أكّد مسؤول التثقيف السياسي في التيار الوطني الحرّ بسام الهاشم أنّ التباينات الحكومية ناتجة عن كون القوى السياسية المكوّنة للحكومة هي من مشارب مختلفة ومتباينة بخياراتها وأولوياتها
حسين عاصي
تمويل المحكمة خيانة.. وجنبلاط تجاوز المسموح!
مواقف جنبلاط عرضة للتقلب مع تقلبات الزمان
إذا أصرّ ميقاتي على التمويل فليدفع من جيبه...
طلب محاسبة الموظفين المخالفين ليس ضد السنّة
واثقون بأنّ ميقاتي سيخرج في النهاية من النفق
يجب أن نسائل مجلس الأمن على انتهاكه لدستورنا
من هو وليد جنبلاط ليتطاول على سيد بكركي؟
أكّد مسؤول التثقيف السياسي في التيار الوطني الحرّ بسام الهاشم أنّ التباينات الحكومية ناتجة عن كون القوى السياسية المكوّنة للحكومة هي من مشارب مختلفة ومتباينة بخياراتها وأولوياتها ولكنها اجتمعت حول مجموعة من القواسم المشتركة التي عبّر عنها البيان الوزاري، متحدثاً عن وجود خطوط عريضة اجتمع مختلف الأفرقاء المؤلفين للحكومة حولها وبينها ضرورة احتضان المقاومة والتمسّك بالمثلث الذهبي القائم على معادلة الجيش والشعب والمقاومة إضافة إلى الالتزام باتفاقات لبنان مع سورية وبالتالي عدم استعمال لبنان كمنصة للتعدي على سورية عبر تهريب السلاح مثلاً.
وفي حديث خاص لموقع "المنار" الالكتروني، استهجن الهاشم المنطق الطائفي في مقاربة قضية "الموظفين السنّة" وهو منطق يعطّل بطبيعة الحال إمكانية المساءلة والمحاسبة، لافتاً إلى أنّ دعوة التيار الوطني الحر لمحاسبة بعض الموظفين المخالفين لا يمكنها أن تكون استهدافاً للطائفة السنية الكريمة التي تزخر بالطاقات، معرباً عن اعتقاده بأنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيتمكن في نهاية المطاف من الخروج من النفق ولن يقوم إلا بما يمليه عليه ضميره.
وجزم الهاشم أن التيار الوطني الحر يرفض تمويل المحكمة الدولية، متسائلاً كيف يمكن للبنان أن يموّل محكمة تسعى للتخريب، مشدداً على أنّ الأوان قد حان لمساءلة مجلس الأمن الذي أنشأ المحكمة بطريقة مخالفة لكلّ الدساتير والقوانين، مؤيداً رئيس تيار التوحيد العربي الوزير الأسبق وئام وهاب في دعوته رئيس الحكومة لتمويل المحكمة من جيبه الخاص إذا أصرّ على ذلك.
وفيما لم يستغرب الهاشم المواقف الأخيرة لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط باعتبار أنّ مواقف الأخير عرضة للتقلب مع تقلبات الزمان، رأى أنّ "البيك" تجاوز عتبة المسموح في طريقة التعاطي مع بكركي، متسائلاً كيف يسمح جنبلاط لنفسه بالظهور بمظهر من "يعلّم" على البطريرك الماروني، مشددا على أنه لأمر معيب أن يتطاول جنبلاط على سيّد بكركي.
بين القواسم المشتركة والخطوط العريضة
مسؤول التثقيف السياسي في التيار الوطني الحر بسام الهاشم أكّد لموقع المنار أنّ التباينات الحكومية ناتجة عن كون القوى السياسية المكوّنة للحكومة هي من مشارب مختلفة ومتباينة بخياراتها وأولوياتها ولكنها اجتمعت حول مجموعة من القواسم المشتركة التي عبّر عنها البيان الوزاري وكذلك حول نهج معيّن في التعاطي هو النهج العقلاني. ولفت إلى أنّ دخول أعضاء الحكومة في نقاشات معمّقة كلما طُرِح موضوع جديد للبحث هو أمر بديهي، لافتاً إلى أنّ ما حصل في خطة الكهرباء التي أعدّها وزير الطاقة جبران باسيل هو نموذج ساطع لهذا النهج حيث تمّ التوصل في نهاية المطاف إلى اتفاق حولها وأُقرّت الخطة بالاجماع.
ولفت الهاشم إلى أنّ التيار الوطني الحر طرح من خلال الوزير باسيل خطة الكهرباء التي تخصّ جميع اللبنانيين دون أيّ تمييز وبغضّ النظر عن الطوائف، مشيراً إلى أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي محاصَر من قبل بعض القوى التي تصطاد في الماء العكر، موضحاً أنّ تيار المستقبل يحاول تصويره وكأنه خاضع لمشيئة العماد عون، وهذا ما يجعله يراعي صورته لدى الشارع السنّي، الأمر الذي يخلق بعض العقبات. وإذ اعتبر، انطلاقاً من هذا الواقع، أنّ هناك ضغوطاً سياسية تلعب دوراً بإعاقة الوصول إلى اتفاق، شدّد على وجود حدود دستورية فاصلة وقانونية لا يمكن تجاوزها. وتوقف الهاشم في هذا السياق أيضاً عند الدور الذي يلعبه رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي لديه مصالحه وحساباته أيضاً، وبالتالي فهو تعامل مع مشروع الكهرباء كجزء من سلة متكاملة، ملاحظاً أنّ جنبلاط لا يريد مثلاً اعتماد النسبية في قانون الانتخاب، متحدثاً عن مفاوضات وتنازلات يمكن أن يتمّ اللجوء إليها في هذا الاطار.
وشدّد الهاشم على أنّ الأساس في كلّ ذلك يبقى وجود خطوط عريضة اجتمع مختلف الأفرقاء المؤلفين للحكومة حولها وبينها ضرورة احتضان المقاومة والتمسّك بالمثلث الذهبي القائم على معادلة الجيش والشعب والمقاومة إضافة إلى الالتزام باتفاقات لبنان مع سورية وبالتالي عدم استعمال لبنان كمنصة للتعدي على سورية عبر تهريب السلاح مثلاً، دون أن ننسى أيضاً سير هذه الحكومة بتلبية الضرورات التي أهملتها السلطة السابقة على امتداد الحكومات المتعاقبة، وذلك في إشارة إلى الأوضاع المعيشية والكهرباء والماء والهاتف وما إلى هنالك من شؤون وشجون حياتية.
ميقاتي سيخرج من النفق!
ورداً على سؤال عن العلاقة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خصوصاً في ظلّ ما يُحكى عن معركة بين الأخير ورئيس تكتل التغيير والاصلاح نجيب ميقاتي على خلفية المزاعم عن استهداف الأخير لبعض "الموظفين السّنّة"، أشار الهاشم إلى أنّ مقاربة هذا الملف بهذا الشكل هي مقاربة خاطئة، موضحاً أنّ المشكلة تكمن في ذهنية البعض التي تحوّل مطلب محاسبة موظف وفقاً لما تمليه القوانين إلى مطلب طائفي. ولفت في هذا السياق إلى وجود قوانين عامة ترعى أداء الموظفين، بمعنى أنّ الموظف الذي يخلّ بالسلوك المطلوب منه ويرفض القيام بمهامه الوظيفية يحاسَب وفق القانون، كما أنّ من تنتهي المدة الدستورية لمنصبه الاداري لا يمكنه البقاء فيه، وذلك في إشارة إلى الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء سهيل بوجي الذي لا يزال في مركزه خلافاً للقانون والدستور.
وذكّر الهاشم بسلوك المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وطريقة تصرفه بعملية احتلال المبنى العائد لوزارة الاتصالات، وهو ما شكّل عملية انقلابية على السلطة السياسية تجسّدت خصوصاً من خلال عدم امتثاله لأوامر الوزير المعني أي وزير الداخلية ولا حتى لتوصيات رئيس الجمهورية. ولفت الهاشم إلى أنّ كل ما يطالب به التيار الوطني الحر هو اتخاذ تدابير مناسبة ورادعة بحق الموظفين المخالفين، وبينهم أيضاً مدير عام هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف الذي يظنّ نفسه سلطاناً. وقال: "حين نطالب بتدابير بحق هؤلاء الموظفين المخالفين، نُتّهم باستهداف الطائفة السنية الكريمة وهذا غير صحيح على الاطلاق، علماً أننا إذا أزحنا سنّياً عن مركزه فلن نأتي بماروني كبديل له بل سيكون الخيار البديل سنّياً أيضاً وعلى الأرجح سيسميه رئيس الحكومة أيضاً".
واستهجن الهاشم المنطق الطائفي في مقاربة هذه القضية وهو منطق يعطّل بطبيعة الحال إمكانية المساءلة والمحاسبة، معرباً عن ثقته على الصعيد الشخصي بأنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو رجل وطني يتحكّم ضميره الوطني بكل الاعتبارات الأخرى، وبالتالي فهو لا يمكنه أن يقوم إلا بما يمليه عليه واجبه. وقال: "نفهم أن يكون ميقاتي يراعي ظروفاً معيّنة مفروضة عليه، خصوصاً أنّ التيار الذي لم يعرف بعد أنه خسر ولم يتقبّل خروجه من السلطة قد فرض أمراً واقعاً وذهنية معيّنة لدى الطائفة السنّيّة التي تزخر بالمناسبة بالطاقات التي ستجعلها تتخلّص من هذا الأمر الواقع عاجلاً أم آجلاً. لكننا مقتنعون أنّ ميقاتي سيتمكن في نهاية المطاف من الخروج من هذا النفق ولن يتصرّف إلا وفقاً لما يمليه عليه ضميره".
فليدفع ميقاتي من جيبه!
وفي ما يتعلق باستحقاق تمويل المحكمة الدولية الذي ينتظر الحكومة الميقاتية، لفت مسؤول التثقيف السياسي في التيار الوطني الحر إلى أنّ رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون قال رأيه بوضوح من هذا الملف حين أعلن رفضه لتمويل المحكمة. وعاد الهاشم إلى طريقة إنشاء هذه المحكمة بطريقة غير مشروعة، حيث تعامل مجلس الأمن الدولي معنا وكأننا مستعمرة، لافتاً إلى تجاوز كل الأصول الدستورية والقانونية في إنشاء هذه المحكمة التي لم تمرّ برئيس الجمهورية كما ينصّ الدستور الذي يعطي الرئيس صلاحية توقيع المعاهدات الخارجية، وهي إحدى الصلاحيات النادرة التي بقيت بيد رئيس الجمهورية بعد اتفاق الطائف، ومع ذلك تمّ تجاوزها فنصّب رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة رئيساً للجمهورية وأرسل المعاهدة رأساً إلى مجلس الأمن دون أن تمرّ أيضاً عبر مجلس النواب كما تقتضي الأصول. وتساءل بأي حق يسمح مجلس الأمن لنفسه باختصار كل هذه الأصول الدستورية وفرض الاتفاقية تحت الفصل السابع "كما لو أنّ شريعة الغاب تحكم العالم". وأكد الهاشم أنّ الأولوية بالنسبة للتيار الوطني الحر هي، بدل البحث عن مصادر تمويل لهذه المحكمة، مساءلة مجلس الأمن ومواجهته بالقانون والطعن بقراره، داعياً لمطالبة مجلس الأمن بالعودة عن قراره بإنشاء هذه المحكمة بشكل ينتهك الدستور اللبناني انتهاكاً صارخاً.
ولفت الهاشم إلى أنه شخصياً يؤيد رئيس تيار التوحيد العربي الوزير الأسبق وئام وهّاب الذي دعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ليدفع من جيبه إذا كان مصراً على تمويل المحكمة، متسائلاً لماذا سيكون على الشعب أن يتحمّل هذه الكلفة الاضافية. وشدّد على أنّ ذلك لا يعني أنّ التيار الوطني الحر هو ضدّ العدالة في قضية رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ورفاقه وسائر ضحايا الاغتيالات السياسية. وقال: "نحن أكثر المصرّين على ضرورة كشف الحقيقة وإقامة العدالة في هذه القضية، ولكن ليس لدينا أيّ قناعة بأنّ هذه المحكمة ستوصل إلى الحقيقة التي نتوخّاها، فما نراه أنّ هذه المحكمة مسيّسة بدليل أنها تحمي شهود الزور لا بل تبدو كمن يسعى لزعزعة الاستقرار. فكيف يمكن تمويل محكمة تبدو متجهة عن سابق تصور وتصميم لتخريب الوضع؟".
التمويل.. خيانة وطنية!
وأعرب الهاشم عن أمله في أن لا يكون رئيس الحكومة نجيب ميقاتي متمسكاً بضرورة تمويل المحكمة على قاعدة "عنزة ولو طارت"، مشدداً على ضرورة إخضاع المسألة للنقاش، لافتاً إلى أنّ واجب ميقاتي الدفاع عن الدستور اللبناني وفرض احترامه على الجميع، وقال: "قبل أن يملوا علينا موجبات، عليهم احترام دستورنا، وواجبنا المقاومة لفرض احترام دستورنا وليس لنا حق الخضوع لهذا النوع من الاملاءات". وأكد أنّ الأوان قد حان لتطالب السلطات الشرعية اللبنانية، أي الحكومة اللبنانية، بمساءلة مجلس الأمن في هذه القضية بهدف إعادة وضع النقاط على الحروف، داعياً للعودة للمسار الدستوري لشرعنة هذه المحكمة وذلك من خلال تحويل البروتوكول الذي أمليَ علينا إلى مجلس النواب ليتحمل مسؤولياته في هذا الصدد.
وعمّا يُحكى عن إمكانية اللجوء لاتفاق تحت الطاولة لتمويل المحكمة ولو بطريقة غير مباشرة وذلك لتجنيب لبنان ما يلوّح به الغرب من عقوبات وما إلى ذلك، أكد الهاشم أنه يسير خلف العماد عون في هذا الصعيد ليس فقط من حيث واجب الولاء وهذا غير خاضع للنقاش بل أيضاً بناء على قناعة وجدانية بصوابية هذا الخيار. وقال: "هم يريدون أن يخربوا بلدنا من خلال هذه المحكمة، ويريدوننا أن نساهم مالياً في هذه العملية. فكيف يمكن أن نرتكب هذه الخطيئة؟". ولفت إلى أنّ هذه المحكمة عُرفت من خلال حمايتها شهود الزور وقراراتها الاتهامية الفرعونية المبنية على تحليل شبكة الاتصالات، رغم أنه ثبت أنها مخروقة من قبل العدو الاسرائيلي. وخلص إلى أنّ تمويل المحكمة سيكون خيانة للدستور، مشيراً إلى أنّ ما يحصل على هذا الصعيد هو مهزلة لا يمكن السكوت عنها خصوصاً أنها باتت تشكّل نوعاً من استباحة للدستور "وكلّ خضوع لهذا النوع من الاملاءات يكون بمثابة خيانة وطنية".
من هو وليد جنبلاط؟!
وختاماً، تطرق مسؤول التثقيف السياسي في التيار الوطني الحر إلى المواقف المستجدة لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط وما إذا كانت تؤشر لانعطافة جديدة، فلفت إلى أنّ جنبلاط معروف بانعطافاته المتكرّرة، وبالتالي فإنّ من الواجب على السياسيين التحسّب بأن لا موقف ثابتاً لديه، موضحأً أنّ موقفه عرضة للتقلب مع تقلبات الزمان. ولفت الهاشم إلى أنّ الواضح أنّ جنبلاط بصدد إعادة النظر بخياراته السياسية بعدما رأى مسارات الأزمة السورية، لكنه شدّد على أنّ التيار الوطني الحر مستمرّ بقناعاته ولن يتأثر بموقف جنبلاط أياً يكن، موضحاً أنّ خيارات التيار ثابتة وقد دخل الموارنة على خطها من خلال القراءة المتبصّرة للمصلحة الوطنية العليا للبنان والمسيحيين والتي صدرت عن البطريرك الماروني بشارة الراعي.
وأشار الهاشم إلى أنه كان يأمل لو أن جنبلاط لم يسمح لنفسه بالتلفظ بكلمات تعطي انطباعاً وكأنه "يعلّم" على سيّد بكركي، متسائلاً "من هو وليد جنبلاط حتى يعطي دروساً لسيّد بكركي". وقال: "درجنا على الاحترام الصارم للقيم الدينية عند إخواننا الدروز ولمراجعهم الدينية، ولدينا رجاء أن يسمح لنا وليد جنبلاط أن نتأمل منه الالتزام بنفس هذه القواعد في السلوك". واعتبر الهاشم أن جنبلاط تجاوز عتبة المسموح في هذا الصدد، وقال: "إنه لأمر معيب أن يتطاول جنبلاط على سيد بكركي"، ورفض حديث جنبلاط عن تسييل ممتلكات الكنيسة، ساخراً من نصائحه، قائلاً أن بكركي أدرى بوجهة الاستعمال لأموال الكنيسة.