساط عند رسائل التهديد التي بعث بها «داعش»، أمس الأول، عبر مقطع الفيديو الذي حمله الشيخ المصري، الى كل من الرئيس سعد الحريري، النائب وليد جنيلاط ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، وتشير الى أن هذه الرسائل تحمل في طياتها أوضح إشارة الى أن أسلوب التعامل مع هذا التنظيم سيختلف كليا، خصوصا أن بعض البيئات اللبنانية كانت تراهن على «اعتدال» تنظيم «جبهة النصرة» ووجود مرجعية إقليمية له، بينما ستختلف المقاربة مع «داعش» وسيكون التواصل مع الجهات الخارجية غير علني، بسبب تنصل كل الأطراف الاقليمية من «الدولة الاسلامية»!

جنبلاط يرد

وقد رد جنبلاط على رسالة «داعش» في موضوع الأسرى فغرد عبر «تويتر» قائلا «لم ولن نتخلى عن دور الوساطة تحت مبدأ المقايضة في أي ظرف». وأضاف: «لا علاقة لنا بما يفعله أو يقوله الغير، وليس هذا الكلام للتجريح بسعد الحريري أو سمير جعجع».

وتابع «قام وائل (ابو فاعور) وسيستمر بجهوده للتبادل على قاعدة المقايضة بعيدا عن حسابات الغير». وختم «أتمنى من الدولة الاسلامية ان تقدر هذا الموقف، والسلام عليكم».


هكذا وُلدت فكرة «حلب أولاً».. ولماذا؟

من شرارة الموصل إلى تحرير مخيم حندرات

 

خليل حرب

 

صارت «حلب أولاً» عنوان المرحلة السورية الحالية. تهيمن على العناوين والحراك السياسي، ما بين دمشق وبروكسل وروما وموسكو. البعض يراها ضرورة إنسانية بحتة، ومهمة حضارية ودينية، وآخرون يرون فيها محاولة مريبة تخفي عناوين خطيرة، والبعض الآخر يريد منها أن تتحوّل بداية لسياق تسوية، اكثر شمولاً.

ولأن الأفق السياسي في المشهد السوري دخل في مرحلة انسداد واضحة في مرحلة ما بعد مؤتمر «جنيف 2» المنعقد في بداية العام 2014، وتسبّب من ضمن عوامل أخرى في خروج الأخضر الابراهيمي من مهمته السورية، فإن خليفته، المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وجد في خيار «حلب أولاً» خطة يتيمة يلقي عليها كل في ما جعبته من رهانات لإنجاح حركته الديبلوماسية الشاقة، ربما إلى أن تلوح من ميادين الجبهات السورية المتعددة، ما يملي تعديلاً في اولويات العواصم وخياراتها.

«حلب أولاً»! هكذا كبرت الفكرة بعد أكثر من عامين على معاناة المدينة التي استفاق عليها العالم فجأة بعدما جلب عليها مسلحو الارياف و«جهاديو التكفير» غزوة الخراب باسم «تحريرها»، فإذا هي تستحيل شطرين، في اكثر الضربات ايلاماً لمفهوم التعايش السوري اولاً، والديني ثانياً والقائم منذ اكثر من الف سنة، لتتبعها في معاناتها مدينة الموصل العراقية في بداية حزيران الماضي.

ثم قرعت أجراس الخطر... ولكن كيف أطلقت الفكرة؟ ومن أطلقها، وماذا قيل فيها؟

بخلاف ما هو شائع هذه الايام، فان دي ميستورا لم يكن صاحب المبادرة. كما انها ليست للأتراك ولا الفرنسيين. هؤلاء سعوا الى ترويج فكرة «المنطقة العازلة» لتشمل الريف الشمالي لحلب، بما يتصل بالحدود التركية، وبما يعنيه ذلك من نيات مبيتة للمس بتطورات المشهد العسكري المحيط بالعاصمة الاقتصادية والثقافية لسوريا.

خرجت فكرة «حلب اولاً» بمفهوم «تجميد القتال»، من روما، وتحديداً من دير تراتستيفيري، مقر جماعة «سانت ايجيديو»، التي باتت سمعتها تسبقها في لبنان والمنطقة العربية والعالم عموماً بجهود الوساطات والمصالحة والديبلوماسية الهادئة التي قامت بها لتسوية النزاعات في مختلف أنحاء العالم.

ففي 22 حزيران 2014، وجّه مؤسس «سانت ايجيديو» اندريا ريكاردي نداء عالمياً خلص فيه الى «أن الناس في حلب يموتون، ويجب أن يحل السلام باسم هؤلاء الذين يعانون لتكريس حلب مدينة مفتوحة».

 

والآن يقول ريكاردي لـ «السفير» إن الهدف من الفكرة ليس المسّ بسيادة دمشق، ولا تعديل موازين القوى على الارض.

يتحدث ريكاردي بلهجة تصالحية أكثر اتزاناً من الخطاب الغربي عموماً. يرى ان هناك حتمية طبيعية في التفاوض مع دمشق. يرى ايضاً ان لإيران دورها الذي لا يمكن تجاهله. ويرى لتركيا دورها وانما يقولها بوضوح ارتباطها بالمجموعات المسلحة. يسمّي الاشياء بأسمائها. وعندما يتحدث عن الاسلاميين المسلحين يراهم بمثابة «متعطشين للدماء». لكن الأهم هنا، أنه يعتبر، كما يقول لـ «السفير»، إن حلب يمكن أن تكون «مختبراً للسلام» في سوريا عامة.

وكي يوضع كلام ريكاردي في السياق الملائم، لا بد من التذكير بالدور والرمزية اللذين تمثلهما «سانت ايجيديو» خصوصاً من خلال «ديبلوماسيتها الصامتة» والتي يعتبرها البعض بمثابة ذراع سياسي للفاتيكان.

هذه الجماعة الكاثوليكية تأسّست في العام 1968 وتعاظم دورها «العلماني» الطابع تدريجياً، لتكتسب بذلك قبولاً عالمياً يتخطى حدود عاصمة الكثلكة نحو مناطق الصراعات في العالم، سواء في البلقان او افريقيا كما في ساحل العاج وبوروندي وليبيريا وموزامبيق وجنوب السودان والجزائر، او في اميركا الجنوبية كما في غواتيمالا، او في لبنان من خلال الاتفاق مع وليد جنبلاط في العام 1982 بشان أوضاع المسيحيين في منطقة الشوف.

«الديبلوماسية الصامتة» من ميزات حركة «سانت ايجيديو». ولهذا فإن نداء مؤسس الجماعة يعطي الصرخة بشأن حلب دوياً أكبر. اعاد ريكاردي في 18 تشرين الثاني الماضي إطلاق ندائه، واعلن عن تنظيم ملتقى لرجال الدين المسيحيين والمسلمين وشخصيات سياسية وحكومية في قبرص في الخامس من آذار المقبل، للبحث أيضاً في مستقبل المسيحيين في الشرق الاوسط الذي وصفه بأنه «حساس»، وخلاص حلب التي وصفها بأنها مدينة الحوار والتعايش.

ودق ريكاردي ناقوس الخطر قائلاً: «إذا انتهى الموزاييك التاريخي للحضارات والاديان في سوريا والعراق، فإن الحضارات القديمة التي لا تتواجد في أي مكان آخر في العالم، والتي ندين لها بالكثير، ستختفي مرة واحدة».

وتابع قائلاً إن «الرحيل النهائي للمسيحيين من الشرق الاوسط، يعني فقدان فرادة التعددية والديموقراطية في المنطقة برمتها، لانه بعد رحيل المسيحيين، فإن المسلمين أنفسهم وغيرهم من المكونات في هذا المشهد الفريد بالنسبة للبشرية، سينتهون. بلاد ما بين النهرين القديمة، ستموت.. ستكون إبادة عرقية، أي إبادة حضارية.. ومذبحة».

الكلام منمّق. لكن ماذا عن الوقائع؟ يقول مصدر إيطالي مطلع على حركة «سانت ايجيديو» بشأن حلب لـ «السفير»، إن «هناك إدراكاً لدور تركيا وعلاقتها بداعش... ونعلم أن تركيا وقطر والسعودية تقوم بتسليح المعارضة. وهناك إدراك بشأن ضرورة التحدث مع الجميع، بما في ذلك طبعاً حكومة دمشق... ثم لماذا يتجاهلون إيران في البحث عن حلول لسوريا؟!».

ويتساءل المصدر الإيطالي «لماذا تجاهلوا المعارضة الداخلية خلال السنوات الماضية؟! لماذا تعاملوا مع الائتلاف السوري المعارض على أنه الجهة الوحيدة الممثلة للمعارضة؟! ائتلاف اسطنبول هذا لم يكن ممثلاً للسوريين. لقد تسببوا في تفاقم الأزمة السورية بسلوكهم هذا».

ويضيف المصدر لـ «السفير» أن المبادرة «لا تسعى الى تغيير الوضع في حلب. هي مدينة رمز للتعايش. المسيحيون هناك منذ ألفي سنة. انظر ماذا حصل في الموصل. المكاسب هنا لا تستهدف التدخل لتعديل الجبهات. المكسب يكون بإنقاذ المدينة».

يحرص المصدر الايطالي على القول إن مبادرة حلب في بعدها الأوسع، لا تتعلق بالمسيحيين وحدهم.. الأقليات كلها مهددة في المنطقة. التعايش القائم منذ مئات السنين، يجري ضربه في الصميم».

وقد تلقف دي ميستورا فكرة «حلب أولاً». وقبل زيارته الأولى إلى دمشق كمبعوث أممي، في التاسع من تشرين الثاني الماضي، دعا الى «تجميد» القتال في حلب. وفي العاصمة السورية، قدّم اقتراحه شفوياً الى المسؤولين السوريين، اولاً الى وزير الخارجية وليد المعلم ثم إلى الرئيس بشار الاسد الذي استقبله لاحقاً. وقد حرصت دمشق على التسريب الى الاعلام ان الرئيس السوري وافق بشكل مبدئي على الفكرة، لكن السوريين كانوا حريصين على الاشارة الى انهم بانتظار اقتراحات مكتوبة تجيب على العديد من التساؤلات والظنون التي لا مفر منها بشأن حلب، برغم قناعتهم أن «نموذج حمص» هو الأكثر ملاءمة لهم.

وفي ختام زيارته الى دمشق، قال دي ميستورا إن «خطة تجميد القتال ترتكز على بضع نقاط أساسية، من بينها التركيز الحقيقي على التهديد المتمثل بالإرهاب، تقليص العنف ومحاولة التوصل إلى تخفيف العنف قدر الإمكان».

ثم تابع موضحاً «هي مقاربة جديدة لوقف تصعيد العنف، مختلفة عن وقف إطلاق النار، ومن المهم جداً البدء في حلب... إن وقف القتال يعني أن لا أحد يتحرك من مكانه، ويهدف إلى إيجاد إشارة أمل وشكل معين من أشكال الاستقرار».

وبهذا المعنى تبدو «حلب أولاً» خياراً مختلفاً تماماً عما تراه أنقرة وباريس اللتان حاولتا خلال الأسابيع الماضية وضع مشهد المدينة في سياق خطر مزدوج يمثله كل من «داعش» و»نظام الأسد»، وإن أي تحرك، خصوصاً لو جاء من جانب قوات «التحالف»، يجدر به التحرك وفق منظور الخطر هذا.

لكن «سانت ايجيديو» صاحبة الفكرة الأصلية، ودي ميستورا الذي تبناها وأعاد تعليبها لتسويقها باسم الامم المتحدة، والعواصم التي ساندتها كموسكو وروما وغيرها من عواصم اوروبية، تحرص على التأكيد طوال الوقت أن الخطة «انسانية» الطابع، وربما تقود في مرحلة لاحقة الى قطف ثمار سياسية لها على المستوى السوري العام.

«السفير» كان لها لقاء مطول مع مصدر سياسي إيطالي آخر واسع الاطلاع، تحدث بإسهاب عن الخيارات السورية. ولكلام هذا المصدر أهميته نظراً الى تولي روما الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي.

يقول المصدر إنه «في ظل الانسداد السياسي القائم في سوريا، فإن خطوات حلب، قد تساهم في خلق منطقة خالية من العنف، وهو ما من شأنه الدفع باتجاه إشراك الاطراف على الارض في ادارة شؤون حياة الناس في المدينة... سيكون ذلك بمثابة مختبر للحوار، ويكون تطوراً مثمراً للعملية السياسية التي لا أفق لها حتى الآن».

وبعد سنوات الغليان والدم في سوريا والمنطقة عموماً، يقول المصدر الايطالي الآن، إنه لم يعد ممكناً الاستمرار على هذا النحو وانتهاج «سياسة العدم»، وإن الوجهة الاوروبية العامة ترتكز الآن على افكار «الحفاظ على النظام السياسي، وصيانة حدود الدول ووحدتها، من خلال عملية سياسية تدمج الجميع». يتحدث هنا تأكيداً على كلامه عن اجتماعات نظمتها ايطاليا لإعداد خطة مع «اليونيسكو» للحفاظ على ما تبقى من تراث حلب، وعن استعداد روما للتواصل مع جميع الأطراف من اجل صيانة آثار المدينة، وما تبقى منها، حفاظاً كما يقول على «الهوية الوطنية الجامعة».

لا يريد المصدر الايطالي الحديث عن الماضي، في رد منه على أسئلة حول «أخطاء» السلوك الغربي في التعامل مع الازمة السورية، وما وصلت اليه الأمور في سوريا تحديداً. يقول باختصار إن كلمة «إذا» هذه لا تفيد في المراجعة السياسية للمواقف والاحداث. التطلع الايطالي الآن الى الامام. يقول ذلك وهو يشير الى «جنيف 1» وضرورة دعم دي ميستورا في مهمته، مع تحريره من القيود التي تعرقل تقدم المبادرة من أجل تطبيقها بمرونة اكبر.

واذا كان المصدر يرفض اقتصار تقييم الحرب السورية وفق منطق «المتطرفين وغير المتطرفين»، باعتبار انهم على جانبي الصراع، إلا أنه يقر في الوقت ذاته بأن خطأ الاوروبيين ربما في المرحلة الأولى انهم أظهروا نوعاً من اللامبالاة بشأن الحريق السوري، معللاً ذلك باحتمال انهماكهم بالازمات الاقتصادية التي كانت تمر بها دولهم.

والآن، تريد روما، كما غيرها من العواصم الاوروبية، العمل بالتحرك من «القاعدة صعوداً الى القمة». حلب هي النموذج الضروري بالنسبة اليهم. الانشغال بتفاصيل ترتيب التجميد في المدينة يبدأ على الأرض ومن خلال القوى المحلية، صعوداً بما يقود ربما الى تسويات سياسية اكثر شمولاً في المستقبل. ومن أجل إنجاح الخطوة، يقر الايطاليون بضرورة التحدث بصراحة الى رجب طيب اردوغان، الذي من خلال ارتباطه بالعديد من التنظيمات المسلحة في الأرياف الحلبية، وانفتاح حدوده بلا ضوابط امام عمليات التسليح والعبور وغيرها، سيكون عائقاً لا امام التسوية المحتملة في حلب فقط، وانما أيضاً في جعل دمشق تثق بالخطة واصحابها.

يتفق المصدر مع المنطق القائل إن «العراق وسوريا تمثلان جبهة واحدة في الحرب على الإرهاب، اذ لا يمكن الانتصار في إحداهما من دون النجاح في الثانية».

وفي هذا السياق، يقول لـ «السفير» إن «خطة حلب أولاً، يمكن ان تفيد في الحرب على الارهاب وداعش في العراق»، لأنها تعزز مفهوم التعايش والتسوية على الارض، في مقابل منطق التكفير والإبادة الحضارية.

إلا أن كل ذلك يظل رهناً بالتفاصيل، وبكل ما تخبئه من شياطين، من شكل تجميد القتال في حلب، ومساحته، واللاعبين على الأرض وولاءاتهم، وطبيعة الإدارة المحلية لشؤون الناس، والجهة التي ستشكل المرجعية لأي سلطة قائمة، واستعداد «الدول الممولة» للمسلحين للقبول بمبدأ عودة العاصمة السورية الثانية كاملة الى سيادة الدولة السورية... والأهم ماذا سيحدث على الأرض من تداعيات بعدما استردّ الجيش السوري مخيم حندرات، آخر معقل للمسلحين، ما يستكمل الطوق العسكري حولها، وحول المسلحين في داخلها، إيذاناً بمرحلة عسكرية حاسمة في المشهد السوري، وسياق سياسي يقرأ في هذه اللحظات بإمعان في «سانت ايجيديو» وروما وبروكسل وأنقرة!

 

ماذا قيل في «حلب أولاً»

الأسد:

ــ مبادرة دي ميستورا جديرة بالدراسة وبمحاولة العمل عليها من أجل بلوغ أهدافها التي تصب في عودة الأمن إلى مدينة حلب.

دي ميستورا:

ــ هل زرتم حمص ورأيتم مستوى الدمار؟... لا نريد أن يحصل ذلك في حلب، المدينة التي ترمز إلى الحضارة والأديان والثقافة السورية والتاريخ.

ــ حلب ليست بعيدة عن احتمال الانهيار، وعلينا أن نقوم بشيء قبل أن يحدث ذلك... (المبادرة) ليست بديلا عن الحل السياسي، لكنها تدفع الأمور في هذا الاتجاه.

ــ التهديد المشترك الذي يمثله مقاتلو داعش على كل فصائل سوريا المتنازعة ربما يساعد على حمل الحكومة والمعارضة المسلحة على عقد اتفاقات محلية لوقف إطلاق النار.

وليد المعلم: يجب قبول الطرف الآخر التجميد أولا، والسماح بعودة الخدمات، بما فيها المياه والاتصالات والمواد الغذائية، وقيام المجموعات المسلحة بتسليم سلاحها الثقيل، وتسوية أوضاعها، أو خروجها من المدينة لقتال جبهة النصرة وداعش، واستعادة الإدارة المدنية لسلطاتها، ودخول قوات حفظ النظام، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية عبر الطريق الدولي بين حلب ودمشق.

وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسلبورن: ليس هناك بالنسبة للمعارضة إلا طريقة واضحة هي متابعة خطة دي ميستورا.

وزيرة خارجية السويد مارغوت والستروم: ندرك أن لدى دي ميستورا خطة معقدة، لكنها الأكثر واقعية. كما أنها الوحيدة التي أمكن الخروج بها. هناك إجمالا دعم كامل لخطته، والجميع يريد المساعدة.

وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني: دعم خطة دي ميستورا أمر حاسم، ليس فقط لأسباب إنسانية وأمنية، بل كرمز لما يمكن أن نفعله وما يجب أن نفعله لإيقاف الحرب في سوريا.

الاتحاد الأوروبي: مستعدون للتعامل مع جميع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي لها تأثير في الأطراف السورية، وندعوها إلى استخدام نفوذها بشكل بناء.

وزارة الخارجية الأميركية: نحن بكل تأكيد ندعم وقف إطلاق النار الذي يقدم إغاثة حقيقية للمدنيين السوريين ويتسق مع المبادئ الإنسانية. نحن ندعم أي جهد لإنقاذ حياة الإنسان والذي من شأنه أن يمثل تحولا في نهج نظام الأسد، لكنن